الأربعاء، 15 نوفمبر 2023

الأركان الموضوعية الخاصة للشركة

 الأركان الموضوعية الخاصة للشركة


تنص المادة 416 من القانون المدني على أن  " الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر على المساهمة في نشاط مشترك بتقديم حصة من عمل أو مال أو نقد، بهدف اقتسام الربح الذي قد ينتج أو تحقيق اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي ذي منفعة مشتركة"، و بما أن الشركة عقد فيلزم أن يتوفر فيه ما يتوفر في سائر العقود من أركان موضوعية عامة، و الأركان العامة لعقد الشركة هي نفسها الأركان التي يجب أن تتوفر في أي عقد آخر وهي الرضا والمحل والسبب.

لا يكفي لقيام عقد الشركة توافر الأركان الموضوعية العامة فحسب، بل ينبغي أيضا توافر الأركان الموضوعية الخاصة كذلك، والّتي تميز عقد الشركة عن غيره من العقود. وتنحصر هذه الأركان حسب المادة 416 ق م في: تعدد الشركاء، تقديم الحصص، نية المشاركة، واقتسام الأرباح والخسائر.


  • الأركان الموضوعية العامة لعقد الشركة هي :

  • الركن العام الأول - الرضا: كما هو معروف فإنّ الرضا هو التعبير عن إرادة المتعاقدين المتمثلة في الإيجاب والقبول، ويجب أن ينصب هذا الرضا على شروط العقد جميعا أي على رأس مال الشركة وغرضها وكيفية إدارتها إلى غير ذلك مما يدخل من شروط ضمن العقد، ويشترط في الرضا أن يكون سليما صحيحا أي أن يأتي خاليا من العيوب التي تشوب الإرادة كالغلط و التدليس و الإكراه.

 ونظرا لأن عقد الشركة يعتبر من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فإنه لا يكفي وجود الرضا لإبرام عقد الشركة، بل لابد أن يكون هذا الرضا صادرا من ذي أهلية أي أن الشريك يجب أن يكون أهلا

للتصرف أي قد بلغ سن التمييز الكامل وهو 19 سنة كاملة طبقا لما نصت عليه المادة 40 قانون مدني جزائري. كما يجب أن يكون ممن لم يحجر عليه لعته أو سفه أو جنون، ويترتب على انعدام الرضا لسبب من الأسباب المذكورة عدم قيام الشركة.

  • الركن العام الثاني - المحل : هو موضوع الشركة الذي يتمثل في المشروع المالي الذي يسعى الشركاء إلى تحقيقه، ويجب أن يكون هذا المحل ممكنا ومشروعا، وغير مخالف للنظام العام والآداب العامة.

  • الركن العام الثالث - السبب : وهو الباعث الدافع على التعاقد، ويتمثل هذا الباعث في تحقيق غرض الشركة المتمثل في استغلال مشروع مالي معين، يكمن الاختلاف بين المحل والسبب كون محل الشركة أي موضوعها هو المشروع المالي ، أما السبب هو استغلال المشروع بغرض تحقيق الربح شريطة أن يكون مشروعا في جميع الأحوال.


  • الأركان الموضوعية الخاصة لعقد الشركة هي :


  • الركن الخاص الأول - تعدد الشركاء:  

الشركة مشروع يمكن أن يقوم به شخص بمفرده و يمكن أن يقوم به أكثر من شخص . و الشركة في ظل التشريع الجزائري حسب المادة 416 ق م عبارة عن عقد بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو عمل ، فلابد من وجود شخصين على الأقل في عقد الشركة أيا كان نوعها سواء كانت مدنية أو تجارية ، فلا تقوم الشخصية المعنوية للشركة إلا بتعدد الشركاء فيها. وقد كان المشرع الجزائري قبل 1996 لا يأخذ بمبدأ تجزئة الذمة المالية بحيث يقتطع الشخص جزء من ذمته ويخصصه لاستثمار مشروع معين في شكل شركة، بحيث لا يكون مسؤولا إلا بمقدار الأموال التي خصصها لاستثمار هذا المشروع .

إلا أن المشرع الجزائري تراجع عن هذا المبدأ بصدور الأمر رقم 96 -27 المؤرخ في 9 ديسمبر 1996 المعدل للقانون التجاري ، بأن أعطى للشركات ذات المسؤولية المحدودة(S.A.R.L) الحق في أن تقوم على شريك واحد(L’associé unique حيث نصت المادة ( 564 ) من القانون التجاري الجزائري على  ذلك ، وأصبح ممكنا أن تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد أو عدة أشخاص لا يتحملون الخسائر إلا في حدود ما قدموا من حصص، ونصت نفس المادة على أنه إذا كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة لا تضم إلا شخصًا واحدًا "كشريك وحيد" تسمى هذه الشركة "مؤسسة ذات الشخص الوحيد و ذات المسؤولية المحدودة"( Entreprise. Unipersonnelle. A .Responsabilité. Limitée) (EUARL)

إلا أنّ المشرع الجزائري قد قصر قيام شركة الرجل الواحد على الشركة ذات المسؤولية المحدودة وحدها دون الشركات الأخرى.

  • الركن الخاص الثاني -  تقديم الحصص :

الحصص هي جوهر الشركة و بدون تقديمها لا تستطيع الشركة أن تمارس عملها، الأمر الذي يجب معه على كل شريك أن يقدم حصته من مال أو عمل وقد أوجبت ذلك المادة 416 ق م  بنصها على " ... بتقديم حصة من عمل أو مال أو نقد ... " وبذلك تكون الحصص على ثلاثة أنواع :

أ- الحصص النقدية :

الأصل أن تكون حصص الشركاء مبالغ نقدية حتى يتكوّن من مجموعها رأس مال الشركة و على كل شريك أن يقدم حصته في الميعاد المتفق عليه و طبقا للشروط المتفق عليها و إذا لم يفعل وجب عليه التعويض حيث نصت المادة 421 ق م على أنه : " إذا كانت حصة الشريك مبلغا من النقود يقدمها للشركة ولم يقدم هذا المبلغ ففي هذه الحالة يلزمه التعويض".

ب- الحصص العينية :

ويجوز أن تكون الحصة مالا غير نقدي ، فقد يكون عقارا كقطعة أرض تقام عليها مشاريع الشركة أو منقولا كآلات أو سيارات أو مواد خام تستخدم في نشاط الشركة، أو منقولا معنويا كدين للشريك لدى الغير أو محل تجاري أو أحد عناصره كنموذج أو رسم صناعي أو شهادة اختراع ... الخ حيث نصت المادة 421  ق م على أنه : " إذا كانت حصة الشريك حق ملكية أو حق منفعة أو أي حق عيني آخر فإن أحكام البيع هي التي تسري فيما يخص ضمان الحصة إذا هلكت أو استحقت أو ظهر فيها عيب أو نقص أما إذا كانت الحصة مجرد انتفاع فإن أحكام الإيجار هي التي تسري في ذلك " .

وهكذا إذا كانت الحصة مقدمة على سبيل التمليك فيجب أن يسري عليها أحكام البيع، وتعتبر الحصة بمثابة بيع صادر من الشريك إلى الشركة باعتبارها شخصا معنويا، ويجب أن يتم استيفاء مختلف إجراءات البيع .

أما إذا كانت الحصة مقدمة على سبيل الانتفاع ، فيحتفظ الشريك بملكيته لها ولا يحق للشركة أن تتصرف فيها بالبيع، وإذا هلكت هذه الحصة فتكون على مسؤولية الشريك ويجب عليه أن يقدم حصة أخرى بدلا عن الحصة التي هلكت.

وقد يقدم الشريك حصته ديونا له في ذمة الغير، وقد فرض المشرع الجزائري الضمان على تسديد هذه الديون ودخولها ذمة الشركة على عاتق الشريك حتى تستطيع الشركة أن تباشر نشاطها.

ج- الحصة عمل :

في هذه الحالة تكون حصة الشريك عملا يقدمه للشركة فلا يساهم بحصة نقدية أو عينية، وقد أجاز القانون المدني الجزائري أن تكون الحصة عملا، حيث نصت المادة 423 ق م على أنه " إذا كانت حصة الشريك عملا يقدمه للشركة وجب عليه أن يقوم بالخدمات التي تعهد بها وأن يقدم حسابا عما يكون قد كسبه من وقت قيام الشركة بمزاولته العمل الذي قدم كحصة لها

غير أنه لا يكون ملزما بأن يقدم للشركة ما يكون قد حصل عليه من حق اختراع إلا إذا وجد اتفاق يقضي بخلاف ذلك.."

ويقصد بالعمل كحصة للشريك في الشركة ذلك المجهود الإرادي الذي يمكن للشركة أن تنتفع به في ممارسة نشاطها مثل العمل الفني كالخبرة في شتى الميادين مثل الخبرة في ميادين البيع والشراء و لكن لا يجوز أن تكون الحصة مجرد نفوذ سياسي يتمتع به الشخص أو ثقة في مركزه المالي حيث نصت المادة 420 ق م على أنه : " لا يجوز أن تقتصر حصة الشريك على ما يكون له من نفوذ أو على ما يتمتع به من ثقة مالية " . ويلاحظ أن الحصة التي يقدمها الشريك الذي يتعهد بالعمل هي شخصية،  أي أن الشريك الذي يقدمها يتعهد بالعمل شخصيا فإذا عجز عن أدائه لهذا العمل انحلت الشركة.

  • الركن الخاص الثالث-   نية المشاركة :

ويقصد بنية المشاركة عقد العزم لدى الشركاء على المساواة بينهم في إدارة الشركة وتحقيق أغراضها و

قبول المخاطر و النتائج التي تسفر عليها.

ونية المشاركة لازمة لتكوين عقد الشركة و استمرارها، فإذا تخلفت نية المشاركة لدى أحد الشركاء في أي مرحلة من مراحل حياة الشركة فإن ذلك يؤثر على استمرارها، فلو طالب أحد الشركاء مثلا بعدم مساهمته في خسائر الشركة، أو طالب بالحصول على كل أرباح الشركة أو طالب بتسيير الشركة دون أي مشاركة لباقي الشركاء لاعتبر ذلك نقضا لهذا الركن و بالتالي من حق باقي الشركاء عدم الاستجابة إلى هذا الشرط بل ويحق لهم طلب إبطال الشركة.

وعليه فنية المشاركة هي رغبة الشركاء في التعاون المباشر و غير المباشر تعاونًا إيجابيا واعيًا في سبيل تحقيق هدف أو مشروع اقتصادي مشترك. و هذا التعاون الواعي الإيجابي يجب أن يكون تعاونًا متكافئًا يضمن لكل شريك حق رقابة الآخر و نقده، و هذا التعاون المتكافئ هو الأساس في التفرقة بين عقد الشركة و بقية العقود الأخرى، ومن هنا تبدو نية المشاركة ذات محتوى اقتصادي قائم على حق الرقابة والإشراف المتبادل والاشتراك في إدارة الشركة سعيًا وراء الربح. فنية المشاركة إذن تقوم على ثلاثة عناصر رئيسية هي الرغبة الإرادية في إنشاء الشركة والتعاون الايجابي بين الشركاء والمساواة بينهم في المراكز القانونية فلا يكون بينهم تابع ولا متبوع.

  • الركن الخاص الرابع - اقتسام الأرباح والخسائر :

تهدف الشركة إلى تحقيق ربح مادي على أن المشروع الاقتصادي الذي تستغله الشركة، كما قد يحقق أرباحا فقد تلحقه خسارة ، ويجب أن يشترك جميع الشركاء في اقتسام الأرباح و أن يتحملوا جميعا الخسائر و قد بينت المادة 425 ق م ذلك حيث نصت على ما يلي : " إذا لم يبين عقد الشركة نصيب كل واحد من الشركاء في الأرباح والخسائر كان نصيب كل واحد منهم بنسبة حصته في رأس المال . 

فإذا اقتصر العقد على تعيين نصيب الشركاء في الأرباح وجب اعتبارها النصيب في الخسارة أيضا، وكذلك الحال إذا اقتصر العقد على تعيين النصيب في الخسارة.

وإذا كانت حصة أحد الشركاء مقصورة على عمله وجب أن يقدر نصيبه في الربح والخسارة حسب ما تفيده الشركة من هذا العمل فإذا قدم فوق عمله نقودا أو شيئا آخر كان له نصيب عن العمل وآخر عما قدمه فوقه".

ومن جهة أخرى فقد بينت المادة 426 ق م بطلان عقد الشركة إذا تم الاتفاق على مخالفة أحكام المادة 425 حيث نصت على ما يلي : "إذا وقع الاتفاق على أن أحد الشركاء لا يسهم في أرباح الشركة ولا في خسائرها كان عقد الشركة باطلا "، ويطلق على هذا الشرط الذي يعفي أحد الشركاء من المشاركة في الأرباح أو في الخسائر بشرط الأسد.





  

ملخص :

 لا يكفي لقيام عقد الشركة توافر الأركان الموضوعية العامة فحسب، بل ينبغي أيضا توافر الأركان الموضوعية الخاصة كذلك، والّتي تميز عقد الشركة عن غيره من العقود. وتنحصر هذه الأركان حسب المادة 416 ق م  في: تعدد الشركاء، تقديم الحصص، نية المشاركة، واقتسام الأرباح والخسائر.

  • تعدد الشركاء: القاعدة العامة التي تستخلص من نص المادة 416 من القانون المدني الجزائري أن تعدد الشركاء (شخصان أو أكثر) أمر ضروري لقيام عقد الشركة، ويترتب عن تعدد الشركاء نشوء الشخص المعنوي الجديد، وهو الشركة، واستثناء على مبدأ تعدد الشركاء أجاز التشريع الجزائري قيام شركة الشخص الواحد بحيث يحق للشخص الوحيد تأسيس شركة أطلق عليها تسمية مؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة.

ويختلف عدد الشركاء في التشريع الجزائري باختلاف أشكال وأنواع الشركات، فالحد الأدنى لعدد الشركاء هو سبعة لشركة المساهمة، أما الحد الأقصى لعدد الشركاء فهو غير محدد في شركة المساهمة ومحدد بعشرين شريكًا في الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

  • تقديم الحصص: لقيام عقد الشركة يجب على كل متعاقد (شريك) أن يلتزم بتقديم حصته للشركة سواء

كانت الحصة نقدية أو حصة عينية (شيء مثل عقار) أو حصة عمل، ومن مجموع هذه الحصص يتكون الضمان العام لدائني الشركة.

  • نية المشاركة: تعد نية المشاركة من الأركان الجوهرية والأساسية لقيام عقد الشركة إذ يفترض أن

تتحد إرادة المشاركين وتتصرف نحو التعاون من أجل استغلال مشروع الشركة وتحقيق الأرباح وتحمل المخاطر، فنية المشاركة تقوم على ثلاثة عناصر رئيسية هي الرغبة الإرادية في إنشاء الشركة والتعاون الايجابي بين الشركاء والمساواة بينهم في المراكز القانونية فلا يكون بينهم تابع ولا متبوع.

اقتسام الأرباح والخسائر: يعد اقتسام الأرباح والخسائر ركنا جوهريا في عقد الشركة بما يفرضه من اتحاد في المصالح بين الشركاء، ويعتبر هذا الركن معيارا يفرق بين الشركة والجمعية التي لا تهدف إلى تحقيق أرباح . ويخضع كيفية تقسيم الأرباح والخسائر إلى اتفاق الشركاء شريطة ألا يتضمن الاتفاق حرمان أحد الشركاء من الأرباح أو إعفائه من الخسائر، وإذا خلا الاتفاق من طريقة توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء توجب الرجوع إلى تطبيق نص المادة425 من القانون المدني فيحدد نصيب كل شريك من الربح والخسارة بحسب نسبة حصته في رأس المال .

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق