الأحد، 12 نوفمبر 2023

القانون الواجب التطبيق على الأهلية

 

القانون الواجب التطبيق على الأهلية

القانون الدولي الخاص یعنى أساسا بحل التنازع بین القوانین ویتم حل ھذا التنازع بإعمال قواعد معینة تضع معیارا لتحدید القانون الواجب التطبیق بالنسبة لكل فكرة مسندة ومتى تعینت الفكرة المسندة تحددت قاعدة الإسناد الواجبة التطبیق ومتى تحددت هذه أمكن معرفة القانون المختص ویتم الفصل في النزاع.

تناول المشرع الجزائري قواعد الإسناد المتعلقة بالأهلية في المادة 10 من القانون المدني و الذي جاء في نصها : " يسري على الحالة المدنية للأشخاص و أهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم.

ومع ذلك ، ففي التصرفات المالية التي تعقد في الجزائر وتنتج آثارها فيها، إذا كان أحد الطرفين أجنبيا ناقص الأهلية و كان نقص أهليته يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل تبينه على الطرف الآخر ، فإن هذا السبب لا يؤثر في أهليته و في صحة المعاملة.

أما الأشخاص الاعتبارية من شركات و مؤسسات و غيرها، يسري على نظامها القانوني قانون الدولة التي يوجد فيها مقرها الإجتماعي الرئيسي و الفعلي.

غير أنه إذا مارست الأشخاص الإعتبارية الأجنبية نشاطا في الجزائر، فإنها تخضع للقانون الجزائري."

أولا- قاعدة خضوع الأهلية لقانون جنسية الشخص (القانون الوطني):

بموجب هذه القاعدة تخضع أهلية الأشخاص الطبيعين لقانونهم الوطني، أي لقانون جنسيتهم ، و بالتالي يكون الشخص كامل الأهلية أو ناقصها إذا كان قانونه الوطني يعده كذلك، و في القوانين الداخلية للدول لا يعد الشخص كامل الأهلية إلا ببلوغه سن معينة ن يطلق عليها سن الرشد ، و هذه السن ليست واحدة في مختلف دول العالم، فهي 19سنة في القانون الجزائري،و 18 سنة في القانون السوري و الفرنسي، 21 سنة في القانون المصري ، و 23 في هولندا ، و بهذا الشكل فالشخص الذي يعد كامل الأهلية في سوريا لا يعد كذلك في الجزائر ، و الشخص الذي يعد كامل الأهلية في الجزائر لا يعد كذلك في مصر ...، فهذا الإختلاف يجعل من مسألة تحديد القانون الذي يحكم أهلية الشخص في غاية الأهمية.

وتقوم قاعدة إخضاع أهلية الأشخاص لقانون جنسيتهم على اعتبارات تتعلق بكون الجنسية من ألصق المسائل المتعلقة بشخص الإنسان، لأن أحكامها تهدف أصلا إلى حماية الشخص نفسه من نقص قدرته على التمييز.

ثانيا- نطاق تطبيق القاعدة:

لتحديد مجال تطبيق قانون الجنسية على أهلية الشخص ، لابد من بيان المقصود بالأهلية الوارد ذكرها في نص المادة 10 ق م المشار إليها سابقا.

ينصرف اصطلاح الأهلية بشكل عام، إلى كل من أهلية الوجوب و أهلية الأداء، فيقصد بأهلية الوجوب صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات غير الناشئة عن تصرف قانوني،ولقد سميت بهذا الاسم لأنها تتعلق بما يجب للشخص من حقوق، وما يجب عليه من الالتزامات ، وهي تثبت للإنسان بمجرد ولادته وتلازمه طوال حياته ، فهي إذن ليست المقصودة هنا .

أما أهلية الأداء فهي صلاحية الشخص لإجراء التصرفات القانونية، وهي نوعان أهلية أداء خاصة وأهلية أداء عامة، فأما أهلية الأداء الخاصة( المقيدة)  فهي التي يستلزم لتوافرها شروط خاصة، كضرورة حصول الزوجة على إذن زوجها للتصرف في مالها، كما هو الحال في بعض الأنظمة الخاصة، وليست هذه هي الأهلية المقصودة بحيث تخضع للقانون الذي يحكم التصرف ذاته ،أما أهلية الأداء العامة، وهي التي تعنينا، فهي التي تحدد سن الرشد، سن التمييز، عوارض وموانع الأهلية، والجزاء المترتب على التصرفات التي ترتبط صحتها بأهلية الشخص، ويحكم الأهلية كقاعدة عامة قانون جنسية الشخص )م10/2 ق م)، عكس بعض التشريعات التي أخضعتها إلى قانون الموطن أو إلى نظام مختلط.

ثالثا- إستثناء تطبيق القاعدة:

إن المشرع الجزائري أورد استثناء في المادة 10/2 ق م حيث يطبق القانون الجزائري على الأجنبي ناقص الأهلية طبقا لقانون بلده، وكامل الأهلية طبقا للقانون الجزائري إذا كان الذي يتعامل معه جزائري، إذا توافرت الشروط التالية:

- أن يكون التصرف الذي قام به الأجنبي من التصرفات المالية لا الشخصية )كالبيع(.

- أن يتم التصرف في الجزائر وينتج آثاره فيها.

- أن يكون الأجنبي ناقص الأهلية طبقا لقانونه وكامل الأهلية طبقا للق الجزائري.

- أن يكون سبب نقص الأهلية خفي لا يسهل تبيينه من الطرف الآخر المتعاقد مع الأجنبي، فإذا سهل تبيينه لا يؤخذ بهذا الاستثناء.

- أن يكون الأجنبي ناقص الأهلية وليس عديمها.

أصل تطبيق الإستثناء : يرجع هذا الاستثناء إلى قضية   Lizardi، وهو شاب مكسيكي يبلغ سن 23 سنة،

اشترى مجوهرات من تاجر فرنسي بقيمة 80 ألف فرنك، وقع بها صكوكا للتاجر الفرنسي، وحينما حلّ أجل هذه الصكوك طالب التاجر الشاب المكسيكي بالدفع، فتمسك هذا الأخير بنقص أهليته لعدم بلوغه سن 25 سنة، التي تعد سن الرشد بالنسبة للقانون المكسيكي بالتالي يعد تصرفه قابل للإبطال.

رفع التاجر الفرنسي دعوى ضده على أساس جهله بالقانون المكسيكي، وأنه كان يعتقد بكمال أهلية الشاب، وذلك بالنظر إلى القانون الفرنسي الذي يحدد سن الرشد بـ21 سنة، فصدر الحكم لصالحه وأيدته محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر بتاريخ 16/01/1861، على أساس أنه يكفي لصحة العقد أن يكون الفرنسي تعامل بحسن نية مع الأجنبي، واستقر القضاء والتشريع الفرنسيين على هذا، وحذا حذوهما في ذلك المشرع الجزائري.

ويرجع بعض الفقهاء أساس هذا الاستثناء إلى فكرة احترام النظام العام لقانون الوطني المتعامل مع الأجنبي، والبعض الآخر إلى فكرة الإثراء بلا سبب. ولعل الأصح أن نرجع أساس هذا الاستثناء إلى قاعدة مفادها أن " الجهل بالقانون الأجنبي عذر مقبول " فلا يعقل مطالبة الوطنيين بمعرفة قوانين الأجانب بل تكفي معرفتهم بقانونهم الوطني.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق