الأربعاء، 15 نوفمبر 2023

الشركة ذات المسؤولية المحدودة

 الشركة ذات المسؤولية المحدودة


تنقسم الشركات التجارية إلى شركات أشخاص وشركات أموال ، وتعتبر الشركة ذات المسؤولية المحدودة(ش ذ م م )، من أحدث الشركات التجارية من حيث الظهور،إذ يرجع أصلها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر،نظمها المشرع الألماني في 20 ماي 1892 ،و أدخلت إلى التشريع الفرنسي الصادر في 1925 ،و الذي أجريت عليه عدة تعديلات و قد اقتبس المشرع الجزائري أحكام هذه الشركة من قانون الشركات الفرنسي الصادر في 1966 ،و نظمها بموجب الأمر 75- 59 المتضمن القانون التجاري،إلا أنه قد أدخل عليها بعض التعديلات بموجب المرسوم التشريعي 93- 08 ، و خصص لهذه  الشركة المواد من 564 إلى  591 من القانون التجاري،كما عدّل و تمم هذه المواد بموجب الأمر 96-27حيث اعترف بما يسمى بشركة الشخص الوحيد. 

أولا - تعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة:

لم يعرف المشرع الجزائري شركة ذات المسؤولية المحدودة، و اكتفى بأن بين خصائصها و التي يمكن أن نستنتجها من مواد مختلفة ، من هذه الخصائص ما أوردته المادة 564 تجاري عدد الشركاء في الشركة ،ومنها ما ورد حول تحيد الطابع التجاري لها في المادة 544 تجاري من أن هذه الشركة تعتبر تجارية بحسب شكلها و مهما يكن موضوعها ، ومنها أيضا ما أوردته المادة 596 تجاري من أّنه لا يجوز أن تكون الحصص فيها ممثلة في سندات قابلة للتداول ، و من هذه الخصائص يمكن أن نعرف شركة ذات المسؤولية المحدودة على أّنها:" شركة تجارية تتحدد مسؤولية كل شريك فيها بقدر

حصته في رأس المال ، ويمكن أن يكون لها عنوان ، وتكون حصص الشركاء فيها اسمية ،و لا يمكن تجاوز عدد الشركاء فيها 50 شريكا، و يمكن أن تتكون من شخص وحيد، ولا يقل رأسمالها عن مائة ألف دينار جزائري." 

و تعتبر الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات طابع مختلط إذ هي شركة تقترب من شركات المساهمة من

حيث أنهـا تؤلف بين شركاء لا يتمتعون بصفة التاجر،و لا يُسألون إلا بنسبة ما قدموه من حصص، و لهذا تفترق عن شركات التضامن التي يُسأل فيها الشركاء مسؤولية شخصية و تضامنية،غير أنهـا في نفس الوقت شركة تلعب فيها شخصية الشريك دوراً هاماً،و لهـذا تحتل هذه الشركة مكانة متوسطة ما بين شركات التضامن و شركات المساهمة،غير أننا نعيب هذه الشركة لأنهـا لا تتمتع بائتمان قوي لأنهـا لا تقدم للغير الضمان المستمد من المسؤولية الشخصية المطلقة للشركاء،كما هو الحال في شركة التضامن و لا الضمان الذي يقوم في شركة المساهمة،حيث تخضع من جهة لرأس مال كبير،و من جهة أخرى لنظام رقابة صارمة،و من الناحية الاقتصادية يناسب شكل هذه الشركة المشروعات المتوسطة،التي لا يقبل فيها الشركاء المسؤولية المطلقة التي تقوم في شركة التضامن،و لا يصل رأس مالها إلى الحد الأدنى اللازم في شركات المساهمة،كما أن الشركاء قد يفضلون هذا الشكل من الشركات و لو كان رأس المال كبيراً،خاصةً إذا كان في الروابط بينهم قدر من الاعتبار الشخصي،لا يتفق و حرية تداول الأسهم، وما يهمنا في هذه البطاقة هو معرفة الأحكام الخاصة التي تميز هذه الشركة من حيث التأسيس أو الإدارة أو الانقضاء.

ثانيا-تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة:

لتكوين هذه الشركة لابد من توافر كافة الأركان الموضوعية العامة و الخاصة، و الشكلية لعقد الشركة، و تجمع هذه الشركة في تأسيسها من الناحية الموضوعية كل من أحكام شركات الأشخاص و شركات الأموال،و من أهم أحكام هذه الشركة،و المستمدة من شركات الأموال،تحديد المسؤولية للشريك بقيمة حصته،و انتقال حصصه إلى ورثته بالوفاة،و بالمقابل تظهر أحكام شركات الأشخاص في الشركة ذات المسؤولية المحدودة،في تحديد عدد الشركاء،و عدم قابلية الحصص للتداول بالطرق التجارية.


1- الشروط الموضوعية:

يمكن إجمال هذه الشروط في الشروط المتعلقة برأس مال الشركة و الشركاء.

  • القواعد الخاصة برأس المال.

يتكون رأس مال هذه الشركة من الحصص التي يقدمها الشركاء،و التي لا يمكن أن تكون سوى عينية أو نقدية،و يشترط القانون حد أدنى لرأس المال،و هو مئة ألف دينار جزائري (المادة 566 فقرة 1 قانون تجاري)،و ينقسم رأس المال هذا إلى حصص ذات قيمة اسمية متساوية مبلغها ألف دينار جزائري،و هذا الحد الأدنى هو شرط أساسي لتكوين الشركة على وجه صحيح،و هو شرط ابتداء و شرط بقاء،بمعنى إذا نقص رأس المال عن الحد المذكور أثناء نشاط الشركة،يجب في مهلة سنة إكماله أو تحويل الشركة إلى نوع آخر من الشركات،و إلا جاز لكل من يهمه الأمر أن يطلب من القضاء حل الشركة بعد إنذار ممثليها (المادة 566 فقرة 2 قانون تجاري).

  • القواعد المتعلقة بعدد الشركاء.

و نصت عليها المادة 590 قانون تجاري،إذ جاءت بقاعدة آمرة هي أنه لا يجوز أن يتجاوز عدد الشركاء عشرين ( 20 ) شريكاً،و هذا شرط ابتداء و شرط بقاء.

وتطبيقاً لنص المادة 564 فقرة 2 قانون تجاري أعطى المشرع للشركة حق الخيار في أن تتخذ لها إسماً تجارياً مستمداً من طبيعة عملها،و في هذه الحالة-تختلف عن غيرها من شركات الأشخاص و تقترب من شركات الأموال التي تعين إسماً يستمد من موضوعها،أو أن تتخذ لها عنواناً يذكر فيه اسم شريك أو أكثر،مع ذكر عبارة "و شركائه" أو "و شركائهم"،و في هذه الحالة الأخيرة فإن عنوان الشركة يشبه عنوان شركة الأشخاص،و على هذا الأساس ألزم المشرع في هذه الحالة ضرورة ذكر عبارة "شركة ذات مسؤولية محدودة" أو أول أحرف منها "ش.م.م"،و ذلك منعاً للبس الذي قد يقع فيه الغير في اعتقاده أنها شركة تضامن أو توصية بسيطة،و يجب ذكر هذا العنوان و التوقيع به على جميع العقود و المستندات الصادرة من الشركة،و قد رتب المشرع على مخالفة ذلك عقوبات جزائية(المادة 804قانون تجاري).

2-الشروط الشكلية لشركة ذات المسؤولية المحدودة:

تخضع الشركة ذات المسؤولية المحدودة لنفس الشروط التي تتطلبها الشركات التجارية من حيث الكتابة الرسمية و الشهر،و قد ألزم المشرع لقيام الشركة وجود عقد رسمي يوقع من طرف الشركاء أنفسهم أو بواسطة وكلاء مفوضين بوكالة خاصة،و نظراً لأن تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة يتطلب الدفع الفوري و الكلي للحصص،تطلب من المشرع وضع بعض القواعد الأساسية للتأكد من الدفع الكامل لرأس المال، بحيث أوجب ذكر توزيع الحصص بين الشركاء،في القانون الأساسي للشركة،كما أن المال الناتج عن تسديد قيمة الحصص المودعة بمكتب التوثيق تسلم إلى مدير الشركة بعد قيدها في السجل التجاري،و نظراً لأهمية رأس المال في هذه الشركة،و الذي يعد الضمان الوحيد لدائنيها ،طلب المشرع في حالة وجود حصص عينية،وجوب تحديد قيمتها في القانون الأساسي للشركة و الاستعانة برأي خبير معين من طرف المحكمة،من بين الخبراء المعتمدين،الذي يجب عليه تحرير تقرير يلحق بالقانون الأساسي تحت مسؤوليته (المادة 568 فقرة 1 قانون تجاري).

**و إذا حدث و أن قدرت الحصة العينية بقيمة تفوق قيمتها الحقيقية،فإن المشرع أتى بقاعدة تجعل كل الشركاء متضامنين بالفرق طيلة مدة خمس ( 5) سنوات اتجاه الغير (المادة 568 فقرة 2 قانون تجاري)،و الملاحظ أن المشرع قد فرّق فيما يتعلق بالمسؤولية التضامنية تجاه الغير عن تقدير الحصص العينية،بين ما إذا كانت هذه الحصص قد تم تقديمها في مرحلة تأسيس الشركة أم بعد مزاولة نشاطها:

في الحالة الأولى: فرض التضامن على الشركاء جميعاً؛

أما في الحالة الثانية: ألقى المسؤولية التضامنية على مديري الشركة،و الشركاء الجدد الذين يقدمون حصص عينية لزيادة رأس المال،دون الشركاء القدماء (المادة 574 فقرة 2 قانون تجاري).

ثالثا - إدارة شركة ذات المسؤولية المحدودة:

أما عن تسير شركة ذات المسؤولية المحدودة يكون من قبل المدير و جمعية الشركاء .

1- تعيين المدير: يختار المسير في هذا النوع من الشركات وفقا لأحكام المادة 582 فقرة أولى من القانون التجاري من طرف الشركاء أو من الغير في القانون الأساسي أو بعقد لاحق ،وذلك من واحد أو أكثر من الشركاء الذين يمثلون أكثر من نصف رأس مال الشركة ،ويمكن عزله أيضا من قبلهم .

مع الإشارة إلى أن المشرع بموجب المادة 577 قانون تجاري ،قد منح للمدير سلطة واسعة للتصرف باسم الشركة و في جميع الظروف ، حتى و لو كانت تلك الأعمال خارجة عن نطاق موضوعها ، ما لم تثبت أن الغير كان عالما أن التصرف يتجاوز ذلك الموضوع أو أنه لم يخف عليه ،و ذلك بغض النظر على أن نشر القانون الأساسي كاف وحده لتكوين ذلك الإثبات.

2- مسؤولية الشركاء :على خلاف شركة التضامن تشبه شركة ذات المسؤولية المحدودة شركة الأموال من حيث عدم تمتع الشركاء بالصفة التجارية ، وتحديد مسؤولية الشركاء التي هي محدودة بقدر حصتهم في رأس مال الشركة.

3- آليات حماية الغير في شركة ذات المسؤولية المحدودة: قد وضع المشرع نص المادة 577 ق.ت ، بهدف تعزيز حماية الغير ، بالإقرار في حقه مبدأ الإثبات الحر تجاه تصرفات المدير ،أضف إلى ذلك منع بموجب الفقرة الرابعة من نفس المادة الاحتجاج في مواجهة الغير بالشروط الواردة في العقد التأسيسي للشركة، و في حالة الإدارة الجماعية أقر المشرع حق الاعتراض ، الذي لا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا أقيم دليل على علمه .

خامسا- إنقضاء شركة ذات المسؤولية المحدودة:

تنقضي الشركة ذات المسؤولية المحدودة لنفس الأسباب التي تنقضي بها الشركات عموما مثل انتهاء أجلها أو هلاك معظم رأسمالها أو انتهاء العمل الذي تأسست من أجله أو اندماجها في غيرها من الشركات .

بالإضافة إلى الأسباب العامة فقد نص القانون التجاري الجزائري على أسباب خاصة:

-بالنسبة لانقضاء شركة المسؤولية المحدودة بالنسبة لعدد الشركاء إذا زاد عن عشرين ( 20 ) شريك لها أجل سنة للتصحيح بالتحول لشركة أخرى أو الانقضاء (إحالة إلى شركة المساهمة م 590 ق ت)،و إذا نزل الحد الأدنى للشركاء إلى واحد يمكنها التحول إلى شركة ذات مسؤولية محدودة ذات الشخص الوحيد.

-أما الانقضاء المتعلق برأس المال،فإذا انخفض رأس مالها عن الحد الأدنى القانوني ( 100.000د.ج)،إما أن تصحح في خلال سنة أو تتحول. و إذا تحولت الشركة إلى شركة تضامن لابد من موافقة جميع الشركاء الذين سيصبحون متضامنين.

أما في حالة خسارة ¾رأس المال،ألزمت المادة 589 فقرة 2 المديرين بالقيام بالإجراءات التالية:

-استشارة الشركاء في قرار حل الشركة؛

-و تمنح لهم مهلة أربعة ( 4) أشهر لاتخاذ قرار الحل،تحسب ابتداءاً من يوم المصادقة على الحسابات.

-إذا قرر الشركاء الاستمرار عليهم تخفيض رأس المال في حدود الخسارة على ألا يقل عن الحد الأدنى القانوني(مئة ألف 100.000 دينار جزائري).

-في حال عدم قيامهم بالإجراءت يمكن لكل من له مصلحة التقدم بطلب للقضاء يتضمن حل الشركة،و يقع على المديرين المسؤولية المدنية و الجزائية.

وفي كل الأحوال ومهما كانت أسباب الانقضاء التي تنقضي بها شركة ذات المسؤولية المحدودة سواء كانت أسباب عامة أو خاصة،فإنه يجب نشر هذا الانقضاء تطبيقاً للأحكام المتعلقة بالسجل التجاري،و تدخل الشركة كشخص معنوي في مرحلة التصفية و القسمة.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق