الخميس، 16 نوفمبر 2023

نشأة و تطور سوق بورصة القيم المنقولة في الجزائر

 نشأة و تطور سوق بورصة القيم المنقولة في الجزائر 


تعتبر البورصة العمود الفقري لسوق الأوراق المالیة، وركن أساسي من أركان الهیكل المالي في أي اقتصاد حر، حیث تشكل الأسواق المالیة جانب مهم في تطویر أسالیب التحول نحو اقتصاد السوق. ولتكریس هذا الاتجاه جاء المرسوم التشریعي رقم93-10 المؤرخ في 23 ماي 1993 المتعلق بالسوق  المالي الجزائري، الذي أسس لنظام القیم المنقولة المتداولة الصادرة من الدولة أو الأشخاص المعنویة العامة وشركات المساهمة الخاصة في الجزائر.

إن إنشاء سوق للأوراق المالیة، یقتضي توفر الشروط اللازمة لحمایة الادخار العام وتحقیق الأهداف العامة الاقتصادیة المسطرة من طرف الدولة، وهذا یتطلب توفیر الإطار القانوني والتنظیمي اللازمین، لإنشاء سوق للقیم المنقولة على درجة عالیة من الكفاءة، یشجع الأفراد والشركات للاستثمار فیها.

ولأن بورصة الجزائر من البورصات الناشئة رأینا من الضروري التعرض في هذه الورقة البحثية إلى نشأة وتطور نظام البورصة في الجزائر.

مرحلة ما قبل إنشاء البورصة

عدم وجود بورصة سابقا یعود إلى النظام الاقتصادي المتبع في الجزائر آنذاك أي قبل إعادة هیكلة الاقتصاد الوطني والإصلاحات التي مست القطاع المؤسساتي بعد 1988 فعدم وجود سوق القیم المنقولة كان نتیجة لأسباب تتعلق بتمویل الاستثمارات والتي تكرس النظام المالي الموجه من خلال العملیات المالیة التالیة :

- الاستثمارات كانت مضمونة من طرف الجهاز المصرفي والخزینة العمومیة

- تمویل القروض طویلة الأجل بواسطة بنك التنمیة أو مباشرة

- تمویل القروض متوسطة وقصیرة الأجل من طرف البنوك الأخرى

- لجوء الخزینة العمومیة إلى البنك لتمویلها أو إعادة الخصم

إن هذه العملیات تدخل في إطار تنظیم الادخار العمومي، ومن ثم تمویل كل الاستثمارات التي تباشرها الدولة، وفي هذا السیاق فإن بوادر إنشاء السوق المالیة الجزائریة یعود إلى نهایة الثمانینات التي عرفت عدة إصلاحات سواء على المستوى السیاسي، القانوني والاقتصادي حیث وجدت الحكومة نفسها مضطرة لإیجاد حلول اقتصادیة خاصة فیما یتعلق بتوفیر المبالغ المالیة الضروریة لتغطیة العجز في المدفوعات وتمویل الاستثمارات الإنتاجیة والشروع في خصصة المؤسسات وٕ إصدار التشریعات اللازمة لإنشاء سوق مالي سیساهم في امتصاص الاكتناز النقدي، وترقیة الادخار على المدى الطویل بتنشیط وٕ إنعاش الهیاكل المالیة، وأصبح التخطیط المالي البدیل أمرا واقعا بعد صدور مراسیم حكومة "مولود حمروش" التنظیمیة.

المرحلة التحضيرية  (1990- 1996 )

وتعتبر هذه المرحلة بمثابة نقطة الانعطاف في مسار الاقتصاد الجزائري حیث حصلت العدید من الشركات على استقلالها، وبالموازاة مع ذلك تم إنشاء صنادیق المساهمة وكمحصلة لهذه الإجراءات أنشأت في بدایة المرحلة مؤسسة دعیت شركة القیم المنقولة التي تشبه البورصة في الدول العظمى من حیث إطارها التنظیمي ، ولخصوصیة هذه المرحلة فإنه من الأفضل تقسیمها إلى فترتین أساسیتین:

1- بدایة التأسیس  1990-1992:

وبالفعل وكنتیجة للإصلاحات السابقة وعزم الدولة على تحقیق هذا الكیان الاقتصادي تم تأسیس شركة القیم المنقولة بتاریخ 09/11/1990من طرف صنادیق المساهمة برأس مال قدره 3 200 000 دج موزعة بالتساوي بین الصنادیق الثمانیة ، یدیرها مجلس إدارة متكون من ثمانیة أعضاء كل عضو یمثل أحد الصنادیق. 

إن ضعف رأسمال الشركة صعب من أداء مهامها المتمثلة أساسا في وضع الأطر التنظیمیة التي تسمح بإنشاء سوق للأوراق المالیة وتوفیر الشروط اللازمة لذلك، إلا أن عدم وضوح المهام وغموض قانونها الأساسي عرقل أداء مهامها على الوجه الأفضل، ولاستدراك هذا الخلل تم رفع رأسمال الشركة 9320000 دج أین تغیر اسمها و أصبح بورصة الأوراق المالیة.

وأبرز نتائج هذه المرحلة صدور المراسيم التنفیذیة الثلاثة، 91-169،91-170، 91-171 الصادرة بتاریخ 28  ماي 1991 والمتعلقة بالقیم المنقولة المتداولة وتأسیس الهیئات الأساسیة الثلاثة:

  • شركة تسییر بورصة القیم المنقولة

  • لجنة تنظیم ومراقبة عملیات البورصة

  • الوسطاء في عملیة البورصة

2- فترة التجسید1993  - 1996:

تمیزت هذه الفترة بصدور المرسوم التشریعي 93-08 المؤرخ في 25 أفریل 1993 الذي سمح  بإدخال بعض التعدیلات على القانون التجاري، خاصة شركات الأسهم و حدد القیم المنقولة الممكن تداولها، كما تم رفع المبلغ الأدنى للإنشاء شركات المساهمة من 300 000 دج إلى 5 000 000 دج في حالة اللجوء إلى الادخار العلني ،و 1 000 000 دج في الحالة المخالفة وبالتالي، فان شركة المساهمة یمكن أن تدرج في البورصة بإصدارها لقیم منقولة حسب المادة 715 مكرر 32 من القانون التجاري. وبهذا أصبحت شركات الأسهم وسیلة فعالة لتعبئة الادخار الذي یمكن استثماره في البورصة.

المرحلة الفعلية   (1996إلى يومنا هذا)

یمكن القول أنه في بدایة هذه المرحلة أصبح كل شيء جاهز من الناحیة القانونیة، التقنیة والإداریة لإنشاء بورصة في الجزائر، حیث صار ممكنا نظرا للأسباب والترتیبات التي تم التطرق لها في المرحلتین السابقتین وتطبیقا لأحكام المرسوم التنفیذي94-175الذي یعتبر كأداة جدیدة لتنظیم وتمویل الاقتصاد الوطني وتجمیع رؤوس الأموال وتحویل الاستثمارات لدعم برامج التنمیة.

وعملت لجنة تنظیم ومراقبة  عملیات البورصة على تحضیر الشروع في فتح سوق الأوراق المالیة الجزائریة، أین عمدت إلى توفیر الإمكانات المادیة والفنیة باتخاذ جملة من التدابیر تمثلت في الاستعانة بالخبرة الأجنبیة ( كندا، فرنسا، تونس ..) كون عملیات البورصة تتطلب كفاءة عالیة من ناحیة المؤهلات. التي یجب أن تتوفر في الإطارات العاملة والوسائل المادیة المستعملة.

وفي یوم الأربعاء17/12/1997 كان الافتتاح الرسمي لبورصة الجزائر بمقرها المادي بالغرفة الوطنیة للتجارة بالجزائر العاصمة.

وعلیه أصبحت بورصة الجزائر واقع بعد تردد دام أكثر من خمس سنوات من تاریخ صدور المرسوم التشریعي 93-10 المتعلق ببورصة القیم المنقولة ، وفي 02/01/1997 ،قامت سوناطراك بإصدار قرض سندي لتكون بذلك أول متعامل یدشن سوق البورصة في الجزائر، بعدما حصلت على أول تأشیرة من لجنة تنظیم ومراقبة عملیات البورصة بتاریخ : 18/11/1997.

نشیر إلى أن بورصة الجزائر أحصت منذ إنشائها خمس شركات تم تخصیصها عن طریق السوق المالیة، والتي رفعت رأسمالها الاجتماعي بغرض الدخول للبورصة وهي: مجمع ریاض سطیف، مجمع صایدال، فندق الأوراسي، شركة التأمین "ألیناس"، مصبرات رویبة.

ما یمكن ملاحظته أن سوق القیم المنقولة بالجزائر حدیثة النشأة مقارنة بالبورصات العربیة، حتى بالنسبة لنظیرتها المغاربیة بورصة تونس والمغرب.


ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق