آثار الكفالة
بين الكفيل و المدين و العلاقة بين الكفلاء
أولا- العلاقة بين الكفيل و المدين:
إذا قام الكفيل بالوفاء بالدين للدائن
فهنا تنشأ علاقة بين الكفيل و المدين، حيث يحق للكفيل الرجوع على المدين من أجل
الحصول على ما وفى به، لهذا أعطى المشرع للكفيل طريقين يسلكهما من أجل الحصول على
حقوقه، وهما الدعوى الشخصية و دعوى الحلول، وهذا ما سنتطرق إليه فيما يلي:
أ- الدعوى الشخصية (دعوى الكفالة):
يحق للكفيل الرجوع على المدين إذا ما
وفى بالدين بالدعوى الشخصية، ولكن لا يحق له ذلك إلا إذا توفرت جملة من الشروط.
1-
شروط الدعوى الشخصية:
× حلول أجل الدين : والأجل الذي
يعتد به هنا هو الأجل الأصلي للدين المكفول، فلا يحق للكفيل الرجوع على المدين إلأ
بحلوله، إلا أنه إذا امتد الأجل الأصلي بسبب مهلة منحها الدائن للمدين، فإن هذا
الامتداد لا يحتج به في مواجهة الكفيل، وعلى العكس من ذلك فإنه في حالة تنازل
المدين عن الأجل الأصلي الممنوح له، سيستفيد الكفيل من هذا التنازل ويحق له الرجوع
على المدين عند حلول الأجل الجديد.
× أن يكون الكفيل قد وفى بكامل الدين أو جزء منه
× يجب على الكفيل إخطار المدين :بجب على الكفيل قبل قيامه بالوفاء أن يخطر المدين وهذا ما قضت به المادة 670 ق. م ، وبالتالي فإن قيام الكفيل بالوفاء دون إخبار المدين سيفقده حق الرجوع عليه، بحيث تبرأ ذمة المدين، إلا أن عدم إخبار الكفيل للمدين لا يؤدي دائما وفي جميع الحالات إلى براءة
ذمته، وذلك في حالة وفاء الكفيل بالالتزام ولم يكن للمدين أسباب تؤدي إلى بطلان الالتزام و انقضاءه.× أن تكون الكفالة قد عقدت لمصلحة
المدين و دون معارضته: يجمع الفقه
على أن دعوى الكفالة تقتصر على الحالات التي تنعقد فيها الكفالة دون معارضة المدين
سواء كانت بعلم المدين أم بغير علمه، وذلك على أساس أن الكفالة تحقق في الغالب
مصلحة المدين أو مصلحة الدائن و المدين معا، إلا
أنه أحيانا تعقد لمصلحة الدائن وحده، ومثالها إذا انعقدت بعد نشوء الالتزام
الأصلي ولم يحصل المدين على أية فائدة، ففي هذه الحالة لا يستطيع الكفيل بعد وفاءه
بالدين المضمون، الوجح على المدين بالدعوى الشخصية.
كما يجب أن تتم الكفالة دون معارضة من المدين، فتجوز عودة الكفيل على
المدين في الكفالة التي عقدت بعلم المدين أو دون علمه، أما التي عقدت رغم معارضته
فلا يجوز الرجوع عليه بهذه الدعوى،وهذا ما يتضح من خلال نص المادة 672/1 ق. م.
2- مضمون الدعوى الشخصية:
يرجع
الكفيل بما وفاه على المدين بأصل الدين والمصروفات، وهذا ما نصت عليه المادة 672/2 ق. م. على أنه :« يرجع الكفيل بأصل
الدين و لمصروفات غير أنه فيما يخص المصروفات لا يرجع الكفيل إلا بالذي دفعه من
وقت إخبار المدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده»، مما يفيد أن الكفيل يرجع
بأصل الدين والمصروفات.
أصل الدين: وهو كل ما قام الكفيل بدفعه إلى
الدائن لإبراء ذمة المدين، و يشمل ذلك مقدار الدين الأصلي، وكذا فوائد هذا الدين
لو كان ينتج فوائد اتفاقية أو قانونية ما دامت تدخل ضمن الدين المكفول.
المصروفات: وهي
كل المبالغ التي أنفقها الكفيل في تنفيذ عقد الكفالة، بالإضافة إلى ذلك ما يكون قد أنفقه
في الإرشاد على أموال المدين لتجريده و مصروفات الدعوى التي رفعها الدائن
على الكفيل، هذا و بالمقابل أن حق الكفيل في الرجوع يمتد حتى إلى مصروفات المطالبة
الأولى بمصروفات التنبيه بالوفاء و مصروفات دفع الدعوى، إذ أنها مصروفات تنفق قبل
أن يصل الكفيل إلى اتخاذ أي إجراء بالإخطار للمدين ولهذا يلتزم بها المدين لا
الكفيل.
ب- دعوى الحلول:
تنص المادة 671 ق.م.ج على أنه :« إذا
وفى الكفيل الدين كان له أن يحل محل الدائن في جميع ماله من حقوق تجاه المدين،
ولكن إذا لم يوف إلا بعض الدين، فلا يرجع بما وفاه إلا بعد أن استوفى كل حقه من
المدين».،والملاحظ أن حكم هذا النص ليس إلا
تطبيقا خاصا للقاعدة العامة التي وردت في المادة 261 ق.م
والكفيل كما رأينا ملزم بوفاء الدين
عن المدين، فيكفي لرجوع الكفيل بدعوى الحلول أن يكون قد وفى الدين كله، و يستوي
أن تكون الكفالة قد عقدت بعلم المدين أو دون علمه، أو رغم إرادته، سواء كانت
لمصلحة المدين أو لمصلحة الدائن.
غير أن الفرق بينها و بين الدعوى
الشخصية التي تستند إلى الكفالة هو أنها لا تجوز إلا إذا كان الدائن قد استوفى كل
حقه، بخلاف الدعوى الشخصية، التي ترفع ختى
ولو تم الوفاء بجزء من الدين.
1-
شروط دعوى الحلول:
× حلول أجل الدين
× أن يكون الكفيل قد وفى بكامل الدين أي حصول الدائن على كامل دينه
2-
مضمون دعوى الحلول:
يترتب على حلول الكفيل محل الدائن طبقا للمادة 671 من ق.م. والمادة 261 و 264 ق.م. أن يكون للكفيل الرجوع على المدين بحق الدائن بما له من خصائص و ما يلحقه من توابع، و ماعليه من دفوع و تأمينات .
× رجوع الكفيل بحق الدائن بما له من خصائص: ويمكن أن نورد أمثلة عن هذه الحالة إذا كان دين الدائن له صفة تجارية،
فإن هذا الحق ينتقل للكفيل بهذه الصفة، و اقتران حق الدائن بأجل يسري على الكفيل،
في هذه الحالة لا يجوز له الرجوع على المدين إلا بحلول ذلك الأجل.
× رجوع الكفيل بحق الدائن بما يتبعه من توابع: فالكفيل يستفيد من الفوائد التي
ينتجها الدين المضمون، إذ يحق له الرجوع بها على المدين، أما إذا كان الدين لا
ينتج فوائد، فإن رجوعه يكون على ما تقرر له القواعد العامة من فوائد قانونية تبدأ
من وقت المطالبة القضائية.
× يحل الكفيل محل الدائن في حقه بما له من ضمانات: يحق للكفيل أن يحل محل الدائن في حقه فيما كان يكفله من ضمانات، ولا
يختلف الأمر فيما إذا كانت هده الضمانات(التأمينات) شخصية أو عينية موجودة وقت
إبرإم الكفالة أو قدمت فيما بعد، وسواء قدمت من المدين نفسه أو من الشخص الغير.
× حلول الكفيل محل الدائن في حقه وما يتصل به من دفوع: ومقتضى هذا الحق أن المدين يستطيع
مواجهة مطالبة الكفيل بكل ما كان يستطيع أن يدفع به رجوع الدائن عليه، كأن يدفع
بأن حق الدائن معلق على شرط واقف أو فاسخ أو مضاف إلى أجل.
ثانيا- دراسة لحالة تعدد المدينين:
لقد سبق و أن درسنا رجوع الكفيل على
المدين على فرضية أن المدين شخص واحد، إلا أنه يحدث أن يتعدد المدينون بنفس الدين،
وفي هذه الحالة يكون الكفيل قد ضمنهم جميعا كما قد يكون كفل بعضهم فقط،
كما يمكن أن يكونوا متضامنين فيما بينهم، وقد لا يكون كذلك، وفيما يلي نبين حكم
هذه الفروض.
أ- حالة تعدد المدينين
مع عدم تضامنهم:إذا كان
المدينون غير متضامنين فيما بينهم، و
كفلهم الكفيل جميعا، و وفى بالدين للدائن، فإنه في هذه الحالة يرجع على كل واحد
منهم بقدر نصيبه، سواء رجع الكفيل بدعوى الحلول أو بالدعوى الشخصية أو بدعوى
الإثراء بلا سبب، أما بالنسبة للمدينين الذين لم
يكفلهم الكفيل فلا يحق له الرجوع عليهم بدعوى الكفالة، ولكن إذا كان قد وفى بكامل
قيمة الدين، فيحق له الرجوع عليهم بدعوى الإثراء بلا سبب طبقا للقواعد العامة.
ب- حالة تعدد المدينين مع تضامنهم: إذا كان
المدينون متضامنين و ضمنهم الكفيل جميعا
فإنه في هذه الحالة يكون له الرجوع على أي منهم بكل الدين الذي وفاه، و يكون له
ذلك سواء رجع بدعوى الحلول أم بالدعوى الشخصية، و هذا ما تنص عليه المادة
673 مدني على ما يلي : « إذا تعدد المدينون في دين واحد و كانوا متضامنين، فللكفيل
الذي ضمنهم جميعا أن يرجع على أي منهم بجميع ما وفاه من الدين ».
أما إذا كان المدينون متضامنين، و ضمن
الكفيل بعضهم فقط فإنه كذلك يحق له أن يطالب أيا من المدينين الذين ضمنهم بكل
الدين الذي وفاه سواء رجع عليه بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول، إلا أن السؤال
الذي يطرح نفسه عمليا هو :هل يجوز للكفيل أن يرجع على مدين متضامن لم يكفله ؟ و
بأي دعوى ؟
من المسلم به، أنه لا يجوز لـه الرجوع
عليه بالدعوى الشخصية لأن هذه الدعوى خاصة برجوع الكفيل على المدين الذي كفله،
ولكن يجوز للكفيل أن يرجع على المدينين الذين لم يضمنهم بدعوى الإثراء بلا سبب
بقدر الإثراء فقط، كما يمكنه أن يرجع عليهم بالدعوى الغير مباشرة مستعملا
حقوق مدينه، لأن الكفيل بقيامه بالوفاء يصبح دائنا للمدين، وفي هذا الصدد تنص
المادة 189 ق.م.ج، على ما يلي : «لكل دائن
ولو لم يحل أجل دينه أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين ...».
أما بالنسبة لرجوع الكفيل بدعوى الحلول فهناك من يرى أنه لا يجوز للكفيل الرجوع على المدينين
الذي لم يضمنهم بهذه الدعوى، و هناك من يرى عكس ذلك ، و سندهم في ذلك المادة 264 ق.م،
التي تؤكد على أن من حل محل الدائن كان لـه حقه بما يكفل هذا الحق من ضمانات،
والتضامن بين المدينين هو أحد ضمانات الوفاء بالحق، وعليه فإنه يجوز للكفيل الذي
حل محل الدائن أن يرجع على أي مدين متضامن بكل الدين ولو لم يكن قد كفله، ويذهب
البعض إلى القول بأن رجوع الكفيل على المدين المتضامن غير المكفول يكون بقدر حصته
فقط، ولكن الرأي الغالب يذهب إلى أنه يحق للكفيل، أن يرجع بكل الدين على أي من
المدينين المتضامنين حتى الذي لم يكفله منهم.
ثالثا- العلاقة بين الكفيل و غيره
من الكفلاء:
من المقرر قانونا أنه إذا قام الكفيل
بوفاء الدين للدائن كان له حق الرجوع على الكفلاء الذين كفلوا نفس الدين، و
بالنسبة لهذا الرجوع يجب أن نميز بين ما إذا كان الكفلاء متضامنين أو غير متضامنين
.
أ-الحالة التي يتعدد
فيها الكفلاء دون تضامن:إذا تعدد
الكفلاء وكانوا جميعا قد التزموا بكفالة الدين بعقد واحد، أو بعقود متوالية مع احتفاظ
كل واحد بحقه بالتقسيم، فإن الأصل أن يقسم الدين فيما بينهم كل بحسب نصيبه، وأن
إعسار أحد هؤلاء لا يتحمله غيره من الكفلاء وإنما يتحمله الدائن، وإذا دفع واحد
منهم الجزء الخاص به فلا يستطيع الرجوع على باقي الكفلاء. لكن في حالة وفاءه بالدين كله وهو غير مش بذلك،
فلا يكون له الحق في الرجع على غيره من الكفلاء بدعوى الحلول، لأنه ليس ملزما
بالوفاء عنهم ولا معهم، ولا يكون له الحق في العودة عليهم بدعوى الشخصية لأن هذه
الأخيرة مقررة للعلاقة بين الكفيل والمدين، فما عليه إلا العودة عليهم بدعوى الإثراء
بلا سبب، وفي حالة وجود كفيل معسر بينهم فلا يمكن له أن يطالبهم بحصته وإنما
يتحملها الكفيل الموفي.
ب-الحالة التي يتعدد فيها الكفلاء مع تضامنهم: إذا تعدد الكفلاء وكانوا متضامنين
فيما بينهم فهنا لا ينقسم الدين بينهم، ولا يختلف الوضع فيما إذا كانوا قد كفلوا دينا
واحدا بعقد واحد أو كانوا ملزمين بعقود متوالية، فكل واحد منهم يكون مسؤولأ بكامل
الدين، وحالة تعدد الكفلاء وتضامنهم قد نصت عليه المادة 668 ق.م. والتي تنص على ما يلي: "إذا كان
الكفلاء متضامنين فيما بينهم و وفى أحدهم الدين عند حلوله يجوز له أن يرجع على كل
من الباقين بحصته في الدين وبنصيبه في حصة المعسر منهم".
إذن إذا وفى أحد الكفلاء المتعددين بالدين فإنه يرجع على أي كفيل
متضامن بقدر نصيبه في الدين، مضافا إليها نصيبه في حصة الكفيل المعسر.
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق