الاثنين، 13 نوفمبر 2023

مفهوم الكفالة

 

مفهوم الكفالة

إن الدائن حتى يضمن استيفاء حقه الشخصي كاملاً من مدينه في ميعاد الاستحقاق لا بد له من الحصول على تأمينات خاصة يتخطى بها عقبة إعسار المدين، أو غشه، أو إهماله؛ لأن الضمان العام للدائن لا يكفي. والتأمينات الخاصة نوعان: تأمينات شخصية وتأمينات عينية ، والتأمينات الخاصة تسمى عقود الضمان؛ لأنها توفر ضماناً كافياً للدائن وفي نفس الوقت تضع في يد المدين أداةً للثقة والائتمان يستطيع أن يحصل بفضلها على ما يحتاج إليه من مال.

فالتأمينات الشخصية هي التزامات شخصية تضاف إلى التزام المدين وبعبارة أخرى هي ضم ذمة أو أكثر إلى ذمة المدين الأصلي، فيصير للدائن مدينان أو أكثر وفي هذا تأمين كافي له. ومن بين التأمينات الشخصية الكفالة، أما التأمينات العينية فهي تخصيص مال معين لتأمين حق الدائن ومن بين التأمينات العينية الرهن، وهذه البطاقة التقنية تلقي الضوء على مفهوم عقد الكفالة باعتباره نوعاً من أنواع التأمينات الشخصية.

أولا- تعريف الكفالة:

   عرَّف المشرع الجزائري الكفالة في المادة 644 ق م بقوله:"الكفالة عقد يكفل بمقتضاه شخص تنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الالتزام إذا لم يفِ به المدين نفسه." ونصت المادة 647 من نفس القانون على أنه: " تجوز كفالة المدين بغير علمه، وتجوز أيضاً رغم معارضته. "

من خلال نص هذه المادة يتبين أن طرفي الكفالة هما: الكفيل والدائن فقط، أما المدين فليس طرفاً فيها، بدليل أن الكفالة تجوز دون علمه، ورغم معارضته.

ثانيا- خصائص الكفالة:

1-  الكفالة عقد مسمى:العقد المسمى هو العقد الذي يضع له القانون اسماً خاصاً، ويتكفل ببيان أحكامه، لذيوعه بين الناس، وانتشاره في معاملاتهم. وقد تناول المشرع الجزائري الكفالة في القانون المدني وبيَّن أحكامها في المواد من 644 إلى 673.

2- الكفالة عقد رضائي: العقد الرضائي هو العقد الذي يكفي مجرد تراضي المتعاقدين لانعقاده، حتى ولو اشترط القانون لإثباته شكلاً خاصاً كالكتابة مثلاً. فالكفالة عقد رضائي، لا يشترط فيه إلا رضا الكفيل رضاً صريحاً، والكتابة ليست شرطاً لانعقادها، وإنما هي شرط لإثباتها. وهذا ما تنص عليه المادة 645 ق م بقولها:"لا تثبت الكفالة إلا بالكتابة، ولو كان من الجائز إثبات الالتزام الأصلي بالبينة."

3- الكفالة عقد توثيق:عقود التوثيق هي التي يقصد منها توثيق الدين، وضمان الوفاء به، إذا لم ينفذ المدين التزامه. وبما أن الكفالة عقد توثيق فلا يترتب عنها براءة ذمة المكفول عنه.

4- الكفالة عقد ملزم لجانب واحد:العقد الملزم لجانب واحد أو العقد غير التبادلي هو العقد الذي يرتب التزامات على طرف واحد من طرفيه، فيكون أحدهما مديناً، والآخر دائناً. وهذا ما  تنص عليه المادة 56 ق م بقولها:" يكون العقد ملزماً لشخص، أو لعدة أشخاص، إذا تعاقد فيه شخص نحو شخص،أو عدة أشخاص آخرين دون التزام من هؤلاء الآخرين." ففي الكفالة يلتزم الكفيل للدائن بالوفاء بالدين إذا لم يفِ به المدين، بينما الدائن لا يلتزم بشيء نحوه.

5- الكفالة عقد تبرع:عقد التبرع هو: العقد الذي لا يأخذ فيه أحد  المتعاقدين  مقابلاً  لما  يعطيه، و  يرى بعض شراح القانون المدني مثل: عبد الرزاق أحمد السنهوري، أن الكفالة عقد تبرع بالنسبة للكفيل؛ لأنه تبرع بكفالة الدين، وعقد معاوضة بالنسبة للدائن؛ لأنه حصل على الكفالة مقابل إعطاء الدين للمدين، وليس من الضروري في عقود المعاوضة إعطاء العوض لأحد المتعاقدين، بل يمكن إعطاؤه للغير، الذي هو المدين في هذه الحالة، لكن هناك من يرى بأن هذا الرأي غير صحيح؛ لأنه يتعارض مع تعريف عقد المعاوضة الذي يُعرَّف بأنه العقد  الذي يأخذ فيه كِلا المتعاقدين مقابلاً لما يعطيه؛ لأن الكفيل لا يأخذ من الدائن شيئاً مقابل الضمان الذي قدمه له، ولذلك يرى أن الأصل في الكفالة أنها من عقود التبرع، وعدم المقابل فيها من طبيعة العقد.

يترتب على كون الكفالة عقد تبرع النتائج التالية:

أ- الكفالة عمل مدني وليست عملاً تجارياً، ولو كان الكفيل تاجراً، لكن الكفالة الناشئة عن ضمان الأوراق التجارية، ضماناً احتياطياً، أو عن تظهيرها تعتبر دائماً عملاً تجارياً. وهذا ما تنص عليه المادة 651 ق م بقولها: " تعتبر كفالة الدين التجاري عملاً مدنياً، ولو كان الكفيل تاجراً.

غير أن الكفالة الناشئة عن ضمان الأوراق التجارية، ضماناً احتياطياً، أو عن تظهير هذه الأوراق،تعتبر دائماً عملاً تجارياً."

بلا يجوز إبرام الكفالة باعتبارها عقد تبرع عن طريق الوكالة إلا بوكالة خاصة، يعين فيها محلها على وجه التخصيص.وهذا ما تنص عليه المادة 574 ق م بقولها: " لا بد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة، لاسيما في البيع، والرهن، والتبرع، والصلح، والإقرار، والتحكيم، وتوجيه اليمين، والمرافعة أمام القضاء.

الوكالة الخاصة في نوع معين من أنواع الأعمال القانونية تصح ولو لم يعين محل هذا العمل على وجه التخصيص،إلا إذا كان العمل من التبرعات.

الوكالة الخاصة لا تخول للوكيل إلا القدرة على مباشرة الأمور المحددة فيها، وما تقتضيه هذه الأمور من توابع ضرورية، وفقاً لطبيعة كل أمر وللعرف الجاري"

تفي حالة رفع الدعوى البوليصية من دائن الكفيل فإنه يجب مراعاة شروط هذه الدعوى عندما تنصب على التبرع. وهذا ما تنص عليه المادة 192 ق م في فقرتها الثالثة بقولها:"أما إذا كان التصرف الذي قام به المدين تبرعاً فإنه لا يحتج به على الدائن، ولو كان المتبرع له حسن النية."

6- الكفالة عقد تابع:العقد التابع هو: الذي يتبع العقد الأصلي في وجوده وانقضائه، وصحته وبطلانه،كالكفالة والرهن.

يترتب على كون الكفالة عقد تابع النتائج التالية:

أالتزام الكفيل يتبع التزام المدين الأصلي في وجوده، وانقضائه، وفي صحته، وبطلانه، وفي الدفوع التي يدفع بها الدين. وهذا ما تنص عليه المادة 648 ق م بقولها:"لا تكون الكفالة صحيحة إلا إذا كان الالتزام المكفول صحيحاً." والمادة 654 في فقرتها الأولى بقولها:" يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين، وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين."

ب- إذا كان التزام المدين الأصلي معلقاً على شرط، أو مضافاً إلى أجل، فلا يجوز أن يكون التزام الكفيل منجزاً.

ت-لا يجوز أن يلتزم الكفيل بمبلغ أكبر من الذي على المدين، أو بشرط أشد من شروط الدين المكفول، فإذا التزم بذلك فإن التزامه لا يبطل، ويجب انقاصه، حتى يساوي التزام المدين الأصلي. وهذا ما تنص عليه المادة 652 ق م بقولها:"لا تجوز الكفالة في مبلغ أكبر مما هو مستحق على المدين، ولا بشرط أشد من شروط الدين المكفول.

ولكن تجوز الكفالة في مبلغ أقل وبشرط أهون."

ثلا يجوز للدائن الرجوع على الكفيل إلا بعد الرجوع على المدين، وهذا ما تنص عليه المادة 660 ق م  بقولها:"لا يجوز للدائن أن يرجع على الكفيل وحده، إلا بعد رجوعه على المدين.

ولا يجوز له أن ينفذ على أموال الكفيل، إلا بعد أن يجرد المدين من أمواله، ويجب على الكفيل في هذه الحالة أن يتمسك بهذا الحق."

ثالثا- أنواع الكفالة :

يمكن إجراء أكثر من تقسيم للكفالة بحسب الزاوية المنظور إليها منها:

-من حيث المصدر: تكون الكفالة إما إتفاقية قانونية أو قضائية.

-ومن حيث الطبيعة : هناك الكفالة المدنية والكفالة التجارية.

-ومن حيث المحل : تكون كفالة شخصية ( بسيطة أو تضامنية )، أو عينية.

1/ أنواع الكفالة بحسب مصدرها :

أ-الكفالة الاتفاقية : هي التي تنشأ نتيجة إتفاق المدين مع الدائن على إلتزام الأول بتقديم كفيل للثاني يضمن دينه، و يكون هذا الإتفاق هو مصدر إلتزام المدين بتقديم الكفالة، سواء تم الاتفاق قبل نشوء الدين في ذمة المدين أو بعد ذلك،ويعد من قبيل الكفالة الاتفاقية سعي المدين من تلقاء نفسه إلى الحصول، على كفيل يضمنه و يقدمه من تلقاء نفسه، دون أن يكون ملتزما بذلك، للدائن حتى يحصل منه على إئتمان جديد أو أن يجدد الإئتمان السابق،و يمكن أن تنشأ الكفالة كذلك في حالة تقدم الكفيل من تلقاء نفسه لضمان المدين و إلتزامه بذلك في مواجهة الدائن، حتى ولو لم يعلم بها هذا الإخير أو حتى رغم معارضة، حيث يكون مصدر إلتزام الكفيل هذا هو الإرادة المنفردة، وهي مصدر  إرادي يقيد به، وتعتبر هاتين الحالتين من قبل الكفالة الاتفاقية.

ب-الكفالة القانونية :تكون الكفالة قانونية في الأحوال التي يوجب القانون فيها على المدين تقديم كفيل للدائن، ومثال ذلك نص المادة 851 ق م والتي تلزم المنتفع بمنقول أن يقدم لمالك الرقبة كفالة ضمان للوفاء بالتزامه برّد المنقول أو بدله "وأيضا نص المادة 388/2 ق م والتي تخول للبائع بأن يقدم كفيلا " إذا أراد إستيفاء الثمن رغم التعرض للمشتري و رغم حق المشتري في الحبس.

وأيضا ما نصت عليه المادة 211/2 ق.م.ج والتي تنص على أن أجل الدين يسقط متى إنقض بفعل المدين وإلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص ولو كان هذا التأمين قد أعطى، بعقد لاحق أو بمقتضى القانون، ما لم يفضل الدائن، أن يطالب بتكملة الثمن .

          وكذا نص المادة 212 التي نصت على أنه للدائن، وقبل إنقضاء الأجل، أن يتخذ من الإجراءات ما يحافظ به على حقوقه، ولو بوجه خاص أن يطالب بتأمين إن خشي إفلاس المدين.

ج- الكفالة القضائية: تكون الكفالة قضائية في الحالات التي يكون مصدر إلتزام المدين فيها بتقديم كفيل حكم القاضي، مثل ما جاءت به المادة 717-2 مدني، إذ تنص أنه" إذا وافقت المحكمة على قرار الشركاء الذين يملكون على الأقل ¾ من المال الشائع بإجراء تغيرات أساسية فيه فإن لها أن تأمر بإعطاء المخالف من الشركاء كفالة تضمن الوفاء بما قد يستحق لـه من تعويضات.

هذا وأن إعتبار الكفالة إتفاقية أو قانونية أو قضائية، لـه أهمية من الناحية العملية ذلك أن القانون يجعل للكفالة القانونية والقضائية أحكام خاصة، لا يؤخذ بها في الكفالة الإتفاقية، فنصت المادة 667 مدني، على أنه "يكون الكفلاء في الكفالة القضائية دائما متضامين، في حين أنه إذا تعدد الكفلاء  في الكفالة الإتفاقية، يكونون غير متضامنين إلا إذا تم الإتفاق على ذلك في عقد الكفالة"، لذا يكون إلتزام الكفيل في الكفالة القانونية والقضائية أشد منه في الكفالة الاتفاقية إذ يكون متضامن مع الغير من الكفلاء بقوة القانون دون أن ينص على ذلك عقد الكفالة.

2/ أنواع الكفالة بحسب طبيعتها:تنقسم الكفالة بحسب طبيعة العقد المبرم بين الكفيل والمكفول لـه إلى كفالة مدنية و كفالة تجارية، و يترتب على التميز بين نوعي الكفالة نفس نتائج التمييز بين الأعمال التجارية و الأعمال المدنية من حيث أحكام الإثبات والفائدة القانونية والاختصاص القضائي والأهلية الواجب توفرها في الكفيل.

 أ- الكفالة المدنية :القاعدة أن الكفالة عقد مدني لأنه من عقود التبرع، والتجارة تقوم على الربح والمضاربة ولا تتفق مع صفة التبرع، فالكفيل متبرع ولا يحصل على مقابل، وهو ما أكدته المادة 651 من ق.م،  و يترتب على ذلك أن الكفالة تعتبر مدنية ولو كان الكفيل يضمن دين تجاري أو وليد علاقة تجارية بين المدين و الدائن، ولو كان الكفيل لديه الأهلية التجارية، ويقوم بممارسة نشاط تجاري، طالما أن الكفالة تمت على سبيل التبرع.

ب- الكفالة التجارية:إستثنت المادة 651/2 حالتين، إعتبرت فيهما أن الكفالة الناشئة عن ضمان الأوراق التجارية ضمان إحتياطي وأن أي تطهير لها يجعلها عمل تجاري.

فالضمان الاحتياطي يقصد به ضمان الالتزام الناشئ من الورقة التجارية و يتم ذلك بكتابته على الورقة التجارية ذاتها أو كتابته على الورقة المتصلة بها أو في ورقة مستقلة وهو ما أكدته المادة 409 من ق.ت

أما بالنسبة للتظهير، فعلى الرغم من إعتبار المشرع تظهيرها بمثابة كفالة تجارية، إلا أن البعض الأخر ذهب لاعتبارها صورة من صور الرهن الحيازي للورقة التجارية.

3/ أنواع الكفالة بحسب محلها:

أ- الكفالة الشخصية:هي الكفالة العادية التي يلتزم فيها الكفيل بضمان الوفاء بالدين إذا لم يف به المدين، فيستطيع الدائن أن يستوفي حقه من أموال المدين ومن أموال الكفيل إذ لم تكفي أموال الأول، و ترد الكفالة على الضمان العام للكفيل أي على كل أمواله دون تخصيص.

ب- الكفالة العينية :وهي تأمين عيني حيث يقدم الكفيل مالا ( عقار أو منقول) مملوكا لضمان الوفاء بالتزام في ذمة شخص آخر و سمي الكفيل هنا بالكفيل العيني حيث يقوم برهن عقار أو منقول يملكه لضمان الوفاء بالتزام المدين وهو لا يضمن هذا الوفاء إلا في حدود المال الذي قدمه تأمينا له فالضمان لا يرد على كل ذمته المالية،ومنه الكفيل العيني لا يكون مسؤول شخصيا عن الدين بل يضمن الدين في حدود المال الذي قدمه رهنا ،و منه الكفالة العينة تندرج تحت التأمينات العينية ضمن عقد الرهن.

يترتب على التميز بين النوعين النتائج التالية:

*أن ضمان الكفيل العيني ينحصر في حدود العين المرهونة لتأمين هذا الوفاء أما الكفيل الشخصي فيضمن الوفاء بالدين في كل أمواله ( كل العناصر الإيجابية لذمته المالية ).

*الكفالة العينية تجعل الدائن في مركز خاص و ممتاز بحيث تجنبه خطر إعسار المدين و الكفيل بحيث يكون له إلى جانب الضمان العام للمدين سلطة تنصب على الشيء المقدم من الكفيل رهنا رسميا أو حيا زيا وهي السلطة التي تخوله حق التتبع و الأولوية في استفاء الثمن بعد بيعه.

رابعا - تميز عقد الكفالة عن بعض الأنظمة المشابهة لها:

          1/ تمييزها عن التضامن بين المدينين :    تختلف الكفالة عن التضامن بين المدينين، من حيث أن المدين المتضامن يلتزم بصفة أصلية في مواجهة الدائن، وذلك على نقيض إلتزام الكفيل حتى ولو كان متضامنا مع المدين، فهو يعتبر إلتزاما تابعا لالتزام المدين، و يترتب على صفة التبعية هذه أن للكفيل حتى ولو كان متضامن أن يتمسك ببراءة ذمته إذا ما أضاع الدائن التأمينات، وكذلك سقوط إلتزامه إذا لم يرجع الدائن على المدين خلال ستة أشهر من تاريخ إنذار الكفيل له بذلك، وإذا لم يحل الدائن في تفليسة المدين سقط حقه في الرجوع على الكفيل بقدر ما كان يستطيع أن يحصل عليه من هذه التفليسة ( المواد 656، 657، 658 ق.م).

2/ تمييزها عن الإنابة الناقصة : ( المواد 294، 295، 296 من ق.م)

                   تعني الإنابة أن المدين قد أناب عنه شخصا آخر يتعهد للدائن بالوفاء بالدين الموجود في ذمته.

          فهي تتم إذا حصل المدين على رضا الدائن بشخص أجنبي يقوم بوفاء الدين مكان المدين و الإنابة نوعان :

*الإنابة الكاملة : وتكون عندما ينيب المدين شخص آخر يتعهد للدائن بدين جديد بدل الذي كان في ذمته، أي أن الدين القديم ينقضي لينشأ مكانه دين جديد، ويعتبر هذا تجديد بتغيير المدين.

*الإنابة القاصرة أو الناقصة :  فهي لا تتضمن تجديدا، بل يبقى الدين في ذمة المدين الأصلي و ينظم إليه المدين الجديد ليكون مدينا لذات الدائن، بنفس الدين ومناط التفرقة بين النوعين يمكن في تضمنها تجديدا بتغير المدين أو عدم تضمنها له.

          لا وجه للالتباس بين فكرة الإنابة الكاملة، والكفالة لأن الإنابة الكاملة تنطوي على تحديد للالتزام بتغير المدين، فالمدين الأصلي ( المنيب ) يختفي ليحل محله مدين جديد (المناب).

ويمكن أن يثور التلبس بصدد الإنابة الناقصة، حيث يتعدد المدينون بدين واحد، إذ يبقى الدين في ذمة المدين الأصلي، و ينظم إليه المدين الجديد ليكون مدينا بنفس الدين.

ولكن الفارق بين الإنابة الناقصة والكفالة أي بين الكفيل و المناب يكمن في فكرة التبعية، فالمناب يلتزم بدفع دين الغير إلتزاما أصليا لا إلتزاما تابعا كما هو الحال بالنسبة للكفيل و يستطيع الدائن أن يختار أي من المنيـب أوالمناب لمطالبته بحقه لأن كل منهما يلتزم إلتزاما أصليا في مواجهة الدائن، ولا يستطيع المناب أن يطلب من الدائن أن يرجع على المنيب ( المنيب الأصلي ) ولو كان موسرا، ولا يستطيع أن يحتج بالدفوع التي يحتج بها المنيب على المناب لديه ( الدائن).

          أما بالنسبة للكفيل فإن إلتزامه تابع للالتزام الأصلي، ومن تم يجوز له، كما رأينا، أن يدفع في مواجهة الدائن بضرورة رجوعه، على المدين الأصلي أولا، وله أن يتمسك في مواجهته بضرورة التنفيذ على أموال المدين و تجريده من أمواله قبل الشروع في التنفيذ على أموال الكفيل.

3/ التعهد عن الغير : المادة 114 ق م.

                   التعهد عن الغير هو الحالة التي يتعاقد فيها شخص مع أخر على تعهده شخصيا بأن يحمل الغير على قبول التعاقد أو التزام معين، مثال ذلك، حالة الوكيل الذي يتجاوز حدود الوكالة، و يتعهد شخصيا بأن يجعل الموكل يقر الاتفاق الخارج عن حدود التوكيل، والتعهد عن الغير لا يلزم الغير، فالمتعهد يلتزم شخصيا بالعقد الذي يبرمه، فهو ليس وكيلا عن الغير أو نائبا عنه و لا سلطة له في إلزامه، ولكنه يتعهد بأن يحصل على رضاء هذا الغير بالعقد فمحل إلتزام المتعهد هو دائما إلتزام بعمل هو أن يحمل الغير على قبول إلتزام معين.ولا يرتب التعهد عن الغير إلتزاما في ذمته بل يظل حرا في أن يقبل العقد الذي تم التعهد به عنه أو أن يرفضه.

          فالمتعهد عن الغير يلتزم إلتزاما أصليا بأن يجعل الغير يقبل إلتزام معين، أما إلتزام الكفيل فهو إلتزام تبعي حيث يلتزم بالوفاء بالدين إذا لم يف به المدين نفسه، فالكفيل يضمن وفاء المدين بالتزامه أما المتعهد فيقتصر دوره على حمل الغير على قبول الالتزام دون أن يضمن الوفاء بهذا الالتزام.

          للغير الحرية في قبول الالتزام أو رفضه، فإذا رفض الغير القيام بتنفيذ ما تعهد به المتعهد، فإن هذا الأخير يكون قد أخل بالتزامه الأصلي، و يلتزم بتعويض المتعهد له عما ناله من ضرر، و يجوز للمتعهد عن الغير أن يتخلص من التعويض بأن يقوم بنفسه بما تعهد أن يقوم به الغير، أي أنه يجوز للمتعهد أن يقوم بتنفيذ نفس الإلتزام

موضوع التعهد، إن كان ذلك ممكنا و ذلك كصورة من صور التعويض، وقد يؤدي هذا إلى الاعتقاد بأن المتعهد يعتبر هنا بمثابة كفيل لأنه ينفذ الالتزام الذي كان من المفروض أن ينفذه الغير، إلا أن هذا الإعتقاد غير صحيح.

لأن الغير لم يوجد عليه أي إلتزام أصلا حتى ينفذ المتعهد بدلا منه و يقوم المتعهد بتنفيذ إلتزامه هو، وهو إلتزام أصلي و ليس تابعا و يتم ذلك عن طريق التنفيذ بمقابل أي أنه ينفذ إلتزاما بديلا لالتزامه أما الكفيل فإلتزامه تابع لانه يقوم بتنفيذ إلتزام المدين إذا لم يقم به.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق