الأحد، 12 نوفمبر 2023

مصادر القانون الدولي الخاص

 

مصادر القانون الدولي الخاص

         المصادر هي المناهل التي يستمد منها القانون الدولي الخاص أحكامه ويتفاوت تأثيرها بين موضوعات القانون الدولي الخاص فبعض المصادر تكون درجة تأثيرها عالية في بعض المواضيع دون البعض الآخر علما أن هذه المصادر ليست من طبيعة واحدة فهناك مصادر دولية تتمثل بالمعاهدات و الأعراف الدولية وأحكام القضاء الدولي ومصادر وطنية تتمثل بالتشريع و العرف و القضاء وبعض الفقه يقسم هذه المصادر  إلى مصادر مكتوبة و أخرى غير مكتوبة و البعض الآخر يقسم المصادر إلى أساسية وتفسيرية ويمكن إجمال المصادر بحسب درجة تأثيرها و أهميتها في موضوعات القانون الدولي الخاص على النحو الآتي : التشريع - العرف - القضاء - الاتفاقيات الدولية - مبادئ القانون الدولي الخاص، وهناك مصادر ظهرت بفعل علاقات دولية طرحها التعامل الالكتروني عبر شبكة الانترنيت استقر العمل بها فشكلت مصدر من مصادر حل تنازع القوانين الالكتروني وعليه سنعرض لكل مصدر ودرجة تأثيره في أحكام كل موضوع من موضوعات القانون الدولي الخاص وسأبني تقسيمي للموضوع على أساس الصفة الداخلية و الدولية للمصدر على النحو التالي:

أولا – المصادر الداخلية للقانون الدولي الخاص:

-1 التشريع :

يعرف التشريع بأنه مجموعة القواعد القانونية المكتوبة و الموضوعة من قبل السلطة المختصة بالتشريع و المتضمنة معنى الانعدام وهذا المصدر حديث بالنسبة لباقي المصادر لذا نجد أن ظهوره اضعف تأثير باقي المصادر في موضوعات القانون الدولي الخاص ويلعب هذا المصدر دور حيوي ورئيس في موضوع:

× الجنسية ذلك لأنها تحدد ركن من أركان الدولة ألا وهو الشعب فهي مسالة تتعلق بسيادة الدولة لذا نجد أن جميع دول العالم نظمت أحكام الجنسية عن طريق التشريع سواء في الدستور  أو قانون

الجنسية وقد نظم المشرع الجزائري أحكام الجنسية الجزائرية  تم تنظيم هذا الموضوع من خلال قانونين متعاقبين الأول صدر سنة 1963 و ظل ساري المفعول إلى أن تم إلغاؤه بمقتضى قانون 15 ديسمبر 1970 هذا الأخير هو الساري المفعول لحد الساعة، و لقد تم تعديل بعض مواده بمقتضى الأمر05-01 .

× تنازع الاختصاص القضائي و تنفيذ الأحكام القضائية، فهو يمثل مصدر مساعد للمصادر الأخرى في هذه الموضوعات فبعد أن وجد العرف و القضاء القواعد المتعلقة بالموضوعات أعلاه جاء التشريع مساعدا لهما على تسجيل تلك القواعد ، فنجد أن المشرع الجزائري نظم الموضوع الأول في المادتين 41 و 42 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ، بينما تم تنظيم موضوع تنفيذ الأحكام الأجنبية في المواد من 605

إلى 608 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

 

2- القضاء:

مجموعة الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الوطني و الدولي التي استقر العمل بها في التعامل مع مسائل القانون الدولي الخاص وينعدم تأثير هذا المصدر في إطار الجنسية للأسباب التي أوردنها سلفا ويكون له تأثير مساعد ومعاون واحتياطي في باقي موضوعات القانون الدولي الخاص،فهو مصدر تفسيري ومقابل ذلك يعد هذا المصدر في بريطانيا من المصادر الرسمية و الرئيسية للقانون ومن الجدير بالذكر لعب القضاء وعلى مر التاريخ دور متميز في تطوير أحكام القانون الدولي الخاص وإذا رجعنا إلى أحكام محكمة العدل

الدولية الدائمة أو محكمة العدل الدولية ومحاكم التحكيم المختلط ،ومنها حكم محكمة العدل الدولية عام 1955 في قضية" نوتبوم" كان له تأثير في موضوع الجنسية عن طريق التشريع وكذلك حكم محكمة العدل الدولية الدائمة في عام 1923 حول مراسيم الجنسية في تونس ومراكش فكان له انعكاس في آلية منح الجنسية أيضا وحكم محكمة العدل الدولية الدائمة في عام 1926 ضد بوليفيا بشان نزع ملكية أجنبي بدون تعويض كان له تأثير في موضوع مركز الأجانب.

 

3- العرف:

يعتبر العرف أقدم المصادر ويعرف بأنه مجموعة القواعد التي استقر العمل بها باستمرار وشاع الاعتقاد بالزامها من قبل الناس، وقد ضعف وتضائل دور العرف في الوقت الحاضر بفعل تعاظم دور التشريع و المعاهدات، فدور العرف منعدم في مجال الجنسية وبالمقابل كان له دور رئيس ودور مؤثر في بعض موضوعات القانون الدولي الخاص وخاصة تنازع القوانين تنازع الاختصاص القضائي الدولي ودور مكمل للتشريع في موضوع الموطن ومركز الأجانب ويذهب البعض أن هناك أعراف دولية تتعلق بالقانون الدولي الخاص ومنها الحد الأدنى لحقوق الأجنبي وضرورة وجود علاقة جدية وحقيقية ما بين الفرد و الدولة المانحة للجنسية وحرية الدولة في مسائل الجنسية إلا أن البعض الآخر يذهب إلى إنكار مثل هذه الأعراف ويوصف هذه القواعد بأنها عبارة عن مبادئ توجيهية و الحقيقة أن الأعراف الدولية تؤثر في العلاقات الدولية ويمكن أن يكون لها انعكاس على مستوى علاقات القانون الدولي الخاص. وهذا يعني أن هناك أعراف خاصة بالقانون الدولي الخاص لها خصوصية تتناسب مع طبيعة موضوعاته،وقد أكد القضاء المقارن الدور الفعال الذي يقوم به العرف سيما في قواعد الاختصاص القضائي الدولي، و رغم أن العرف ما يزال يحل مكان التشريع في أغلب الدول عند غياب النص في القانون المكتوب إلا أن القواعد التي استقرت في القانون الدولي الخاص عن طريقه ليست كثيرة ، نذكر منها قاعدةخضوع الميراث المنقول لقانون المتوفىوقاعدةخضوع شكل العقد لقانون بلد إبرامهوقاعدةخضوع الأهلية لقانون الجنسية

 

ثانيا – المصادر الدولية للقانون الدولي الخاص:

 

1- المعاهدات الدولية:

المعاهدات بحسب مفهوم القانون الدولي التقليدي عبارة عن" اتفاق ما بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام تهدف إلى ترتيب اثر في العلاقات الدولية" أما بحسب مفهوم المادة 02 من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لعام 1969 فهي" اتفاق مكتوب بين دولتين أو أكثر تهدف إلى ترتيب أو إحداث أثر قانوني معين في موضوع دولي"، وتمتاز المعاهدات بأن لها دور متساو في جميع موضوعات القانون الدولي الخاص نظرا لان الدولة تحتاج للمعاهدات لتنظيم شؤون جميع موضوعات القانون الدولي الخاص ولكن تأثيرها يكون مباشر في بعض الموضوعات مثل تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي والموطن ومركز الأجانب بينما يكون تأثيرها غير مباشر على الجنسية أي الاتفاقيات الدولية تؤثر في أحكام الجنسية ولكن عن طريق التشريع فالتشريع يسجل أحكام الاتفاقية المتعلقة بالجنسية مثال ذلك اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 (سيداو) كان لها تأثير في أحكام الجنسية الجزائرية المتعلقة بالمرأة في تعديل قانون الجنسية سنة 2005، ومن الجدير بالذكر كلما استكثرت الدولة من عقد المعاهدات الدولية كلما تقلص حجم المشاكل و المنازعات المتعلقة بالقانون الدولي الخاص، ففي إطار تنازع القوانين سوف لا يحتاج قاضي النزاع لقواعد الإسناد طالما وجدت قواعد موضوعية نصت عليها الاتفاقيات حيث ستطبق بشكل مباشر وحاسم للنزاع،ونفس الموقف ينطبق على موضوع مركز الأجانب وتنازع الاختصاص القضائي الدولي،ولما كانت المعاهدة بعد المصادقة عليها من قبل الدولة ونشرها بالجريدة الرسمية تعتبر بمنزلة القانون الداخلي وتكون نافذة  وملزمة للأفراد أو الدولة بجميع سلطاتها إلا  انه يحدث أن يحصل تنازع ما بين نصوصها ونصوص أخرى من قانون داخلي عند تطبيق أحكامها من قبل قاضي النزاع فما هو الحل هنا؟

يفرق الفقه هنا بين فيما إذا كانت المعاهدات لاحقة أم سابقة للقانون ففي الفرض الأول إذا كانت المعاهدة لاحقة للقانون فهنا يطبق القاضي أحكام المعاهدة لأنها تعتبر بمثابة القانون الجديد استنادا إلى القاعدة التي تقضي أن القانون الجديد ينسخ القانون القديم بقدر ما يرفع التعارض بينهما.

أما الفرض الثاني اذا كانت الاتفاقية سابقة على القانون فهنا يفرق بين حالتين:

- الاولى إذا وجد نص صريح يقضي بأفضلية المعاهدة على التشريع فهنا تطبق أحكام المعاهدة ويهمل النص التشريعي.

- الثانية إذا لم يوجد نص صريح يقضي بأفضلية أو أولوية المعاهدة على النص التشريعي يذهب البعض إلى تطبيق حكم المعاهدة وإهمال النص لأنها أسمى منه كما تعكس إرادة دولتين أو أكثر بينما التشريع يعكس إرادة دولة واحدة أما الاتجاه الثاني فيذهب إلى إهمال المعاهدة وتطبيق حكم النص لان القاضي ملزم بأوامر مشرعه الواردة في التشريع أما المعاهدة فهي تلزم الدولة.

 

2- المبادئ العامة للقانون الدولي الخاص:

هذه المبادئ هي  مجموعة من القواعد المستقر العمل عليها في محيط علاقات القانون الدولي الخاص والتي أصبحت بفعل ذلك لها شيوع و انتشار عالمي مؤثر على مستوى القوانين الوطنية ونستطيع أن نقول أن هذه المبادئ لها صفة عالمية لأنها تتناسب وتتلائم مع الخصوصيات الوطنية لأغلب دول العالم.

وهي على سبيل المثال الجنسية الفعلية التي يعتمد قانونها بالنسبة لمزدوج الجنسية وتعطيل القانون المصطنع له الاختصاص بفعل الغش .

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق