الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023

شروط قبول الدعوى

 شروط قبول الدعوى

    على خلاف نص المادة 459 من  قانون الإجراءات المدنية القديم التي حددت شروط قبول الدعوى بثلاثة، إذ لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائزا لصفة و أهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك، اكتفى القانون الجديد بعنصري الصفة و المصلحة بناء على نص المادة 13 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية، بينما أدرج الأهلية ضمن الدفع بالبطلان في نص المادة 64 من نفس القانون.

أولا- الشروط الموضوعية لقبول الدعوى: 

1- الشروط العامة لقبول الدعوى: 

- الصفة :

الصفة هي الحق في المطالبة أمام القضاء، و تقوم على المصلحة المباشرة و الشخصية في التقاضي، كما قد يحدث أن يتدخل طرف أثناء سير الخصومة لم يرد ذكره في عريضة افتتاح الدعوى، سواء بإرادته لأجل تحقيق مصلحة لفائدة المتدخل أو بطلب من أحد أو كلا طرفي الخصومة.

و الدعوى ترفع من ذي صفة على ذي صفة، و على هذا الأساس يجب أن تتحقق الصفة لدى المدعي و المدعى عليه. 

الصفة لدى المدعي:

ينبغي التمييز بين الصفة في الدعوى و الصفة في التقاضي، فقد يستحيل على صاحب الصفة في الدعوى مباشرتها شخصيا بسبب عذر مشروع، في هذه الحالة يسمح القانون لشخص آخر بتمثيله في الإجراءات كأن يحضر المحامي نيابة عن المدعي أو يحضر شخص آخر بموجب وكالة خاصة .

في هذه الحالة يقع على القاضي التأكد ابتداء من صحة التمثيل ثم يبحث لاحقا في مدى توفر عنصر الصفة لدى صاحب الحق، فقد يصح التمثيل مع فساد الصفة في الدعوى و العكس صحيح، من أمثلة ذلك ، أن يحضر الأب بصورة عفوية و من دون وكالة ، جلسة المحاكمة بدلا عن إبنه الراشد الذي رفع دعوى قضائية يطالب فيها إستعادة شقة يملكها بسند، محتلة من الغير دون وجه حق، ظنا من الأب بأن الملكية واحدة ، الصفة في الدعوى هنا صحيحة لكن التمثيل فاسد، عكس ذلك ، أن يكون الأب حاملا لوكالة صحيحة غير أن الابن المدعي ليس له أي سند يثبت ملكيته، التمثيل هنا صحيح ، إنما ترفض الدعوى لانعدام الصفة لدى الابن، و صحة التمثيل ليست من شروط قبول الدعوى ، بل هي من شروط صحة إجراءات الخصومة  

الصفة لدى المدعى عليه: 

من المبادئ أن الدعوى لا تصح إلا إذا رفعت من ذي صفة على ذي صفة ، فكما يشترط توفر عنصر الصفة لدى المدعي و إلا رفضت دعواه، يشترط كذلك قيام عنصر الصفة لدى المدعى عليه و إن تعددوا، إذ يشترط في صحة الدعوى أن ترفع ضد: 
1-  من يكون معنيا بالخصومة ، كدعوى العامل ضد رب العمل أو الزوجة ضد زوجها أو مؤجر ضد مستأجر نظرا لاستقلالية الذمم المالية و عدم جواز تحميل الغير أعباء عن تصرفات ليس لهم علاقة بها.
2- ممن يجوز مقاضاتهم فلا تقبل دعوى ضد فاقد الأهلية لتعلق ذلك بحق الدفاع أو ضد مؤسسة لا تملك الشخصية المعنوية أو ضد موظف أجنبي يتمتع بالحصانة الدبلوماسية.

- المصلحة:

يقصد بالمصلحة ، المنفعة التي يحققها صاحب المطالبة القضائية وقت  اللجوء إلى القضاء ،هذه المنفعة تشكل الدافع وراء رفع الدعوى و الهدف من تحريكها ، فلا دعوى من دون مصلحة تنزيها للقضاء عن الإنشغال بدعاوى لا فائدة عملية منها.

والمصلحة الواجب توفرها لكي تكون الدعوى مقبولة يجب أن تكون مصلحة قانونية قائمة وحالة أو محتملة.

ومعنى أن تكون مصلحة قائمة وحالة، أي يجب أن يكون قد تم الاعتداء فعلا على حق رافع الدعوى، وأن يكون غيره قد نازعه فعلا في حقه، وهذا يعني عدم قبول الدعوى في حالة الضرر المحتمل الوقوع، إلا أنه وخروجا عن هذا الأصل أجاز القانون المصلحة المحتملة و هي التي يكون الهدف من ورائها منع وقوع ضرر محتمل كحالة الخشية من تصرف المطلوب الحجر عليه في ماله إضرارا بالورثة نتيجة إصابته بالجنون أو العته أو السفه، فمصلحة ذوي الحقوق هنا إحتمالية إلا أن رجحان كفة الإضرار بهم تمنحهم  الحق  في قيد دعوى الحجر.

و القول بعدم جواز إثارة غياب المصلحة من القاضي تلقائيا ، لا يعني قبول أي مصلحة حتى و إن كانت غير مشروعة ، فالقانون لا يحمي المصلحة المخالفة للنظام العام و الآداب العامة كالمطالبة بدين ناتج عن قمار أو المطالبة بدفع الفوائد الربوية المتفق عليها أو غير المتفق عليها أو تثبيت نسب فاسد .

- الإذن:

الإذن هو الترخيض أو الإجراء المسبق المشترط قانونا لرفع الدعاوى مثل التفويض ،التظلم، ...الخ.

و الملاحظ أن شرط الإذن القانوني ما هو إلا امتداد لشرط المصلحة، بحيث أن مصلحة الخصم رافع الدعوى تكمن في محاولة حل النزاع بطريق ودي قبل اللجوء للقضاء ، فعدم وجود محضر عدم الصلح ضمن ملف الدعوى ينطوي على وجود فرصة لفض النزاع المطروح على القضاء بطريق ودي .

إن الهدف الذي سطره المشرع من خلال سن هذا الشرط هو التقليل من النزاعات المطروحة على القضاء وهو نفس الشرط الذي اشترطه المشرع في القانون السابق ضمن المادة 459 قانون الإجراءات المدنية.

- الأهلية:

و يقصد بأهلية التقاضي ، أهلية الأداء لدى الشخص الطبيعي كما هو مبين في المادة 40 من القانون المدني ، أما بالنسبة للأشخاص الاعتبارية فيتمتعون بأهلية التقاضي عملا بالمادة 50 من نفس القانون، و قد أصاب المشرع حينما استبعد الأهلية من دائرة شروط قبول الدعوى لأسباب عدة نذكر منها أن الأهلية وضع غير مستقر قد يتوفر وقت قيد الدعوى و قد تغيب أو تنقطع أثناء سير الخصومة. و مع ذلك وجب الإشارة أن الأهلية في الواقع لا تعد شرطا لقبول الدعوى بقدر ما هي شرط لصحة ممارسة الخصومة .

2- الشروط الخاصة لقبول الدعوى: 

ثمة شروط أخرى، يجب عدم توافرها لقبول الدعوى، وعلى العكس من ذلك فان توافرها يؤدي إلى عدم قبولها، وعلى هذا الأساس فهي شروط سلبية، بالمقارنة مع شروط الصفة والمصلحة والأهلية باعتبارها شروط إيجابية، وتنحصر هذه الشروط العامة السلبية، في انعدام سبق الفصل في الدعوى، انعدام الصلح، وعدم الاتفاق على التحكيم.

عدم سبق الفصل في الدعوى:

الحكم القطعي هو الحكم الفاصل في أصل النزاع، أو في مسألة متفرعة عنه، وهو ما يعني انه لا يجوز للمحكمة التي فصلت في نزاع أن تنظر فيه مرة أخرى، كما لا يجوز كذلك أيضا للمحاكم الأخرى أن تنظر فيه، وذلك تطبيقا لمبدأ حجية الأمر المقضي فيه، وهذه المسألة هي ما يصطلح على تسميتها بسبق الفصل في الدعوى.ويشترط في الحكم حتى تكون له هذه الحجية، أن يكون قطعيا ونهائيا، ومتعلقا بحقوق لها نفس الحل ونفس السبب، وقائم بين الخصوم أنفسهم حسب مقتضيات المادة 338 من:ق.م.

عدم القيام بالصلح:

قد يقترن الحق، الذي يمكن اللجوء إلى القضاء لحمايته بالشك، وبذلك فالاتفاق الذي يقوم بين طرفي الخصومة والقاضي، بتنازل أحدهما مما يدعيه لفائدة الطرف الآخر، هو الاتفاق الذي يصطلح على تسميته الصلح، وهو اتفاق من شأنه إزالة ذلك الشك، بما يعني وأنه لم يعد ثمة أي نزع بينهما، حول ذلك الحق لاستئثار أحدهما به.

وقد أجاز المشرع للطرفين القيام بإجراء الصلح بينهما، بمقتضى المواد 990 إلى 993 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وبحسبها فللخصوم القيام به تلقائيا أو بسعي من القاضي في جميع مراحل الخصومة، على أن تتم محاولة إجرائه في هذه الحالة في المكان والوقت الذي يراهما القاضي مناسبين.

وفي ضوء وجوده، فان لجأ أحد أطراف الصلح، إلى القضاء للمطالبة بالحماية في صور تقرير الحق، كان للطرف الآخر، أن يمنع المحكمة من نظر الدعوى، لسبق الصلح القائم بينهما، بشأن الحقوق التي انصب عليها، وهو دفع يندرج صمن الدفوع المتعلقة بعدم قبول الدعوى.

عدم الاتفاق على التحكيم:

على الرغم من أن الدعوى، هي عبارة عن سلطة اللجوء إلى القضاء ، من أجل الحصول على الحماية المقررة لهذا الحق أو ذاك، فالمشرع قد سمح في بعض الحقوق، اللجوء إلى التحكيم وفقا لأحكام المادة 975 وما يليها من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

هذا ويقصد بالتحكيم، عرض النزاع القائم بين الطرفين، على شخص أو أشخاص معنيين، للفصل فيه بدلا من القضاء ، ويستوي أن يكون الاتفاق على التحكيم، قد أبرم بين الطرفين قبل بداية النزاع، أو أثناءه ، أو بعده ، وهو بذلك من شأنه أن ينهي النزاع، فلا يجوز إعادة عرضة على القضاء من جديد، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة، بما يعني وأن القانون وخلافا لقرارات لجان التأديب، قد أعطى للحل الذي يتوصل إليه المحكم، صورة الحكم القضائي القطعي.

لذلك فإن تم التوصل إلى اتفاق بين طرفين على التحكيم، وأراد أحدهما نقضه واللجوء إلى القضاء للمطالبة بالحماية القانونية، كان لخصمه الحق في منع المحكمة من نظر الدعوى، بإثارته لدفع منبثق من سبق الاتفاق على التحكيم، وهو دفع يندرج ضمن الدفوع الأولية بعدم قبول نظر الدعوى.

ثانيا- الشكلية لقبول الدعوى: 

و إن كانت هذه الشروط الشكلية لا تفضي إلى بطلان الدعوى و إنما هي لازمة لصحة إجراءات الخصومة و لكن هذا لا يعني أنه يمكن الاستغناء عنها أو مباشرة الدعوى في غيابها جميعا أو أحداها على الأقل.

عريضة افتتاح الدعوى

إن عريضة افتتاح الدعوى هي العنصر المحرك للخصومة بحسب نص المادة 14 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ، و لذلك يجب احترام قواعد موضوعية مسبقا يتوقف عليها قبولها، فمن خلال عريضة افتتاح الدعوى يتضح موضوع الطلب و أطرف الخصومة، و كذلك الوثائق التي أسست عليها الطلبات.

فعريضة افتتاح الدعوى هي "وثيقة مكتوبة وجوبا بنص القانون تخطر المحكمة و تقوم بافتتاح الدعوى، بالإضافة إلى أن العريضة تكون موقعة من المدعي أو وكيله أو محاميه مزودة بتاريخ إيداعها لدى أمانة المحكمة التي رفعت على مستوى دائرة اختصاصها الدعوى القضائية في حدود المواعيد و الآجال المقررة قانونا.

و نستخلص من صياغة المادة 15 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية وجوب توفر مجموعة من البيانات في عريضة افتتاح الدعوى تحت طائلة عدم قبولها شكلا.

الآجال و المواعيد

إن مباشرة الدعوى عمليا دائما ما يكون محصورا ضمن مواعيد و آجال محددة و عليه ليس لصاحب الحق كامل الحرية في اختيار الموعد لعرض دعواه على القضاء أو الاستمرار فيها، و إن لزم الأمر الطعن في الحكم أو القرار الصادر فيها، بل يجب أن يرفعها في المهلة أو الميعاد الذي حدده القانون لذلك، بحيث أن الدعوى تكون غير مقبولة إذا رفعت قبل هذه المهلة أو بعدها و لو كانت كافة الشروط الأخرى متوفرة.

و نظر لأهمية شرط احترام الآجال في مدى أهمية قبول الدعوى القضائية فقد قام المشرع الجزائري بتنظيم هذا الشرط من خلال مواد متفرقة من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية وكذلك من خلال التقنيات المختلفة.

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق