الأربعاء، 8 نوفمبر 2023

المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير

 

المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير

         القاعدة في القانون أن لا يجوز مسائلة الشخص إلا عن عمله الشخصي، إلا أنه يجوز للمحكمة بناء على طلب المضرور، إذا رأت مبررا لذلك أن تلزم غير الفاعل بأداء الضمان المحكوم به في حالتين : حالة متولي الرقابة على أعمال الخاضع للرقابة و حالة المتبوع عن أعمال تابعة.

×    مسؤولية متولي الرقابة:

تعتبر مسؤولية متولي الرقابة عن أعمال الخاضع للرقابة صورة من صور المسؤولية عن عمل الغير فهذه المسؤولية تقوم بين طرفين وهما متولي الرقابة)الملتزم بواجب الرقابة(  و الشخص الخاضع للرقابة ويشترط لقيامها توافر ثلاثة أركان وهي الخطأ، الضرر، والعلاقة السببية وشرطين وهما وجود الالتزام بالرقابة، وصدور فعل ضار من الخاضع للرقابة.

تعريف الرقابة : يقصد بالرقابة الإشراف على شخص وحسن تربيته وتوجيهه واتخاذ الاحتياطات المعقولة لمنعه من الإضرار بالغير، والرقابة التزام يقع على عاتق الرقيب ويكون مصدر هذا الالتزام إما القانون كرقابة الأب لابنه وإما الاتفاق كرقابة مدير حضانة على الأطفال اصغار.

الملتزم بواجب الرقابة:هو الشخص الذي يتولى رعاية وتدبير شؤون القاصر غير المميز أو من يساويه عقلا كالمجنون أو من يتولى رقابة المعاق جسديا. وقد حدد هذا الشخص في المادة 135ق.م الملغاة بالقانون05-10 و لهذا يجب العودة إلى قانون الأسرة الجزائري حيث تنص المادة 87 من هذا القانون:"يكون الأب وليا على أولاده القصر، وبعد وفاته تحل الأم محله قانونا.وفي حالة غياب الأب أو حصول مانع له، تحل الأم محله في القيام بالأمور المستعجلة المتعلقة بالأولاد.وفي حالة الطلاق، يمنح القاضي الولاية لمن أسندت له حضانة الأولاد"

الخاضع للرقابة:هو الشخص الذي يحتاج إلى الرقابة إما أن يكون ذلك بسبب قصره)كعديم الأهلية أو

ناقصها(

أو بسبب خلل عقلي) كالمجنون والمعتوه( أو بسبب حالته الجسمية)كالمشلول والأعمى(.

أركان مسؤولية متولي الرقابة: تخضع مسؤولية متولي الرقابة لنفس أركان المسؤولية المدنية بصفة عامة ولقد أورد المشرع في المادة 124 من ق. م قاعدة عامة وهي أن المسؤولية التقصيرية  كالمسؤولية العقدية أركانها ثلاث وهي الخطأ، الضرر،علاقة سببية.

شروط مسؤولية متولي الرقابة: لتتحقق مسؤولية متولي الرقابة عن الضرر الذي يوقعه عمن هم تحت رقابته ينبغي توافر شرطان وهما وجود الالتزام بالرقابة، وصدور فعل ضار ممن يخضع للرقابة ، وقد حددهما المشرع في نص المادة 134/1 ق.م "كل من يجب عليه قانونا أو اتفاقا رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة بسبب قصره أو بسبب حالته العقلية أو الحالة الجسمية، يكون ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه ذلك الشخص للغير بفعله الضار."

ومن خلال نص المادة 134/2 " ويستطيع المكلف بالرقابة أن يتخلص من  المسؤولية إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة أو اثبت أن الضرر كان لابد من حدوثه ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية" ، نفهم أن المشرع قد زود المكلف بالرقابة بوسيلتين قانونيتين، يستطيع بموجبهما دفع المسؤولية، ويمنع القاضي من الحكم عليه، فله إذن أن ينفي الخطأ المفترض من جانبه)  و الخطأ المفترض هو الإخلال بما عليه من واجب الرقابة، والافتراض هنا قابل لإثبات العكس، لذا يستطيع متولي الرقابة أن يرفع المسؤولية عنه بنفي الخطأ (، أو أن يقطع العلاقة السببية بين الخطأ والضرر(يستطيع المكلف بالرقابة نفي العلاقة السببية المفترضة عن طريق إثباته أن الخطأ المفترض في جانبه لا علاقة له بوقوع الضرر، وبهذا يقطع الصلة بينهما).

فعلاقة السببية إذن مفترضة لا يكلف المضرور بإثباتها، وإنما متولي الرقابة هو الذي يكلف بنفيها.

 

×    مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه:

يقصد بمسؤولية المتبوع عن فعل تابعه أن يساْل المتبوع عن الأفعال الضارة أو غير المشروعة الصادرة من تابعه متى أحدثت أضرارا بالغير

ولقد تضمن القانون المدني الجزائري موضوع مسؤولية المتبوع عن التابع صراحة في المادة 136 ق. م التي

تنص:"يكون المتبوع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع،متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته اْو بسببها،وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع  حرا في اختيار تابعه،متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه"

تعريف المتبوع:هو شخص يعمل لمصلحته شخص آخر وهو التابع الذي يخضع لسلطته الفعلية ويتلقى منه الأوامر والتوجيهات للقيام بالعمل، فهو صاحب السلطة الفعلية ، والشخص المتبوع يمكن أن يكون شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا كشركة اْو مؤسسة اْو جمعية... إلخ.

فإذا كان الشخص طبيعيا، فإنه لا يشترط فيه شروط معينة ليصبح متبوعا بل يكفي أن تكون له السلطة الفعلية على التابع.

أما إذا كان الشخص إعتباريا فإنه في هذه الحالة يكون مسؤولا عن جميع الأفعال الضارة التي يرتكبها التابعون له من عمال في حدود ما لهؤلاء من سلطة العمل لحسابه، وهذه المسؤولية، مسؤولية مباشرة وأصلية لاْنها مسؤولية عن عمله الشخصي ويتابعون العمال آو الموظفون عن أخطاءهم الشخصية باعتبارهم مسؤولين مسؤولية أصلية إذا تجاوزوا حدودهم.

ولا يشترط في المتبوع اْن يكون مميزا، إذ يمكن أن يكون المتبوع غير مميز، ويقوم النائب القانوني للمتبوع برقابة وتوجيه التابع نيابة عن الأصيل غير المميز.

المتبوع الأصلي والمتبوع العرضي:هناك حالة اْين يكون فيها متبوعان، متبوع اْصلي ومتبوع عرضي وهي الحالة التي يكون فيها التابع تابعا لشخص، ثم يضعه هذا الشخص تحت تصرف آخر فأيهما يكون مسؤولا عن عمل التابع؟

تكون المسؤولية لمن كانت له السلطة الفعلية على التابع ، فمن كانت له هذه السلطة يكون مسؤولا عن الأعمال غير المشروعة التي يرتكبها هذا التابع مثال:إذا أعار شخص سيارته مع سائقها إلى صديق له, وترك له حرية التصرف بها واستعملها بالطريقة التي يريد، يكون قد تنازل له عن سلطة توجيه الأوامر والتعليمات إلى السائق، فيكون الصديق متبوعا عرضا، ويكون السائق تابعا وخاضعا لتوجيهه ورقابته  .

شروط مسؤولية المتبوع: حتى تتحقق مسؤولية المتبوع يستلزم إذن توافر شرطين وهما وجود علاقة التبعية ويشترط لقيامها وجود السلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه واْن تكون هذه السلطة كافية ، و صدور خطأ من التابع في حال تأدية وظيفته أو بسببها.

أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع:هناك مذهبين في تحديد أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ، مذهب شخصي بنظرياته الثلاث، نظرية الخطأ المفترض ونظرية النيابة ونظرية الحلول و كلها نظريات منتقدة ، و مذهب موضوعي بنظرياته الثلاث كذلك ، نظرية تحمل التبعة و نظرية الكفالة أو الضمان القانوني  و نظرية التأمين القانوني .

ومن نص المادة 136 ق.م نجد أن المشرع الجزائري قد نضم مسؤولية المتبوع ضمن المسؤولية عن عمل الغير و جعلها تقوم عل فكرة الضمان القانوني و ذلك لاعتبارات  اجتماعية التي يضمن بها المتبوع خطأ تابعه الذي يقع أثناء تأدية الوظيفة ([1]) أو بسببها([2])


 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا



[1] - هو الخطأ الذي يقع أثناء تأدية التابع لوظيفته، مثال ذلك سائق السيارة الذي يدهس شخصا في الطريق اْثناء قيامه بتوصيل صاحب السيارة إلى مكان عمله أو إلى منزله.

[2] - يمكن اْن تكون الوظيفة السبب في ارتكاب الفعل الضار وذلك إذا تبين اْن التابع ما كان يستطيع ارتكابه، ومثال ذلك خادم يرى سيده يتشاجر مع آخر فيبادر لمساعدته ويضرب الشخص الآخر ضربا يؤدي إلى موته فيعتبر السيد هنا مسؤولا عن فعل تابعه وذلك لاْن الخادم ارتكب فعله بسبب وظيفته فلولا لم يكن خادما عنده لما فكر في ضرب المعتدي على سيده

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق