الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023

الدعوى العمومية

 

الدعوى العمومية

قبل التطرق لموضوع الدعوى العمومية في قانون الإجراءات الجزائية ، يجب أولا التعريف بهذا الأخير.

 التعريف بقانون الإجراءات الجزائية:

إختلفت أراء الفقهاء حول تعريفه وعموما يعرف بأنه " مجموعة القواعد القانونية التي تنظم تشكيل واختصاصات الهيئات التي تقوم بضبط الجرائم والمجرمين والتحقيق في الوقائع وتحريك الدعوى العمومية ومباشرتها والفصل فيها وقوة الأحكام الجزائية وأثارها وطرق الطعن فيها"

صدر قانون الإجراءات الجزائية الجزائري بالأمر 66/155 المؤرخ في 08/06/1966 و كان آخر تعديل له بموجب القانون 06/22 المؤرخ في 20/12/ 2006.

أولا : التعريف بالدعوى العمومية

الدعوى بصفة عامة هي" الوسيلة القانونية لحماية الحق توصلا لاستيفائه بواسطة السلطة العمومية "أو هي " حق اللجوء للسلطة القضائية لاستفاء الحق بواسطتها"

ينشأ عن وقوع الجريمة دعويان إحداهما عمومية تحركها و تباشرها النيابة العامة ضد الجاني لمعاقبته وأخرى مدنية يحركها ويباشرها من أصابه ضرر من الجريمة.

تختلف الدعويان من حيث الخصوم والسبب والموضوع، فأحد الخصمين في الدعوى العمومية هو

النيابة العامة ممثلة للمجتمع، وسببها إخلال الجريمة بأمن المجتمع، وموضوعها عقاب الجاني، في حين يختصم في الدعوى المدنية خصمان يمثل كل منهما مصلحته الخاصة، وسببها هو الضرر الذي لحق المجني عليه، وموضوعها هو التعويض.

تعرف الدعوى العمومية بأنها "الوسيلة التي بموجبها تطالب النيابة العامة بوصفها ممثلة للمجتمع القضاء الجزائي بتوقيع العقوبة على مرتكب الجريمة".

 و على ذلك تتسم الدعوى العمومية بعدة خصائص أهمها :

 - أنها دعوى وليدة الجريمة، بمجرد ارتكاب الجريمة ينشأ للمجتمع حق في العقاب يمارس بواسطة الدعوى العمومية .

- أنها دعوى عامة يملكها المجتمع و تباشرها عنه النيابة العامة .

- أنها دعوى غير قابلة للتنازل أو سحبها من قبل النيابة العامة بعد تحريكها .

- أنها دعوى تهدف لتطبيق قانون العقوبات بتوقيع الجزاء الجنائي على كل من خالف نصوصه.

ثانيا: تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها

يقصد بتحريك الدعوى العمومية بصفة عامة بأنه طرحها على القضاء الجنائي للفصل في مدى حق الدولة في توقيع الجزاء على مخالفة أحكام قانون العقوبات ، فتحريك الدعوى العمومية يعد أول إجراء تقوم به النيابة العامة للمطالبة بتطبيق قانون العقوبات، إذ يعد تحريك للدعوى العمومية تكليف المتهم بواسطة النيابة العامة بالحضور أمام المحكمة في الجنح والمخالفات بناء على محضر جمع الاستدلالات، كذلك إحالة الدعوى لقاضي التحقيق بطلب افتتاحي، أيضا قيام النيابة ذاتها بالتحقيق. و هو إجراء يقوم به وفقا للمادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية إضافة للنيابة العامة رؤساء الجلسات في جرائم الجلسات و الموظفون المعهود لهم بذلك بمقتضى القانون و الطرف المدني.

أما مباشرة الدعوى العمومية فهي تشمل كافة الإجراءات التالية لتحريكها إلى غاية انقضائها، فهو يشمل إذن جميع الإجراءات التي من شأنها أن تضمن الاستمرار في الدعوى إلى غاية انقضائها بسبب من أسباب الانقضاء ، كتقديم الطلبات أمام قاضي التحقيق و قضاة الحكم، و الطعن في الأحكام ...و تحتكر النيابة العامة القيام بإجراءات مباشرة الدعوى العمومية لنص المشرع في المادة 29 على أنه " تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع و تطالب بتطبيق القانون ......" .

×    الأشخاص الذين يحق لهم تحريك الدعوى العمومية:

يقوم بتحريك الدعوى العمومية حسب نص المادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية كل من :

 - رجال القضاء و المقصود بهم قضاة النيابة العامة بالإضافة إلى رؤساء الجلسات في الجرائم المرتكبة داخل الجلسات.

- الموظفون المعهود إليهم به بمقتضى القانون كما هو الحال في الجرائم الجمركية و الضريبية وفقا لنصوص خاصة .

- الطرف المضرور من الجريمة تحريك الدعوى العمومية وفقا لأحكام المادتين 72 و 337 مكرر ق إج.

ثالثا - طرق تحريك الدعوى العمومية :

يجوز لكل من النيابة العامة و المدعي المدني و هو الشخص المضرور من الجريمة تحريك الدعوى العمومية بموجب عدة طرق حددها المشرع .

 أ- تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة : يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية بموجب

أحد الإجراءات الثلاثة الآتي ذكرها :

1- بموجب طلب افتتاحي أمام قاضي التحقيق حسب المادة 67 من ق.ا.ج و يجوز ذلك في مواد الجنايات و الجنح و المخالفات طبقا للمادة 66 من نفس القانون .

2- أو تحريكها أمام قضاة الحكم مباشرة بموجب إجراءات الاستدعاء المباشر و لا يجوز إلا في المخالفات و الجنح وفقا للمادة 334 و ما يليها من ق إ ج .

3-  أو بواسطة إجراءات التلبس برفعها إلى قضاة الحكم مباشرة حسب المادتين 59 و 338 من ق إ ج، ولا يكون ذلك إلا في مواد الجنح .

ب - تحريك الدعوى العمومية من طرف المدعي المدني : يجوز للمدعي المدني تحريك الدعوى العمومية

بموجب أحد إجراءين :

1- بموجب شكوى مع ادعاء مدني أمام قاضي التحقيق طبقا للمواد 72 و ما يليها من قانون الإجراءات الجزائية و يجوز ذلك في مواد الجنح و الجنايات فقط . مع اشتراط احترام الشروط الشكلية التي تقررها المواد 75 و 76 من نفس القانون سيما منها تسديد مبلغ الكفالة التي يحددها قاضي التحقيق في حال عدم الحصول من المساعدة القضائية .

 2- بموجب إجراءات التكليف المباشر طبقا للمادة 337 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية، و يجوز ذلك في مواد الجنح فقط في جرائم ترك الأسرة و عدم تسليم طفل و انتهاك حرمة منزل و القذف و إصدار صك

بدون رصيد، أما في الحالات الأخرى فينبغي الحصول على ورخيص النيابة العامة .مع اشتراط تسديد مبلغ الكفالة التي تحددها النيابة العامة .

رابعا :القيود الواردة على حق النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية :نص المشرع على قيود و شكليات معينة ترد على حرية النيابة العامة في استعمال حقها في تحريك الدعوى العمومية حسب نوع الجريمة و حسب صفة المتهم أو وضعيته السياسية أو النيابية . هذه القيود هي الشكوى و الطلب و الإذن .

أ - الشكوى : هي البلاغ الذي تقدمه الضحية إلى السلطات المختصة كالشرطة القضائية أو النيابة العامة تطلب فيه تحريك الدعوى العمومية و تتأسس طرفا مدنيا فيها . و ذلك في الجرائم التي يقيد فيها القانون حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية على تقديم الشكوى من طرف المتضرر .على أساس أن هذا النوع من الجرائم يمس شخصيا المجني عليه أكثر مما يمس المجتمع .

مثال1 : إجراءات المتابعة في حالة الزنا ( المادة 339 ق. ع ) .فإذا صفح الزوج المضرور حتى بعد تقديم الشكوى فإن صفحه يضع حدا  للمتابعة .

مثال2 : في السرقات بين الأقارب و الحواشي و الأصهار لغاية الدرجة الرابعة لا تجوز المتابعة إلا بناءا على شكوى المضرور و التنازل على الشكوى يضع حدا للمتابعة في هذه الجرائم ( المادة 369 ق.ع ) .

- هذا و يمكن تقديم الشكوى شفاهة أو كتابة، و لا يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى قبل تقديم الشكوى و إن فعلت فكل الإجراءات السابقة لتقديم الشكوى تعتبر باطلة، كما أن تقديم الشكوى بعد البدء في هذه الإجراءات لا يصححها لأن البطلان الذي يلحقها هنا هو بطلان مطلق .

- و التنازل عن الشكوى يضع حدا للمتابعة الجزائية و يترتب عنه انقضاء الدعوى العمومية، ولا يصح التنازل إلا من صاحب الحق في الشكوى، فحق المضرور في تقديم الشكوى حق شخصي إن لم يستعمله هو ليس لأحد من       ورثته استعماله،وإن استعمله لا يجوز لورثته من بعده التنازل عنه، لأن   الدعوى العمومية تصبح ملك للمجتمع ممثلا بالنيابة العامة . و لا يجوز الرجوع في التنازل حتى لو صدر قبل تحريك الدعوى العمومية كما لم يشترط المشرع في التنازل شكلا معينا .

ب- الطلب : هو ما يصدر عن إحدى الهيئات العمومية التابعة للدولة سواء بوصفها ضحية في جريمة أضرت بمصلحتها أو بصفتها ممثلة لمصلحة أخرى أصابها اعتداء ، و مثاله ما ورد في المادة 164 من قانون العقوبات بوجوب تقديم شكوى من وزير الدفاع من أجل تحريك الدعوى العمومية في الجرائم المتعلقة بتموين الجيش الوطني الشعبي . و يشترط تقديم الطلب كتابة، و إذا صدر التنازل عنه بعد تقديمه فانه يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية و يشترط في التنازل أن يكون مكتوبا أيضا .

هذا و لا يسقط الحق في تقديم الطلب بوفاة الموظف الذي له سلطة تقديمه، لأن هذا الإجراء يتعلق بوظيفته لا بشخصه، على عكس الشكوى التي تتعلق بشخص الشاكي .

ج- الاذن : هناك أحوال معينة لا يمكن فيها تحريك الدعوى العمومية ضد موظفين معينين أو موظفين ينتمون إلى هيئات معينة إلا بناء على إذن خاص من الجهة التي يتبعونها، و هذا بقصد حماية هؤلاء الموظفين و إحاطتهم بحصانة خاصة تمكنهم من أداء عملهم في راحة و اطمئنان دون خوف من الدعاوى الكيدية التي قد ترفع ضدهم . و يكون ذلك في حالة الحصانة النيابية و الدبلوماسية و القضائية :

1- الحصانة النيابية ( البرلمانية) : نصت المادة 109 من الدستور على أن الحصانة البرلمانية معترف بها لنواب المجلس الشعبي الوطني و أعضاء مجلس الأمة مدة نيابتهم و مهمتهم البرلمانية، فلا يجوز متابعة أعضاء البرلمان و إيقافهم و القبض عليهم بسبب جريمة ارتكبوها أو إقامة دعوى مدنية عليهم بسبب أعمالهم النيابية إلا بعد أخذ الإذن من المجلس و رفع الحصانة البرلمانية بأغلبية الأعضاء .إلا أنه يمكن متابعتهم دون إذن في حالات ثلاثة حددتها المادة 110 من الدستور في حالة ارتكابهم جرائم موصوفة مخالفات، و في حال تنازلهم عن الحصانة البرلمانية و في حالة الجرائم المتلبس بها .

2- الحصانة الدبلوماسية: تمنح الاتفاقات و الأعراف الدولية الحصانة الدبلوماسية للموظفين الدبلوماسيين التابعين للدول الأجنبية المعتمدين في البلد المضيف فلا يمكن متابعة هؤلاء أمام المحاكم الجزائية إلا بناء على إذن مسبق .

3 - الحصانة القضائية : ينص القانون على أن أعضاء الحكومة و القضاة و الولاة و ضباط الشرطة القضائية يتمتعون بامتيازات وظيفية تحميهم حال ممارسة وظائفهم من المتابعة الجزائية إلا وفقا لإجراءات خاصة حددها القانون (المواد 573 و ما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية ) ، تسمى الحصانة القضائية لما لها من ارتباط بالقضاء سواء من حيث إجراءات المتابعة أو الترخيص و الإذن بها و ذلك حسب كل فئة.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق