الإلتزام بالتسليم
بالإضافة
إلى التزام البائع أن ينقل ملكية الشيء المبيع إلى المشتري ، لا بد له أيضا من أن يسلمه له بشكل يسمح له بالحيازة عليه والانتفاع به بدون عوائق ،أي تمكينه من المبيع بشكل يمكنه من مباشرة سلطاته كمالك دون أي مانع أو عائق وذلك ما نصت عليه المادة 367 ق م" يتم التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يتسلمه تسلما ماديا ،ما دام البائع قد أخبره بأّنه مستعد لتسليمه بذلك ويحصل التسليم على النحو الذي
يتفق مع طبيعة الشيء المبيع
وقد يتم التسليم بمجرد تراضي الطرفين على
البيع إذا كان المبيع موجودا تحت تصرف المشتري قبل البيع
أو
كان البائع قد استبقى المبيع في حيازته بعد البيع لسبب آخر لا علاقة له بالملكية. "
أولا - مفهوم التسليم:
طبقاً للمادة 367 ق م التسليم هو عبارة عن وضع المبيع تحت تصرف المشتري حتى يتسلمه،و عليه فإن التسليم لا نعني به التسليم المادي للمبيع،و إنما التسليم يلزم البائع فقط وضع الشيء تحت تصرف المشتري و على هذا الأخير تسلم المبيع،لذلك فإن القاعدة المكملة ( 283 ق م) تجعل نفقات التسليم على البائع و نفقات التسلم على المشتري.
ثانياً- طرق التسليم:
طبقا لنفس المادة 367 ق م يكون للتسليم صورتان:
1-التسليم الفعلي(القانوني):
يكون هذا التسليم بتوافر عنصرين و هما: وضع الشيء تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته و الانتفاع به دون مالك و ذلك حسب طبيعة المبيع،فإذا كان عقاراً يكون التسليم بإخلاء العين،تسليم سندات الملكية...إلخ،إذا كان منقولاً معيناً بالذات قد يكون بالمناولة،إذا كان منقولاً معيناً بالنوع يكون بالفرز و الدعوة للتسلم أو بتسليم مفاتيح المخزن،فإذا كان حق انتفاع يكون التسليم بالترخيص للمشتري استعمال الحق و تسليمه سندات الحق المنشئ له.
إعلام البائع المشتري بأن المبيع وضع تحت تصرفه و لا يتطلب أن يكون هذا الإعلام وفق نص معين.
2-
التسليم الحكمي:معناه أن يتم التسليم بتراضي الطرفين البائع و المشتري على أن المبيع سلم للمشتري (م 367 فقرة 2 ق م)،و يكون التسليم الحكمي في فرضين أو حالتين:
الحالة الأولى:أن يكون المبيع في حيازة المشتري قبل البيع لسبب آخر غير عقد البيع هذا بصفته مستأجراً،مودعاً لديه ثم يقع البيع،فيستبقي المشتري المبيع تحت يده بناءاً على شرائه فهنا لم يحصل التسليم الفعلي للمبيع و إنما تغيرت نية المشتري في الحيازة ليصبح مالكاً للشيء بمجرد الاتفاق.
الحالة الثانية:أن يبقى المبيع عند البائع ليس بصفته مالكاً ولكنه يبقى حائزاً كمستأجر،مستعير أو مرتهن فيتم
الاتفاق على دواعي الحيازة للبائع إلى تحول صفته من مالك إلى مستأجر،طبقاً للمادة 818 ق م .
ثالثاً- مكان و زمان التسليم:
تخضع هذه المسالة للقواعد العامة في العقود،و هذا بموجب المادتين 281 و 282 من القانون المدني.
1-
مكان التسليم:
يكون مكان التسليم في مكان تواجد الشيء المبيع،و إذا تعلق الأمر بأشياء محددة بالنوع فمكان التسليم هو مكان الفرز (تطبيقاً لقاعدة الدين مطلوب و ليس محمول)،أما إذا انصب البيع على حق شخصي فيكون الوفاء في موطن المدين،كل هذا ما لم يوجد اتفاق أو نص مخالف.
2- زمن التسليم:
طبقاً للمادة281 /1 ق م يكون التسليم بمجرد انعقاد العقد ما لم يوجد اتفاق أو نص مخالف،إلا أنه باستطاعة البائع الامتناع عن تسليم المبيع في حالة ما إذا كان الثمن واجب الدفع فوراً،فإنه بمقدور البائع حبس المبيع لغاية قبض الثمن،أما إذا منح البائع للمشتري أجلاً للدفع،التزم بالتسليم،فإذا فقد المشتري حقه في الاستفادة من هذا الأجل،فباستطاعة البائع حبس المبيع،كما في حالة شهر إفلاس المشتري طبقاً للمادة 211 ق م .
رابعاً- محل التسليم:
يتمثل محل التسليم في الشيء المتفق عليه و في ملحقات أو توابع الشيء :
1-الشيء المتفق
عليه:و هو المبيع المعرّف في عقد البيع أي محل التنفيذ،و لا يمكن للبائع تعويضه بشيء آخر،فالمادة 364 ق م تنص على التزام البائع بتسليم المبيع بالحالة المتفق عليها،فإذا كان عقاراً مثلاً وجب تسليمه وفقاً لما ذكر في العقد من حيث المساحة أو عدد الغرف.
2-توابع الشيء
المبيع:يلتزم البائع بتسليم توابع الشيء المبيع تبعاً لطبيعة المبيع،و كذا العرف الجاري،فتكون هذه الملحقات إما مادية،عقارات بالتخصيص،صناديق التعبئة و ثمار الشيء المبيع منذ البيع.
خامساً- مقدار المبيع:
إذا عين في العرف مقدار المبيع التزم البائع بأن يسلم المقدار المتفق عليه،لكن ما حكم النقص و الزيادة في مقدار المبيع؟
1-
حالة النقص في
المقدار:
× البائع يكون غير
مسؤول عن النقصان : طبقاً للمادة
365 فقرة
1 مدني يكون البائع غير مسؤول عن النقص في المبيع في حالتين:
الحالة الأولى:
تتمثل في اتفاق البائع و المشتري على مخالفة أحكام المادة فيكون البائع غير مسؤول عن النقصان.
الحالة الثانية:
أن يكون النقصان مما يتم التسامح فيه عرفاً،فهنا يتحرر البائع من مسؤوليته.
× البائع يكون مسؤول
عن النقصان :أما حالتي مسؤولية البائع عن النقص في المبيع فتكون:
الحالة الأولى:في حالة النقص البسيط الذي لا يتسامح فيه عرفاً،أو النقص الذي يتسامح فيه إذا تجاوز نسبة معينة،فيكون البائع مسؤولاً عن النقص و لكن بصفة مخففة فللمشتري أن يطالب بإكمال المقدار أو إنقاص الثمن و ليس له طلب الفسخ.
الحالة الثانية:
في حالة النقص الجسيم بحيث لو بلغ حداً من الجسامة لو علم به المشتري لما أبرم العقد و هو معيار شخصي لا موضوعي، فللمش تري إما طلب إنقاص الثمن أو طلب تكملة المقدار الناقص،أو طلب فسخ البيع للنقص الجسيم.
2-
حالة الزيادة في
مقدار المبيع:
حسب المادة 365 / 2 ق م ،و في حالة عدم وجود اتفاق يخالف المادة فإننا نفرق بين حالتين:
أ-حالة الزيادة
البسيطة في
مقدار المبيع:
و هنا إذا كان المبيع غير قابل للتقسيم دون ضرر للبائع،فعلى المشتري دفع ثمن الزيادة و لا يمكن للمشتري أن يطلب من البائع أن يأخذ هذه الزيادة لأن البائع لن يتمكن من الانتفاع بها،و ليس للمشتري أن يطالب بالفسخ،أما إذا كان المبيع قابلاً للتقسيم دون ضرر فليس باستطاعة البائع أن يطالب المشتري بأخذ الزيادة مع دفع الثمن،و إنما للمشتري رد الكمية الزائدة.
ب-حالة الزيادة
الفاحشة في
مقدار المبيع:
إذا كان الثمن مقدراً بحسب الوحدة،و كان المبيع قابلاً للتقسيم دون ضرر فللمشتري طلب رد المقدار الزائد دون حق المطالبة بالفسخ،و إذا كان المبيع غير قابل للتقسيم دون ضرر فباستطاعة المشتري فسخ العقد أو طلب الفسخ؛ و يتضح من المادة 366 قانون مدني أن الدعاوى الناشئة عن نقص المبيع أو الزيادة فيه تنقضي بمدة سنة واحدة من وقت التسليم الفعلي،و مدة السنة هذه هي من النظام العام.
سادساً- جزاء الإخلال بالالتزام بالتسليم:
1-
إحجام البائع عن
التسليم أو
تأخره :
إذا أخلّ البائع بالتزامه بالامتناع عن التسليم أو عدم تسليم المبيع في ميعاده المحدد أو ارتكب أي مخالفة لأحكام التسليم فللمشتري طلب التنفيذ العيني بعد إعذار البائع إذا كان التسليم ممكناً،غير أنه لا حاجة للإعذار إذا صرح للمشتري (كتابةً) بأنه لا ينوي تسليم المبيع،كما للمشتري أيضاً طلب الفسخ مع التعويض،و هنا للقاضي إما أن يمنح للبائع أجلاً للتنفيذ إذا أبدى نيته في التسليم أو أن يحكم بإنقاص الثمن إذا رأى أن ما لم يوفِ به البائع قليل الأهمية مقارنة مع كامل الالتزامات،أو أن يحكم بالفسخ إذا تبين أن البائع لا ينوي التسليم.
2-
هلاك المبيع:
طبقاً للمادة 369 ق م تقع مخاطر الهلاك قبل التسليم كأصل عام على البائع،حيث يلتزم البائع بالمحافظة على المبيع لغاية تسليمه للمشتري حتى و لو انتقلت الملكية للمشتري باعتبار أن البائع يسيطر فعلياً على المبيع،فإذا كان الهلاك بسبب أجنبي تحمل البائع تبعة الهلاك و انفسخ العقد بقوة القانون(فيلتزم البائع بإرجاع الثمن المادة 121 ق م)،و إذا كان الهلاك بفعل البائع التزم برد الثمن و تعويض المشتري عما أصابه من ضرر.
إلا أنه تقع مخاطر الهلاك على المشتري إذا أعذر البائع المشتري بتسلم المبيع فتقاعس عن ذلك دون مبرر،حينئذٍ لا يسأل البائع عن تبعة الهلاك،كما يتحمل المشتري تبعة هلاك المبيع قبل تسلمه إذا هلك المبيع في يد البائع و هو حابس له،لعدم وفاء المشتري بالثمن (م 391 ق م).
نقص قيمة
المبيع بسبب
التلف.
نصت على هذه الحالة المادة 370 ق م ،فاعتبرت أن التلف الذي يؤدي إلى نقص جسيم في قيمة المبيع يمكن المشتري من طلب الفسخ مع المطالبة بالتعويض إذا كان الإتلاف بفعل البائع،و ينظر إلى المسألة بمعيار شخصي و إذا كان النقص بسيطاً في قيمة المبيع فليس للمشتري إلا المطالبة بإقناص الثمن.
خلاصة:
ويتضح مما قيل أعلاه أن تسليم المبيع للمشتري يقتضي أن يتمكن هذا الأخير من الحيازة والانتفاع بهذا المبيع دون عائق ولو لم يتسلمه ماديا، وعليه يجب:
-
أن لا يكون المبيع في حيازة الغير الذي يمانع في تسليمه بادعاء حقه عليه، كما يجب أن لا يكون المبيع مشغولا بمؤجر يمانع في إخلاء هذا المبيع.
-
ويجب أيضا أن يكون التسليم في المكان الذي كان موجودا فيه وقت انعقاد العقد ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك.
-
وأن يكون التسليم للمبيع بالحالة التي كان عليها هذا الشيء وقت البيع، وهذا يعني أن البائع ملزم بالمحافظة على المبيع حتى تسليمه للمشتري. ويقع على البائع عبء إثبات أن المبيع لم تتغير حالته عما كانت عليه وقت البيع لأن البائع هو المدين بالتسليم ، فوفقاً لقواعد الإثبات فإن على البائع إثبات الالتزام وعلى
المدين إثبات وفائه بالالتزام .
-
أي هلاك قبل التسليم يتحمل البائع تبعاته ، فإذا هلك المبيع لدى البائع رغم بذله العناية الضرورية للمحافظة
عليه (قوة قاهرة)ينفسخ عقد البيع و يلزم برد الثمن فقط، أما إذا كان الهلاك ناتجا عن تقصير منه وإهمال في المحافظة عليه ألزم البائع عندئذ بالتسليم و التعويض عن الضرر الذي لحق بالمشتري وفقا لما يقرره القانون بالنسبة للمسؤولية العقدية.
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق