الخصومة القضائية
وفقا لنص المادة 14 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فالخصومة القضائية تقوم على مبدأ قانونية الشكل، أي يجب أن تتم وفقا للوسيلة التي حددها القانون، وهي المتمثلة في العريضة المكتوبة والموقعة والمؤرخة والمودعة لدى كتابة ضبط المحكمة.
أولا- مفهوم الخصومة:
الخصومة : لغة هي النزاع أو الخلاف بين شخصين أو أكثر أياً كان محل النزاع مسألة علمية أو لغوية أو مالية ... الخ .
أما في الاصطلاح القانوني : فتطلق كلمة الخصومة على النزاع عندما يعرض على القضاء.
وتطلق كلمة الخصومة على النزاع في ذاته فتعرف بأنها الحالة القانونية التي تنشأ منذ عرض النزاع على القضاء، كما تطلق على النزاع في مظهره فالخصومة تظهر في صورة سلسلة من الأعمال المختلفة يوجب القانون القيام بها لتصل الخصومة إلى نهايتها . فهي ( مجموعة من الأعمال المرتبطة بغرض تطبيق إرادة القانون في حالة معينة بالنسبة إلى مال يدعي حماية القانون له بواسطة أعضاء من القضاء العادي ) وتكون الخصومة وحدة قانونية تبدأ من تقديم طلب قضائي الى المحكمة وتنتهي بالوصول إلى الغاية منها وهو صدور حكم يفصل في النزاع وقد تنتهي قبل هذا بسبب من أسباب انقضاء الخصومة من غير حكم في موضوعها.
ثانيا - الأعمال المكونة للخصومة :
لعل شكل العريضة الافتتاحية للدعوى ، و إجراء تبليغها للمدعى عليه ، يعد من أهم الأعمال المكونة للخصومة ، وتبعا لذلك سنتعرض تباعا كالآتي :
أ- العريضة الافتتاحية للدعوى:
يتم الحق في استعمال الدعوى عن طريق الطلب القضائي ، وهو الطلب الذي ألزم بنص المادة14 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية،بأن يتم رفعه إلى المحكمة عن طريق إيداع عريضة مكتوبة من
المدعي أو وكيله، وإما بحضور المدعي إلى المحكمة، ويتولى كاتب الضبط أو أحد أعوان مكتب الضبط
، تحرير محضر بتصريح المدعي، الذي يوقع عليه أو يذكر فيه أنه لا يحسن التوقيع.
1- تعريفها : يقصد بالعريضة الإفتتاحية للدعوى ، تلك الورقة المحررة من طرف المدعي أو وكيله، والتي تتضمن الطلب القضائي المؤدي إلى إنشاء الخصومة القضائية ، والأصل في هذا الطلب أن يكون
كتابيا، وأن مقدمه نتيجة ذلك يسمى المدعي، وعادة ما ينوب عنه محاميه، وهي كما هو ظاهر تحرر
من طرفه، ومن دون إذن أو تدخل من أحد موظفي المحكمة، لذلك فهي لا تعد ورقة رسمية و هي تحتوي على البيانات التالية:
- أطراف الدعوى :لقد أوجب نص المادة 15/02 و03 و04 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، بأن تكون العريضة الإفتتاحية للدعوى محتوية على اسم مقدم العريضة وموطنه ، واسم ولقب وموطن من قدمت العريضة في مواجهته ، وان تعلق الأمر بشخص اعتباري، تعين ذكر تسميته وطبيعته ومقره الاجتماعي وصفة ممثله القانوني أو ألاتفاقي، وهي ذات البيانات التي يتطلبها القانون في عرائض الإستئناف، وعرائض الطعن بالنقض وغيرها . فان تم إغفال البعض من هذه البيانات ، فالجزاء القانوني الذي يترتب عن ذلك هو بطلان العريضة الإفتتاحية للدعوى .
- تاريخ تقديم العريضة الإفتتاحية :وفقا لنص المادة 14 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فالتاريخ يشكل احد البيانات الجوهرية ، لأن تخلفه يؤدي إلى فقدان الطبيعة الرسمية لها ، في الحدود المشار إليها أعلاه ، وهو التاريخ الذي يتعين أن يحرر في النسخة الأصلية للعريضة ، وفي نسخها وصورها وقت تقديمها إلى كتابة الضبط ، وهو التاريخ الذي يجب أن يحدد اليوم والشهر والسنة .
- المحكمة المرفوعة إليها الدعوى :طبقا للمادة 15/01 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، يجب ذكر الجهة القضائية التي ترفع الدعوى أمامها، لذلك فإغفال ذكرها كاقتصارها مثلا على ذكر عبارة " المحكمة المختصة " فالجزاء الذي يترتب عن ذلك هو عدم قبولها، قانوني . بل يتعين تحديد القسم المعني ، ومع أن هذا البيان الأخير، لا تأثير له على الاختصاص النوعي للمحكمة، على اعتبار وأن الغرف المنشأة بها، ما هي إلا عبارة عن تقسيم إداري محض، عند استثناء بعض الأقسام منها، فان أهميته تكمن في قيمة الرسم القضائي، وقد يتسبب في رفض الدعوى .
- وقائع الدعوى و أسانيدها : يقصد بالإدعاء المطروح على المحكمة ، تحديد الطلب القضائي من حيث الموضوع والسبب ، مع الإشارة إلى مختلف الأسانيد المؤيدة له، وذلك وفقا للمادة 15/05 و06 من قانون الإجراءات المدنية، والمادة 13/04 من قانون الإجراءات المدنية ، لذلك يجب ذكر الوقائع المحددة لموضوع الطلب القضائي، سواء كان مبلغا من النقود، أو حق ملكية، أو بطلان عقد ، أو فسخه أو تعديله ، و إلا كانت غير مقبولة .
أما بالنسبة للأسانيد، يجب أن تحتوي العريضة ، على الإشارة إليها باعتبارها مؤيدة للإدعاء ومن ذلك ذكر بيانات العقد المكتوب الذي يستند إليه المدعي، والذي يرتب التزامات في ذمة المدعى عليه مثلا.
ومما لا شك فيه ، فالوقائع تمكن المدعى عليه من معرفة حقيقة النزاع ، ويمكنه تبعا لذلك من إعداد أوجه دفاعه، كما يمكن المحكمة من الفصل فيـه ، بصرف النظر عن غياب أو حضور المدعى عليه .
- النيابة عن الأطراف :نصت المادة 14 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية،على أن النيابة عن الأطراف أمام القضاء ، تكون بوكيل أو محام ، ولا يتمتع بهذه الصفة إلا من كان مقيدا بصفة نظامية، في جدول النقابة الوطنية للمحامين، في ظل النصوص السارية المفعول على نظام هذه المهنة وممارستها .
وعلى الرغم من أن أطراف الخصومة ، هم الذين يباشرون إجراءاتها ، فكثيرا ما يميلون إلى تمثيلهم أمام القضاء عن طريق المحامين.
°الآثار المترتبة عن انقضاء الوكالة بالخصومة :إذا كانت المهمة الأساسية للمحامي بصفته وكيلا عن الأطراف ، تتمثل في تقديم النصائح و الإستشارات القانونية، وتمثيلهم وضمان الدفاع عنهم أمام القضاء ، في ضوء مقتضيات نص المادة 04 من القانون 91/04 المؤرخ في 8/01/1991،المتضمن تنظيم مهنة المحاماة ، فان تلك الوكالة تعد سارية بين الطرفين ابتداء من تاريخ إسناد التوكيل، وتظل كذلك إلى غاية إنهائها أو إبطالها، وهو ما يعبر عنه بانقضاء الوكالة ، وذلك إما من تاريخ صدور حكم في الدعوى ، أمام درجة التقاضي الموكل فيها، و إما من تاريخ اعتزاله أو عزله أو موته.
ب- وجوب إيداع العريضة الإفتتاحية كتابة ضبط المحكمة .
بمقتضى نص المادة 14 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فالمبدأ العام يوجب إيداع العريضة الافتتاحية لدى كتابة ضبط المحكمة، وبحسبه فالإتصال يحدث أولا وقبل كل شيء بين المدعي والمحكمة ، وذلك قبل علم المدعى عليه بالطلب القضائي، لذلك فالعريضة الإفتتاحية للدعوى المرسلة عن طريق البريد ، لاسيما عند انعدام ما يثبت دفع الرسم القضائي، لا تعد مقبولة كأًصل عام.
-الاستثناء الوارد على هذا المبدأ:أمام بعد المسافة بين معظم المجالس القضائية ، والمحكمة العليا ومجلس الدولة ، فاستثاء من هذا المبدأ، فكثيرا ما يلجأ المحامون العامون على مستوى هذه المجالس القضائية إلى سداد الرسم القضائي عن طريق حوالة بريدية، وإرسال الطعون بالنقض والإستئنافات إلى هاتين الجهتين القضائيتين عن طريق البريد المضمن ، وفي مثل هذه الحالة ، فالتاريخ الذي يعتد به ، لإيداع الطعن واحتساب مواعيده ، هو التاريخ الذي يقيد فيه لدى كتابة ضبط المحكمة العليا أو مجلس الدولة ، لا تاريخ إيداعه بمركز البريد ونفس القاعدة تسري على مختلف المذكرات الجوابية.
- الحكمة من هذا المبدأ: لعل المحكمة من ذلك ، تكمن في حفظ حق المدعي في إيداع العريضة الإفتتاحية لدى كتابة الضبط ، لأن إيداعها عن طريق البريد أو عن طريق طرف آخر كالمحضر القضائي مثلا ، قد يترتب عنه بعض التأخر ، سواء فيما يتعلق بإيداعها كتابة ضبط المحكمة ، أو فيما يتعلق بقيام كاتب الضبط بإعادة نسخها إلى المدعي من أجل تبليغها الى المدعى عليه ، وهو التأخر الذي قد يكون سببا في تقادم حق المدعي دون خطأ منه ، كما قد يتسبب في شطب دعواه لغيابه ، يوم انعقاد جلسة المحكمة لنظر الدعوى ، نتيجة عدم علمه بالجلسة التي حددت لذلك .
والقانون لا يوجب فقط على المدعي ، إيداع العريضة الإفتتاحية للدعوى لدى كتابة ضبط الجهة القضائية المعنية، بل يتعين عليه أن يرفق بها جميع المستندات المؤدية لدعواه ، وهي المستندات التي يتعين وبحكم المادة 21 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، أن تودع أصولها لدى امانة الضبط ،وتبلغ للخصوم للاطلاع عليها.
ثالثا- ارتباط العريضة الإفتتاحية بتكليف المدعى عليه بالحضور.
أ- كيفية إعمال قاعدة الارتباط: إذا كان المدعي حال إيداعه العريضة الإفتتاحية للدعوى كتابة ضبط المحكمة ، قد أدى الرسم القضائي ، فان كاتب الضبط يتولى قيد الدعوى في السجل الخاص لذلك ، ويثبت حضور المدعي أو من يمثله ، وذلك من خلال تاريخ الجلسة المحددة لنظرها في أصل العريضة الإفتتاحية للدعوى وفي نسخها ويفرد لها ملفا خاصا بالمحكمة ، كما يعطى لها رقما تسلسليا، وفي ذات الوقت يسلم الملف الخـاص بالمحكمة إلى كتابة ضبط القسم المعني، فيتتولى تقييدها في سجل الجلسات حسب ترتيب ورودها، كما يقوم بتسليم نسخها إلى المدعي، أو لمن يمثله قانونا ، كي يتولى إيداعها لدى مكتب أحد المحضرين القضائيين، العاملين على مستوى دائرة الإختصاص القضائية للمحكمة المعنية ، للعمل على تبليغها الى المدعى عليه ، أكان منفردا أم كانوا متعددين .
ب- الاستثناء الوارد على اعمال قاعدة الارتباط: يستثنى من تطبيق هذه القاعدة ، معظم قضايا اشكالات التنفيذ الوقتية ، التي يتم الفصل فيها بأمر ولائي، وسبب ذلك يكمن في أن هذه الدعاوى ، يترتب عنها وقف التنفيذ بقوة القانون بمجرد تحرير المحضر القضائي القائم بعملية التنفيذ، لمحضر إشكال في التنفيذ بشأنها.
وفيما يتعلق بدعاوى إشكالات التنفيذ الوقتية ، فان مسألة تسليم العريضة إلى المدعي ، من أجل تبليغها عن طريق المحضر القضائي ، يتعين التمييز فيها بين حالتين :
الحالة الأولى : تقتصر على قيام المحضر القضائي، بتحرير محضر الإشكال العارض، ويحيل صاحب المصلحة إلى عرض الأمر على المحكمة المختصة، للفصل فيه وفقا للإجراءات العادية المقررة لإقامة الدعاوى، وبحسبها فان كتابة الضبط في هذه الحالة، تسليم العريضة الإفتتاحية للدعوى إلى المدعي ، للعمل على تبليغها عن طريق المحضر القضائي.
الحالة الثانية : وهي التي لا يقتصر فيها دور المحضر القضائي، على تحرير محضر بالإِشكال العارض، بل يخطر طرفي الإشكال، بالحضور أمام قاضي الاستعجال للفصل فيه، وهو الإخطار الذي يعد بمثابة تبليغ بتاريخ الجلسة، وأن المحكمة وفي هذه الحالة، تتولى الفصل في الإِشكال العارض، بموجب أمر ولائي إما بمواصلة التنفيذ، وإما بوقفه إن كان موضوع الإشكال، مبنيا على أسباب قانونية أو وقائع مادية، من شأن الفصل فيها أن يمس بأصل الحق .
رابعا- عوارض الخصومة:
يقٌصد بعوارض الخصومة تلك الحالات التي تعترض السيرٌ الحسن والعادي والطبيٌعي للدعوى تحول دون الفصل فيهٌا على الوجه الصحيحٌ سواء من الناحيةٌ الشكليةٌ أو حتى من الناحيةٌ الموضوعيةٌ. لذلك تدخل المشرع وحدد عوارض الخصومة وأوجد طرق وإجراءات حلها كل ذلك لحسن سيرٌ العدالة والفصل في طلبات أطراف الدعوى ف المواد من 207 إلى 240 من قانون الإجراءات المدنيةٌ والإداريةٌ.
و عوارض الخصومة تنقسم إلى قسمين : عوارض تحول دون الاستمرار في الخصومة وعوارض تنهًي الخصومة.
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق