الأحد، 12 نوفمبر 2023

موانع المسؤولية الجزائية

 

موانع المسؤولية الجزائية

لا سبيل لمحاكمة الجاني الذي ارتكب جريمة إلا إذا كان متمتعا بحرية الاختيار و العقل و الإدراك و عليه فلا يتحمل المسؤولية المكره و المضطر و الصغير و المجنون، فهذه الأوصاف كلها تجعل الجاني عديم المسؤولية ،

و قد تعرض المشرع الجزائري لعوارض المسؤولية الجزائية في المادة 47 و 48 ق ع و تتمثل في :الإكراه و حالة الضرورة ، الجنون و صغر السن والسكر .

أولا : امتناع المسؤولية بسبب انعدام الأهلية

وتكون الأهلية منعدمة في حالتين هما الجنون و صغر السن .

أ- الجنون: و يقصد بالجنون اضطراب في القوى العقلية يفقد المرء القدرة على التمييز أو على السيطرة على أعماله  . و في معناه الطبي هو خلل يصيب القوى الذهنية بعد اكتمال نموها فيؤدي إلى انحراف نشاطها عن النحو الطبيعي المألوف .

و الجنون ليس اسما لمرض واحد بل يتعدد، فمنه ما هو عام و يشمل كل نقص في الملكات الذهنية كالعته و البله سواء كان وراثيا أم مكتسبا إثر مرض ، و قد يكون الجنون مستمرا أو متقطعا يأتي في فترات مختلفة تعقبها فترات إفاقة ، كما يدخل ضمن الجنون صور أخرى من الأمراض العصبية و النفسية التي قد تجرد الإنسان من الإدراك و أهمها الصرع أين تأتي للمريض نوبات يفقد فيها رشده وهو عكس الهستيريا التي لا تعدم الشعور كلية و هي الصور التي يتعقد فيها الأمر . ولم يعرف المشرع الجزائري الجنون ، لكن نص عليه كمانع من موانع المسؤولية الجزائية في المادة47 من ق ع " لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة ، وذلك دون الإخلال بنص المادة 21 فقرة" 02  و المتعلقة الحجز القضائي في مؤسسة نفسية أو طبية قصد العلاج .

شروط الجنون المانع من المسؤولية :لا ترفع المسؤولية عن المجنون إلا إذا ثبت فقدان وعيه أو فقدان

الاختيار كلية ومعاصرة الجنون وقت ارتكاب الجريمة و هي مسألة يرجع تقديرها إلى قضاة الموضوع إثر خبرة طبية .

فيترتب على الجنون انعدام المسؤولية فيعفى المجنون من العقوبة ، ولا تتخذ بشأنه إلا تدابير علاجية تتمثل في وضعه في مؤسسة نفسية متخصصة .

ب- صغر السن: لقد تناول القانون الجزائري مسؤولية الأحداث في المواد من 49 إلى 51 ق ع في الفصل الثاني

المتعلق بالمسؤولية الجزائية ، حيث ورد في المادة 49 ق ع " أن لا يكون محلا للمتابعة الجزائية القاصر الذي لم يكمل 10 سنوات "

الملاحظ هنا أن المشرع الجزائري قد حدد حد أقصى لانعدام المسؤولية الجزائية للقاصر و هو سن10 سنوات، أي أنه لا يمكن متابعة شخص أقل من 10 سنوات إذا ارتكب جريمة ما .

- لكن الحدث الذي يبلغ سنه من 10 إلى 13 سنة فتوقع عليه إما تدابير الحماية أو التهذيب و في مواد المخالفات فلا يكون إلا محلا للتوبيخ . و المقصود هنا أيضا امتناع المسؤولية الجزائية لأنه يوقع على القاصر مجرد تدابير الحماية و التربية و التوبيخ في المخالفات خشية عليه من التعود على الإجرام .

- لكن القاصر الذي يبلغ من العمر مابين 13 إلى 18 سنة فيعتبر مسؤول و لكن مسؤولية ناقصة لأن رشده لم يكتمل، فإذا ارتكب الحدث في هذه المرحلة جريمة فإن القانون يسمح بإخضاعه لتدابير الحماية أو التهذيب أو لعقوبات مخففة كما يلي :

- إذا ارتكب الحدث جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم عليه بعقوبة الحبس من 10إلى 20 سنة .

- إذا ارتكب حدث جريمة عقوبتها هي السجن أو الحبس المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا .

ثانيا : امتناع المسؤولية بسبب انعدام الإرادة

يتفق الفقه و القانون على عدم العقاب في حالة وجود إكراه أو حالة ضرورة لأنهما يؤثران في حرية الاختيار

 أ-الإكراه:

يقصد بالإكراه تلك القوة التي يستحيل على الشخص مقاومتها فتدفعه إلى ارتكاب الجريمة و قد تكون هذه القوة مادية كما قد تكون معنوية ، و قد تعرض المشرع الجزائري إلى الإكراه كمانع من موانع المسؤولية في المادة 48 ق ع كما يلي : " لا عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة لا قبل له بدفعها " .

1- الإكراه المادي : وفيه أن تقع قوة مادية على إنسان لا يقدر على مقاومتها فيأتي بفعل يمنعه القانون

2-الإكراه المعنوي : وهو ضغط على الإرادة يدفعها إلى ارتكاب الجريمة ويتحقق بتهديد الفاعل بخطر جسيم لا سبيل إلى دفعه بوسيلة أخرى فيقدم على ارتكاب جريمته ليدفع عن نفسه خطر هذا التهديد ، و الإكراه المعنوي بخلاف الإكراه المادي لا يعدم إرادة المكره ، بل يجردها من حريتها في الاختيار .

ب- حالة الضرورة:

حالة الضرورة هي ذلك الخطر الذي يتهدد شخص أو يتهدد غيره ، فيضطر من أجل الخلاص من هذا الخطر إلى ارتكاب جريمة تصيب شخصا آخر  .و الغالب في حالة الضرورة أن يكون الخطر ليس ثمرة عمل إنسان و إنما وليد قوى طبيعية ، كما أن إرادة الشخص هنا لا تمحى بل تتجرد من حرية الاختيار. كأن يتعلق شخصان أثناء غرق سفينة بقطعة خشب طافية ثم تبين أنها لا تقوى على حملهما معا ، فيبعد أحدهما الآخر فينجو لنفسه و يهلك زميله.

1- شروط حالة الضرورة :

- أن يكون الخطر جسيما بأن يكون غير قابل للإصلاح .

- أن يكون الخطر حالا ، أي أن تكون هناك ضرورة فعلية لوجود خطر حال فالخطر المستقبل لا يعتد به .

- أن لا يكون لإرادة الفاعل دخل في حدوث الخطر . إذ يقترض القانون للاحتجاج بحالة الضرورة أن يكون المتهم قد فوجئ بحلول الخطر، لأن عنصر المفاجئة هو الذي يجعل المضطر يقوم بفعله دون تدبر و تروي .

- لا بد أن يكون رد فعل المضطر هو الوسيلة الوحيدة للتخلص من الخطر .

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق