الأحد، 5 نوفمبر 2023

مصادر القانون الدستوري

مصادر القانون الدستوري

 

المصدر هو المكان الذي يأتي منه الشيء، ومصادر القانون عامة هي الموضع الذي تخرج منه القواعد القانونية، وعلى هذا النحو تنبع قواعد القانون الدستوري من كل من التشريع والعرف والقضاء والفقه ومصادر أخرى أقل أهمية؛ كلها تساهم في إثراء قواعد القانون الدستوري.

 

1.التشريع

 

يعتبر التشريع من أهم مصادر القانون بصفة عامة، بل إن القواعد القانونية التشريعية أصبحت هي الغالبة مقارنة ببقية القواعد القانونية الأخرى خاصة العرفية منها.

التشريع هو مجموعة القواعد القانونية التي تسنها سلطة مختصة متبعة في ذلك إجراءات محددة"

غير أن ذلك لا يعني أن  كل قاعدة تشريعية هي مصدر للقانون الدستوري بالضرورة، بل فقط تلك القواعد ذات الطبيعة الدستورية، بمعنى تلك القواعد المتعلقة بشكل الدولة ونظام الحكم فيها، وتلك المحددة لاختصاص السلطات والعلاقة في ما بينها والمبينة لحقوق الأفراد وحرياتهم.

 

أ.التشريع الأساسي : التشريع الأساسي هو مجموعة القواعد القانونية التي تتبع في وضعها إجراءات تختلف عن وضع القواعد التشريعية العادية، ويقصد بها تحديدا الدستور في معناه الشكلي في الدول ذات الدساتير الجامدة على الخصوص.

ب.التشريع العادي : التشريع العادي هو مجموعة القواعد القانونية التي تختص بوضعها السلطة التشريعية عادة، إذ

يعتبر التشريع من اختصاصاتها الأساسية والذي تمتلك السيادة في إعداده والتصويت عليه في إطار مجالات الاختصاص المحددة لها من قبل الدستور.

 كما قد تكون ممارسة السلطة التنفيذية للوظيفة التشريعية في حالات محددة على سبيل الحصر بنص دستوري، ويظهر ذلك في صورة تشريع رئيس الجمهورية بأوامر تطبيقا لنص المادة 124 من الدستور الجزائر لسنة 1996..

يكون التشريع العادي مصدرا من مصادر القانون الدستوري كلما كانت قواعده ذات طبيعة دستورية، بمعنى نظمت بعض المجالات كأساليب الوصول إلى السلطة (الانتخابات)، وحقوق الأفراد وحرياتهم واختصاص السلطات والعلاقة في ما بينها.

ج.التشريع الفرعي : في كثير من الأحيان يعتبر النص التشريعي العادي نصا ميتا إذا لم يستتبع بنص تنظيمي يشرحه ويبين كيفية تطبيقه، لذلك كثيرا ما يحيل القانون على التنظيم، حيث تذيل مواده بعبارة"يحدد ذلك عن طريق التنظيم".

ينقسم التنظيم أو اللوائح إلى قسمين، تنظيم تنفيذي وتنظيم مستقل، فالتنظيم التنفيذي من اختصاص الحكومة، التي تصدره بغية شرح وتنفيذ القانون في مفهومه الضيق، في إطار اختصاصها التي يخولها لها الدستور، الذي يجعل السلطة التنظيمية من اختصاص الحكومة، وتنظيم مستقل عن التشريع العادي تتلخص مهمته في تنظيم المجالات التي ليست من اختصاص السلطة التشريعية التي حددها لها الدستور على سبيل الحصر.

2.العرف

العرف عموما هو مجموعة التصرفات التي اعتاد الناس على إتباعها كلما توافرت شروطها ومع مرور الوقت شعروا بإلزاميتها بقدر إلزامية القواعد القانونية المكتوبة، والقواعد العرفية مرتبطة بمختلف فروع القانون، بمعنى هناك أعراف تجارية وإدارية ودولية.

دور العرف الدستوري

تنشأ القاعدة الدستورية العرفية لتكملة النقص الذي قد يعتري نصا دستوريا مكتوبا فتبين بالتالي كيفية تطبيقه على وجه صحيح؛ كما قد تظهر لتفسير نص دستوري مكتوب، فكثيرا ما يحتمل النص الدستوري المكتوب أكثر من معنى، فيتدخل العرف لتفسيره على الوجه الأقرب تماشيا مع الواقع؛ خاصة إذا عرفنا أن كثير من النصوص الدستورية المكتوبة مرت عليها قرون، حيث وضعت في زمان وظروف مغايرة، كما هو عليه الحال مثلا بالنسبة لدستور الولايات المتحدة الأمريكية الذي صيغت قواعده في نهاية القرن الثامن عشر وما زال ساري المفعول إلى يومنا هذا.

3.القضاء

 

دور القضاء هو الفصل في المنازعات المعروضة أمامه مطبقا عليها القوانين السارية في الدولة، والقضاء بهذه الصورة ليس منتجا لقواعد قانونية بل مجرد مطبق لها حسب القضايا المعروضة أمامه.

إن القاضي وهو يباشر عملية الاجتهاد، فإنه لا يقوم بحل النزاع المعروض أمامه فحسب، بل نجده في نفس الوقت يقوم بعملية اكتشاف لقواعد قانونية جديدة، لم يكن للمشرع يد فيها، وفي هذه الحالة يكون القضاء مصدرا للقانون.

ولما كان الأمر يتعلق بالقانون الدستوري فإن القضاء عموما والقضاء الدستوري على الخصوص، كثيرا ما تتاح له الفرصة للاجتهاد أثناء نظره في المنازعات الدستورية المعروضة أمامه، ويكفي هنا أن نلاحظ الدور الذي يلعبه المجلس الدستوري الفرنسي في إثراء قواعد القانون الدستوري من خلال القضايا المعروضة عليه. ونفس الشيء يمكن قوله بالنسبة للدول التي توكل مهمة الرقابة على دستورية القوانين للقضاء، حيث كثيرا ما يبدع القاضي الدستوري في فض المنازعات المعروضة عليه معتمدا على اجتهاده أكثر من تطبيقه للنصوص القانونية. 

يجدر التذكير أن مكانة القضاء كمصدر للقانون بصفة عامة والقانون الدستوري بصفة عامة تختلف من دولة لأخرى، ففي البلدان التي تأخذ بمبدأ السوابق القضائية نجد القضاء فيها يحتل مكانة بارزة على غرار الأنظمة الأنجلوسكسونية، في حين تتراجع مكانته في الأنظمة التي لا تولي للسوابق القضائية أهمية في فض المنازعات القضائية، ومن ثم يتراجع دور القضاء في إثراء قواعد القانون الدستوري بقواعد قانونية جديدة. 

4.الفـقـه

الفقه عموما هو مجموع الدراسات والبحوث التي يقوم بها كبار الأساتذة والباحثين الضالعين في مجال من مجالات العلوم المختلفة، والقضايا الدستورية قياسا على ذلك لها هي الأخرى مكانة هامة ضمن مجال الدراسات القانونية، فكثيرا ما تنصب دراسات فهاء القانون على الدساتير والأنظمة السياسية فيكتشفون مزاياها وعيوبها، ويبينون الثغرات الموجودة فيها ويقترحون سبل سدها. 

ولعل التاريخ يبين لنا كيف تأثر محررو وثيقة إعلان استقلال المستعمرات البريطانية التي صادق عليها الكونغرس القاري، وبعدها الدستور الاتحادي للولايات المتحدة الأمريكية لسنة 1787 بأفكار جون جاك روسو ومونتسكيو، فتحولت نظرياتهم من مجرد آراء فقهية إلى قواعد دستورية خاصة ما تعلق منها بمبدأ الفصل بين السلطات ودوره في تجسيد الحكم الديمقراطي القائم على مبادئ دولة القانون، ونفس الشيء يمكن قوله على إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي توج الثورة الفرنسية سنة  1789، لتستلهمها بعد ذلك معظم دساتير دول العالم.

 

5.الدين

فالدين في الدول الإسلامية يحتوي على مبادئ كثيرة ذات طبيعة دستورية، خاصة تلك المرتبطة بالشورى في الحكم، ومبادئ العدل والمساواة وحرية المعتقد وحقوق الأجانب وغيرها من المبادئ الكثيرة التي تفتقدها حتى النظم التي تعتبر نماذج أساسية في الديمقراطية.

كما تحتل الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع في الدول الإسلامية، لذلك تحرص كثير من الدساتير إلى التأكيد على اعتبار الإسلام دين الدولة، وهو ما يعني أن مؤسسات الدولة عليها أن لا تخالف التشريع الإسلامي في ممارساتها، بل أكثر من ذلك فمنها من يضفي طابع الجمود الموضوعي على مسألة اعتبار الإسلام دين الدولة حتى تحصنه من أي تعديل دستوري.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا

 

 

 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق