الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023

الدعوى المدنية التبعية

 

الدعوى المدنية التبعية

         الأصل أن دعوى الحق العام یختص بالنظر فیها القضاء الجزائي، ودعوى الحق الشخصي یختص بالنظر فیها القضاء المدني، إلا أنه لكل أصل استثناء، وبما أن موضوع الدعوى واحد وهو الجریمة، فإنه یمكن للمضرور أو المدعي المدني أن یرفع الدعوى المدنیة أمام المحاكم الجزائية، لتنظر فیها مع الدعوى العمومیة. وهذا ما یسمى بالدعوى المدنیة التبعیة. والهدف من ذلك تسهیل الإجراءات، وسرعة الفصل في القضایا، وتوحید الحكم في الدعویین لتفادي تناقض الأحكام.

أولا- تعريف الدعوى المدنية التبعية:

تعرف الدعوى المدنية التبعية بأنها مطالبة من لحقه ضرر من الجريمة و هو المدعي المدني، من المتهم أو المسؤول عن الحقوق المدنية أمام القضاء الجنائي يجبر الضرر الذي أصابه نتيجة الجريمة التي ارتكبها فأضرت به بتعويضه، بمعنى أدق أن الدعوى المدنية التبعية هي تلك الدعوى المرفوعة أمام  القضاء الجزائي بغرض الحصول على تعويض عن الأضرار التي تسببت فيها الجريمة.

كما عُرّفت بأنها:" تلك الدعوى التي تقام مما لحقه ضرر من الجريمة بالتبعية العمومية القائمة بطلب التعويض عن الضرر الذي لحقه".

والتبعیة المقصود بها هنا هي التبعیة الإجرائية، ولیس التبعیة الموضوعیة، بحیث أطلق علیها هذا الوصف لأنها ترفع أمام قضاء غیر قضائها الأصیل، ویفصل فیها قاضي غیر مدني.

ثانيا - خصائص الدعوى المدنية التبعية:

- هي دعوى ناشئة عن الجريمة

- تمارس بصفة استثنائية أمام القضاء الجزائي لتبعيتها للدعوى العمومية

- موضوعها المطالبة بحق مدني و هو التعويض أو الإسترداد أو المصروفات

- يمارسها المدعي المدني لا النيابة العامة

- تخضع للتقادم وفقا لأحكام القانون المدني حسب المادة 10 ق إ ج.

-  يجوز التنازل عنها و تركها مقارنة بالدعوى العمومية.

ثالثا- التمييز بين الدعوى المدنية التبعية و الدعوى العمومية: 
- من حيث السبب: الدعوى العمومية سببها هو الجريمة المرتكبة أما الدعوى المدنية فسببها هو الضرر.

- من حيث الهدف: الدعوى العمومية هدفها العقوبة أما الدعوى المدنية هدفها هو التعويض.
- من حيث الأطراف: الدعوى المدنية أطرافها المدعي والمدعي عليه أما الدعوى العمومية فأطرافها النيابة العامة و المتهم. 

- من حيث التنازل :الدعوى العمومية لا يمكن التنازل عليها أما الدعوى المدنية يمكن التنازل عليها  . 

رابعا- التمييز بين الدعوى المدنية التبعية و الدعوى المدنية الأصلية: 

من حيث الإختصاص:المحاكم المدنية تختص بالنظر في الدعاوى المدنية الأصلية و حتى الدعاوى المدنية التي يكون سببها الجريمة، أما المحاكم الجزائية فتختص بالنظر في الدعاوى العمومية و كاستثناء في الدعاوى المدنية التبعية .

من حيث الإجراءات: نجد أن الدعوى المدنية التبعية تخضع لقانون الإجراءات الجزائية ، أما الدعوى المدنية الأصلية فتخضع لقانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

رابعا- شروط تحريك الدعوى المدنية التبعية: 
1
- أن تكون هناك جريمة تحركت بشأنها دعوى جنائية. ( م 2/1 ق إ ج )
2
- أن يكون موضوع الدعوى تعويض الضرر أياً كان نوعه .( م 2/1 ق إ ج ) و ( م 3/3 ق إ ج )
3
- توافر رابطة السببية، وهى العلاقة القائمة بين الجريمة والضرر الحاصل فيشترط أن تكون الدعوى المدنية قائمة على ضرر مباشر ناشئ عن الجريمة ذاتها .( م 2/1 ق إ ج ) 

خامسا- عناصر الدعوى المدنية التبعية: 

إن ﻠلدﻋوى اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺗبعية ﻋﻧﺎﺻر ﻻ ﯾﻣﻛن قيامها ﻓﻲ ﻏياب أﺣدﻫﺎ،واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺳﺑب واﻟﻣوﺿوع والأطراف ، ﻓﺎﻟﻌﻧﺻر اﻷول لا يتحقق إﻻّ ﺑوﺟود ﺟريمة ﺗؤدي إﻟﻰ ﺣدوث ﺿرر، أﻣﺎ اﻟﻌﻧﺻر اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﺈﻧّﻪ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ وﺟوب اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌويض ﻻ ﻏﯾر، أﻣﺎ اﻟﻌﻧﺻر اﻟﺛﺎﻟث ﻓﻬو وﺟوب رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺗبعية ﻣن اﻟﺷﺧص المضرور أو ورﺛﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ أو ورﺛﺗﻪ أو اﻟﻣﺳؤول المدني.

سادسا- إجراءات و مصير الدعوى المدنية التبعية: 

إن الدعوى المدنية التبعية تتبع الدعوى العمومية من حيث الإجراءات و من حيث المصير كما يلي:
1- من حيث الإجراءات:
أي خضوع الدعوى المدنية التبعية لقانون الإجراءات الجزائية و ليس لقانون الإجراءات المدنية،أي  إختصاص القضاء الجنائي بالنظر فيها ،و سريان قواعد قانون الإجراءات الجزائية عليها.

فمثلا:أن القضاء الجنائي ينظر في الدعاوى المدنية التبعية بغض النظر عن قيمة التعويض المطالب به، متى كانت مبنية على وقوع الضرر بسبب جريمة ما، وكذلك حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني.
2- من حيث المصير:
يعني ذلك أن الجهة الجزائية في حالة رفع الدعويين العمومية و المدنية التبعية أمامها يجب عليها الفصل في الدعويين معا بحكم واحد حسب م 316/1 ق إ ج ج"بعد أن تفصل المحكمة في الدعوى العمومية تفصل دون إشتراك المحلفين في طلبات التعويض المدني المقدمة من المدعي المدني ضد المتهم أو من المتهم المحكوم ببرائته ضد المدعي المدني و تسمع أقوال النيابة العامة أو أطراف الدعوى"
و تنص الفقرة 2 و3 من المادة نفسها"و يجوز للمدعي المدني في حالة البراءة كما في حالة الإعفاء أن يطلب تعويض الضرر الناشئ عن خطأ المتهم الذي يخلص من وقائع موضوع الإتهام، ويفصل في الحقوق المدنية بقرار مسبب".

 وتنص م 357/2 ق إج" و تحكم عند الإقتضاء في الدعوى المدنية و لها أن تأمر بأن يدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة"

إذا حكمت المحكمة بالبراءة يجوز لها أن تقضي في طلبات المتهم بتعويضه مدنيا، إذا كانت التبرئة  راجعة لعدم نسبة الخطأ الجنائي للمتهم أو عدم قبول الدعوى، أما إذا كانت التبرئة راجعة لوجود عذر مانع من المسؤولية الجنائية،فيعفى من العقاب أو المسؤولية الجنائية ، و لكن للمحكمة حق القضاء عليه بالمسؤولية المدنية إذا ثبت في حقه الخطأ حسب المادتين السابقتين.
إلا أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية لا يفقدها طبيعتها الخاصة و هي تتعلق بالحق المدني، فتخضع لقواعد و أحكام القانون المدني في كل من التقادم و التنازل عنها.

كما أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية لا يقصد بها أن تنقضي الدعويان للإرتباط الأولى بالثانية، إذ يمكن أن تنقضي الدعوى العمومية وحدها أمام القضاء الجنائي، و تظل الدعوى المدنية قائمة أمامه فينظرها، حيث يجوز لكل من المدعي و المتهم الطعن في الشق المدني وحده الصادر من المحكمة الجنائية.

سابعا- مباشرة الدعوى المدنية التبعية و إنقضائها:

1- مباشرة الدعوى المدنية التبعية:

الأصل ان الدعوى المدنية لا ترفع إلا أمام القضاء المدني، ، إلا أن غالبية التشريعات تخول للمدعي المدني الحق في رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي، فإذا نظرنا إلى قانون الإجراءات الجزائية الجزائري نلاحظ أن المشرع أجاز رفع الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي مع الدعوى العمومية حسب م 3قإج، كما أعطى المشرع لطرف المضرور الحق في رفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني حسب م 4 ق إج.

و لجوء المضرور إلى القضاء الجنائي مبررات نذكر منها:

- توفير الوقت و الجهد و النفقات للخصوم في الدعوى.
- إن القاضي الجنائي هو أقدر على الفصل في الدعوى المدنية من القاضي المدني لأنه يكون أكثر إحاطة 
بظروف الضرر لما يتمتع به من سلطات ووسائل إثبات تساعد على كشف الحقيقة، أثناء تحقيقه الجنائي و بالتالي يكون أكثر من غيره قدرة على تقدير التعويض الملائم للمضرور.
- إن طبيعة الدعوى المدنية التبعية باستهدافها الحصول على التعويض الناشئ عن الجريمة من جهة و إسهامها في طلب توقيع العقاب على الجاني من جهة أخرى أن المضرور هو أكثر الناس صلة بالجريمة و تأثرا بنتائجها و علما بظروفها
- أن لجوء المضرور للقضاء الجزائي يترتب عليه تحريك الدعوى العمومية إن لم تكن النيابة العامة قد حركتها، وهي اعتبارات تضفي على الحكم الجنائي حجية أمام القضاء المدني، فتلزمه بالأخذ بالنتيجة التي إنتهى إليها في الدعوى العمومية، وهي القاعدة التي ترتب بالضرورة "الجنائي يوقف المدني".

2- إنقضاء الدعوى المدنية التبعية:

يضع قانون الاجراءات الجزائية قاعدة عامة تحكم انقضاء الدعوى المدنية التبعية بخضوعها لأحكام وقواعد القانون المدني رغم ما تتميز به من تبعية للدعوى العمومية. فزيادة على الأسباب العامة (التقادم، وفاة المتهم،العفو الشامل، صدور حكم نهائي،أو بإلغاء القانون الجزائي)، تتميز الدعوى المدنية التبعية بسبب آخر هو تنازل المضرور،و يعرف التنازل على أنه: تنازل المتضرر عن الحق في الدعوى وتركها، فيجوز له التنازل عن حقه المدني في أي مرحلة كانت عليها الدعوى،وعليه فإن أحكام انقضاء الحكم المدني تطبق على الدعوة المدنية التبعية.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق