الاثنين، 13 نوفمبر 2023

آثار الكفالة بين الكفيل و الدائن (02)

 

آثار الكفالة بين الكفيل و الدائن (02)

علاقة الكفيل بالدائن لها وجهان، الأول يتمثل في مطالبة الدائن للكفيل بالدين عند عدم وفاء المدين به، والثاني يتمثل في الدفوع التي يتمسك بها الكفيل في مواجهة الدائن لرد هذه المطالبة.

وبعد هذا نجد أن الدائن الذي إستفى حقه من الكفيل تقع عليه واجبات يلزم بها تجاة الكفيل و تعتبر بمثابة آثار ناتجة عن واقعة الدفع، نتطرق لها فيما يلي :

أولا- مطالبة الدائن للكفيل و الضوابط التي تحكم ذلك:

للدائن الرجوع على الكفيل لمطالبته بالدين متى لم يف المدين بذلك، و تحكم هذه الأخيرة قاعدتين أساسيتين هما :

أ- وجوب حلول أجل الدين بالنسبة للكفيل:

مطالبة الدائن للكفيل لا تجوز إلا عند حلول أجل الكفالة ،و الغالب أن يكون أجل إلتزام الكفيل هو نفس أجل الالتزام المكفول، إلا أنه قد يحدث أن يختلف الأجلان بالاتفاق أو بناء على واقعة أخرى تؤدي لسقوط أجل التزام المدين.

× فإن كان أجل التزام الكفيل مختلف عن أجل الالتزام المكفول فإن الأجل الممنوح للكفيل قد يحل بعد الأجل الممنوح للمدين أو قبله، فإن حل التزام الأصيل قبل حلول أجل التزام الكفيل فلا يجوز للدائن أن يرجع على الكفيل قبل حلول الأجل المحدد لالتزامه لان التزام الكفيل يمكن أن يكون أخف عبئا من الالتزام الأصلي، ويستفيد الكفيل من الأجل الممنوح له.

وإذا حل التزام الكفيل قبل حلول التزام الأصيل، فإن أجل التزام الكفيل يمتد حتى يصبح مساويا لنفس أجل التزام الأصيل، ولا يجوز للدائن أن يطالب الكفيل قبل حلول أجل الدين الأصلي  و ذلك لأن التزام

الكفيل لا يجوز أن يكون أشد عبئا من التزام الأصيل.

× هذا وإن كل اتفاق بين الدائن والمدين على تعديل أجل الالتزام الأصلي يستفيد منه الكفيل و لكن لا يضار منه فإن مد أجل الالتزام الأصلي فإن الكفيل و يستفيد من هذه المهلة سواء كان مصدرها الاتفاق أو القاضي ولا تجوز أي مطالبة قبل حلول الأجل الجديد، وإن اتفق على تعجيل أجل الالتزام الأصلي فإن الكفيل لا يضار و لا يجوز المطالبة إلا عند حلول أجل الكفالة ، والسبب يعود إلى الرغبة في حماية الكفيل.

× لكن قد يسقط الأجل الممنوح للمدين للسداد وذلك قبل أوانه لعدة أسباب طبقا للمادة 211 ق.م وهي : الإفلاس أو الإعسار أو إضعاف تأمينات الدين، وعدم تقديم الدائن ما وعد بتقديمه من تأمينات، فما هو تأثير ذلك على الكفالة ؟ وهل يؤدي إلى سقوط أجل التزام الكفيل و يلتزم بسداد الدين حالا أم لا يجوز الرجوع عليه قبل الأجل الأصلي المتفق عليه ؟

انقسم الفقه حول هذه المسألة، حيث يتجه البعض إلى القول بسقوط أجل التزام الكفيل بالتبعية لسقوط أجل التزام المدين ذلك أن الغرض من الكفالة هو تأمين الدين ضد مخاطر إعسار المدين، ، إلا أن الرأي الغالب استقر على أن يبقى هذا الالتزام قائما إلى حين حلول أجله، و ذلك للأسباب التالية :

1/أن تبعية الكفالة للالتزام الأصلي لا تمنع من انعقادها بشروط أخف.

2/أن سحب الثقة من المدين بسبب الإعسار أو الإفلاس أمر خاص به لا يبرر سحب الثقة من الكفيل كما لا يستطيع المدين الإساءة كمركز الكفيل بفعليه.

3/قواعد تفسير الكفالة تقضي الأخذ بالتفسير الأصلح للكفيل بوصفه تبرعا من جهة و بوصفه مدين أيضا           يفسر الشك لصالحه من جهة أخرى.

ب- وجوب رجوع الدائن على المدين أولا قبل رجوعه على الكفيل:

                   القاعدة أنه لا يجوز للدائن أن يرجع على الكفيل، وحده إلا بعد رجوعه على المدين وهذا ما تضمنته نص المادة 660/1، ومؤدي ذلك أن الدائن يلتزم بالرجوع على المدين أولا، ولا يرجع ابتداء على الكفيل و لكن يمكن للدائن أن يرجع على المدين و الكفيل في آن واحد، و يقصد بالرجوع المطالبة القضائية أي رفع الدعوى على المدين والحصول على حكم قضائي بإلزامه ومن ثمة لا تكفي مجرد المطالبة الودية أو إعذار المدين للوفاء بالتزامه، ويرد على هذه القاعدة إستثنائين :

الأول : إذا أشهر إفلاس المدين، وجب على الدائن التقدم في التفلسة بالدين و إلا سقط حقه في الرجوع على الكفيل يقدر ما أصاب هذا الأخير من ضرر  بسبب إهمال الدائن.

الثاني : إذا كان لدى الدائن سند صالح للتنفيذ على المدين فإن مجرد التنبيه بالوفاء يعتبر في ذاته رجوعا كافيا على المدين و يفتح طريق الرجوع على الكفيل.

وعليه إذا رفع الدائن دعواه على الكفيل وحده قبل الرجوع على المدين كانت دعواه غير مقبولة، لأننا بصدد قيد قانوني، وهذا القيد لا يتعلق بالنظام العام، لذا لا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وإنما يجب أن يتمسك به الكفيل أمام المحكمة،ومن تم أوجبت شروط لصحة إبداء هذا الدفع هي :

1)-وجوب أن لا يكون الكفيل قد تنازل عن حقه في هذا الدفع صراحة أو ضمنيا، لأنه مقرر لمصلحته ومنه له التنازل عليه.

2)-يجب أن لا يكون الكفيل متضامنا مع المدين، لأن المادة 669 مدني أجازت الرجوع على كفيل الكفيل إذا كان متضامنا مع الكفيل.

3)-وجوب أن يكون في رجوع الدائن على الكفيل مصلحة أو فائدة فلو كان المدين ظاهر الإعسار، فلا فائدة من تمسك الكفيل بوجوب البدء بالرجوع على المدين، وبالمقابل للكفيل التمسك به إن كان للمدين بعض الأموال التي تكفي لسداد بعض  الديوان فيرجع الدائن على هذه الأموال ثم يستوفي بقية الدين من الكفيل، وهنا نشير إلى أن القاضي هو الذي يقدر ما إن كانت هناك مصلحة للكفيل، في التمسك بهذا الدفع من عدمه، ويقع على الدائن عبء إثبات إعسار المدين أو عجزه الظاهر عن الوفاء.

         وأخيرا تجدر التنويه إلى أن الدفع بضرورة الرجوع على المدين أولا يعد من الدفوع الموضوعية لأنه لا يتعلق بوجود حق الدائن قبل الكفيل، وهو كذلك ليس من الدفوع الشكلية بل هو كما سبق وأن رأينا دفع بعدم القبول الدعوى لعدم استفاء إجراء لا بد من إستفاته.

ثانيا- الدفوع الممنوحة للكفيل لرد المطالبة:

أ- الدفوع الناشئة عن الدين الأصلي:

يحق للكفيل أن يتمسك بجميع الدفوع التي يستطيع المدين التمسك بها، في مواجهة الدائن، ذلك لأن تبعية التزام الكفيل تجعله يتأثر بكل ما يؤثر في الالتزام المكفول،وقد نصت المادة 654/1 على هذا يقولها :«يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين، وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين، وللكفيل التمسك بهذه الدفوع ولو كان متضامنا مع المدين إذ تنص المادة 666 على أنه« يجوز للكفيل المتضامن أن يتمسك بما يتمسك به الكفيل غير المتضامن من دفوع متعلقة بالدين». فطبقا لهذه النصوص يستطيع الكفيل التمسك في مواجهة الدائن بكل ما يستطيع المدين الأصلي أن يدفع به هذه المطالبة، ومن هذه الدفوع ما يؤدي إلى بطلان الالتزام المكفول، كالدفع بالبطلان لانعدام الرضا المحل السب أو لتخلف الشكل القانوني، كما له التمسك بالدفوع المؤدية إلى انقضاء الالتزام المكفول كالوفاء، التجديد، التقادم، والوفاء بمقابل اتخاذ الذمة.

 وللكفيل التمسك بقابلية العقد الذي أنشأ للالتزام المكفول للإبطال لأي عيب شاب رضا المدين كغلط أو تدليس أو إكراه، و يتمسك الكفيل بهذه الدفوع باسمه هو لا باسم المدين لأن التزامه يتعلق بالالتزام المكفول و يرتبط به وجودا و عدما، ولذا فله بمقتضى حق خاص التمسك بكل ما سيؤدي هذا الالتزام أو يؤدي لانقضائه وله التدخل في الدعوى التي يرفعها الدائن على المدين ليتمسك بدفع قد لا يتمسك به المدين نفسه وله التمسك بهذه الدفوع ولو نزل عنها المدين فله التمسك بتقادم الالتزام المكفول حتى ولو كان المدين قد نزل عن حقه في التماسك بالتقادم،أما إذا أجاز المدين العقد القابل للإبطال فليس للكفيل الحق في التمسك بهذا السبب إلا أن كان المدين متواطئ مع الدائن للإضرار بالكفيل.

هذا وأن التمسك بقابلية العقد للإبطال بسبب نقص أهلية الكفيل فإن المادة 654 ق.م. في فقرتها الأولى نصت على أن:«إذا كان الوجه الذي يحتج به المدين هو نقص الأهلية وكان الكفيل عالما بذلك وقت التعاقد فليس له أن يحتج بهذا الوجه» و يتضح من هذا النص أن الكفيل لا يستطيع التمسك بنقص أهلية المدين إذا كان عالما بذلك وقت التعاقد، إلا أنه إذا تمسك المدين بنقص أهلية وحكم له بإبطال الالتزام الأصلـي، فإن الكفيل يستفيد من ذلك، ويبطل التزامه تبعا، و يلاحظ أن هذا النص يختلف عن حكم المادة 649 ق.م.ج الناصة على :«من كفل التزام ناقص الأهلية، وكانت الكفالة بسبب نقصد الأهلية، كان ملزما بتنفيذ الالتزام إذا لم ينفذه المدين المكفول »، وهو النص الذي يتناول حكم فرض الكفيل بسبب نقص الأهلية و يحرم الكفيل من التمسك ببطلان تصرف المدين المكفول و يتمسك به المدين.

ب- الدفوع الناشئة عن عقد الكفالة:

زيادة على الدفوع السابقة الذكر فإن المشرع منح الكفيل دفوعا خاصة به مراعاة لصفته و اعتبارا لالتزامه التبرعي، وفيما يلي يعرض لهذه الدفوع وهي : الدفع بالتجريد (المادة 660/2 مدني)، الدفع بالتقييم في حالة تعدد الكفلاء، (المادة 644 مدني)، الدفع بإضاعة التأمينات بخطأ الدائن، المادة 656 ق.م.ج، الدفع بعدم اتخاذ الدائن الإجراءات ضد المدين، (المادة 657 ق.م.ج)، الدفع بعدم تدخل الدائن في تفلسة المدين (المادة 658 ق.م.ج).

1- الدفع بالتجريد:

تنص المادة 660/2 ق.م.ج : « ولا يجوز له ( الدائن) أن ينفذ على أموال الكفيل إلا بعد أن يجرد المدين من أمواله، و يجد على الكفيل في هذه المسألة أن يتمسك بهذا الدفع ».

والدفع بالتجريد بمعنى بسيط هو أنه إذا أراد الدائن التنفيذ على الكفيل فلهذا الأخير التمسك بالتنفيذ أولا على أموال المدين و تجريده منها إذا كان له أموال كافية للوفاء بكل الدين، وهو دفع تقرر لمصلحة الكفيل باعتباره ضامنا لدين ليس له مصلحة فيه فمن باب العدل ألا ينفذ عليه بالدرجة الأولى و أموال المدين قائمة لم ينفذ عليها.

والهدف من هذا الدفع يعود إلى أن الكفيل جدير بالرعاية لأنه يوفى دينا ليس بدينه بل بدين غيره فهو عادة يقدم خدمة للغير لتقوية ائتمانه، ولا ضرر في هذا على الدائن، إذ هو يستوفي حقه من الكفيل إن لم يستوفه من المدين،و لدراسة هذا الدفع من خلال تناول شروطه، والآثار المترتبة عليه وصورة خاصة للدفع به.

1-1- شروط الدفع بالتجريد:

1/ يجب أن يكون الكفيل شخصي لا عيني : لأن الكفيل العيني راهن، ولا يحق له التمسك بالتجريد إلا إذا كان قد اشترط ذلك صراحة، وهو ما نصت عليه المادة 901 من ق.م.ج بقولها :«إذا كان الراهن شخصا آخر غير المدين، فلا يجوز التنفيذ على ماله إلا على ما رهنه من ماله، ولا يكون له حق الدفع بتجريد المدين إلا إذا وجد اتفاق يقضي بغير ذلك».وحق الكفيل قاصر على الدفع بتجريد المدين المكفول، ولا يحق له أن يدفع بتجريد مدين آخر غير مكفول، في حالة تعدد المدينين.

2/ يجب أن لا يكون الكفيل قد تنازل مقدما عن هذا الدفع : وهذا ما نصت عليه المادة 660/2 يقولها:« على الكفيل في هذه الحالة أن يتمسك بهذا الحق ..» فهو دفع ليس من النظام العام يقع على الكفيل التمسك به وليس للقاضي الحكم به من تلقاء نفسه، باعتبار أنه دفع خاص بالكفيل فإنه يجوز له أن يتنازل عنه لأنه مقرر لصالحه، وقد يتم التنازل عن الدفع في عقد الكفالة ذاته، أو بعد ذلك في اتفاق مستقل، وقد يكون هذا التنازل صريح أو ضمني و مثال النزول الضمني سكوت الكفيل عن الدفع بالتجريد عندما يشرع الدائن في التنفيذ على أمواله، ومن ثمة فهو يستخلص من ظروف الحال و ملابستها و قولنا أن هذا الدفع لا يتعلق بالنظام العام يثير التساؤل عن الوقت الذي يجب على الكفيل أن يتمسك بهذا الدفع؟

ذهب البعض إلى القول أنه إذا رفعت الدعوى على الكفيل، كان له الحق في التمسك بهذا الدفع في أية حالة كانت عليها الدعوى، وعليه أن يتمسك بهذا الدفع قبل صدور الحكم النهائي فإذا لم يفعل، وصدر هذا الحكم بإلزامه بالدين، فلا يعلق تنفيذه على تجريد المدين من أمواله ومنه فإن هذا الدفع يتعلق بمرحلة المطالبة القضائية وليس بالتنفيذ.   

ويذهب الرأي الغالب إلى أن رجوع الدائن على الكفيل يمر بمرحلتين الأولى مرحلة التقاضي والثانية مرحلة التنفيذ، و تختص كل مرحلة بدفع خاص، فالمرحلة الأولى هو الدفع بعدم القبول للدعوى لرفعها على الكفيل أولا، و يجوز التمسك بهذا الدفع في أي مرحلة من مراحل الدعوى، أما الدفع بالتجريد فهو خاص بمرحلة التنفيذ حيث يستطيع الكفيل التمسك به في مواجهة الدائن عندما يشرع في التنفيذ على أمواله لذا، فإن هذا الدفع لا يسقط لعدم التمسك به في مرحلة التقاضي، ( فهذا لا يعني عدم جواز إبدائه في مرحلة التقاضي، بل للكفيل إبداؤه أثناء نظر الدعوى).

3/ ألا يكون الكفيل متضامنا مع المدين: وهو الشرط الوارد بنص المادة 665 ق.م.ج، ومنه للكفيل العادي التمسك بلزوم التنفيذ على أموال المدين أولا. أما الكفيل المتضامن فليس له التمسك بهذا الدفع، فالدائن يستطيع الرجوع على المدين أو الكفيل أو عليهما معا، وله التنفيذ على أموال الكفيل مع المدين أولا.

ويثور التساؤل هنا حول إمكانية الاتفاق على احتفاظ الكفيل المتضامن بالحق في التمسك بالدفع بالتجريد.؟

وهنا نقول أنه لا يجوز الاتفاق على احتفاظ الكفيل بالحق في التمسك بالتجريد في كل من الكفالة، القضائية والقانونية لأن الكفيل فيها يعتبر متضامنا بنص القانون وتقضي طبيعة التضامن في هذه الحالة حرمان الكفيل من الحق في الدفع بالتجريد، أما بالنسبة للتضامن الإتفاقي، فإذا البعض يرى عدم جواز منح الكفيل المتضامن الحق في الدفع بالتجريد لأنه يتعارض مع طبيعة التضامن و احتفاظ الكفيل بهذا الدفع لا يجعله متضامنا في الواقع إلا أن الرأي الغالب يذهب إلى أنه ليس هناك ما يمنع مثل هذا الاتفاق إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة و حرية الكفيل في التخفيف من التزامه.

4/ يجب أن يرشد الكفيل إلى أموال المدين التي تفي بكل الدين : وهو الشرط المنصوص عليه بالمادة 661 والتي نصت على ما يلي : « إذا طلب الكفيل التجريد وجب عليه أن يقوم على نفقته بإرشاد الدائن إلى أموال المدين التي تفي بالدين كله.

ولا يؤخذ بعين الاعتبار الأموال التي يدل عليها الكفيل إذ كانت هذه الأموال تقع خارج الأرض الجزائرية أو كانت متنازع عليها».

فلكي يكون الدفع بالتجريد مقبولا و قائما على أساس يجب أن تكون للمدين أموال يمكن للدائن التنفيذ عليها، ويقع على الكفيل عبء إثبات وجود أموال للمدين صالحة و كافية للوفاء بكل الدين، و يقوم بإرشاد الدائن إلى هذه الأموال على نفقته و مثالها مصروفات استخراج صور لمستندات ملكية المدين للأموال التي أرشد عنها، وهذا فضلا عن أن مصروفات التجريد سيرجع بها الدائن على الكفيل.

هذا و يشترط في الأموال التي يجب أن يرشد عنها الكفيل عدة شروط هي :

أ- أن تكون الأموال مملوكة للمدين، فالأموال الغير مملوكة له لا يعتد بها ولو كانت في حيازته.

ب- أن تكون هذه الأموال قابلة للحجز عليها: وهو شرط الذي يتفق مع الغاية من الإرشاد وهو التنفيذ.

ج- أن تكون هذه الأموال كافية للوفاء بكل الدين: فلا يكفي أن تكفي الأموال للوفاء بجزء من الدين أو حتى معظمه، فإن كانت الأموال التي يرشد عنها الكفيل لا تكفي لسداد الدين كله، فإنه لا يجوز التمسك بالدفع بالتجريد.

وتقدير كفاية الأموال التي يرشد إليها الكفيل مسألة واقع يفصل فيها قاضي الموضوع، و يقدر قيمتها وقت النظر في النزاع بشأنها، ولا يؤخذ بعين الاعتبار إلا القيمة الصافية، فإن كانت مثقلة بحقوق عينية تبعية كالرهن، فإن قيمة المال تحدد بعد استنزال الديون المضمونة بهذا الرهن.

كما يلاحظ بأنه إذا كانت الأموال غير كافية للوفاء بكل الدين، فإن الدائن غير ملزم بالتنفيذ عليها، إذ لو ألزم بذلك لأدى هذا إلى إجباره بالوفاء الجزئي لحقه، وهو ما يتعارض مع القواعد العامة في الوفاء حيث تنص المادة 277/1 ق.م.ج على أنه « لا يجبر المدين الدائن على قبول وفاء جزئي لحقه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقف بغير ذلك ».

د- أن تكون الأموال موجودة بالجزائر : وذلك لتجنب إرهاق الدائن من خلال مباشرة إجراءات معقدة عند وجود الأموال في خارج إقليم الدولة، هذا ولا يشترط أن تكون الأموال موجودة في مكان الوفاء بالدين أو في موطن المدين.

و- وجوب ألا تكون الأموال متنازع عليها : لأن الأموال المتنازع عليها غير مأمونة العاقبة، فقد يسفر فض النزاع عن أنها غير مملوكة للمدين.

هذا ويكون المال متنازع عليه إذا كانت هنـاك دعوى مرفوعة في شأنـه أو كان محلا لنزاع جدي، ومثالها المال الشائع حيث لا يمكن التنفيذ عليه إلا بعد الفصل في دعوى القيمة.

1-2- آثار الدفع بالتجريد:

يترتب على توافر شروط الدفع بالتجريد، وقبول المحكمة له عدة نتائج قانونية هامة تتمثل في :

1/ عدم جواز التنفيذ على أموال الكفيل :يترتب على قبول الدفع بالتجريد وقف إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل، بل أن هذه الإجراءات تقف بمجرد إبداء الكفيل للدفع حتى تفصل المحكمة فيه و تسقط الإجراءات التي يكون الدائن قد اتخذها قبل الدفع بالتجريد، وتبطل كل الإجراءات التي تتخذ في سبيل التنفيذ على أموال الكفيل، سواء تعلق الأمر بمرحلة التقاضي أن تم التمسك بالدفع أثناء سير الدعوى أو بمرحلة التنفيذ إن تم التمسك به عند شروع الدائن في التنفيذ عن طريق الاستشكال في التنفيذ.

فوقف المطالبة نعني بها إذن الكف عن متابعة السير في إجراءات التنفيذ، هذا وأن إجراءات التنفيذ لا يمنع الدائن من اتخاذ الإجراءات التحفظ به على أموال الكفيل لأن هذا الإجراء لا يمس بأصل الحق والعرض منه، الحفاظ على ذمة الكفيل المالية حتى لا يتصرف فيها.

2/ إلزام الدائن بالتنفيذ على أموال المدين التي أرشده إليها الكفيل:على الدائن أن يبادر إلى اتخاذ إجراءات التنفيذ في مواجهة المدين وإلا تحمل نتيجة إعسار المدين إن تراخي في التنفيذ على أمواله وعلى الدائن أن يبدل في اتخاذ هذه الإجراءات عناية الرجل العادي، و يتحمل النتيجة إن أصبحت أمواله غير كافية للوفاء بالدين بعد أن كانت كافية عندما أرشده الكفيل إليها، ويقع عبء إثبات تقصير الدائن على الكفيل، وفقا للقواعد العامة.

3/ مسؤولية الكفيل عند عدم حصول الدائن على حقه كاملا:إن اتخذ الدائن الإجراءات التنفيذية على مال المدين، في الوقت المناسب فإن ذلك يؤدي عادة إلى حصوله على حقه، إلا أنه من المتصور عدم استفاء الدائن لحقه كاملا بالرغم من قيامه بالإجراءات التنفيذية، على الوجه الصحيح لسبب أجنبي لا يد له فيه، إذ قد يظهر دائنون عاديون للمدين يزاحمون الدائن و يقاسمونه حصيلة التنفيذ مما يؤثر على كفاية الأموال للوفاء بالدين، وقد تنخفض قيمة أموال المدين عند التنفيذ. بسبب تقلبات السوق أو يظهر أنه قد تم تقدير هذه الأموال بأكثر من قيمتها، والنتيجة أن ذمة الكفيل لا تبرأ إلا بقدر ما استوفى الدائن، من المدين بعد التنفيذ عليه، وهنا للدائن الرجوع على الكفيل بالباقي من حقه  لكن يتعين عليه ليقوم بهذا الرجوع أن يثبت أنه نفذ على جميع الأموال التي دل عليها الكفيل و يتم هذا بتقديم محاضر الحجر، وأوراق التنفيذ.

*دراسة لنص المادة 663 ق.م.ج المتضمنة لصورة خاصة للدفع بالتجريد: تنص المادة 663 ق.م.ج على أنه :« إذا كان هناك تأمين عيني خصص قانونا، أو اتفاقا لضمان الدين، وقدمت كفالة بعد هذا التأمين أو معه، ولم يكن الكفيل متضامنا مع المدين، فلا يجوز التنفيذ على أموال الكفيل إلا بعد التنفيذ على الأموال التي خصصت لهذا التأمين».

فالنص يوجب على الدائن، قبل التنفيذ على الكفيل البدء بالتنفيذ على أي تأمين عيني يكون قد خصص للوفاء بنفس الدين المكفول و للكفيل أن يطالب من الدائن التنفيذ على التأمين العيني الذي قدمه المدين أولا. والحكمة واضحة، تتمثل في أن الكفيل عند قبوله الكفالة كان هناك تأمين عيني لضمان الدين وهو سابق أو معاصر لها والكفيل، يكون قد اعتمد على هذا التأمين في الالتزام الذي أقدم عليه، ويشترط للتمسك بهذا الدفع توافر عدة شروط هي :

1/ أن تكون هناك تأمين عيني خصص لضمان الدين: و التأمين العيني قد يكون رهن رسمي أو حيازي أو حق إمتياز، ويمكن أن يرد هذا التأمين على عقار أو منقول متى كانت طبيعة هذا المنقول تسمح بذلك، على أن النص لا يشمل حق الاختصاص، لأنه يتقرر بأمر من القاضي لأن النص قرر « .. اتفاقا أو قانونا ..».

2/ يجب أن يكون هذا التأمين وارد على مال مملوك للمدين و هذا هو المجمع عليه من أغلب شراح القانون        و الفقه المصري، ويستندون في ذلك إلى أن هذا الحكم ما هو إلا صورة خاصة من صور تجريد المدين من  أمواله،هذا وأن القواعد العامة تقضي بعدم جواز طلب الكفيل الشخصي، تجريد الكفيل العيني من أمواله، ذلك لأن كلامهما مسؤول عن دين المدين، فإذا ما قام أحدهما بالوفاء، فإنه يرجع على الآخر بقدر نصيبه في المسؤولية عن الدين ومنه لا يستساغ مع هذا القول أن يكون للكفيل الشخصي تجريد الكفيل العيني في حالة ورود التأمين على مال مملوك لغير المدين، ويرى بعض الفقه أنه لا يشترط ملكية المدين للمال الوارد عليه التأمين، و يستند هذا الرأي إلى عدم صراحة النص الوارد بالتقنين المدني بالمادة 663، إذ أن النص مطلق ولم يشترط ملكية المال للمدين.

3/ يجب أن لا يكون الكفيل متضامنا مع المدين، لأنه عملا بالمادة 665 ق.م.ج نصت بأنه ليس للكفيل المتضامن الدفع بالتجريد، و زيارة عن عدم تضامنه يجب على الكفيل ألا يتنازل عن حقه في التمسك بضرورة البدء في التنفيذ على التأمين العيني لأن المسألة ليست من النظام العام، لذا يجوز التنازل عنه، وهذا الشرط مقرر كذلك في الصورة العامة للدفع بالتجريد.

4/ يجب أن يكون هذا التأمين العيني قد تقرر قبل انعقاد الكفالة أو معها : ويفسر هذا على أن الكفيل منح كفالته وهو معتمد على هذا التأمين لذا لا ينفذ على الكفيل إلا بعد التنفيذ على التأمين العيني، أما إذا قدم التأمين بعد الكفالة ففي هذه الحالة لا يمكن للكفيل الدفع بالتنفيذ على التأمين أولا.

*آثار التمسك بالدفع بالتجريد في هذه الصورة:إذا توافرت الشروط المذكورة وتم قبول الدفع من المحكمة، فإنه تترتب عليه نفس الآثار التي تترتب على الدفع بالتجريد بصفة عامة ومن ثم يلتزم الدائن بالتنفيذ على التأمين العيني.

إلا أنه يجدر الإشارة هنا أن إفلاس المدين أو إعساره لا يؤثر على استفاء الدائن لحقه من التأمين العيني لأن المرتبة التي يكتسبها على المال المحمل بهذا التأمين تضمن وقائية من آثار الإفلاس أو الإعسار.

2 - الدفع بالتقسيم:

تنص المادة 664 ق.م.ج على أنه : « إذا تعدد الكفلاء لدين واحد، و بعقد واحد، وكانوا غير متضامنين فيما بينهم، قسّم الدين عليهم، ولا يجوز للدائن أن يطالب كل كفيل إلا بقدر نصيبه في الكفالة.

أما إذا كان الكفلاء قد التزموا بعقود متوالية، فإن كل واحد منهم يكون مسؤولا عن الدين كله إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقييم ».

والتقسيم طبقا لهذا النص يقع بقوة القانون، أي أنه إذ تعدد الكفلاء لدين واحد وفي عقد واحد ولم يكونوا متضامنين فيما بينهم، فإن الدين ينقسم عليه، ولا يجوز للدائن أن يرجع على أي منهم بأكثر من قدر نصيبه في الدين، ولكي يتمكن الكفيل من التمسك بهذا الدفع لا بد من توافر شروط معينة:

أ/ يجب أن يتعدد الكفلاء: وهذا الشرط هو الفرض الأساسي الذي يقوم فيه الدفع بالتقييم، فإذا كان هناك كفيل واحد فلا مجال للكلام عن التقييم لأنه يكون مسؤول عن الدين كله.

ب/ يجب أن يتعدد الكفلاء لدين واحد : بحيث لو اختلفت الديون المضمونة من الكفلاء، فلا مجال للتقييم، وإنما يكون كل واحد منهم مسؤولا عن الدين الذي ضمنه ولا يمكن منهم طلب التقسيم مع مدين آخر لأنهم لم يكفلوا نفس المدين هذا وأنه لا يجوز للكفيل أن يطلب من الدائن تقسيم الدين بينه و بين المصدق ( كفيل الكفيل) لأنهما لا يكفلان نفس الالتزام.

ج/ وجوب أن يتعدد الكفلاء لمدين واحد : و شرط وحدة المدين لا يعني حتما شخصا واحد، فإذا تعدد الكفلاء لمدينين متضامنين، و كفل كل منهم كل المدينين فإن شرط وحدة المدين يتوفر و ينقسم الدين بين الكفلاء.

د/ يجب ألا يكون الكفلاء متضامنين فيما بينهم : لأنهم إذا كانوا متضامنين فيما بينهم، يجوز للدائن الرجوع على أي منهم، و يطالبه بالوفاء بكل الدين عملا بأحكام التضامن.

و/ يجب أن يكون الكفلاء قد كفلوا المدين لعقد واحد: لأنه في هذه الحالة يكون كل واحد منهم اعتمد على غيره من الكفلاء، لذا يقسم الدين عليهم، أما إذا كان كل من الكفلاء التزم بكفالة الدين يعقد مستقل فإنه لا يكون قد إعتمد على بقية الكفلاء ولذا لا ينقسم الدين بينه و بين غيره إلا إذا كان قد احتفظ بحقه في التقييم، وانقسام الدين في هذه الحالة يقع بمقتضى الشرط وليس بقوة القانون.

هـ/ يجب ألا يكون الكفيل قد تنازل عن حقه في التقسيم: فإن كان الكفلاء متعددون و رجع الدائن على أحدهم وطلب الوفاء بالدين، وقام هذا الكفيل بالوفاء رغم توافر كل الشروط، فإنه يعد متنازلا عن حقه، وإن كان هذا التقييم يقع بقوة القانون، كما سبق القول، إلا أنه لا يتعلق بالنظام العام، لذا يمكن التنازل عنه، فالقاضي يحكم به من تلقاء نفسه ما لم يتنازل عنه الكفلاء.

إذا توفرت الشروط السابقة الذكر رتب هذا الدفع آثار هي :

-لا يحق للدائن أن يطالب أي من الكفلاء إلا بقدر حصته من الدين و يقسم الدين بين الكفلاء بالتساوي ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك، ويقع التقسيم فيما بين الكفلاء المتعددين وغير المتضامنين بقوة القانون ولو لم يطلبه الكفلاء، و نتيجة لذلك للكفيل  التمسك بهذا.الدفع في أي مرحلة كانت عليها الدعوى، هذا و إذا اعسر أحد الكفلاء، فإن الدائن من يتحمل حصة المعسر و لا يمكن مطالبتهم بحصة المعسر لأن الأصل في القانون الجزائري هو انقسام الدين بينهم بقوة القانون وهو يتحد من وقت انعقاد  الكفالة و ليس فقط من وقت المطالبة أو الفصل في الدعوى.

3- الدفع بإضاعة التأمينات:

تنص المادة 656 ق. م. ج على أنه :« تبرأ ذمة الكفيل بالقدر الذي أضاعه الدائن بخطئه من الضمانات و يقصد بالضمانات في هذه المادة، كل التأمينات المخصصة لضمان الدين ،ولو تقررت بعد الكفالة، وكذلك كل التأمينات المقررة بحكم القانون "

يتضح من نص المادة أن الدائن إن أهمل المحافظة على التأمينات بأن أضاع بخطئه شيئا منها فإن ذمة الكفيل تبرأ بقدر ما أضاعه الدائن من هذه الضمانات وللكفيل أن يدفع مطالبة الدائن له ، ويشترط لثبوت حق الكفيل في التمسك بهذا الدفع توافد شروط :

أ/ أن يكون الدائن قد أضاع تأمينا خاصا : فيجب أن يكون التأمين الضائع تأمينا خاص للوفاء بالدين المكفول سواء أكان تأمين شخصي ( كفالة أخرى)، أو عيني قدم من المدين أو شخص آخر، سواء وجد قبل الكفالة أو معها أو بعدها، وهناك رأي يقصر الضمانات على التأمينات الاتفاقية كالرهون، لكن الغالب هو الأخذ بأي ضمان سواء كان اتفاقي، قانوني، قضائي لأن النص جاء صريح.

          إذا أهمل الدائن المحافظة على الضمان العام للمدين، كما لو أهمل مطالبته حتى أعسر فلا يثبت الدفع للدائن لأنه لم يضيع هنا تأمين خاص.

هذا و يجب أن يكون التأمين نشأ ثم ضاع بخطأ الدائن، وعليه فإن الشرط لا يكون متوفر إن كان الدين المكفول دين أجرة و أهمل الدائن مطالبة المستأجر ( المدين المكفول) بوضع منقولات في العين المؤجرة لضمان الوفاء بالأجرة مما يترتب عليه عدم نشوء حق الامتياز المنصوص عليه في المادة 995 ق.م.ج.

ب/ يجب أن يكون ضياع التأمينات بخطأ من الدائن: أو يخطأ شخص ممن يسأل عنهم، سواء كان فعلا إيجابيا كإبرائه لكفيل آخر أو كان الخطأ تركا كإهماله في قيد الرهن.

هذا وإذا أسهم الكفيل في إضاعة التأمين الخاص فإن الغالب من الفقه يرى أن ذمته لا تبرأ إذ أنه لا يستطيع أن يتمسك بهذا الدفع، بينما ذهب الرأي الآخر إلى القول بأن المسؤولية توزع بين الدائن و الكفيل وفقا لقواعد الخطأ المشترك.

 ج/ يجب أن يترتب على ضياع التأمينات ضرر بالكفيل : إذ يتوجب أن يكون ذا قيمة معتبرة في ضمانا حق الدائن، وبالتالي في ضمان رجوع الكفيل على المدين بعد قيامه بوفاء الدائن، ولا يؤثر في هذا أن يكون المدين موسرا أو هناك ضمانات أخرى تكفي للوفاء بكل الدين، هذا و إذا كانت الضمانات التي أضاعها الدائن عديمة القيمة فإنه لا يجوز للكفيل التمسك بهذا الدفع.

ويتمسك الكفيل بهذا عن طريق دفع أثناء رجوع الدائن عليه، وله طلب ذلك عن طريق رفع دعوى على الدائن يطلب فيها الحكم ببراءته بسبب إضاعة التأمينات و يترتب على قبوله براءة ذمة الكفيل بقدرها إضاعة الدائن بخطته، و يتوجب التمسك بهذا الدفع لأن المحكمة لا تقضي به من تلقاء نفسها لأنه لا يتعلق بالتقادم العام.

4- الدفع بعدم اتخاذ الدائن للإجراءات ضد المدين:

نصت المادة 657/1 بقولها:« لا تبرأ ذمة الكفيل بسبب تأخر الدائن في اتخاذ الإجراءات أو لمجرد أنه تتخذها » يتضح من النص أن تأخر الدائن في الرجوع على المدين لا يترتب عليه سقوط حقه في مطالبة الكفيل ولو ترتب عنه إضرار بالكفيل نتيجة إعسار المدين وتعذر رجوع الكفيل عليه.

إلا أن القانون لم يترك الكفيل بدون حماية، لذا نص في الفقرة 2 من المادة 657 :« غير أن ذمة الكفيل تبرأ إذا لم يقم الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر من إنذار  الكفيل للدائن، ما لم يقدم المدين للكفيل ضمانا كافيا »، ومنه إذا خل أجل الدين و خشي الكفيل أن يتأخر الدائن في اتخاذ الإجراءات ضد المدين أن ينذره باتخاذها حتى يرفع الدائن دعوى على المدين أو يبدأ في اتخاذ إجراءات التنفيذ ضده إذا كان بيده سند تنفيذي فإن انقضت ستة أشهر من يوم الإنذار دون أن يقوم الدائن في اتخاذ هذه الإجراءات برأت ذمة الكفيل، إلا إذا قدم المدين للكفيل ضمانا كافيا يضمن به الكفيل الرجوع على المدين إذا ما اضطر للوفاء للدائن، وقبول هذا الدفع يؤدي إلى رفض دعوى الدائن والحكم ببراءة ذمة الكفيل.

5- الدفع بعدم تدخل الدائن في تفلسة المدين:

نصت المادة 658 ق.م.ج : «إذا أفلس المدين وجب على الدائن أن يتقدم بدينه في التفليسة، وإلا سقط حقه في الرجوع على الكفيل بقدر ما أصاب هذا الأخير من ضرر بسبب إهمال الدائن».

لقد فرض القانون على الدائن التدخل في التفليسة، لأنها الوسيلة الوحيدة للحصول من المدين على ما يمكن الحصول عليه فإن قصر الدائن في اتخاذ هذا الإجراء، و ترتب عليه ضياع فرصته في استفاء بعض حقه فلا يجوز له الرجوع على الكفيل إلا بما يزيد على القدر الذي كان سيحصل عليه من التفليسة لو دخل فيها.

فإن لم يدخل الدائن في التفليسة وطالب الكفيل بالوفاء بكل الدين جاز لهذا الأخير التمسك في مواجهة ببراءة ذمته بالقدر الذي أضاعه لعدم تدخله في التفليسة وله أن يتمسك بهذا في صورة دعوى للحصول على البراءة.

ج - التزامات الدائن عند استفاء الدين تجاه الكفيل:

لقد نصت المادة 671 ق.م.ج على :« إذا وفى الكفيل الدين كان له أن يحل محل الدائن في جميع ماله من حقوق تجاه المدين»، وحكمها ما هو إلا تطبيق للقواعد العامة الواردة بنص المادة 261 ق.م.ج، و ما بعدها الخاصة بالوفاء مع الحلول.

فالمادة 264 نصت : « من حل محل الدائن قانونا أو اتفاقا كان له حقه بما لهذا الحق من خصائص وما يلحقه من توابع و ما يكفله من تأمينات و ما يرد عليه من دفوع بالقدر الذي أداه من ماله من حل محل الدائن».ومنه يترتب على حلول الكفيل محل الدائن أن يكون للكفيل أن يرجع على المدين بحق الدائن بما له من خصائص، وما يلحقه من تأمينات وعلى ذلك نصت المادة 659 ق.م.ج على : «على أن يلتزم الدائن بأن سيلم للكفيل وقت وفاته الدين المستندات اللازمة لاستعمال حقه في الرجوع»، ومن تم فإن الكفيل يقوم بعد الوفاء بالدين المكفول بالرجوع على المدين بما وفاه للدائن، وعلى هذا الأخير أن يسلمه وقت الوفاء كل المستندات اللازمة لاستعمال حقه في الرجوع، بدعوى الحلول أين يحل محل الدائن في حقوقه و أهم هذه السندات، سند الدين المكفول الموجود في يد الدائن ومخالصة من الدائن تفيد استيفاءه للدين فإن امتنع الدائن عن هذا كان من حق الكفيل الامتناع بدوره عن تنفيذ التزامه لأنه تصرف تنطوي على إضعاف لحق الكفيل في الرجوع و استرداد ما يستوفيه.وعند النزاع بصدد أي من الطرفين يبدأ في التنفيذ كان للكفيل أن يودع مبلغ الدين بخزانة المحكمة، وله بعد هذا الإيداع القانوني الرجوع على المدين بعد الحصول على شهادة بذلك تغنيه عن مستندات الدين وعن المخالصة.

هذا و لقد نصت المادة 659/2 و 3 على أنه :« إذا كان الدين مضمون بمنقول مرهون أو محبوس، وجب على الدائن أن يتخلى عنه للكفيل.

وإذا كان الدين مضمون بتأمين عقاري، فإن الدائن يلتزم أن يقوم بالإجراءات اللازمة  للنقل هذا التأمين و يتحمل الكفيل مصروفات النقل على أن يرجع بها على المدين».فالنص ألزم الدائن القيام بنقل الضمانات للكفيل، ويتم النقل من خلال اتخاذ الإجراءات التي تتفق و طبيعة الضمان، فإن كان الدين مضمون بمنقول مرهون أو محبوس، وجب على الدائن أن يتخلى عن حيازته للكفيل، أما إن كان مضمون بتأمين عقاري ( رهن رسمي أو حق اختصاص) فعلى الدائن أن يقوم بالإجراءات اللازمة لنقله و ذلك بالتأشير على هامش القيد مع تسليم عقد الرهن أو صورة الحكم الذي قرر حق الاختصاص و يتحمل الكفيل مصروفات النقل، على أن يرجع بها على المدين بعد ذلك.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا 

 

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق