الخميس، 9 نوفمبر 2023

النظام القانوني للأعمال التجارية

 

النظام القانوني للأعمال التجارية

ماهية الأعمال التجارية:

لمعرفة ماهية الأعمال التجارية يجب علينا أولا أن نتعرف على معيار التفرقة بين العمل المدني والتجاري. لأن المشرع الجزائري لم یتعرض إلى تعریف العمل التجاري. وذلك لعدم وجود تعريف واحد ينطبق على جميع الأعمال التي تعتبر تجارية. من هنا يجب أن نتكلم عن الأعمال التجارية ومعيار التفرقة بينها وبين الأعمال المدنية و ما يترتب على ذلك من نتائج

.

أولا- معايير التفرقة بين الأعمال التجارية و الأعمال المدنية:

 

أ-  نظرية المضاربة :

يرى أصحاب هذه النظرية أن الأعمال التجارية الهدف منها هو تحقيق الربح عن طريق المضاربة.

فكل عمل يهدف صاحبه من وراءه إلى تحقيق الربح يُعد عملا تجاريًا. لقد تعرضت هذه النظرية لانتقادات شديدة منها: إن هناك أعمالا تعتبر تجارية دون أن يكون الهدف منها تحقيق الربح و بالمقابل هناك أعمالا يسعى الشخص من ورائها تحقيق الربح ومع ذلك لا يعتبرها القانون من الأعمال التجارية (المهن الحرة).

ب - نظرية الحرفة :

تستند هذه النظرية على المعيار الشخصي و ليس المعيار الموضوعي للعمل التجاري. والعمل التجاري هو ذلك العمل الذي يصدر من شخص احترف التجارة. فكل ما يقوم به التاجر في نطاق التجارة يعتبر عملا تجاريًا. وانتقدت هذه النظرية بدورها لعدم وجاهتها منها: كيف يمكن تحديد مفهوم الحرفة قبل تحديد مفهوم العمل التجاري ؟

ج - نظرية التداول :

حسب هذه النظرية التجارة تعني التداول، أي تداول النقود والبضائع والسندات، والتداول معناه تحريك السلعة وانتقالها، كانتقال البضاعة المصنعة من المنتج إلى التاجر ثم إلى المستهلك. وقد واجهت هذه النظرية الانتقادات التالية: هناك أعمالا يتحقق فيها تداول للبضائع دون أن تعتبر تجارية (كبيع المزارع إنتاج مزروعاته أو قيام المؤسسات التعاونية ببيع السلع إلى أعضائها).

د-  نظرية المشروع :

تستند هذه النظرية إلى عنصرين هما الاحتراف أي تكرار العمل ووجود تنظيم للعمل. وعلى هذا الأساس إذا كان العمل قد قام على وجه متكرر وطبقًا لنظام معين عد ذلك العمل تجاريًا. وقد انتقدت أيضًا هذه النظرية لكونها لم تقم بالحل المنشود.

وخلاصة لما سبق ذكره فإن المعايير التي طرحت لتحديد مفهوم العمل التجاري لم تتمكن كلية من إيجاد

تعريف محدد ومضبوط للعمل التجاري يمكن أن ينطبق على جميع الأعمال التي تنص عليها معظم التشريعات التجارية. و لهذا نجد أن القوانين قد تأخذ بأكثر من معيار أو أنها تذهب إلى تعداد بعض الأعمال التي تعتبرها تجارية و تترك الباب مفتوحًا للقاضي في أن يقيس عليها. وإذا ما تتبعنا نصوص القانون التجاري الجزائري في هذا الشأن نجد و أنه ابتعد عن الصراع الفقهي القائم واخذ بالمبدأ المزدوج (الاتجاه الشخصي و الموضوعي معًا) وهو ما يظهر جليًا في المواد من 01 إلى 04.

 

 

 

ثانيا- النظام القانوني للأعمال التجارية  :

رغم أن المشرع الجزائري قد أخذ بالنظريتين الموضوعية والشخصية في تحديد نطاق تطبيق القانون

التجاري، إلا انه لم يعط تعريفًا عامًا للأعمال التجارية بالرغم من أهمية ذلك، بل نراه قد اقتصر على

تعداد الأعمال التجارية وتقسيمها.و تظهر بعض الآثار الجوهرية التي تترتب على التفرقة بين العمل

المدني العمل التجاري كما يلي:

أ-  الإثبات

كما هو معلوم فقد وضع المشرع قواعد خاصة للإثبات في المواد المدنية، ومقتضاها انه لا يجوز إثبات

الالتزام أو عدمه بالشهادة إذا كانت قيمة الالتزام تزيد على 100ألف د ج و إذا كانت القيمة غير محددة، كذلك الحال إذا كان المطلوب مخالفة دليل كتابي، فلا يجوز الإثبات بغير الكتابة حتى وأن كان موضوع النزاع تقل قيمته على100 ألف د ج.أما في المسائل التجارية فلا محل لسريان هذه القاعدة فيجوز إتباع كافة طرق الإثبات كالقرائن و الشهادة والدفاتر التجارية حتى وأن كان موضوع الالتزام تزيد قيمته على100ألف د ج،إلا في الحالات التي ورد فيها نص قانوني خاص. كما نجد أن المادة 30 من القانون التجاري تؤيد هذا المسار بقولها: "يثبت كل عقد تجاري ب. سندات رسمية- سندات عرفية- فاتورة مقبولة- بالرسائل - بدفاتر الطرفين - بالإثبات بالبينة أو بأية وسيلة أخرى إذا رأت المحكمة وجوب قبولها."

يستنتج مما سبق أن المسائل التجارية لا تعرف تلك القيود التي وردت في القانون المدني.

ب-  التضامن :

تعد قاعدة التضامن بين المدينين في حالة تعددهم من القواعد التي استقرت في المسائل التجارية ، فاحترمها القضاء وطبقها .وذلك تدعيما لعنصري الثقة والائتمان في المعاملات التجارية .

أما في المعاملات المدينة فإن قاعدة التضامن لا يمكن تقريرها إلا بنص أو باتفاق الأطراف.

ج-  الاختصاص القضائي :

تخصص بعض الدول جهات قضائية خاصة تتكفل بالفصل في المنازعات التجارية. هذا التخصيص تمليه الاعتبارات المتعلقة بطبيعة المعاملات التجارية، التي تستلزم الفصل فيها على وجه السرعة وبإتباع إجراءات غير تلك المتبعة أمام المحاكم العادية و نكون في هذه الحالة أمام محاكم تجارية.

د-  الإعذار :

الإعذار معناه تنبيه المدين بأن آجال الدين قد حل و يجب عليه أن يبادر للوفاء. و إلا فقد يسجل عليه ذلك التأخر ويتحمل ما قد يترتب عن ذلك التأخر و ما قد ينشأ عنه مستقبلا.

و الإعذار في المعاملات المدينة لابد أن يتم بورقة رسمية تعلن بواسطة أدوات القضاء (المحضرالقضائي) أما في المواد التجارية فقد جرى العرف على أن الإعذار يمكن أن يتم بخطاب عادي أو ببرقية أو عن طريق الهاتف أو الفاكس أو غير ذلك من الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق السرعة اللازمة التي تتسم بها المعاملات التجارية.

هـ - مهلة الوفاء :

يجوز للقاضي أن يمهل المدين أجلا معينًا لينفذ فيه التزامه و هذا ما أكدته المادة  210  ق.م. أما القانون التجاري فلا يعطي مثل هذه السلطة للقاضي لآن طبيعة المعاملات التجارية (السرعة والثقة والائتمان) تقتضي من التاجر ضرورة الوفاء بدينه في الميعاد وإلا كان ذلك سببا في إشهار إفلاسه .

و الإفلاس و التسوية القضائية  :

المادة 215  ق.ت وما بعدها ترصدت كل تاجر توقف عن دفع ديونه التجارية في مواعيد الاستحقاق و أوجدت له نظامًا لا يطبق إلا عليه، يجعل التاجر حريصًا على تنفيذ التزاماته في مواعيدها، ومن خلاله تصفى جميع أمواله تصفية جماعية وتوزع على دائنيه وفقًا لمبدأ قسمة الغرماء. ونظام الإفلاس جاء ليبعد التاجر المقصر والمهمل من الحياة التجارية ويضع حدًا لنشاطه، ومثل هذا الحرص من المشرع على تنظيم الحياة التجارية و مراقبتها عن طريق النصوص الصارمة يجعل التجار من أحرص الناس على الوفاء بديونهم في مواعيد استحقاقها. أما بالنسبة للمدين المدني فيخضع عجزه عن سداد ديونه إلى نظام آخر يسمى نظام الإعسار أقل قسوة و أخف وطأة من نظام الإفلاس وهو ما نستشفه من المواد  188 إلى 202 ق.م

ز- التقادم:

إن المادة 308 من ق.م وضعت قاعدة عامة مفادها تقادم الإلتزامات بانقضاء 15 سنة ماعدا الحالات المنصوص عليها في المواد(من 309إلى 312)، و على خلاف القانون التجاري فإنه يعتمد كأصل عام أجلا للتقادم قصير المدة و هذا تسهيلا على المعاملات التجارية التي تقوم على السرعة و الإئتمان. فالتعامل بالسفتجة يكون التقادم فيه بـ 03 سنوات ، نقل البضائع (01 سنة) ، دعاوى الشركات (05 سنة).

ي - صفة التاجر :

التاجر هو الشخص الذي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له، وذلك ما نصت عليه المادة الأولى

من القانون التجاري ومن يصبح تاجرا، يخضع لالتزامات التجار ، خاصة منها القيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية ، كما يخضع لنظام الإفلاس .

 

خلاصة:

هناك عدة معايير للتفرقة بين العمل المدني و العمل التجاري منها:

أن أغلب الأعمال التجارية الهدف منها هو تحقيق الربح عن طريق المضاربة. أما الأعمال المدنية فلا تهدف إلى تحقيق الربح.

-العمل التجاري هو ذلك العمل الذي يصدر من شخص احترف التجارة.

-الأعمال التجارية هي الأعمال التي يتم فيها تداول النقود والبضائع والسندات.

-الأعمال التجارية هي الأعمال التي تمارس على وجه الاحتراف وتتطلب تنظيم معين.

تكمن أهمية التفرقة بين العمل المدني و العمل التجاري من عدة نواحي هي:

-حرية الإثبات في القضايا التجارية و تقييده بقواعد محددة في القضايا المدنية. حيث يمكن الإثبات في المسائل التجارية بكافة طرق الإثبات كالقرائن و الشهادة و الدفاتر التجارية.

-اعتماد قاعدة تضامن المدينين في المعاملات التجارية أما في المعاملات المدينة فإن قاعدة التضامن لا يمكن تقريرها إلا بنص أو باتفاق الأطراف.

الاختصاص القضائي : أي وجود محاكم خاصة بالمسائل التجارية وأخرى خاصة بالمسائل المدنية .

الإعذار  و  التقادم

مهلة الوفاء : يجوز للقاضي أن يمهل المدين أجلا معينًا لينفذ فيه التزامه أما القانون التجاري فلا.

الإفلاس : نظام الإفلاس يطبق فقط على التجار الذين يتوقفون عن دفع ديونهم في مواعيد استحقاقها أما بالنسبة للمدين المدني فيخضع عجزه عن سداد ديونه إلى نظام آخر يسمى نظام الإعسار وهو أقل قسوة و أخف وطأة من نظام الإفلاس.

صفة التاجر: مباشرة الأعمال التجارية و اتخاذها مهنة معتادة تكسب الشخص صفة التاجر و متى ما اصبح الشخص تاجرًا فقد وجب عليه الخضوع لالتزامات التجار ، خاصة منها القيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية ، كما يخضع لنظام الإفلاس .

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق