الأربعاء، 15 نوفمبر 2023

مقابل الوفاء

 مقابل الوفاء


يعتبر مقابل الوفاء ضمانه من الضمانات التي يقدمها الساحب إلى الحامل القانوني للورقة التجارية  ومن المعروف أن الورقة التجارية لا تسحب الا بعد وجود علاقة مديونية بين الساحب والحامل للورقة الجارية لذلك يمكن تعريف مقابل الوفاء  بأنه الدين النقدي الذي يكون للساحب على المسحوب عليه  بحيث يمكن لهذا الأخير أن يأخذ منه ما يفي قيمة الحوالة التجارية في ميعاد استحقاقها  وان مقابل الوفاء قد يكون موجودا قبل إنشاء الورقة التجارية أو بعد إنشائها.

أولا – مفهوم مقابل الوفاء.

يتمثل مقابل الوفاء في دين نقدي للساحب في ذمة المسحوب عليه، مستحق الأداء في ميعاد استحقاق السفتجة ، فإذا باع الساحب بضاعة للمسحوب عليه، فإن ثمن البيع هو مقابل وفاء السفتجة  التي حررها الساحب على المسحوب عليه، وإذا أقرض الساحب المسحوب عليه، فان مبلغ القرض يكون مقابل وفاء السفتجة  التي ينشئها ، وقد سعى المشرع لحماية ورعاية الحامل، فجعل مقابل الوفاء ملكا له، وسهل عليه إثبات وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه، إذ اعتبر القبول قرنية قاطعة على وجوده لدى المسحوب عليه

ثانيا – شروط مقابل الوفاء.

يجب أن تتوفر في مقابل الوفاء شروط حتى يصح أن يكون مقابلا للوفاء بقيمة السفتجة  وقد تضمنت هذه الشروط المادة 2/395 (ق.ت.ج) بقولها: " يكون مقابل الوفاء موجودا عند استحقاق دفع السفتجة  إذا كان المسحوب عليه مدينا للساحب أو لمن سحبت لحسابه بمبلغ يساوي على الأقل مبلغ السفتجة  "، من خلال ذلك يمكن إجمال هذه الشروط كما يلي: 

1-وجوب وجود الدين في تاريخ الاستحقاق.

حيث أنه من الضروري أن يكون دين الساحب موجودا لدى المسحوب عليه في تاريخ الاستحقاق، ولا  أهمية في ذلك لطبيعة دين الساحب قبل المسحوب عليه أو مصدره، فلو كان الساحب دائنا للمسحوب عليه، وقت إنشاء السفتجة، ثم زال الدين قبل الاستحقاق، اعتبر مقابل الوفاء غير موجود.

إن الهدف من هذا الشرط هو تمكين المسحوب عليه من الوفاء بقيمة السفتجة  في تاريخ استحقاقها، وعليه فلا أهمية لعدم وجود مقابل الوفاء وقت إنشاء السفتجة ، وإنما العبرة بوجوده في تاريخ الاستحقاق .

2- أن يكون محل الدين مبلغا من النقود.

بمعنى أنه يجب أن يكون محل دين الساحب للمسحوب عليه مبلغا نقديا، ولا يجوز أن يكون محل الدين شيئا آخر غير النقود، وهذا الشرط هو نتيجة حتمية لكون السفتجة لا تمثل إلا دينا بمبلغ من النقود، دون الاعتداد بمصدر الدين، ومع ذلك قد نجد أحيانا أن مقابل الوفاء قد ينشأ عن بضاعة باعها الساحب للمسحوب عليه، فيكون مصدر مقابل الوفاء في هذه الحالة هو البضاعة، بينما مقابل الوفاء ذاته هو الثمن النقدي لهذه البضاعة. 

3- يجب أن يكون الدين مستحق الأداء في ميعاد استحقاق السفتجة

لا يكفي لوجود مقابل الوفاء أن يكون الدين موجودا في ذمة المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق، بل يجب أيضا أن يكون مستحق الأداء في هذا الميعاد، فإذا كان دين المسحوب عليه مستحق الأداء، يعد ميعاد استحقاق السفتجة،كان للحامل أن يعتبر هذا المقابل غير موجود. 

4- يجب أن يكون الدين مساويا على الأقل لمبلغ السفتجة.

يشترط في مقابل الوفاء أن يكون كافيا لسداد قيمة السفتجة، وعليه فلا يلتزم المسحوب عليه في الوفاء، إذا كان مقابل الوفاء أقل من قيمة السفتجة، وبالتالي اعتبر مقابل الوفاء غير موجود، لكن للمسحوب عليه أن يقبل السفتجة جزئيا، وأن يلجأ بعد ذلك إلى وفائها وفاء جزئيا، في حدود مقابل الوفاء الجزئي المتوفر لديه، وليس للحامل أن يرفض ذلك، ولكن يحق له الرجوع على الضامنين الآخرين ومطالبتهم بالمبلغ الباقي.

ثالثا - إثبات وجود مقابل الوفاء

1- القاعدة العامة : أن عبء الإثبات يقع على عاتق من يدعي وجود مقابل الوفاء:

مما لا شك فيه أن مقابل الوفاء يقوم بدور هام في العلاقة بين الساحب ىوالمسحوب عليه والحامل، حيث يكون لأطراف السفتجة  مصلحة في إثبات مقابل الوفاء.

فقد يكون من مصلحة الساحب إثبات وجود مقابل الوفاء في مواجهة المسحوب عليه، وذلك عندما يمتنع هذا الأخير عن قبول السفتجة  أو دفع قيمتها،حيث يضطر الساحب إلى الوفاء للحامل ثم يرجع على المسحوب عليه لمطالبته بالدين مع التعويض إن كان هناك ضرر بسبب الإساءة إلى سمعته وائتمانه التجاري، لأنه على الساحب وحده أن يثبت في حالة إنكار المسحوب عليه وجود مقابل الوفاء - سواء حصل قبول للسفتجة  أم لم يحصل - أن المسحوب عليه كان لديه مقابل الوفاء في ميعاد الاستحقاق لكي تبرأ ذمته.

وقد يدفع المسحوب عليه قيمة السفتجة  ثم يرجع على الساحب مدعياً أنه أوفى قيمة السفتجة  على المكشوف بدون أن يحصل على مقابل الوفاء، فلا سبيل أمام الساحب إلا إثبات أنه أعطى مقابل الوفاء للمسحوب عليه.

وقد يكون من مصلحة المسحوب عليه إثبات عدم وجود مقابل الوفاء في مواجهة الساحب لكي يبرر امتناعه عن قبول السفتجة  أو عدم الوفاء بها. 

وقد يكون من مصلحة الساحب إثبات وجود مقابل حينما يمتنع المسحوب عليه عن الوفاء وإنكاره وجوده مقابل الوفاء، وأراد الحامل الرجوع على الساحب رغم إهماله مراعاة مواعيد وإجراءات قانون الصرف، فالساحب لا يستطيع التمسك بسقوط حق الحامل المهمل إلا إذا أثبت أنه قدم مقابل الوفاء. 

وقد يكون للحامل مصلحة في إثبات وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه حينما يمتنع الأخير عن قبول أو وفاء السفتجة ، فلا يكون أمام الحامل دعوى قبل المسحوب عليه إلا إذا أثبت وجود مقابل الوفاء عنده في ميعاد استحقاق السفتجة ، حيث يعتبر المسحوب عليه حاجزاً لشيء يملكه الحامل، لأن هذا الأخير يملك مقابل الوفاء

2-  القرينة على وجود مقابل الوفاء :

لاحظ المشرع أن المسحوب عليه لا يقبل السفتجة  عادة إلا إذا كان قد حصل على مقابل الوفاء، لذلك أقام قرينة قانونية بموجب المادة 395/4 ق. ت  حيث تنص على ان " إن القبول قرينة على وجود مقابل الوفاء.وهذا القبول حجة على ثبوت مقابل الوفاءبالنسبة للمظهرين" ،غير أن قوة هذه القرينة تختلف فيما إذا

كانت العلاقة بين الساحب والمسحوب عليه او بين المسحوب عليه والحامل أو بين الساحب والحامل.

أ – العلاقة بين الساحب والمسحوب عليه :

تكون لهذه القرينة قيمتها في هذه العلاقة، حيث يعتبر قبول المسحوب عليه للسفتجة  قرينة على وجود مقابل الوفاء لديه، وأنه تلقاه من الساحب، غير أن هذه القرينة بسيطة ويجوز إثبات عكسها، وعلى ذلك فإنه يجوز للمسحوب عليه رغم قبوله السفتجة  إثبات عدم وجود مقابل الوفاء لديه وأنه وفى بقيمة السفتجة  على المكشوف، أو أن مقابل الوفاء كان لديه ولكن الساحب قام باسترداده قبل حلول ميعاد الاستحقاق. أي أن هذه القرينة في علاقة الساحب والمسحوب عليه تنقل عبء الإثبات من الساحب إلى المسحوب عليه. لأنه لولا وجود هذه القرينة لكان يتعين على الساحب القيام بإثبات وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه.

ب- العلاقة بين المسحوب عليه والحامل :

يعتبر قبول المسحوب عليه السفتجة  قرينة على تلقيه مقابل الوفاء وهذه القرينة مطلقة في علاقة المسحوب عليه بالحامل ، فلا يستطيع المسحوب عليه إثبات عكسها، فهذه القرينة لا تقبل إثبات العكس بمعنى أن المسحوب عليه لا يستطيع أن يثبت أنه لم يتلقى مقابل الوفاء رغم قبوله السفتجة ، وليس أمام المسحوب عليه إلا أن يدفع قيمة السفتجة  لأنه بالقبول أصبح المدين الأصلي بالسفتجة  ثم شأنه بعد ذلك وشأن الساحب حيث يستطيع الرجوع عليه.

وحتى إذا تضمنت السفتجة  شرط يفيد قبولها على المكشوف من قبل المسحوب عليه فإن هذه القرينة تظل قاطعة أيضاً في مواجهة الحامل، فهذا الشرط ينتج أثره في مواجهة الساحب فقط دون الحامل  وإذا قبل المسحوب عليه السفتجة  جزئياً، فإن قرينة وجود مقابل الوفاء تكون في حدود المبلغ الذي حدده المسحوب عليه القابل، ويقع على عاتق الحامل إثبات وجود المبلغ المتبقي الذي لم يشمله القبول.

ج- العلاقة بين الساحب والحامل :

لا يستطيع الساحب ان يستفيد من قرينة قبول المسحوب عليه كدليل على وجود الوفاء، فلا محل لأعمال هذه القرينة في العلاقة بين الساحب والحامل أو بين الساحب والمظهرين، فقبول المسحوب عليه للسفتجة  لا ينفي عبء إثبات وجود مقابل الوفاء من على عاتق الساحب في علاقته بالحامل، فإذا أقام الحامل دعوى الرجوع على الساحب وأراد الأخير أن يتمسك بسقوط حق الحامل لإهماله نتيجة الرجوع عليه في غير المواعيد القانونية أو رغم عدم اتخاذ إجراءات قانون الصرف، فإنه يجب على الساحب أني ثبت أنه قدم مقابل الوفاء للمسحوب عليه، وهذا ما نصت عليه المادة 395/5 ق. ت  حيث قالت أن "وعلى الساحب وحده سواء حصل القبول  أو لم يحصل أن يثبت في حالة الإنكار أن المسحوب عليه كان لديه مقابل الوفاء في ميعاد الاستحقاق، وإلا لزمه ضمانها، للوفاء ولو قدم الاحتجاج بعد المواعيد المحددة .

رابعا – الآثار المترتبة على تملك الحامل لمقابل الوفاء.

أقر المشرع في القانون التجاري بحق الحامل في تملك مقابل الوفاء، فقد نصت  المادة 395/3 على أن " تنتقل ملكية مقابل الوفاء بحكم القانون إلى حملة الكمبيالة المتعاقبين".، و تترتب على تملك الحامل لمقابل الوفاء الآثار القانونية التالية:

1- الإفلاس :

أ- في حالة إفلاس الساحب: 

ليس لوكيل التفليسة أن سترد من المسحوب عليه مقابل الوفاء ليضمه إلى التفليسة، إذ يبقى للحامل حق الأولوية في استيفاء دينه، من مقابل الوفاء الموجود لدى المسحوب عليه، وإذا سقط أجل إستحقاق السفتجة  ولو لم يحل أجل استحقاقها بعد، فإنه بحسب المادة 246 (ق.ت.ج)، يتحقق حق الحامل على مقابل الوفاء. ب- في حالة إفلاس المسحوب عليه:

- يدخل مقابل الوفاء في موجودات التفليسة، فإذا قبل السفتجة قبل إفلاسه، فهنا للحامل حق الأولوية على غيره.

- ليس لدائني الساحب أو لدائني أحد مظهري السفتجة، الحق في أن يوقعوا على مقابل الوفاء؛ حجز ما للمدين لدى الغير بين يدي المسحوب عليه، وذلك أن مدينهم لم يعد له حق التصرف في المقابل .

- ليس على الحامل أن يخطر المسحوب عليه بأي إخطار، يمنعه من التصرف في مقابل الوفاء، متى كان قد قبل السفتجة ، أما إذا لم يكن المسحوب عليه قد قبلها، فيكفي أن يخطر الحامل؛ على أن مقابل الوفاء قد أصبح من حقه ليمتنع عن التصرف فيه.

- ليس للساحب أن يمنع المسحوب عليه من أن يدفع للحامل مقابل الوفاء، وإذا أخطره بعدم قبول السفتجة  فلا يكون لإخطاره أي أثر قانوني يمنع المسحوب عليه من الوفاء .

2- التزاحم على مقابل الوفاء :

في حالة ما إذا سحبت عدة سفتجات على مقابل وفاء واحد لا يكفي لسداد قيمتها، تتبع القواعد التالية :

أ- إذا كانت كل السفاتج مستحقة في نفس التاريخ، ولم يتأكد حق مقابل الوفاء لأحد هؤلاء الحملة، تعطى الأفضلية للسفتجة التي يكون تاريخ إنشائها هو الأسبق.

ب- إذا لم يكن قد قبل أيا منها، فإن الأفضلية تكون للسفتجة التي حصل حاملها على تخصيص، مقابل الوفاء لصالحه.

ج- إذا لم يكن لإحداها تخصيص على مقابل الوفاء، فإن الأفضلية تكون للسفتجة الأسبق في تاريخ سحبها .

د-  إذا تساوت في تاريخ السحب الأفضلية للسفتجة الخالية من شرط عدم القبول، فتتقدم على السفتجات التي تحمل هذا الشرط.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة..

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق