الخميس، 16 نوفمبر 2023

تسوية المنازعات في مجال الاستثمار

 تسوية المنازعات في مجال الاستثمار


ظرا للتطور الاقتصادي المعاصر، سعت الدول إلى تعدیل قوانیھا تشجیعا لجلب الاستثمار الأجنبي وذلك بتكریسھا للتحكیم التجاري الدولي، و إبرام اتفاقیات دولیة لحمایة وتشجیع الاستثمار والانضمام أو التصدیق على اتفاقیات متعلقة بالتحكیم التجاري الدولي، لان من المخاوف التي تعیق المستثمر ھي مدى توفر وسائل تسویة منازعات الاستثمار بعیدا عن العراقیل والحواجز التي تواجھه أثناء نشوء نزاع بینه وبین الدولة المضیفة.

والجزائر كرست التحكیم التجاري الدولي في قوانینھا، وبالمقابل وجود قضاء وطني له اختصاص أصيل لتسویة كل المنازعات ، فكیف یتم تسویة منازعات الاستثمار بین القضاء الوطني  كقضاء أصیل والتحكیم التجاري الدولي كعدالة خاصة.

أولا - اختصاص القضاء الوطني بتسویة منازعات الاستثمار:

أقر قانون الاستثمار الجزائري (القانون09-16 المتعلق بترقية الاستثمار) وسائل مختلفة لتسویة منازعات الاستثمار من بینھا اللجوء للقضاء الوطني أي اختصاص المحاكم الوطنیة بالنظر في منازعات الاستثمار الأجنبي، الذي نصت مادته 24 على انه: " یخضع كل خلاف بین المستثمر الأجنبي والدولة الجزائریة یتسبب فیه المستثمر أو یكون بسبب إجراء اتخذته الدولة في حقه، للجھات القضائیة الجزائریة المختصة إقلیمیا ...." ، وھي الجھات القضائیة التي ینفذ في دائرة اختصاصھا

الاستثمار، لقد منح المشرع الجزائري ھذا الاختصاص للجھات القضائیة الجزائریة تطبیقا لمبدأ سیادة الدولة على الأشخاص والأموال الموجودة في إقلیمھا، فمادام النزاع قد نشب داخل حدود الدولة فإن اختصاص النظر فیھ ینعقد للقضاء الوطني ، ھذا ما لم یوجد اتفاق خاص یقضي بخلاف ذلك یسمح للطرفین بحل النزاع بالطرق الودیة كالمصالحة أو التوفیق أو التحكیم أو أي بند تسویة آخر یتفق علیھ الطرفان.

ثانيا- تسویة منازعات الاستثمار في اطار الاتفاقیات الدولیة:

المشرع الجزائري لم یكتف بالنص على اختصاص القضاء الوطني لتسویة منازعات الاستثمار في قانونھ الداخلي فقط، بل قام بتجسیده في إتفاقیات دولیة أبرمتھا الجزائر مع الدول في إطار الحمایة والترقیة المتبادلة للاستثمار، فقد نصت على خضوع ھذه المنازعات لاختصاص المحاكم الوطنیة .

انھ رغم تخوف المستثمرین الأجانب من المحاكم الوطنیة التابعة للدولة المضیفة، فإن أغلبیة الاتفاقات الثنائیة التي أبرمتھا الجزائر  نصت على إمكانیة خضوع منازعات الاستثمار للمحاكم الوطنیة، مع وجود إمكانیة الاختیار بین المحاكم الوطنیة والھیئات التحكیمیة.

ثالثا- التحكیم التجاري الدولي لتسویة منازعات الاستثمار:

أصبح التحكیم التجاري الدولي الوسیلة التي یتفق علیھا الأطراف لغرض حسم المنازعات التي تنشب عن العقد الذي یربطھم، خارج قضاء الدولة، وبما أن الاستثمارات الأجنبیة تعد الطریقة التمویلیة الأنسب التي تسعى الدول النامیة إلى اجتذابھا، فقد اتجھت رغبة المتعاملین في الأسواق الدولیة إلى التحكیم التجاري للتخلص من القیود الموجودة في الأنظمة القانونیة لمختلف الدول.

كرس المشرع الوطني جواز اللجوء إلى التحكیم في القانون08-09 المتعلق بالإجراءات المدنیة و الإدارية وكذلك قوانین الاستثمار على مراحلھا ضمانا لحقوق المستثمرین، وقد نصت المادة 1006 من قانون الاجراءات المدنیة والاداریة على انھ:"یمكن لكل شخص اللجوء الى التحكیم في الحقوق التي لھ مطلق التصرف فیھا.

لا یجوز التحكیم في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة الأشخاص أھلیتھم.

ولا یجوز للأشخاص المعنویة العامة ان تطلب التحكیم، ما عدا في علاقتھا الاقتصادیة الدولیة او في إطار الصفقات العمومیة"

الذي نص على التحكیم في  مجال الاستثمار في المادة 24 على انھ "یخضع كل خلاف بین المستثمر الأجنبي والدولة الجزائریة یتسبب فیھ المستثمر أو یكون بسبب إجراء اتخذتھ الدولة في حقھ، للجھات القضائیة الجزائریة المختصة اقلیمیا، إلا في حالة وجود اتفاقیات ثنائیة أو متعددة الأطراف أبرمتھا الدولة الجزائریة تتعلق بالمصالحة والتحكیم أو في حالة وجود اتفاق مع المستثمر ینص على بند تسویة یسمح للطرفین بالاتفاق على تحكیم خاص".

رابعا - تسوية منازعات الاستثمار في إطار الهیئات الدولیةو الإقلیمیة:

من أجل توفیر الضمانات القانونیة للمستثمر الأجنبي، قامت الجزائر بالمُصادقة على عِدّة اتفاقیات دولیة مُنشئة لمُؤسسات دولیة متعلقة بضمان وحمایة الاستثمار، فاتفاقیة واشنطن المنعقدة في 18 مارس 1965 المنشئة للمركز الدولي لتسویة المنازعات  المتعلقة بالاستثمار (CIRDI)  كانت بمُبادرة من البنك العالمي للبناء والتعمیر(BIRD)  ،إذ یُعتبر مركز التسویة كفرع من فروع هذا الأخیر ،لكن المركز منفصل عنه قانونيا ، حیث صادقت علیها الجزائر في 30 أكتوبر1995 .

كما كفلت الجزائر ضمان اللجوء إلى الوكالة الدولیة لضمان الاستثمار و تُعتبر الوكالة كفرع من فروع البنك العالمي، أُنشئت بموجب اتفاقیة سیول المُبرمة في 11 أكتوبر 1985 صادقت علیها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 95-345 ، المؤرخ في 30 أكتوبر 1995رغبةً منها في ضمان الاستثمارات الأجنبیة من المخاطر غیر التجاریة، المتمثلة في المخاطر السیاسیة وعدم تحویل الأموال، ومخاطر نزع الملكیة أو التأمیم والإخلال بالعلاقة التعاقدیة والحروب والاضطرابات الأهلیة، وكذا تسویة منازعات الاستثمار المتعلقة بالمشاریع التي تُقدم ضمانات لها، وذلك عن طریق إبرام عقود التأمین و إعادة التأمین مع الدول الأعضاء.

إضافة لما سبق ذكره أبرمت الجزائر عدّ ة اتفاقیات دولیة ثنائیة الأطراف سواء مع الدول العربیة أو مع دول غیر عربیة، التي من خلالها نصت على مجموعة من الضمانات القانونیة .


ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق