السبت، 1 يوليو 2017

الأركان القانونية للدولة

بطاقة تقنية حول : أركان الدولة


تعريف الدولة : ما نؤكد عليه أن الدولة و تعريفها كان موضوع خلاف بين علماء السياسة و الإجتماع و القانون فالبعض يرون أن الدولة هي" جماعة من الأفراد تقطن على وجه الدوام والاستقرار ، إقليما جغرافيا معينا و تربطهم رابطة سياسية مصدرها الإشتراك في الخضوع لسلطة مركزية واحدة" كما يعرفها البعض  بأنها" مجموعة متجانسة من الأفراد تعيش على وجه الدوام في إقليم معين ، وتخضع لسلطة عامة منظمة".، أما الفقيه "هوريو" فعرف  الدولة بكونها:" مجموعة بشرية مستقرة على أرض معينة و تتبع نظاما اجتماعيا و سياسيا و قانونيا يهدف إلى تحقيق الصالح العام و يستند إلى سلطة مزودة بصلاحيات الإكراه".
من خلال التعريفات السابقة يستنتج أن هناك ثلاث أركان أساسية لقيام الدولة و التي تتمثل في : الشعب، الإقليم و السلطة.
أولا : البعد البشري للدولة
تعريف السكان: هم كل الأشخاص الموجودين على إقليم الدولة سواء كانوا من رعاياها أو من الأجانب.
تعريف الشعب:وهو مجموع الأفراد الذين ينتمون للدولة عن طريق الرابطة القانونية،وهي رابطة الجنسية سواء كانت أصلية عن طريق الدم أو الإقليم أو تكون مكتسبة، ويشمل شعب الدولة المقيمين على إقليمها أو المقيمين في
دولة أجنبية شرط احتفاظهم بجنسيتها، و هناك معيارين أساسين في تحديد مدلول الشعب:
ü  المعيار السياسي (الشعب السياسي): وهو مجموع الأشخاص الذين يشاركون في الحياة السياسية للدولة سواء عن طريق الترشح أو الانتخاب أو تقلد المناصب في الدولة.
ü  المعيار الإجتماعي (الشعب الاجتماعي): وهم جميع رعايا الدولة باختلاف سنهم أو جنسهم أو مناصبهم في الدولة.
Ø   الفرق بين السكان و الشعب: تجدر الإشارة إلى وجود فرق بين الشعب و السكان، فمفهوم هذا الأخير أوسع لكونه يشمل الأفراد المقيمين على إقليم الدولة سواء كانوا رعاياه أو أجانب.
تعريف الأمة: الأمة فهي مجموعة من الأفراد تقطن مجموعة من الأفراد تقطن إقليم معين، تتميز باشتراك أفرادها في عنصر أو عدة عناصر كاللغة والدين والأصل و الرغبة المشتركة في العيش معا .
ومن أهم التعاريف التي أعطيت للأمة( خاصة الفكر الغربي):
1-التعريف الموضوعي: ويتزعمه الفقه الألماني حيث يتصورون أن قيام الأمة يعتمد أساسا على العرق واللغة ثم الدين والأرض وبذلك يتوحدون في دولة واحدة.وهو ما اعتمدته النازية للتوسع على حساب الدول المجاورة من خلال أن الجنس الآري هو أرقى الأجناس وأنه بوحدة اللغة نستطيع إنشاء دولة.
      لقد انتقد هذا الاتجاه لتداخل الأعراق فيما بعضها واستحالة وجود عرق منعزل لوحده واللغة ليست معيارا فهناك العديد من الدول التي لا تستعمل لغة واحدة(بلجيكا و سويسرا) .وعلى الرغم من هذه الإنتقادات إلا أنه لا يمكن التقليل من أهمية الدين في تكوين الأمة وبقاءها .
2- التعريف الشخصي : تبناه الفقه الفرنسي حيث يعتبر الأمة "روح" و مبدأ الروح يتكون من عنصرين: تراث الماضي المشترك الغني بالذكريات المشتركة كعامل أول، ورضى الأفراد في العيش معا كعامل ثاني، فالأمة هي إرادة متصلة بالماضي و متعلقة بالحاضر متطلعة على المستقبل و هو ما يولد تضامنا بين أفرادها.
      لا تخلو هذه النظرية من النقد، فالرغبة في الحياة المشتركة فكرة شخصية و غير ثابتة لأنها تتأثر بمصالح الأفراد التي تخضع لاتجاهات عديدة، و فكرة الروح المشتركة ليست متوفرة في الأمة فحسب بل نجدها أيضا متوفرة في كافة المجتمعات الإنسانية كالقرى و المدن و هو ما يؤكد عدم صلاحيتها كأساس يمكن الاعتماد عليه في تكوين الأمة.
3- النظرية الماركسية: مفادها أن الأساس في تكوين الأمة يتمثل في وحدة المصالح الاقتصادية، و يرى كارل ماركس أن تطور كل مجتمع لم يكن سوى تاريخ للصراع القائم بين الطبقات، وأن هذا الصراع سوف يؤدي إلى دكتاتورية الطبقة الكادحة التي تعتبر ممرا إلى مجتمع خال من الطبقات.
نقد النظرية :والحقيقة أن لفكرة المصالح الاقتصادية دور بالغ في حياة الأفراد ووحدتهم إلا أن حياة الإنسان لا تقوم على الماديات وحدها، وإنما تتأثر بعوامل معنوية كاللغة، الدين، المشاعر،التاريخ المشترك...
Ø        الفرق بين الدولة و الأمة: أن الأمة هي عنصر فقط من عناصر الدولة و لا يقارن الجزء بالكل.
ثانيا: البعد الإقليمي ( الجغرافي) للدولة :    
تعريف الإقليم :يعرف الإقليم على أنه "ذلك النطاق الأرضي و المائي و الجوي الذي تباشر فيه الدولة سلطتها و سيادتها دون منازعة من الدول الأخرى " .
مشتملات الإقليم: يتحدد نطاق الدولة بواسطة ما يسمى بالحدود و هي فكرة حديثة لم تظهر إلا بظهور الدولة بشكلها الحديث، و تضبط حدود إقليم الدولة عادة من جوانب ثلاثة.
1- الإقليم البري: يشمل سطح الأرض و ما فوقه من معالم طبيعية فلا  يشترط في إقليم الدولة أن يكون قطعة ترابية واحدة مترابطة فقد يتشكل من جزر عديدة، بل إنه يتكون من أجزاء ترابية متباعدة و عليه فإن ترابط إقليم الدولة أو تجزئته، ضيقه و اتساعه ليس له أي أثر من الناحية القانونية على قيام الدولة، إلا أن محدودية المساحة من شأنها أن تؤثر على كيانها الدولي من الناحية السياسية .
2- الإقليم البحري: يشمل البحار الداخلية، البحيرات الكبرى، الأنهار، البحر الإقليمي بالنسبة للدول الساحلية، حيث لهذه الدول الحق في منطقة من البحر تسمى المياه الإقليمية مسافتها 12 ميل بحري(20كلم) ابتداء من الشريط الساحلي المجاور للإقليم البري كمرحلة أولى، بعدما كانت محددة ب 03أميال، بعدها أصبحت سيادة الدولة الساحلية تشمل مسافة تقدر 200 ميلا تسمى بالمنطقة الاقتصادية الخالصة إلى جانب تمتعها بالسيادة على الجرف القاري، وبعد صدور اتفاقية قانون البحار في سنة 1982 بدولة جمايكا، أصبحت أعالي البحار تراثا مشتركا للإنسانية.(الميل البحري:1852 متر)
3- الإقليم الجوي : يشمل المجال الذي يقع فوق إقليمها البري و البحري إلى غاية نهاية الغلاف الجوي للكرة الأرضية (80كلم).أقرت اتفاقية شيكاغو التي أبرمت سنة 1944 حق السيادة الإقليمية للدولة على طبقاتها الجوية  مع السماح للدول الأخرى بالمرور البريء الذي لا يشكل خطرا على امن و سيادة تلك الدولة.
طبيعة حق الدولة على إقليمها:
توجد عدة اتجاهات تحاول تفسير طبيعة العلاقة بين الدولة و إقليمها و تتمثل أساسا في:
-الاتجاه الأول: يذهب إلى القول بأن الحق المقصود في هذا المقام هو حق ملكية، و هو قول مردود عليه لأن هذا التصور يؤدي إلى الاعتراف بازدواجية الملكية و تصبح الأراضي التي يملكها الأفراد هي أيضا ملكا للدولة و هو ما يؤدي إلى التنازع بين الدول و الأفراد.
- الاتجاه الثاني: فيؤكد بأن حق الدولة على الإقليم هو عنصر مكون لشخصية الدولة و هو بمثابة جسمها بالمقارنة مع الإنسان و لا يمكن للدولة أن توجد بدون إقليم.
- الاتجاه الثالث: و هو الذي استقر عليه الفقه الدستوري، يرى أن حق الدولة على إقليمها يتحدد مضمونه في ممارسة السيادة العامة الذي تقوم من خلاله بكافة الأعمال التي تسمح بها القوانين و ما تفرضه من إجراءات الرقابة و إدارة الشؤون العامة.
و عليه فقد أشرنا إلى أنه لا توجد دولة دون إقليم، و لكن من جهة أخرى من الممكن أن تحرم الدولة من إقليمها لفترة مؤقتة و ذلك في حالة الحروب و الاستعمار، فلا يعد هذا الاحتلال زوالا و لا انعداما لوجودها، مثل حالة دولة فلسطين التي يقع إقليمها تحت الاحتلال الصهيوني.

ثالثا : البعد السلطوي(السلطة السياسية) للدولة : 
تعريف السلطة :يقصد بها الهيئة الحاكمة أو الجهاز الحاكم، و هو التنظيم الذي يتخذ القرارات باسم كل الأفراد المكونين للجماعة،ينفذها باعتبارها ملزمة لجميع أعضائها، و هذه القرارات تنظم سلوك الجماعة، وتسمح لهذه السلطة باتخاذ أي إجراء يتطلبه تسيير شؤون الجماعة و التعبير عن مصالحهم، و لكي تتمكن من القيام بذلك يجب أن تكون شرعية و قانونية، أي مقبولة من طرف المحكومين عن طريق رضاهم و ارادتهم، أما إذا كانت القوة هي سندها الوحيد فتكون سلطة فعلية.
خصائص السلطة:  تتميز سلطة الدولة ببعض الخصائص هي كالتالي:
1.    سلطة مركزية عليا: فهي تعمل على تحقيق وحدة مركز اتخاذ القرار سواء كان شكلها بسيطا أو موحدا، و لا توجد بينها و بين المواطنين سلطات وسيطة، كما أنه لا توجد سلطة منافسة لها على الإقليم، فهي بالتالي لا تخضع لسلطة تعلوها.
2.    سلطة ذات اختصاص عام:نشاطها يشمل سائر نواحي الحياة البشرية في الدولة.
3.    سلطة مدنية: فسمو السلطة المدنية على السلطة العسكرية تعتبر من المسلمات الراسخة في تقاليد الدول الحديثة لأن سلطة الدولة في هذه الظروف تمارس بصورة سليمة ومنظمة بواسطة مستخدمين مدنيين، أما السلطة العسكرية فهي وجدت لمواجهة ظروف الحرب أو على الأقل واجبات الدفاع الوطني على أن تظل مستقلة عن السلطة المدنية و خاضعة لها.
4.    سلطة تحتكر الإكراه المادي: فالدولة تحتكر وسائل الإكراه المادي كالجيش،الدرك، الشرطة والقوة العمومية وجهاز القضاء و المخابرات.
5.    سلطة دائمة: فالسلطة تبقى ببقاء الدولة بغض النظر عن بقاء أو زوال حكامها ، و لهذا فإن المعاهدات  التي تبرمها دولة ما لا تنتهي بوفاة الرئيس الذي أبرمها و إنما تلزم بها السلطة الحاكمة التي تمثل الدولة بعد زواله، كما أنه لا يقبل التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات لأن الحكام لا يملكون السلطة و إنما يمارسونها فقط
6.    سلطة أصلية: فهي لا تنبع من إي سلطة أخرى بل إن السلطات الأخرى الموجودة في إقليمها تنبثق منها و تخضع لها، فهي التي تضع النظام القانوني الذي يخضع له الأشخاص و تنظم  نفسها بنفسها، كما أنها لا تخضع داخليا أو خارجيا لغيرها (ذات سيادة).
السلطة بين الشرعية و المشروعية:
إن الشرعية (la légétimité) هي صفة تطلق على سلطة يعتقد الأفراد أنها تتطابق و الصور التي كونوها داخل المجموعة الوطنية أي تطابق السلطة في مصدرها و تنظيمها مع المبادئ التي يقوم عليها المجتمع، فهي تعبر عن مطابقة السلطة لفكرة الصالح العام.، و من هنا فلا وجود للشرعية طالما أن الأفراد لم يتقبلوا أسلوب الحكم و هي الأساس في تمييز الأنظمة الديمقراطية عن غيرها.
أما المشروعية(la légaliti): فيعد العمل أو التصرف مشروعا اذا كان يتطابق و القواعد القانونية الوضعية كالدستور و القانون(الهرم القانوني في الدولةفيقال بأن هذا العمل مشروع أذا كان يتطابق مع الدستور (مشروعية دستورية) و مع القانون(مشروعية قانونية).
من خلال ما سبق يتضح لنا بأن المشروعية تختلف عن الشرعية من حيث ارتباطها بالنظام الدستوري و القانوني الواجب احترامه بواسطة السلطات العمومية، أما الشرعية فهي صفة ترتبط بالمبادئ التي يقوم عليها المجتمع التي تشكل القيم و المعتقدات التي تؤمن بها الجماعة أو الأغلبية.
رابعا : الاعتراف الدولي
 طال التساؤل بين الفقهاء المحدثين بخصوص : ما مدى أهمية الاعتراف بالدولة الجديدة  ركنا من أركان الدولة ؟ و انقسموا في ذلك  إلى اتجاهين:........... ... لتحميل البحث كاملا يرجى النقر هنـــــا أو هنـــــا 
ولتحميل البحث  كاملا على Google Drive يرجى النقر هنـــا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق