الخميس، 16 نوفمبر 2023

مفهوم عقد الاعتماد الايجاري

 مفهوم عقد الاعتماد الايجاري


يعتبر عقد الإعتماد الإيجاري من العقود التجارية الحديثة النشأة في الساحة الإقتصادية، فرضها الواقع التجاري من أجل تمويل بعض المشاريع وتلبية الحاجة المالية لأصحابها، لذا فقد ثار البحث عن وسيلة تمويل جديدة تناسب كلا من المشروعات التي تعجز وسائل التمويل التقليدية في تحقيق مطالبها وفي نفس الوقت تضمن لمؤسسات التمويل أدنى قدر من المخاطر، وكان الحل في استخدام الاعتماد الإيجاري- Le crédit-bail ou leasing- كوسيلة لتمويل المشروعات، لم يتناوله المشرع الجزائري إلا في التسعينات بموجب أمر96-09 صادر في 10 جانفي 1996 المتعلق بالاعتماد الإيجاري .

أطراف هذا العقد اثنان المؤجر المتمثل في شركة متخصصة ومؤهلة قانونا للقيام بهذا النوع من التصرفات وتسمى شركة الاعتماد الإيجاري عن طريق شراء مال معين يختاره المستفيد، ثم يطلب من شركة الاعتماد الايجاري شرائه لها باسمها و الذي تؤجر له بعد ذلك لمدة معينة و تكون هذه المدة غير قابلة للإلغاء عند انتهاء المدة للمستفيد حق الخيار الثلاثي بين شراء المال محل العقد أورده لصاحبه )شركة الاعتماد الإيجاري( أو تجديد العقد بشروط جديدة.

و من كل ما سبق نطرح التساؤل التالي : كيف نظم المشرع الجزائري عقد الاعتماد الايجاري؟

أولا - تعريف عقد الاعتماد الإيجاري:

لقد تولى المشرع الجزائري تنظيم هذا العقد بمقتضى الأمر 96 - 09 المؤرخ في10 يناير 1996 تحت عنوان الاعتماد الإيجاري وقد تطرق في المواد 7 و 8 و 9لتعريفه.

ومن خلال استقراء هذه المواد نخلص إلى أن عقد الاعتماد الإيجاري كما يسميه المشرع الجزائري:

- كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يؤجر لمستأجر منقولات مشكلة من عتاد أوتجهيزات أو أدوات ذات الاستعمال المهني مقابل دفع قيمة إيجاريه متفق عليها بين المستأجر والمؤجر.

- كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يؤجر للمستأجر عقارات أو منشآت اشتراها أو بنيت لحسابه وذلك بالشروط والمواصفات والقيمة الإيجارية التي يحددها العقد.

- كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يؤجر لمستأجر محلا تجاريا أو مؤسسة حرفية هي ملكه و ذلك عن طريق دفع سعر متفق عليه

ثانياً- صور عقد الاعتماد الإيجاري:

من خلال التعريفات المقدمة أعلاه يتضح أن المشرع الجزائري نظم ثلاث صور للاعتماد الإيجاري هي : أولا عقد الاعتماد الإيجاري للأصول المنقولة، ثانيا عقد الاعتماد الإيجاري للأصول غير المنقولة وثالثا عقد الاعتماد الإيجاري المتعلق بالمحلات التجارية والمؤسسات الحرفية.

أ- عقد الاعتماد الإيجاري للأصول المنقولة: وفي هذه الصورة(المادة 07 من الأمر 96-03) يقوم المؤجر المتمثل في شركة التأجير سواء كان بنكا أو مؤسسة مالية  بتأجير منقولات لصالح متعامل اقتصادي  مستأجر مقابل قيمة إيجارية متفق عليها.وما يلاحظ أن المشرع الجزائري حدد طبيعة المنقولات التي يمكن أن تكون محلا للاعتماد الإيجاري إذا اشترط أن تكون هذه المنقولات معدات إنتاج أو أدوات ذات استعمال مهني .

ب- عقد الاعتماد الإيجاري للأصول غير المنقولة عقارات :وينظم المشرع هذه الصورة في (المادة 08 من الأمر 96-03) ، إذ يتعرض فيها للمشروعات التي تحتاج إلى عقارات أو منشآت تمارس نشاطاتها ولا تتوافر لديها الأموال الكافية لإقامتها وبالتالي فهي تلجأ إلى أحد شركات التأجير المؤهلة والمعتمدة لتوفر لها هذه المنشآت.ويشترط في هذه الأصول أن تكون من الأموال العقارية المخصصة للاستعمال المهني ، بمعنى أن يخصص العقار للاستعمال المهني سواء كان تجاريا أو صناعيا أو لمباشرة إحدى المهن الحرة أو للقيام بتقديم خدمات للجمهور.

ج- عقد الاعتماد الإيجاري المتعلق بالمحلات التجارية والمؤسسات التجارية: ويتمثل هذا العقد فيما أشار إليه المشرع في المادة (9) بأنه عملية اعتماد ايجاري للمحلات التجارية والمحال الحرفية  بحيث يمنح من خلاله المؤجر محلا تجاريا أو مؤسسة حرفية يملكها للمستأجر مقابل دفع إيجارات لمدة ثابتة، مع إمكانية الوعد ببيعها من طرف المؤجر و بمبادرة منه للمستأجر وذلك بدفع سعر متفق عليه يؤخذ فيه بعين الاعتبار الأقساط التي دفعت كإيجارات ويشترط في هذه الصورة عدم تمكن المستأجر من إعادة تأجير المحل التجاري والمؤسسة الحرفية لصاحب الملكية الأول.

 ثالثا- خصائص عقد الاعتماد الإيجاري:

  • من أهم خصائص عقد الإعتماد الإيجاري حق الخيار الثلاثي الممنوح للمستفيد عند نهاية العقد من شراء المال محل العقد أو تجديد عقد الإعتماد الإيجاري وأخيرا ردّ المال محل العقد لشركة الإعتماد الإيجاري بالإضافة إلى الشروط الموضوعية الخاصة التي تميزه عن بقية العقود الكلاسيكية ( المادة 10) .

  • الاعتماد الإيجاري هو عملية مالية وتجارية تقوم بها البنوك أو المؤسسات المالية أو شركة تأجير مؤهلة.

  • إلا أنه يمكن اعتبار عقد الاعتماد الإيجاري من الأعمال التجارية بالنسبة للمؤجر حسب الفقرة 1 من المادة 2 من القانون التجاري في حالة شراء المنقولات لأجل تأجيرها للاستعمال. أما بالنسبة للمستأجر فإن تجارية عقد الاعتماد الإيجاري بالنسبة له يتوقف على صفته فإذا كان ممن يحترف الأعمال التجارية فإن جميع العقود التي يبرمها لخدمة تجارته هي أعمال تجارية بالتبعية وعلى ذلك يعتبر عقد الاعتماد الإيجاري عملا تجاريا بالتبعية.وفي هذه الحالة نقول أن عقد الاعتماد الإيجاري هو عمل تجاري مختلط باعتباره تجاريا بالنسبة للمؤجر ومدنيا بالنسبة للمستأجر ويخضع للنظام القانوني للأعمال التجارية المختلطة.

  • كغيره من عقود الائتمان فإن عقد الاعتماد الإيجاري يقوم على الاعتبار الشخصي أن شخصية كل طرف من طرفي العقد تكون محل اعتبار بالنسبة للطرف الأخر ويقوم هذا الاعتبار على مجموعة من الضوابط التي تؤدي إلى جعل هذا المتعاقد محل ثقة المتعاقد الآخر وأساسها السمعة المالية والشخصية لطرفي العقد ومدى الوفاء بالالتزامات.

رابعا- تكوين العقد: 

كبقية العقود فإن هذا العقد يتطلب توافر شروط معنية ليكون صحيحا بعضها موضوعي والأخر شكلي.

أ- الشروط الموضوعية: وهي الشروط المتطلبة في أي عقد حيث يجب تواجد طرفين يتمتعان بالأهلية القانونية اللازمة لإبرام العقد وأن يصدر عنهما إيجاب وقبول متطابقين لم يمسهما عيب من عيوب الإرادة فضلا على أن يرد التعاقد على محل مشروع وممكن وأن يكون كذلك سببه مشروع غير مخالف للنظام العام والآداب العامة وبما أن عقد الاعتماد الإيجاري تحكمه القواعد العامة للعقود فإننا سنتنطرق لأهم النقاط التي تناولها المشرع والمتعلقة بطرفي العقد وكيفية التعبير عن إرادتيهما وماهية الأصل المؤجر.

طرفا العقد )المؤجر والمستأجر(:إن الاعتماد الإيجاري يلعب دورا مهما فيالمجال الاقتصادي باعتباره وسيلة من وسائل تمويل الاستثمار لذا فإن المشرع وضع شروطا معنية في المؤجر وأخرى في المستأجر وبدون توافر هذه الشروط في أحدهما فإن أهلية إبرام العقد تنعدم أيضا.

المؤجر: بالرجوع للمادة الأولى من الأمر 96-06 المتعلق بالاعتماد الإيجاري نستخلص بأن مباشرة عمليات الاعتماد تتم من طرف بنك أو مؤسسة مالية كما يمكن أن يكون المؤجر شركة مؤهلة قانونا .

المستأجر: استنادا للمادة الأولى من قانون الاعتماد الإيجاري فإن المستأجر هو كل  متعامل اقتصادي جزائري أو أجنبي، شخصا طبيعيا كان أو معنويا تابع للقانون العام أو الخاص.

تحرير العقد: ويحرر هذا العقد غالبا على النموذج الذي تعده الشركات المختصة. - ويجب أن يتضمن تاريخ التحرير وبيانات كافية عن طرفيه ) المؤجر والمستأجر ( وبيان الأصل المؤجر والغرض الذي يستخدم فيه وتحديد مدة الإيجار والوقت الذي تبدأ منه، وتحديد القيمة الإيجارية التي يدفعها المستأجر وكيفية دفعها وكيفية استعمال الأصل المؤجر طبقا للتعليمات التي يحددها المؤجر.

ب- الشروط الشكلية: 1- الكتابة: بتفحص الأمر96-06 لم نجد ما يدل على وجوب إفراغ هذا العقد في شكل معين وعليه نقول أن عقد الاعتماد الإيجاري هو من عقود الرضائية باعتبار أن الشكلية يجب لفرضها وجود نص صريح ومن ثم لا تعتبر الكتابة سواء رسمية أو عرفية ركنا من أركان هذا العقد.

ولكن بالرجوع إلى نص المادة 2 منة الأمر المتعلق بالاعتماد الإيجاري :  "تخضع عمليات الاعتماد الإيجاري إلى إشهار، تحدد كيفياته عن طريق التنظيم " والتي يستفاد منها أن كتابة هذا العقد هي من المفترضات الضرورية للتمكن من إشهاره وتسجيله للاحتجاج به في مواجهة الغير إذ أنه بدون كتابته لا يتصور أن يكون له وجود قانوني.والكتابة في هذه الحالة هي وسيلة لإثبات العقد خاصة أن العقد يحتوي شروطا كثيرة لحسن تدوينها تفاديا للنزاعات المستقبلية .

2- شهر عقد الاعتماد الإيجاري:

إن الهدف الأساسي من إشهار أي عقد هو إعلام الغير بوجوده وعادة ما تخضع العقود ذات الأهمية للإشهار كالعقود التي يكون محلها عقارا والشركات التجارية وبعض المنقولات الطبيعة ذات الطبيعة الخاصة كالمحلات التجارية ...الخ

ولما كان عقد الاعتماد الإيجاري ذو أهمية في الحياة الاقتصادية فقد فرض المشرع شهره من اجل إعلام الغير بطبيعة وضع يد المستأجر على الأصل المؤجر حتى لا يتعامل معه على أساس أنه المالك من اجل الحفاظ على حقوق المؤجر باعتباره مالكا وبالتالي لا يخرج من الضمان العام لدائنيه ولا يدخل ضمن الضمان العام لدائني المستأجر كما يحمي الإشهار المستأجر في حالة تصرف المؤجر في الأصل المؤجر حيث يكون حق المستأجر نافذا في مواجهة المتصرف إليه.

خامسا- الطبيعة القانونية لعقد الإعتماد التجاري: 

بالرجوع للأمر 96 -09 المتعلق بالإعتماد الإيجاري وبالأخص للفصل الثالث منه تحت عنوان:" التكييف القانوني لعقد الإعتماد الإيجاري " ،يظهر جليا أن عقد الإعتماد الإيجاري عقد خاص ومسمى قائم بذاته له أحكام وقواعد تميزه عن بقية التصرفات القانونية الأخرى ، ولو أنه تأثر بمجموعة من العقود الكلاسيكية لاسيما منها عقد الإيجار والبيع والقرض والوكالة ، ويرجع ذلك لعدم مسايرة العقود التقليدية المنصوص عليها في القانون المدني لمسايرة الحياة التجارية والصناعية والتقدم التكنولوجي هذا من جهة، وعدم مطابقة القواعد القانونية الجامدة المنصوص عليها في القواعد العامة لعقد الإعتماد الإيجاري من جهة أخرى.

فلهذا نجد أن العقود التي صدرت مؤخرا ومن بينها عقد الإعتماد الإيجاري تتميز بأحكام وقواعد جديدة تتلائم مع طبيعتها والظروف الإقتصادية التي ظهرت في ظلها، ومن أهم خصائص عقد الإعتماد الإيجاري حق الخيار الثلاثي الممنوح للمستفيد عند نهاية العقد من شراء المال محل العقد أو تجديد عقد الإعتماد الإيجاري وأخيرا ردّ المال محل العقد لشركة الإعتماد الإيجاري بالإضافة إلى الشروط الموضوعية الخاصة التي تميزه عن بقية العقود الكلاسيكية .



ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق