الأربعاء، 8 نوفمبر 2023

نظرية البطلان

نظرية البطلان


أولامفهوم البطلان و أنواعه
البطلان هو الجزء الذي فرضه القانون على عدم توفر ركن من أركان العقد أو شرط من شروط صحته وهو عبارة عن انعدام أثر العقد بالنسبة إلى المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير، والعقد الذي لم تراع قواعد القانون في تركيبه يكون باطلا، فلا ينتج أثرا قانونيا ولا ينشأ عنه حق أو التزام، وتختلف قوة الجزاء باختلاف نوع القاعدة التي لم تراع في تكوين العقد، فإذا كانت القاعدة حتى المصلحة العامة كان البطلان مطلقا، أما إذا كانت تلك القاعدة حتى مصلحة خاصة كان البطلان نسبيا، فيكون للعقد وجودة إلى أن يطلب بطلانه.
وقد قسمت النظرية التقليدية البطلان إلى قسمين، بطلان مطلق وبطلان نسبي.

أ- البطلان المطلق : هو جزاء العقد الذي تخلف فيه شرط من شروط الانعقاد وهي الرضا والمحل والسبب والشكل في العقود الشكلية، فلا يكون وجود لهذا العقد ولا ينتج أي أثر.
ب- البطلان النسبي :وهو جزاء تخلف شرط من شروط الصحة كعدم توافر الأهلية اللازمة لإبرام العقد لدى كل من المتعاقدين، أو فساد الإرادة بأحد عيوب الرضا وهي الغلط والإكراه والتدليس والغبن والاستغلال.
إن العقد الباطل بطلانا نسبيا يأخذ حكم العقد الصحيح وتترتب عليه كافة الآثار القانونية، حتى يتمسك بالبطلان من يكون البطلان في مصلحته. وقد أخذ المشرع الجزائري بهذا الاتجاه في المواد 103،105 ق.م.

×      الإجازة: تلحق العقد الباطل نسبيا فيزول حق الإبطال بالإجازة الصريحة أو الضمنية و هي تصرف قانوني من جانب واحد يزيل به احد المتعاقدين العيب الذي لحق العقد ومن ثم فيلزم إن تتوافر فيه شروط التصرف من حيث الأهلية و سلامة الإدارة من العيوب .

×      الفرق بين الإجازة والإقرار: أن الأخير يصدر من جانب واحد و يكون خارج عن أطراف العقد مثال إقرار المالك في حالة التمسك بالإبطال كناقص الأهلية بعد بلوغه و إن يكون العقد باطلا نسبيا ، و أن يكون على علم بالعيب و يريد أن يجيزه أو أنها تصدر بعد زوال العيب فلا إجازة لقاصر أو لمكره و لا إجازة إلا بعد اكتشاف الغلط و التدليس ، وزوال ما يشوب الإرادة و هي الوقوع تحت الاستغلال .
إذا أجيز العقد الباطل بطلانا نسبيا استقر وجوده نهائيا و الإجازة لا تصحح العقد القابل للإبطال لأنه صحيح قبلها و لكنها تزيل خطر الإبطال و هي لا تخل بحق الغير إذ لا يصح إن تضر بحق الغير  و يقصد بالغير هنا الخلف الخاص للمتعاقد الذي له الحق في الإبطال .
ثانياأثر البطلان بالنسبة للمتعاقدين


القاعدة العامة في أثر البطلان فيما بين المتعاقدين هي إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانت عليها قبل التعاقد وما يرد عليها، ويتعين على كل عاقد أن يرد ما تسلمه أما حصل عليه بمقتضاه.

×      الزوال الكلي للـعـقـد
إذا تقرر بطلان العقد فان إبطاله يزول كليا ، أي انه ينعدم ، أي كأن لم يكن أصلا .

×      زوال العقد بأثر رجعي
إذا تقرر بطلان العقد  فإن سريان هذا الإبطال على المتعاقدين يكون من يوم إبرام العقد ، و في بعض الحالات إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، وذلك بالإضافة للغير إذا كان قد اكتسب حقا من احد المتعاقدين .ومثال ذلك : ما جاءت به المادة 103 مدني .

×      كيفيات الاسترداد :
إذا تقرر بطلان أو العقد الذي شرع في تنفيذه فلا بد أن يسترد كل منها أداه عينا أو بمقابل حتى تزول كل أثار هذا العقد .
 أ / الاسترداد العيني:
أفضل حالة لإعادة المتعاقدين إلى ما قبل العقد هي استر داد كل منهما ما أداه عينا .
*
فالبائع إن يسترد المبيع و ثماره منذ إبرام العقد و للمشتري إن يسترد ما أداه أي الثمن بالإضافة إلى المصاريف التي أنفقها لحفظ المبيع ..
ب/ حرمان المتعاقد جزئيا أو كليا من الاسترداد :
نصت المادة 103 على انه هناك حالات لا يمكن فيها الإسترداد منها إلزام المتعاقد ناقص الأهلية برد ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد فقط  .
   أما حالة بطلان العقد بسبب عدم مشروعيته ، فان المتعاقد المتسبب في عدم المشروعية لا يستفيد من حق استرداد ما أداه .

ج/ سقوط حقوق الغير:
إذا تم تقرير البطلان أو الإبطال في حق المتعاقدين فستسري حتى على الغير الذي استفاد من وراء هذا العقد
فتتأثر حقوقه بصحة أو ببطلان العقد ، و الغير ليس الأجنبي عن العقد إنما هو الخلف الخاص الذي يخلف المتعاقدين في حق عيني أو في عين معينة :
مثال : فإذا باع علي لعمر شقة و باعها عمر لأحمد فان تم إبطال عقد البيع الأول فان الثاني يبطل كذلك .
   إلا انه هناك استثناء على هذه القاعدة و هو بتوفر حسن النية و عدم العلم ببطلان العقد و حيازة سندا صحيحا أو سند لحامله .
   فقد نظم المشرع ذلك واقر بحيازة الشيء موضوع العقد و تكون حيازته صحيحة، و ذلك ما نصت عليه المادة 885 مدني، فيما يتعلق بالرهن.

ثالثا:  أثر العقد بالنسبة للغير 
لا يقتصر أثر البطلان على العاقدين، بل يمتد إلى الغير، فللبطلان أثر مطلق ويحتج به في مواجهة الكافة والمقصود بالغير هنا كل من اكتسب حقا على العين محل العقد الذي تقرر بطلانه، كما لو كان العقد الباطل بيعا وتصرف المشتري في العين التي اشتراها الآخر بالبيع فالأصل أنه إذا بطل العقد الأول فيجب أن يبطل العقد الآخر تطبيقا للأثر الرجعي للبطلان.
ولكن الأثر الرجعي للبطلان لا يمنع بداهة بقاء حق الغير إذا استند إلى سبب آخر لكسبه كالتقادم المكسب القصير المدة أو الحيازة في المنقول.

رابعا: الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة 
تستثنى من القاعدة العامة بعض الأحكام الخاصة بحماية الغير حسن النية، ويتعين التفرقة هنا بين عقود الإدارة وعقود التصرف، والشركات التجارية الباطلة.

خامسا : موقف المشرع الجزائري من أنواع البطلان
يتبين لنا من خلال الأحكام الواردة في المواد من 99 إلى 105 من التقنين المدني أن المشرع اعتمد التقسيم الثنائي للبطلان حيث ميز بين البطلان النسبي والبطلان المطلق وقد تناول أحكام البطلان النسبي في المواد من 99 إلى 101 مبينا زوال الإبطال بالإجازة ويسقط بالتقادم وقد بين في المادة 101 حالات قابلية العقد للإبطال وذكر – نقص الأهلية – وعيوب الرضا- والتي تم ذكرها في المواد  80-81 -86-88-90 ق. م ، والتي تنص على قابلية العقد للإبطال للأسباب الآتية:
نقص الأهلية (88) ،الغلط (81-85) ، التدليس (86-87) ، الإكراه (88-89)، الغبن (90-91) –الاستغلال
وتضمن المادة 102 ق م البطلان المطلق وقضت :بجواز التمسك ببطلان العقد لكل ذي مصلحة .للمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها . الإجازة لا تلحق البطلان المطلق .سقوط دعوى التقادم .
يتبين لنا من خلال الأحكام الواردة في المواد 92 إلى 98 أن البطلان المطلق يلحق العقد الذي شابه عيب في احد أركانه .وهي التراضي – المحل – السبب ، أو لعدم مشروعية المحل و السبب و خصص المواد من 103 إلى 105 للأحكام المشتركة بينهما .
و في الأخير نقول إن المشرع قد اخذ في تحديد أنواع البطلان بان المصلحة العامة هي أساس البطلان المطلق و المصلحة الخاصة هي أساس البطلان النسبي .
و إذا صعب تحديد المصلحة العامة من المصلحة الخاصة فيتدخل المشرع بنص خاص يوضح فيه الأحكام الواجبة التطبيق .
سادسا : تمييز البطلان عن أوضاع مقاربة

1-البطلان والفسخ :

البطلان يرجع إلى عيب أصاب العقد في إحدى أركانه.

أما الفسخ فيرجع إلى عدم تنفيذ  أحد المتعاقدين لالتزاماته في العقد الملزم للجانبين ( الصحيح).

2- البطلان و الانحلال :

يجمع البطلان و الانحلال أنه يترتب عليهما زوال العقد.

لكن :

- الانحلال يرد على عقد نشأ صحيحا، ثم ينحل .

- و قد ينحل العقد باتفاق الطرفين

- أو عن طريق الرجوع فيه بالإرادة المنفردة لأحد العاقدين

- و في هذه الأحوال ، لا يكون للإلغاء أثر رجعي

3- البطلان و عدم السريان على الغير :

- البطلان يكون في علاقة المتعاقدين ، هو الجزاء على عدم توافر أركان العقد ، أو شروط صحته.

- أما عدم السريان على الغير فإنه يكون بالنسبة للغير، أي للأجنبي عن العقد و هذا أمر طبيعي نظرا لقاعدة نسبية أثر العقد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق