الاثنين، 20 نوفمبر 2023

بحث حول : ضوابط تصميم و تحرير مضمون المذكرة

 بحث حول : ضوابط تصميم و تحرير مضمون المذكرة

خطة البحث

مقدمة 

المبحث الأول:  ضوابط تصميم المذكرة.


المطلب الأول: صياغة تصميم المذكرة.
الفرع الأول: قيمة التصميم في المذكرة.

الفرع الثاني: خصائص التصميم في المذكرة.


المطلب الثاني: هيكلة التصميم و أنواعه.
الفرع الأول: أهمية هيكلة التصميم.

الفرع الثاني: أنواع التصاميم .


المبحث الثاني: تحرير مضمون المذكرة.


المطلب الأول: أهمية التحرير و شروطه.
الفرع الأول:  أهمية تحرير مضمون المذكرة.

الفرع الثاني: شروط  تحرير مضمون المذكرة.


المطلب الثاني: كتابة المذكرة.
الفرع الأول: كتابة المسودة و مراجعتها.

الفرع الثاني: الشكل النهائي للمذكرة.


الخاتمة

مقدمة :

إذا كان البحث العلمي هو جهد فكري منظم الهدف منه الوصول إلى حل مشكلة أو إجابة عن تساؤل أو تفسير ظاهرة أو إدراك علاقة بين أشياء باستعمال أداوت بحثية ومنهج معين، فإن نتائجه تشكل عصب التقدم في جميع الميادان لما تحدثه من تطور وازدهار.

كما تعد البحوث العلمية المجسد الحقيقي لقدرات الطالب من خلال ما تلقاه في مساره الدراسي، و يطمح الطلبة عند انجاز مذكرات تخرجهم تقديمها على أكمل وجه مستفيدين من ذلك من مجموعة من المعارف والمهارات التي اكتسبوها خلال مسارهم الدراسي.

و لكتابة بحث علمي منظم يساهم في تقدم البحوث في مجال العلوم القانونية، يحتاج الطالب إلى إتباع منهجية علمية محددة وإلى مجموعة من الإجراءات والخطوات العملية، كما يتطلب من الطالب لإخراج البحث شكلا ومضمونا بما يحقق جودة البحوث العلمية جهدا تنظيميا وتفكيرا موضوعيا في مختلف مراحل عمله البحثي، وأن يتحلى بمجموعة من الصفات وهمها المثابرة والصبر والأمانة العلمية والنزاهة والموضوعية.

إن إنجاز بحوث علمية تتوافر فيها الضوابط الشكلية والموضوعية هو غاية الطالب والأستاذ والمؤسسة الجامعية، و من هذا المنطلق جاءت هذه الورقة لإبراز ضوابط تصميم و تحرير مضمون مذكرة التخرج، من خلال اعتماد خطة ذات تقسيم ثنائي من مبحثين، عرضنا في مبحثها الأول ضوابط تصميم المذكرة ،أما مبحثها  الثاني ففصلنا فيه عملية تحرير مضمون المذكرة.

المبحث الأول:  ضوابط تصميم المذكرة.

يبدأ الطالب كأول خطوة في مسيرة عملية البحث العلمي باختيار موضوع بحثه عبر طرح إشكالية محورية التي ستُكوِن صلب الموضوع ، إذ يتعين على الطالب مناقشتها والإجابة عليها بالدراسة و التحليل عبر تجزئتها إلى إشكاليات فرعية  و ذلك بالاستعانة بقواعد المناهج العملية  المعروفة  والمطبقة في الأبحاث العملية، قبل أن ينتقل إلى الخطوة الثانية المرتبطة بصياغة التصميم المناسب والملائم لبحثه (مطلب أول) ، و ذلك وفق هيكل و بنية قد تتخد أشكالا متعددة (مطلب ثاني).

المطلب الأول: صياغة تصميم المذكرة. 

نتطرق من خلال هذا المطلب لقيمة التصميم في البحث (الفرع الأول)، ولخصائص التصميم (الفرع الثاني).

الفرع الأول: قيمة التصميم في المذكرة.

تهدف عملية صميم البحث إلى التحديد الدقيق لموضوع البحث مما يساعد الباحث على الخوض في عناصر البحث والعمل على معالجتها، قصد استكمال جوانب البحث المختلفة والوصول إلى صورته النهائية بالإجابة على جميع التساؤلات المثارة فيه.

وفي نفس السياق يرى بعض الباحثين على أن عملية التصميم عملية فكرية ضرورية، والناس في التصميم للأمور درجات، فمنهم بعيد النظر يقيم الأوضاع على حقيقتها حتى يتخذ في كل منها موقفا سليما قائما على الفهم وبذلك يتجنب الرزق وضياع الوقت والمال، ومنهم من يسير في الحياة على غير بينة من علم ولا هدى من فكر ،فتكبده الفوضى خسائر كبيرة أو تضيع عليه فرصا ثمينة ().

و تزداد ضرورة التصميم إلحاحا بزيادة تعقد الحياة الاجتماعية والبحث الاجتماعي العلمي بدوره لا يتيسر إلا إذا قام على التصميم الذي تتوافر له الشروط العلمية والمسحة الفنية بشكل لا يقبل الجدل.

إن التصميم جزء أساسي من عملية البحث العلمي، وهو خطوة إجرائية وذهنية لابد منها حتى يمكن للبحث أن يتواجد ويكتمل.()

وتصميم البحوث "يعني تلك العملية العقلية التي يبدؤها الباحث والتي تقوم على أساس التنظيم المنطقي لخطوات البحث العلمية من أجل الوصول إلى الهدف المنشود" ()،وتعتبر عملية وضع التصميم عملية جوهرية وحيوية للباحث لإعداد بحثه، فكما يقدم المهندس المعماري على وضع تصميم البناء حيث يحدد كل المتطلبات اللازمة والشروط الضرورية لإقامة البناء من أساسات ومداخل وأسقف وجدران و...، مع تحديد مواد البناء اللازمة فكذلك الباحث الاجتماعي الذي يقوم بوضع تصميم بحثه من خلال عملية التقسيم والتبويب والتركيب ووضع العناصر الأساسية العامة والخاصة، الفرعية والجزئية على أساس عملية ومعايير منطقية ومنهجية واضحة...

ويكتسي التصميم القانوني أهمية كبيرة  نظرا لما يتطلبه علم القانون من صرامة منهجية تقتضي الدقة والوضوح.

ونشير إلى أنه يصعب التقيد بتصميم نهائي من طرف الباحث منذ البداية، بحيث يمكن للباحث إجراء تغييرات كلما لزم الأمر ذلك كما يمكن إضافة أو حذف عناصر معينة لموضع البحث، " إذ لا يمكن في نظر البعض البدء في تأليف كتاب إلا بعد إعداد تصميم جيد، إلا أن التصميم الجيد لا يتحقق 

إلا عند الانتهاء من فصول الكتاب"، ولا يمكن اعتماد تصميم نهائي إلا بعد الانتهاء من البحث كله. كما أن وضع التصميم يستدعي الإلمام بمنهجية المقدمة، وبطريقة تجزئة صلب الموضع، وبكيفية التخريج في الخاتمة. ()


الفرع الثاني: خصائص التصميم في المذكرة.

أشار أحد الباحثين إلى أن البحث الجيد يتصف بمجموعة من السمات أو الخصائص منها:

- يجب أن يكون التصميم واضح المعالم ودون أن يكون بسيطا، لأن المنتظر من المباحث خلق بناء متماسك في شكل أقسام وأبوب وفصول...

- يجب أن يتناسب التصميم مع طبيعة الموضوع بحيث يكون جامعا مانعا.

- أن يكون هناك تناسب بين المقدمة والخاتمة، بعبارة أخرى ألا تكون هناك قطيعة بين الإشكالية والجواب عنها أو على الأقل مقارنتها إذا تعذر اقتراح الحل.

و عموما فإن البحث العلمي يقتضي وضع تصميم جيد وسليم من خلال:

- التعمق والتأمل والقراءة المتأنية لكافة جوانب و أجزاء وفروع الموضوع بصورة جيدة.

- شمولية التصميم بالتعرض لجميع القضايا والإشكاليات التي يطرحها الموضوع.()

- مراعاة الترتيب المنطقي باحترام الارتباط الموضوعي، وإبراز الأفكار العامة الرئيسية والجزئية، واحترم التسلسل التاريخي واحترام التسلسل المنطقي لأفكار كتجنب عرض الاستثناء قبل المبدأ أو الآثار قبل الشروط.

- تفادي التكرار والتداخل و الاختلاط بين المضامين ومحتويات العناصر والموضوعات و العناوين الأساسية والفرعية. 

- تحقيق التوازن والتقابل بين التقسيمات الأساسية والفرعية و الجزئية1، بحيث يجب أن تتساوى عددا وحجما. 

- يجب أن يعبر التصميم عن شخصية الباحث وعن مدى فهمه و رغبته بل وجديته في المعالجة الدقيقة للموضوع، وأن يعبر التصميم عن رؤية خاصة للباحث تجاه الموضوع، لأن التصميم يعكس موقفا فكريا يجعل الباحث يعالج الموضوع من زاوية معينة رغم استعانته بتصاميم غيره. ()


المطلب الثاني: هيكلة التصميم و أنواعه. 

بنية التصميم عملية مهمة بالنسبة للبحث شكلا ومضمونا (الفرع الأول) ، الذي قد يتخذ أشكالا متنوعة (الفرع الثاني ).

الفرع الأول: أهمية هيكلة التصميم.

إن عملية التصميم نفسها أو ذاتها تحتاج بدورها إلى ترتيب منطقي وموضوعي لعناوينه بغية تيسير عملية البحث من حيث جمع المعلومات وتركيبها في هذا القالب الهندسي المقنن من طرف الباحث، يستلزم الأمر تقسيم التصميم أو الموضوع على أسس واضحة وفاصلة للأجزاء والعناصر الأساسية ،وبشكل يحقق التجانس والتسلسل والترابط بين مختلف عناصر هذا التصميم، والذي يكتسي أهمية بالغة لكونه يسمح للباحث بالتحكم في بحثه، وبالتالي تقديم أفكاره بكل وضوح وانسجام كما أن التصميم يساعد القارئ في معرفة محاور البحث، بل هو المرآة التي تعكس صورة البحث في أقسامه وأجزائه. ويضم التصميم كما هو معروف ثلاثة عناوين أساسية وهي المقدمة والعرض  و الخاتمة. ()

الفرع الثاني: أنواع التصاميم .

إن اختيار أحد أنواع التصاميم يخضع لطبيعة الموضوع المطروح للبحث والمناقشة، ويصعب تحديد أنواع التصاميم من الناحية النظرية، ومع ذلك يمكن القول على أن كل التصاميم يجب أن تثمن وتخدم موضوع البحث وتعبر عنه، ويمكن التمييز عموما بين نوعين من التصاميم،  التصميم الأنجلوسكسوني والتصميم اللاتيني، وهناك من يضيف تصميما ثالثا وهو التصميم التاريخي، إلا أنه في اعتقادنا يمكن للنوعين الأولين أن يتضمنا النوع الثالث بشكل مباشر أو غير مباشر. ()

أولا- التصميم الأنجلوسكسوني : يتسم التصميم أو التقسيم الأنجلوسكسوني بكونه لا يراعي التوازن كما هو الشأن في التقسيم اللاتيني، إذ يكون تقسيمه متتابعا ومتتاليا إلى عناصر كبيرة دون أن يتم تفريغ وتجزيء هذه العناصر الكبيرة إلى فروع أو أجزاء، وفي هذا الإطار فإن الباحثين الذين يستعينون ويعتمدون على هذا النوع من التصميم يقسمون أبحاثهم إلى أبواب أو فصول متتابعة ومتتالية دون حصرها في عدد معين (خمسة أبواب أو فصول أو سبعة... إلخ).

ويتميز هذا التقسيم في نظر البعض بكونه يتسم بالدقة و الوضوح بحيث يسهل على الباحث ضبط أفكاره في حدود الفكرة التي يعالجها في كل فصل ، ولا يتطلب ذلك تقسيم هذه الفصول إلى فروع. ()

غير أنه يعاب على هذا النوع من التصميم عدم التعمق في البحث وبذلك يفتقر البحث العلمي إلى أبرز خاصية من خاصياته الرئيسية، بالإضافة إلى أن هذا التقسيم لا يسمح للباحث بالاعتماد على المقارنة بين الأفكار والاتجاهات. ()

ثانيا- التصميم اللاتيني (الفرنسي): ويسميه البعض بالتقسيم المنطقي ، إن التصميم اللاتيني يقتضي تقسيما منطقيا وهو يستند على أسس ومعايير علمية وموضوعية ومنطقية بإعطاء عنوان لكل فكرة أو موضوع أساسي أو ثانوي، أصلي أو فرعي، عام أو خاص، كلي أو جزئي، بحيث يوحي العنوان بمحتواه، وذلك بوضعه في قالب أو إطار من أطر وقوالب التقسيم والتبويب، مع إيجاد الرابطة المنطقية بين الفكرة الواحدة وفروعها وصولا إلى إيجاد رابطة منطقية بين كافة أفكار البحث.

ويتسم التقسيم اللاتيني للصميم بالبساطة و الوضوح والدقة والتعمق في مناقشة وتحليل أفكار البحث، وغالبا ما يعتمد الباحث القانوني التقسيم الثنائي بحيث يصلح لدراسة أغلب الإشكالات القانونية في محاولة التوفيق بين متغيرين متقابلين، كأن يقسم موضوع البحث إلى شقين أو محورين يخصص الأول مثلا للشروط الموضوعية، ويخصص الثاني للشروط الشكلية، غير أنه استثناء يمكن للباحث في تصميمه أن يقسم موضوع البحث إلى ثلاثة أو أربعة أجزاء أو أقسام. ()

فكل موضوع يمكن أن يكون له أكثر من تصميم ومن ثم يمكن للباحث أن يقسم بحثه إلى قسمين أو أكثر كأن يكون التقسيم ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا، ونرى مع أحد الباحثين بأنه "رغم حرية الباحث في الأخذ بالتقسيم الذي يرتئيه فإن أفضلية التقسيم الثنائي على غيره من التقسيمات تؤكدها الملاحظات التالية:

1-  إن التقسيم الثنائي يدل على مهارة الباحث في مجال التركيب بحيث أنه يكون ملزما بتصنيف مسائل البحث (الرئيسية والفرعية) بصورة عامة إلى مجموعتين متميزتين ومتوازيتين. 

2- إن التقسيم الثنائي هو دليل قاطع على سيطرة وتحكم الباحث في توزيع مادة البحث بحسب نوعها بحيث تظهر قوة التصميم أو ضعفه بسهولة ويسر. 

3- إن التقسيم الثنائي هو الأصعب و الأكثر جمالا ودقة." ()

وتأسيسا على هذه المعطيات فإن الباحث يلتزم الشكل الهندسي التالي للبحث إذ بعد أن يحدد عنوان البحث أو الموضوع ،ينتقل إلى المقدمة ثم تليها التقسيمات الرئيسية والفرعية على نحو متسلسل (الأقسام والأبواب، والفصول والمباحث، والمطالب والفرع، والفقرات، والبنود، ثم أولا و ثانيا وثالثا ، ثم الأرقام1-2-3... والحروف أ- ب -ج...إلخ)،ويخلص إلى خاتمة البحث.

المبحث الثاني: تحرير مضمون المذكرة.

تحرير مضمون المذكرة، هو خلاصة جهد وعمل الطالب الباحث الذي في المراحل السابقة لإعداد المذكرة، لذلك فهو يعتبر مرحلة مهمة في الكتابة و الصياغة النهائية لمذكرة التخرج، و هو ليس بعملية تراكمية بل هو عملية فكرية و تنظيمية بالغة الأهمية، و وسيلة الطالب الباحث في الاتصال الفكري بالقراء، و فيه تظهر معارف و قدرات الطالب في ميدان تأهيله العلمي، و مدى قدرته على تنظيم هذه المعارف، و مدى أصالته في التفكير و التحليل و التفسير و التعبير و المناقشة و الوصول نتائج بدقة و وضوح.

المطلب الأول: أهمية التحرير و شروطه. 

سنعالج في هذا المطلب كل من أهمية تحرير مضمون المذكرة في الفرع الأول  و نخصص الفرع الثاني لدراسة شروط التحرير.

الفرع الأول:  أهمية تحرير مضمون المذكرة.

تكمن أهمية تحرير مضمون المذكرة كما يوضحه الأستاذ عليان في مايلي :

  • تقديم صورة واضحة عن المذكرة و درجة صدقها و أمانتها العلمية. 

  • إبراز قدرات الطالب الباحث و إمكانياته العلمية و أسلوبه العلمي. 

  • يعتبر سجلا وثائقيا للدراسات السابقة في نفس الموضوع. 

  • يكون بمثابة مرجع رئيسي للأبحاث المستقبلية في نفس الموضوع. 

  • سجل حافظ لنتائج الدراسة بحيث يمكن الرجوع إليه كلما دعت الحاجة إلى ذلك. ()

الفرع الثاني: شروط تحرير مضمون المذكرة.

قبل الشروع في كتابة مضمون المذكرة ينبغي أن تحدد أهدافه و الجمهور المستهدف حتى يتمكن الطالب الباحث من إيجاد الكيفية التي يتم وفقها كتابة مضمون المذكرة. 


أولا- الهدف: يمكن تحديد أهداف تحرير مضمون المذكرة كما يلي: 

1- أهداف استكشافية : يستوجب أن تكتب المذكرة بصورة تؤدي إلى إبراز النتائج الإبتكارية و المنهجية  التي استخدمت لأجل ذلك. 

2- أهداف وصفية:الكتابة تنطلق في مثل هذه الحالات من الإطار الوصفي للمشكلة دون الدخول في الجوانب التحليلية لها.

3- أهداف تفسيرية:في هذه الحالة الكتابة تميل إلى تحليل العلاقات السببية بين متغيرات المشكلة و تحديد طبيعة و درجة تأثير هذه العلاقات بالمشكلة. ()

ثانيا- الجمهور المستهدف: و المقصود به هو نوع القارئ الذي تتوجه إليه المذكرة، فكل فئة من القراء تتطلب هيكلية و أسلوبا معينا حتى تكون منسجمة مع طبيعة الفئة المستهدفة.

 فإذا كانت الفئة المستهدفة من ذوي الاختصاص في مجال الموضوع، على الطالب الباحث أن يؤخذ في الحسبان المتطلبات الخاصة لهذه الفئة، بحيث تصاغ المذكرة بشكل موضوعي و بدقة متناهية مبرزا قدراته المعرفية ودرجة مساهمته في الوصول إلى هذه النتائج.

أما في حالة كان التقرير موجها للفئات المثقفة  أو السياسيين أو الإداريين، فالتركيز يكون بشكل أساسي على نتائج و خلاصات المذكرة دون التدقيق في إجراءاته و يكتب بشكل مبسط و واضح.

أما إذا كان موجه إلى عامة الناس فكتابته تقتضي عدم الدخول في التفاصيل الفنية الدقيقة لأن اهتمامات هذه الفئة منصبة على نتائج و خلاصات المذكرة فقط.

في ضوء ما تقدم يمكن القول أن نمط و أسلوب كتابة و هيكلية مضمون المذكرة يختلفان باختلاف الهدف و الجمهور المستهدف. ()

المطلب الثاني: كتابة المذكرة. 

بعد قيام الطالب بالقراءات الضرورية وبعد تصفح كافة المعلومات اللازمة لمعالجة بحثه من جميع المصادر والمراجع المتعلقة بالموضوع، وبعد الانتهاء من تدوين المعلومات اللازمة على بطاقات أعدت لذلك؛ قد يجد الباحث أن التصميم الأولي الذي وضعه يحتاج إلى تعديل و أن هناك نقاطاً يجب معالجتها واستبعاد أخرى.

يصبح عندها بإمكانه أن يضع مخططاً نهائياً للبحث وينبغي عليه عند ذاك تغيير بعض عناوين الفصول التي أوردها في الخطة التمهيدية، وهنا إذا ما اقتنع الطالب بضرورة هذا التعديل فعليه استشارة المشرف لأخذ ملاحظاته.

الفرع الأول: كتابة المسودة و مراجعتها. 

أولا- كتابة المسودة الأولى: بعد وضع التصميم الجديد والموسع الذي يشمل الخطوط العريضة للبحث، وبعد أخذ موافقة المشرف عليه، يبدأ الباحث بكتابة المسودة الأولى للبحث. ورغم اختلاف الأسلوب الشخصي حيث يفضل البعض الالتزام التام بالخطة والبعض الآخر لا يلتزم حرفياً، فإننا ننصح باتباع المخطط بغض النظر عن الكتابة بالفصحى في هذه المرحلة، وترك ذلك للمرحلة اللاحقة. ولكن على الطالب أن لا ينسى أبداً وضع المقتسبات، والإشارة إلى المصادر في أول مسودة. ()

يقصد بالمسودة الكتابة الأولية للبحث والقابلة لإعادة النظر فيها بالتعديل والتغيير والإضافة والحذف(). ولمواجهة كتابة مسودة البحث لأول مرة ينصح باستعمال القواعد التالية في كتابتها:

1- إبدأ بالكتابة كما يحلو لك، لا تشعر بأنك مقيد بالأطر الشكلية.

2- لا تقلق حول أخطاء القواعد أو الكتابة بجمل كاملة، واكتب كل ما تظن أن له علاقة بالبحث.

3- أعد قراءتك وقيم الأفكار التي وضعتها، فالأسهل أن تحذف الأفكار السيئة من أن تكتب الجيدة.

4- إذا وردت أفكار أحسن لا تتردد فيمكنك إعادة تنقيح أفكارك.

5- تذكر أن تبقى مرناً، فهذه مجرد طريقة لتبدأ بالكتابة 

6- تذكر أن لغة الكتابة القانونية هي لغة تختلف عن اللغة القصصية أو السرد أو الجمل المنمقة التي لا مكان لها في المعالجة القانونية، فالمطلوب جمل دقيقة، يعني الكلمة المناسبة في المكان المناسب.

7- أترك سطر فارغ أو أكثر بين كل سطرين لترك المجال لزيادة ما قد يستجد كما يمكن ترك ظهر الورقة خالياً لوضع الإضافات الطويلة نسبياً، و ليس من الضروري التقيد بهذه القاعدة في حال استعمال الكومبيوتر حيث يمكن إضافة وحذف ما نشاء من معلومات. 

8- قسِّم كل عنوان إلى فقرات ومقاطع، وعند نهاية الفقرة ننتقل إلى سطر جديد،مع مراعاة قواعد الترقيم. ()

9- إعتمد الأسلوب المتداول )العبارات السائدة في المجتمع(، وابتعد عن الأسلوب القديم الغير المتداول.

10- إختصر العناوين وبسّطها )بشكل واضح، ومفهوم (، واحرص على أن تكون متناسقة مع بعضها البعض.

11- تذكر أن الكتابة ليست هنا نقلاً حرفياً عن البطاقات، لأن النقل هو للأفكار وليس لكافة المعلومات، ويقتضي التعديل أو الشرح أو التعليق أو المناقشة.

بعد الانتهاء من كتابة المسودة الأولى ينصح بعرضها على الأستاذ المشرف لأخذ توجيهاته قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية التي سنسميها بالمسودة الثانية. ()

ثانيا- كتابة المسودة الثانية: بعد الانتهاء من المسودة الأولى وأخذ رأي المشرف يمكن الانتقال إلى المرحلة الثانية التي يمكن فيها تحسين الكتابة وتصحيح الأخطاء و إضافة ما يجب إضافته وحذف ما يجب استبعاده. يبدأ الطالب في هذه المرحلة بالنظر إلى مدى تسلسل الأفكار ومدى ترابطها وتماسكها في سياق النص. وهنا بعض الاقتراحات لتحسين الكتابة وفقاً لبعض قواعد الكتابة القانونية التي ينصح بها.

1- إقرأ ما كتبت بصوت مرتفع، في أي وقت تشعر فيه أن كتاباتك غير دقيقة أو لا تثق فيها أو في أي وقت تريد  مراجعة ما كتبت، ثم قم بمراجعتها بصوت مرتفع فإذا أعجبتك فمؤكد أنها ستعجب القارئ.

2- تفحص الفقرات: ألقِّ نظرة على تركيب فقرات الكتابة، وانظر إلى طول الفقرة، والجمل الداعمة، والعناوين. فالفقرات القصيرة التي تنقصها المعلومات المؤكدة، كما تلك التي تضيع عن العنوان الأساسي، تدل على عدم نضوج فكري ، لذلك ينصح في كل فقرة بالمحافظة على أفكار قصيرة ومتماسكة بشكل معقول.

3- رتب جمل الفقرة ترتيباً متسلسلاً ومنطقياً، بحيث تبنى كل جملة على ما قبلها وتمهد لما بعدها، مع مراعاة الصلة بين كل فقرة وأخرى، على أن تنتهي كل فقرة بجملة تمهد للفقرة التالية لها.

4- ابدأ الجمل بكلمات بسيطة وعبارات قصيرة)الجمل المبسطة التي تحتوي على فكرة واحدة ( ، واربط المعلومات التي وردت في المقطع السابق، أو التي تدل على أنك تشارك القارئ ، وينصح بالبدء بالجملة الفعلية. ()

5- إبدأ الجملة بالفكرة الأساسية ثم أكملها بما هو ضروري، وحاول الابتعاد عن الجمل الطويلة المعقدة والمتداخلة والتي من شأنها أن تضيع القارئ. 

6- تواضع في الكتابة وابتعد عن الألفاظ الصحفية والإنشائية والكلمات الرنانة والطنانة، وعن أسلوب المبالغة والفخر أو التهكم والسخرية، والاستخفاف بالآخرين مثل: أؤكد، أجزم، أرى ، ....، واستعمل عبارات تدل على تواضع، مثل:يظهر، يتبين، يبدو، يستنتج،.....

7- إستعمل عبارات وجمل قصيرة، معبرة، واضحة، مفهومة، ومنوعة، على أن تكون مختصرة مع الحفاظ على الترابط الفكري فيما بينها.

8- مراعاة الاختصار شرط عدم المس بالمعنى. واستعمل المصطلحات القانونية بحسب مفهومها ومعناها) إبطال العقد – فسخ العقد – إلغاء العقد...إلخ)

9- عبر بكلمات صحيحة مناسبة تفي بالغرض المطلوب، ولا تستعمل كلمات غريبة قبل أن تطلع على معناها لتعرف أين تضعها.

10- لا تستطرد، واحذر الخروج عن الموضوع .

11- اعتمد جملاً واضحة تعبر مباشرة عن الفكرة، دون زيادة أو نقصان، لا تبالغ  وخفف من استعمال الجمل الاعتراضية. و تجنّب الجمل الطويلة معتمداً تكرار الفاعل، مثل: أضاف، وعلق الكاتب،.....

12- ركز على وضوح الأفكار وسلامة التعبير واستعمل كلمات قانونية وبالفصحى المألوفة الاستعمال.

13- حاول التنويع في استعمال الكلمات وخاصة التي تعتاد على استعمالها كثيرا وابحث عن كلمات بديلة عنها. ()

14- تجنب استعمال أكثر من أسلوب واحد في الكتابة، والأفضل أن يكون الأسلوب موّحداً، وخاصة من جهة طول الجمل واستعمال الأفعال.

15- اعتمد على البراهين التي تبنى على أساس مبادئ أو قواعد قانونية ملم بها،و اعط أمثلة إذا أمكن لتسهيل فهم الخطاب القانوني.

16- صحح الأخطاء المتكررة: وذلك من خلال سؤال الأستاذ المشرف للمساعدة في إزالة الأخطاء، وقم بمراجعة المسودة أكثر من مرة. ()

ثالثا- مراجعة المسودة:  يتم مراجعة البحث في هذه المرحلة من جهة الاستخدام السليم للغة العربية، وتجنب الأخطاء اللغوية أو مخالفة أصول الكتابة، وهنا علينا أن نبدأ بصياغة مذكرتنا بلغة سليمة،أين يمكننا القيام بالمراجعة بأنفسنا أو الاستعانة بمن يلزم لقراءة ما كتبنا لإجراء ما يلي:

1- تصحيح الأخطاء اللغوية والإملائية والمطبعية، ويفضل الاستعانة بمدقق لغوي أو متخصص باللغة العربية ، فالإنسان لا يرى أخطاءه، أما المشرف فليست مهمته التصحيح والتدقيق اللغوي .

2- التأكد من استعمال علامات الوقف و احترام قواعد التوثيق والهوامش، وهو أمر ينصح بتذكره خلال كافة مراحل الكتابة. ()

وكلما تم مراجعة المسودة كلما خففت الأخطاء. ولتسهيل المراجعة وجعلها أكثر فعالية يمكن اعتماد التمرين التالي: التشخيص والتحليل والنقد.

  • التشخيص: سطر تحت أول بضع كلمات من الجملة في فقرة ما، مع تجاهل المقاطع في المقدمة مثل : في البداية أو أهم ما ورد، وإذا أمكن سطر تحت أول بضع كلمات من كل فكرة.

  • التحليل: اقرأ ما سطرت تحته لترى ما إذا كان هناك تواصل مستمر بين العناوين، و هل يمكنك كقارئ أن ترى التواصل بين الأفكار. ()

  • النقد خلال المراجعة: من الأفضل القيام بمراجعة البحث بعد فترة من ، الزمن وعندما يشعر الطالب بالارتياح، وتكون كامل المعلومات حاضرة في ذهنه، بحيث يمكنه الإجابة على الأسئلة التالية:

1- هل الجمل متواصلة مع بعضها البعض،وهل يشعر القارئ بأنه ينتقل بسهولة من جملة إلى أخرى، وأن كلا منها منسجم مع التي قبلها وما بعدها.

2- هل يشعر القارئ أن الجمل في كل فقرة واضحة ومتحدة مع بعضها البعض.

3- هل تبدأ الجمل بمعلومات مألوفة لدى القارئ،و هل تنتهي الجملة بمعلومات مهمة للقارئ الذي يتوقعها... ،وهل يمكن للقارئ أن يحدد بسرعة غاية كل فقرة.

4- هل العناوين، وخاصة الصغيرة منها، واضحة.

5- هل هناك تكرار لأفكار دون جدوى، أو لكلمات دون ضرورة، تذكر أن الجمل القصيرة تعبر عن الأفكار بطريقة أكثر قوة. ()

الفرع الثاني: الشكل النهائي للمذكرة.

بعد الانتهاء من الجزء الجوهري في إعداد البحث وأثناء وضع الصيغة النهائية لا بد من مراعاة بعض الأمور الشكلية المتمثلة في تنظيم أدوات البحث، ونوع الخط وحجم الورق، وعدد الأسطر، والإهداء والشكر.

وبالرغم من عدم وجود قواعد واضحة كونها عملية تخضع للتطور، ووفقاً لظروف كل كلية، فسنضع ملخصاً لبعض القواعد المعتمدة في كلية الحقوق لجامعة المسيلة كأنمودج ، ليكون الطالب على معرفة أولية بالمطلوب منه، مذكرين بأنها مجرد نصائح ويترك للأستاذ المشرف توجيه الطالب بما يتلاءم والمنهجية التي يعتمدها. ()

و تنقسم مذكرة التخرج على العموم و مذكرة الماستر من حيث هيكلها الشكلي إلى ثلاثة أقسام: الصفحات التمهيدية، محتوى البحث والصفحات الختامية، ويكون تفصيلها كالتالي:

أولا- الصفحات التمهيدية: وتشمل بالترتيب: الغلاف الخارجي أو صفحة الواجهة، صفحة البسملة أو آية قرآنية ذات صلة بموضوع المذكرة، صفحة الإهداء، صفحة للشكر والتقدير، تصريح شرفي باحترام قواعد الأمانة العلمية وشروط كتابة البحث العلمي( استمارة تسحب من الإدارة(، قائمة المختصرات والتي تكون قبل المقدمة مباشرة.

ثانيا- محتوى البحث: يتمثل في صلب الموضوع، وهو أهم جزء في البحث، وينقسم بدوره إلى: مقدمة، متن وخاتمة:

أ/ المقدمة: كقاعدة عامة تكتب مقدمة المذكرة في آخر مرحلة من مراحل إعداد هذه الأخيرة، بأسلوب بسيط، قانوني وموجز، والمقدمة المثالية هي التي تشتمل العناصر التالية: موضوع الدراسة، أسباب اختيار الموضوع، أهميته، أهدافه، صياغة الإشكالية بشكل سؤال، المنهج المتبع، الدراسات السابقة، صعوبات الدراسة وننتهي بخطة موجزة لموضوع الدراسة. ()

ب/ متن البحث: حيث يعالج الطالب موضوع بحثه في خطة يحاول جعلها ثنائية ومتوازنة قدر الإمكان، تبدأ بالفصل، المبحث، المطلب، الفرع ثم البنود ) أولا، ثانيا، 1 ...، 2،.....أ،ب(..... ، مع مراعاة قواعد الاقتباس والإسناد والتوثيق، وأهم شيء أن يتحلى الطالب بالأمانة العلمية ويبتعد عن السرقة العلمية، كما يسعى الطالب لإبراز شخصيته في البحث من خلال النقد والمناقشة والترجيح. 

ج/ خاتمة البحث القانوني: تبين الخاتمة مدى استيعاب الطالب لموضوع مذكرته، ويتمثل أهم دور لها في الإجابة على الإشكالية التي طرحت في المقدمة، وهذا من خلال التطرق إلى أهم النتائج التي توصل إليها الطالب في بحثه، يتبعها باقتراحات مختلفة يراها مناسبة لسد الثغرات والنقائص التي تعتري الظاهرة محل الدراسة، والتي اكتشفها في بحثه.

3/ الصفحات النهائية: وهي الصفحات التي تلي الخاتمة مباشرة، وتتمثل في: الملاحق، قائمة المصادر والمراجع، الفهرس، الملخص) باللغة العربية وبإحدى اللغتين الأجنبيتين الفرنسية أو الانجليزية(، ثم الغلاف الخارجي للمذكرة. ()

الخاتمة:

إن المجتمعات التي ظهر فيها العلم الحديث هي المجتمعات التي اعتمدت على العلم كمنهج فكري وأسلوب للبحث والتحقق في ظواهر الكون للسعي وراء الحقيقة.

ولا يجادل أحد في أهمية البحث العلمي في الميدان القانوني شأنه في ذلك شأن العلوم النظرية والتطبيقية جميعا، فالبحث هو الوسيلة التي لا يمكن الاستغناء عنها في أي فرع من فروع العلم والمعرفة، وعلم القانون لم يتقدم إلا بفضل البحث الذي قام به رجال القانون في مختلف الشرائع وعبر مختلف الحقب.

وتعتبر دراسة منهجية القانون من أهم الدراسات التي تلقن للطلبة الباحثين في مجال العلوم القانونية على اعتبار أن المنهجية هي عمدة البحث العلمي وعموده الفقري، فوظيفتها أن ينشأ لدى الطالب الأسلوب والطريقة في التعامل مع شتى الميادين التي يطرحها علم القانون، وبناء على ذلك، فالأمر الهام في الدقة القانونية ليس هو استعرض كل المعلومات، ولكن كيفية صياغتها وفق منهجية و أسلوب قانوني سليم.

إن الطلبة الباحثين في العلوم القانونية في حاجة ماسة إلى مناهج البحث العلمي، دعما لبحوثهم العلمية وتعميقا للعقلية العلمية و إبقاء للفكر الخلاق في ميدان هذا الفرع من فرع العلوم الاجتماعية، حتى يكون هؤلاء الطلبة ملمين بالخطوات التأسيسية في البحث العلمي، و بكيفية وضع التصميم وبشروط تحرير المضمون ،وما إلى ذلك من الأساليب والإجراءات والتوجيهات العلمية والفنية التي يتعين أن يلتزم بها الباحث القانوني ،حتى يتوصل إلى نتائج وحلول وحقائق علمية صائبة بطرق علمية وموضوعية منظمة و دقيقة و مضبوطة .


ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل البحث مع التهميش و الجاهز للطباعة يرجى النقر هنا

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق