الأربعاء، 15 نوفمبر 2023

تأسيس شركة المساهمة باللجوء إلى الإدخار العلني

 تأسيس شركة المساهمة باللجوء إلى الإدخار العلني 


ما يميز شركات الأموال أنها تقوم على الاعتبار المالي و لا يكون فيها اثر لشخصية الشريك، فالعبرة هو فيما يقدمه كل شريك من مال ، لذا لا تتأثر الشركة بما قد يحصل للشريك من وفاة و إفلاس أو غيرها ، ومن أشكالها شركات المساهمة التي تعتبر أهم نموذج لشركات الأموال . 

أولا - تعريف شركة المساهمة: 

نقصد بشركة المساهمة تلك التي ينقسم رأس المال فيها إلى أسهم متساوية القيمة و قابلة للتداول بالطرق التجارية، و قد تناولت المادة من نظام الشركات التعريف بشركة المساهمة ونصها: " شركة المساهمة هي الشركة التي ينقسم رأسمالها إلى حصص, وتتكون من شركاء لا يتحملون الخسائر إلا بقدر حصتهم.

و لا  يمكن أن يقل عدد الشركاء عن سبعة(07).

ولا يطبق الشرط المذكور في المقطع 2 أعلاه على الشركات ذات رؤوس أموال عمومية."
ثانيا - تأسيس شركة المساهمة باللجوء إلى الإدخار العلني :

إن إنشاء شركة المساهمة لم يترك لإرادة المتعاقدين الحرة ، بل يكون بفرض إجراءات صارمة يجب احترامها حتى تولد هاته الشركة ، و تتأسس شركات المساهمة وفق طريقتين الأولى عن طريق التأسيس المباشر ، و الثانية  باللجوء العلني للإدخار أو ما أطلق عليه سابقا بالتأسيس المتتابع. و هو ما سنفرد له هذه البطاقة التقنية لدراسته.

1- المقصود باللجوء العلني للإدخار:

ينقسم رأسمال شركة المساهمة إلى أسهم متساوية القيمة، وبمجموع هذه الأسهم يتكون الرأسمال، لذلك لا بد من شراء تلك الأسهم من قبل المؤسسين أو من أشخاص يرغبون أن يصبحوا بشرائهم للأسهم شركاء في الشركة التي تأسست حديثا، ويطلق على عملية جمع رأس المال عن طريق بيع أسهم الشركة مصطلح الاكتتاب ،وبمعنى آخر طرح أسهم الشركة للإكتتاب العام عن طريق اللجوء إلى الجمهور قصد الحصول على الأموال .

2- إجراءات التأسيس باللجوء العلني للادخار:

تختلف إجراءات تأسيس شركة المساهمة حسب ما إذا كان التأسيس باللجوء العلني للإدخار أو بدونه،ففي حالة التأسيس باللجوء العلني للادخار ،نص القانون على إجراءات معينة يجب القيام بها على عدة مراحل من قبل المؤسسين بعد دراستهم لمشروع الشركة، ابتداء بمشروع عقد الشركة ، تليها مرحلة الإكتتاب في رأس المال،و قد خصص المشرع الجزائري أحكام المواد من 595 إلى 604 من القانون التجاري لما يسمى "التأسيس باللجوء العلني للادخار" .

أ - تعريف المؤسسين:هم الأشخاص الذين يبادرون إلى تحقيق فكرة إنشاء الشركة والسعي لإنجاز الإجراءات الخاصة بذلك فهم الذين يتفقون فيما بينهم على التأسيس، وهذا الاتفاق هو العقد الذي يعتبر الأساس في إنشاء الشركة لذا يسمى بعقد التأسيس أو العقد الابتدائي أما أطرافه فهم المؤسسون، هذه هي الفكرة التقليدية عن المؤسسين ويمكن تعريفهم بأنهم الأشخاص الذين يبرمون عقدا فيما بينهم لتأسيس شركة، وبالتالي يوقعون على هذا العقد ويتولون انجاز الإجراءات التي يتطلبها القانون ولا يشترط في المؤسس أن يكون شخصا طبيعيا فمن الجائز أن يكون جميع المؤسسين أو بعضهم من الأشخاص المعنوية .

ب - عدد المؤسسين:اشترط المشرع الجزائري لإنشاء شركة المساهمة حد أدنى لعدد الشركاء الذين يقومون بتأسيس الشركة الذي لا يقل عن سبعة ،واشتراط مثل هذا العدد عند التأسيس يؤكد على جدية التأسيس من طرف هؤلاء الشركاء الذين يرغبون في إنشاء هذا الشكل من الشركات فضلا من تقوية الضمان العام .

ج- الشروط الواجب توافرها في المؤسس: لم يتطرق المشرع الجزائري للشروط التي يجب أن تتوافر لدى الشخص المؤسس ومن ثم يجب الرجوع إلى القواعد العامة وما تتطلبه للقيام بالعمل التجاري ونعني بذلك أن تتوفر أهلية الاتجار في المؤسس لأنه سيتحمل التزامات من جزاء بعض التصرفات التي تقوم أثناء فترة  تأسيس الشركة مما يترتب عليه المسؤولية بنوعيها المدنية والجزائية خاصة عند فشل مشروع المؤسسة.

د- مراحل التأسيس:

1- وضع مشروع النظام الأساسي للشركة : -يسعى المؤسسون إلى تحرير عقد ابتدائي قبل أية عملية اكتتاب في رأس المال، يبينون فيه النظام الأساسي الذي تسير بمقتضاه الشركة منذ نشأتها إلى غاية انقضائها ، والمشرع الجزائري لم يحدد أي نموذج في هذا الشأن، ولا البيانات الواجب إدراجها في هذا المحرر، غير انه أقر بوجوب إفراغ مشروع القانون الأساسي لشركة المساهمة في محرر رسمي لدى موثق بطلب من مؤسس أو أكثر وتودع نسخة منه في المركز الوطني للسجل التجاري.( م595 /1 ق تج)،وعلى اعتبار أن مشروع القانون الأساسي سيصبح في المستقبل هو ميثاق الشركة، فإنه عادة ما يشتمل على البيانات التالية: تأسيس الشركة و بيان اسمها - بيان غرض الشركة-أسماء المؤسسين الذين لا يقل عددهم عن سبعة مؤسسين، مدة بقاء الشركة- مقدار رأسمالها - إدارة الشركة و رقابتها و سلطة المديرين و عدد الأسهم التي يمتلكها عضو الإدارة و صلاحياته و حدوده - القواعد الخاصة بالجمعية العامة و حقوق المساهمين في التصويت و كيفية المداولة - جرد أموال الشركة و الحساب الختامي ، و المال الاحتياط و كيفية توزيع الأرباح و الخسائر و القواعد التي تحكم انقضاء الشركة- حل الشركة و تصفيتها، وقسمة أموالها .

2- الاكتتاب في رأس المال:بعد إيداع مشروع القانون الأساسي بالمركز الوطني للسجل التجاري، تبدأ مرحلة

الاكتتاب في الأسهم. ولما كان هذا الاكتتاب أحد أهم مراحل التأسيس، فوجب تسليط الضوء عليه من خلال التطرق إلى تعريفه، كيفيته، إثباته، وشروطه وهو ما سنوضحه في النقاط التالية:

  • تعريف الاكتتاب: تعددت التعاريف الفقهية للاكتتاب، فهناك من عرفه بأنه: "ضرب من  ضروب التصرف بإرادة منفردة، يترتب عليه إعلان شخص عن إرادته في الانضمام إلى شركة مساهمة بوصفه شريكا بتقديم قيمة السهم، ويعطى مقابل ذلك صكا قابل للتداول وهو السهم يكتسب به صفة الشريك بعد إتمام إجراءات التأسيس." 

وهناك من عرفه بأنه: "عمل قانوني يلتزم بمقتضاه شخص يسمى المكتتب بشراء سهم أو أكثر من أسهم شركة المساهمة، ويدفع قيمته الاسمية في المواعيد المحددة بعقدها ونظامها الأساسي، ليصبح مساهما فيها بعد إكمال إجراءات تأسيسها." 

  • كيفية الاكتتاب: تطرق المشرع الجزائري إلى كيفية الاكتتاب في المواد595  إلى 599 من القانون التجاري، وباستقرائنا لنصوص هذه المواد يتبين أن إجراءات الاكتتاب تتمثل فيما يلي:

- ضرورة تحرير مشروع القانون الأساسي في ورقة رسمية ) من طرف الموثق (، وهذا بطلب من مؤسس أو أكثر، وكذا إيداع عقد تأسيس الشركة لدى المركز الوطني للسجل التجاري.

- إلزام المؤسس بنشر إعلان الاكتتاب تحت مسؤوليته، على أن يتضمن هذا الإعلان مجموعة من البيانات تتمثل في: تسمية الشركة، مبلغ رأسمال الشركة الذي يكتتب به، عنوان مقر الشركة، موضوع الشركة، مدة الشركة، تاريخ إيداع مشروع القانون الأساسي للشركة، عدد الأسهم التي تكتب نقدا والمبلغ المستحق الدفع حينا الذي يتضمن الدفع علاوة الإصدار، القيمة الاسمية للأسهم التي ستصدر مع التميز بين كل أصناف الأسهم.

ومسؤولية المؤسس تنشأ بمجرد توقيعه عن الإعلان، فيأخذ على عاتقه ما ذكر فيه، إذا ما كان كاذبا وغير صحيح. 

وفي حالة ما إذا لم يتم احترام هذه الإجراءات السالفة الذكر، فإن المشرع أقر بعدم قبول أي اكتتاب.

  • إثبات الاكتتاب: بعد إتمام إجراءات النشر، يلجأ المؤسسون إلى طرح الأسهم للاكتتاب  بموجب محرر يسمي بطاقة الاكتتاب( م597 ق تج)، وهذه البطاقة يتم بها إثبات الاكتتاب بالأسهم النقدية التي تم الاكتتاب بها ، وتكون معدة حسب شروط محددة ومشتملة على مجموعة من البيانات أقرها المشرع الجزائري وهي كما يلي: تسمية الشركة متبوعة برمزها إن اقتضى الأمر، شكل الشركة، مبلغ رأسمالها، عنوان مقر الشركة، موضوع الشركة باختصار، تاريخ إيداع المشروع القانون الأساسي للشركة ومكانه، كيفية إصدار الأسهم المكتتبة نقدًا، النسبة المتمثلة في الحصص العينية، لقب المكتتب واسمه المستعمل وموطنه وعدد السندات التي اكتتبها، الإشعار بتسليم نسخة من بطاقة الاكتتاب إلى المكتتب، تاريخ نشر الإعلان المنصوص عليه في المادة 02في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية. 

  • شروط صحة الاكتتاب: يشترط لصحة الاكتتاب في رأسمال شركة المساهمة عدة شروط وهي كالآتي:

- حصول الاكتتاب في كامل رأس المال: وهذا ما نصت عليه المادة  596 من القانون التجاري بقولها: '' يجب أن يكتتب رأس المال بكامله ''، والاكتتاب في كامل رأس المال لا يعني وجوب الوفاء به كاملا، فقد اشترط المشرع الجزائري في تأسيس شركة المساهمة الوفاء بربع قيمة الأسهم النقدية على أن يتم الوفاء بالباقي لاحقا، في حين يتم الوفاء بالأسهم العينية كاملة عند التأسيس.

- يجب أن يكون الاكتتاب باتا وناجزا: وبذلك لا يجوز الرجوع فيه، ولا يجوز تعليقه على شرط و الا كان الشرط باطلا والاكتتاب صحيح  ، فلا يصح مثلا، أن يشترط المكتتب عند توقيعه على نشرة الاكتتاب تحديد قدر تحمله للخسارة، أو تعيينه في وظيفة للشركة. 

- يجب أن يكون الاكتتاب جديا: فإن وقع اكتتاب دوري في جزء من رأس المال فإنه يكون  باطلا، لأن الاكتتاب لم يقع في كامل رأس المال، والحكمة من ذلك أن رأس المال في شركات المساهمة هو الضمان العام للدائنين . 

- أن لا يقل عدد المكتتبين على سبعة: وهذا ما نصت عليه المادة  02/ 592 من القانون التجاري ،غير أنه إذا قل عدد الشركاء عن 07 أثناء حياتها، فإنه يجوز للمحكمة أن تتخذ قرار حل الشركة بناء على طلب كل معني، و إذا كان عدد المساهمين قد خفض إلى اقل من الحد الأدنى القانوني منذ أكثر من عام، فإنه يجوز للمحكمة أن تمنح للشركة اجل أقصاه ستة أشهر لتسوية الوضع.

- أن لا يقل رأسمال شركة المساهمة عن خمسة ملايين دج: المادة 594/01 من القانون التجاري.

3- الوفاء بمبالغ الاكتتابات و إيداعها:نصت المادة 596 ق تج على أنه '' يجب أن يكتتب رأس المال بكامله،وتكون الأسهم المالية مدفوعة عند الاكتتاب بنسبة الربع على الأقل من قيمتها الاسمية.''وفيما يخص إيداع هذه الأموال فقد بينت المادة 598 من نفس القانون أنها تودع لدى موثق أو لدى مؤسسة مالية مؤهلة قانونا وجاء المرسوم التنفيذي95/438 () موضحا لكيفية هذا الإيداع من خلال المادة 05 منه والتي نصت على أنه: '' يتولى إيداع الأموال الناتجة عن الاكتتاب نقدا لحساب الشركة الأشخاص الذين تسلموا هذه الأموال، مع القائمة المتضمنة اللقب والاسم المستعمل وموطن المكتتبين مع ذكر المبالغ التي دفعها كل واحد منهم، ويكون هذا الإيداع، إما عند موثق، أو في بنك أو لدى مؤسسة مالية أخرى مؤهلة قانونا حسب البيانات المذكورة في الإعلان، ويتم هذا الإيداع في أجل 08 أيام ابتداء من تاريخ تسلم الأموال إلا إذا تسلمتها بنوك أو مؤسسة مالية أخرى مؤهلة قانونا، ويتعين على المودعة لديه الأموال أن يبلغ حتى سحبها القائمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى السابقة، إلى مكتتب يبرر اكتتابه ويمكن للطالب الاطلاع عليها والحصول على نسخة منها في حسابه.

أما فيما يخص الأسهم العينية، فالمشرع نص على إلزامية الوفاء بقيمتها كاملة عند تأسيس الشركة.

4- الجمعية العامة التأسيسية: متى تم الاكتتاب في رأسمال الشركة بالكامل تأتي بعد ذلك مرحلة جديدة ألا وهي دعوة الجمعية العامة التأسيسية للانعقاد(م 600 ق تج)، وهي جمعية تضم كافة المكتتبين في الأسهم التي تم طرحها، بالإضافة إلى المؤسسين، وهي تجتمع لمرة واحدة فقط في حياة الشركة بهدف المصادقة على ما تم من إجراءات التأسيس،وقد بينت م 600 فقرة 02 ق تج، الصلاحيات التي تعهد للجمعية التأسيسية، وتتمثل فيما يلي :

*تثبت أن رأس المال قد أكتتب فيه تماما، وأن مبلغ الأسهم مستحق الدفع.

*تبدي رأيها في المصادقة على القانون الأساسي الذي لا يقبل التعديل إلا بموافقة جميع المكتتبين .

*تعيين القائمين بالإدارة الأولين أو أعضاء مجلس المراقبة ومندوبي الحسابات .

وأضافت م 601فقرة 02من نفس القانون صلاحية أخرى تتمثل في: الفصل في تقدير الحصص العينية.

5- التسجيل والشهر:بعد إتمام إجراءات التأسيس السالفة الذكر، أقر المشرع الجزائري وجوب إيداع عقد الشركة لدى المركز الوطني للسجل التجاري ونشره ، ونص على عدم ثبوت الشخصية المعنوية للشركة، وعدم جواز مباشرة أعمالها إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري.(م 549 ق تج)

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق