الثلاثاء، 7 نوفمبر 2023

الفضـــــالـــــــة في القانون المدني

 

الفضـــــالـــــــة

         لقد عرف القانون المدني الجزائري الفضالة، ونص عليها صراحة في المادة 150  من القسم الثالث، في الفصل الرابع، المخصص لشبه العقود، من الكتاب الثاني المخصص للالتزامات والعقود.
وصنفها بعد كلامه من شبه العقود الأخرى، المتمثلة في الإثراء بلا سبب، والدفع غير المستحق.
وجاء في هذه المادة ما يلي:" الفضالة هي أن يتولى شخص عن قصد القيام بالشأن، لحساب شخص آخر، دون أن يكون ملزما بذلك"

×    مفهوم الفضالة:

من خلال هذا التعريف نقول أنّ الفضالة هي: أن يقوم شخص بشأن لحساب شخص آخر، دون أن يكون وكيلا، أو وصي،وقد يكون هذا الشأن عملا ماديا، أو تصرفا قانونيـا، كسداد الدين، أو بيع محصول يسرع إليه الفساد، أو عملا ماديا كأن يطفئ حريقا شـب في منزل جاره، أو ترميمه.

من خلال نص هذه المادة يتضح أنّ :

الفضالة تفترض أنّ شخصا غير ملزم لا قانونـا، ولا اتفاقا، ولا قضاء، بأن يقوم بعمل مادي أو تصرف قانوني، لحساب شخص آخر، وهـو يعلم بذلك.

فهو إذن يقوم بعمل إنساني إيثاري يقصد به تأدية مساعدة لشخص قد يكون غائبا بعيدا، وقد يكون غير قادر، ولو كان قادرا لقام بالعمل الذي قام به الفضولي.

وعليه نقول أنه ينبغي أن يكون للفضولي قصدا لمساعدة الغير أو لتأدية عمله، فإذا قام لتحقيق مصالحه الشخصية لا تتحقق الفضالة، وإذا كان العمل مشتركا بينهما بـين مـصلحة الفضولي، ومصلحة الغير – وهذا العمل أو المصلحة غير قابلة للانفصام أو الانفصال- تتحقـق الفضالة .

×    رأي المشرع الجزائري في الفضالة

ما يلاحظ كذلك أنّ المشرع الجزائري لم يشر إلى أن الشأن الذي يتدخل فيه الفضولي، ينبغي أن يكون عاجلا أو ضروريا.

فهذا الشرط هام جدا، و إلا لتدخل الناس في شؤون غيرهم بداعي التطفل، والتفضل، وإذا لم يكن كذلك يستدعي العجلة أو الضرورة، فلمـا يتـدخل الفضولي لا يكفي أن يكون العمل نافعا أو مفيدا،وإنما يتعين أن يكون العمل ضروريا ومن الشؤون العاجلة.

ومعنى أن يكون ضروريا، أن يكون من الشؤون التي ما كان رب العمـل ليتوانى في القيام بها.

نجد أنّ هذا الشرط قد اتفقت عليه جل القوانين الوضعية، على غرار ما فعله المـشرع المصري في تعريفه للفضالة التي قال عنها: "أن يتولى شخص عن قصد القيام بـشأن عاجـل لحساب الغير "

×  الشروط الواجب توافرها في الفضولي في القانون المدني الجزائري

تطبيقا لأحكام المادة 158 ق. م والتي تنص على ما يلي: " إذا لم تتوافر في الفضولي أهلية التعاقد فلا يكون مسؤولا عن إرادته، إلا بالقدر الذي أثري به، ما لم تكن مسؤوليته ناشئة عن عمل غير مشروع".

من خلال هذا النص نستنتج أنه إذا قام الفضولي بتصرف قانوني باسمه الشخصي، يجب أن تتوافر فيه أهلية التعاقد اللازمة للعقد الذي قام به، فمن غير المعقول أن يكون الفضولي قاصرا أو مجنونا ويبرم التصرفات مع الغير، وعليه ينبغي أن تكون له أهلية التميز، أو أن تكون أهليته كاملة، حتى تقوم مسؤوليته.

 

×    أركان الفضالة في القانون المدني الجزائري

حسب المادة 150 ق.م نستخرج الأركان وهي كالآتي:

الركن المادي: أن يتولى الفضولي القيام بالشأن لحساب الغير.

الركن المعنوي: أن يكون ذلك عن قصد، أي: أن تنصرف نيته للعمل لحساب الغير.

الركن القانوني : ألا يكون ملزما بذلك قانونا، أو اتفاقا، ولا منهيا عنه، بمعنى غير ملتزم به، ولا موكلا فيه، ولا منهيا عنه.

وهناك ركن رابع لم يشر إليه القانون المدني الجزائري، وهذا لكثرة الاختلاف الحاصل حوله، وهو كون العمل الذي يقوم به الفضولي لصالح رب العمل، نافعا أو ضروريا، أو مستعجلا، وهذا ما سنحاول توضيحه في حينه.

×    بعض أحكام الفضالة في القانون المدني الجزائري:

موت الفضولي ورب العمل:انطلاقا من نص المادة 156 ق.م، التي تنص على ما يلي: "إذا مات الفضولي التزم ورثته بما يلتزم به ورثة الوكيل طبقا لأحكام المادة  589/2، وإذا مات رب العمل، بقى الفضولي ملزما نحو الورثة، بما  كان ملزما به نحو مورثهم" نستخلص ما يلي: - تنقضي الفضالة بموت الفضولي، كما تنتهي الوكالة بموت الوكيل.

- لابد من الفضولي في حالة موت رب العمل، أن يتم العمل الذي بدأه، حتى يستطيع الوارث أن يتولى هذا العمل.

أجرة الفضولي : تنص المادة  157ق.م :"... ولا يستحق الفضولي أجرا على عمله، إلا إذا كان العمل من أعمال مهنته"، من خلال هذا نفهم أن الفضالة تبرعية، ولا يستحق الفضولي أجرا على العمل الذي باشره باعتباره عمل إنساني وإيثاري لا يبغي من ورائه قصدا إلا المنفعة، أما إذا كان العمل يدخل ضمن اختصاصه أو مهنته، فلا بأس بذلك انطلاقا مما هو موضح في النص، كالطبيب في العلاج مثلا.

التزامات الفضولي: بالرجوع إلى نصوص القانون المدني الجزائري، نجدها قد نصت على التزامات الفضولي صراحة في المواد  153- 155، فنجد أ ن المشرع الجزائري رتب04 التزامات تقع على عاتق الفضولي هي:

التزامه بالمضي في العمل الذي بدأه حتى يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه.

التزامه بأن يبذل في تأدية عمله عناية الرجل العادي.

التزامه بإخطار رب العمل بتدخله متى استطاع ذلك.

التزامه بأن يؤدي حسابا لرب العمل عما قام به.

تقادم التزامات الفضولي: لقد نص على ذلك المشرع الجزائري في المادة 159 ق م ": تسقط الدعوى الناشئة عن الفضالة بانقضاء 10 سنوات من اليوم الذي يعلم فيه كل طرف بحقه، تسقط في جميع الأحوال بانقضاء 15 سنة، من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق".، من خلال هذا النص الذي هو بين أيدينا نستنتج أن الفضولي إذا لم يقم بتنفيذ التزاماته التي سبق وأن ذكرناها فإن رب العمل يستطيع أن يرفع عليه دعوى مطالبا فيها بتنفيذ التزاماته.لكن هذه الدعوى أحيانا لا تقبل وتسقط، وذلك انطلاقا من أن القانون حددها بمدة معينة 15 سنة، من نشوء الحق أو عند علمه به.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق