الخميس، 16 نوفمبر 2023

آثارعقد تحويل الفاتورة

 آثارعقد تحويل الفاتورة


یترتب على انعقاد عقد تحویل الفاتورة آثار مهمة بالنسبة للعلاقة المباشرة بین طرفي العقد الأصلیین، وینشأ البعض منها في إطار علاقات غیر مباشرة، وهذا ما یتطلب الوقوف على مدى تداخل هذه الآثار جراء العلاقات التي یرتبها هذا العقد لنخلص في نهایة هذه الورقة  إلى التطرق إلى انتهاء عقد تحویل الفاتورة.

أولا - الأثر المباشر لعقد تحويل الفاتورة:

بالرجوع لنص المادة 543 مكرر 14 من القانون التجاري، نجد أن طرفا العقد هما الوسيط والمنتمي، فهناك إتفاق بينهما على إنشاء إلتزام قانوني المتمثل في نقل الحقوق.

أ-  أثر عقد تحويل الفاتورة تجاه الوسيط:

-1 التزامات الوسيط: يقوم الوسيط بخدمات عدة، إذا إلتزم  بها يكون قد منح للمنتمي الحقوق المخولة له بمقتضى العقد.

  • الوفاء بقيمة الحقوق موضوع العقد فورا": يقوم الوسيط بالتسديد الفوري للمنتمي، ويبقى له الحق في إنتقاء الفواتير طبقا لمبدأ القبول، من خلال قيامه بمراجعة الوضعية المالية لزبائن المنتمي، ويقوم هذا الأخير بتقديم جميع الفواتير بموجب مبدأ الجماعية، الذي يحق له قبولها كل ها أو جزء منها، أو حتى رفضها، وبعد إعلان القبول يدفع قيمة الفواتير المقبولة "   

  • ضمان عدم الرجوع: التزام الوسيط ذو طبيعة مزدوجة، فإن كان يقع عليه الالتزام بالوفاء، فإنه تبعا لذلك يلتزم بعدم الرجوع على المنتمي في حالة عدم تحصيله للحقوق الضامنة له  .

يستفاد هذا من نص المادة 543 مكرر 14 من القانون التجاري، بنصها :" ... وتتكفل بتبعة عدم

التسديد، وذلك مقابل أجر"، بمعنى أن الوسيط يتحمل مخاطر عدم قيام المدين الأصلي بالوفاء بقيمة الفاتورة.

ضمان النهاية الحسنة للعقد: إذا تعذر على الوسيط تحصيل قيمة الفاتورة التي عجل دفع قيمتها للبائع )المنتمي(، فإن حقه في الرجوع يسقط، وهذا الأمر تطرقنا له، لكن إذا عرض المنتمي الفواتير على الوسيط، ورفضها هذا الأخير )حسب مبدأ القبول(، يقع عليه بذلك الالتزام بالكتمان، لأن الوسيط عندما يرف كل أو بع فواتير مدين مع ين، فهذا راجع لعدم أهلية المدين لأن  يمنح إئتمانا  .

  • فتح حساب جاري: يلتزم الوسيط بفتح حساب جاري في دفاتره بإسم المنتمي، فيقيد  بجانب الدائن حقوق المنتمي، وبجانب المدين ديونه، إذ يعتبر هذا الحساب ضروري لإجراء الأداءت المتقابلة للطرفين  .

  • الإدلاء بالمعلومات والاستشارات التجارية: لا يقتصر دور الوسيط على الوفاء والضمان، إنما  يمتد إلى أبعد من ذلك، حيث يقع عليه إلتزام بتقديم المعلومات والاستشارات للمنتمي، خاصة ما تعلق منها بالزبائن والسوق  .

-2 حقوق الوسيط:

  • الحق في ملكية الحقوق المحولة: عملا بالحلول الاتفاقي فإن  الوسيط يحل  محل الدائن الأصلي في ملكية الحقوق ، نصت المادة 543مكرر 17من القانون التجاري :"ينظم الوسيط والمنتمي بكل  حرية، وعن طريق الاتفاق، الكيفيات العملية لتحويلات الدفعات المطابقة لحواصل التنازل".

  • الحق في العمولة: وهو المقابل المالي الذي يقبضه الوسيط، ويح د د حسب المبلغ الإجمالي لكل فاتورة والمصاريف والرسوم.

  • الحق في المراقبة والاطلاع: يحق للوسيط حماية لمصالحه الإطلاع على مركز المنتمي كل ما دعت الضرورة إلى ذلك، يتم ذلك عن طريق مسك حسابات المنتمي وفواتيره.

  • الحق في سحب السفتجة: يحق للوسيط سحب السفتجة لحساب المنتمي على زبائنه كل ما دعت الضرورة لذلك  . 

  • حساب الرهن الضامن: يقوم الوسيط بفتح حساب بإسم المنتمي يقيد  فيه مبلغ مع ين ، يقتطع منه حتى يصل إلى مبلغ مع ين ، ويعد هذا الحساب بمثابة تأمين لعمليات تحويل الفاتورة .

  • الحق في نقل الضمانات: يترتب على شراء الحقوق، نقل الضمانات لصالح الوسيط، وهذا ما تؤكده المادة  543 مكرر 16من نفس القانون بنصها: "يترتب عن تحويل الديون التجارية نقل كل الضمانات التي كانت تضمن تنفيذ الإلتزامات لفائدة الوسيط".

ب- أثر عقد تحويل الفاتورة تجاه المنتمي:

يعتبر عقد تحويل الفاتورة ملزم لجانبين، وعليه فإن التعرض لحقوق والتزامات الوسيط، يقابله لا محالة حقوق والتزامات المنتمي باعتباره طرفا في العلاقة.

1 - التزامات المنتمي: إن الالتزام الذي يقع على عاتق المنتمي يتمثل في نقل الحقوق المبينة في الفواتير والذي ينجر عنه التزامات متفرعة:

  • مبدأ الجماعية: يتعهد المنتمي بجميع الفواتير التي تمثل حقوقه لدى مدينيه، ويلاحظ أن  المشرع الجزائري لم ينظم هذا المبدأ بالنص عليه، وبذلك ترك للأطراف حرية  الاتفاق على كيفية تقديم الفواتير في العقود المبرمة بينهما  .

  • تقديم المعلومات والإدلاء بالبيانات: حيث نجد عقد تحويل الفاتورة يقوم على التعاون بين طرفيه، لذلك يقع على المنتمي التزام بإعلام الوسيط بالبيانات المتعلقة بالحقوق المنقولة، والبيانات المتعلقة بزبائنه ومؤسسته، وفي حالة إهماله يسأل مسؤولية عقدية عما يصيب الشركة الوسيط من ضرر  .

  • دفع عمولة للوسيط: يعتبر عقد تحويل الفاتورة عقد معاوضة، فإن كان يقع على الوسيط التزام بالوفاء الفوري، فإن  المنتمي هو الآخر يقع عليه التزام بدفع عمولة للوسيط مقابل أداءه للخدمة، يستفاد هذا من نص المادة 543 مكرر14السالفة:"...وذلك مقابل أجر... "، فالعمولة هي المقابل الذي يتقاضاه الوسيط من المنتمي نظير الخدمات التي يؤديها له، ويعبر عنه البعض بشرط تدخل الوسيط في عقد تحويل الفاتورة. 

  • إخطار المدين: يعد المدين طرفا أجنبيا في عقد تحويل الفاتورة، لكن آثار العقد تجعل له صلة وثيقة مع الوسيط، لأن الرابط بينهما يتمثل في الدين موضوع الفاتورة. ووجوب الإخطار يبين ضرورة علم المدين بالشركة الوسيط والتي يلتزم بالوفاء لها مباشرة. حيث نصت المادة 543 مكرر 15 من القانون التجاري على أنه : "يجب أن يبلغ المدين فورا بنقل حقوق الديون التجارية إلى الوسيط بواسطة رسالة موصى عليها مع وصل الاستلام" .

-2 حقوق المنتمي:نظير الالتزامات التي يقوم بها  المنتمي، يجوز له التمتع ببع الحقوق المتمثلة في:

  • الحصول على الاعتمادات: تعتبر أهم هدف يسعى إليه المنتمي وذلك من أجل ضمان إستمرارية وتمويل أعماله، لإنه بحاجة إلى السيولة، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال قيام المنتمي بتحويل حقوقه للشركة الوسيط قبل أجل الإستحقاق والحصول على قيمتها فورا. 

  • تقديم المعلومات: يحق للمنتمي طلب استشارات من الوسيط قبل إجراء أية  صفقة، وهذا من أجل تمكينه من معرفة أحوال السوق. 

  • مسك الحسابات: يقوم الوسيط بتسيير حسابات المنتمي، لأن المنتمي يتفرغ لأمور أخرى تتمثل في البيع، تحرير الفواتير...إلخ. 

ثانيا-الأثر غير المباشر لعقد تحويل الفاتورة:

رأينا أن عملية التمويل يستفيد منها المنتمي، أما  الوسيط فيقوم بتحصيل الديون من المدين الأصلي عند حلول أجل الإستحقاق، وذلك بمقتضى حلوله الاتفاقي، فالعقد الذي يربط الوسيط بالمنتمي يرتب أثارا قانونية قد تمتد إلى الغير لأن  العلاقة بين الوسيط والمدين موضوعها شراء حقوق، الأصل فيها علاقة المديونية بين المنتمي ومدينه، ومن ثم فإن  الوسيط يتحصل على قيمة الفاتورة من المدين مباشرة.

إذا كان الوسيط طرفا أجنبيا في علاقة المديونية، فإن المدين الأصلي يعتبر أجنبيا عن عقد تحويل الفاتورة، ومن ثم أصبحت العلاقة بين الوسيط والمدين مباشرة من حيث التحصيل، لكنها غير مباشرة من حيث الأثر. لذلك سنتطرق للعلاقة بين الوسيط والمدين، ثم العلاقة بين الوسيط والغير.


أ- علاقة الوسيط بالمدين:

يعتبر المدين من قبيل الغير في عقد الحلول الاتفاقي وأصبح مدينا أصليا للوسيط بمقتضى عقد تحويل الفاتورة، لذلك نتعرض للإلتزامات التي تقع على عاتق المدين تجاه الوسيط.

-1 التزام المدين بالوفاء: الوسيط لا يحل محل البائع إلا في الحقوق التي له ضد المشتري  ، لذلك نجد الوسيط يتأكد قبل الوفاء من أن الفواتير التي يسوي قيمتها تمثل حقيقة بضاعة تم توريدها للمشتري أو عملا أو خدمة تم أداؤها ويستحق المنتمي بذلك الثمن أو الأجر الذي تثبته الفاتورة  .

يحق إذن للشركة الوسيط مطالبة المدين بالوفاء عند حلول أجل الاستحقاق، باعتبارها أصبحت مالكة للحقوق المحولة بمقتضى الحلول. بما أن الوسيط أصبح في علاقة مباشرة مع المدين، يثبت له الحق في المطالبة بالحقوق عند أجل الاستحقاق إما وديا أو جبرا(قضائيا(.

 -2 دفوع المدين تجاه الوسيط: يجوز للمدين التمسك بالدفوع تجاه  الوسيط، والتي كان له أن يتمسك بها  في مواجهة المحيل(المنتمي)، وهناك دفوع لصيقة بالحق ودفوع خارجة عن الحق.

  • الدفوع اللصيقة بالحق: تتمثل في الدفع بعدم التنفيذ، الدفع بسوء تنفيذ العقد الأصلي، وتجدر الإشارة إلى أن المدين يتمسك بالدفوع اللصيقة بالحق حتى وإن ظهرت بعد الحلول، فالحق ينتقل إلى الوسيط بالعيب الذي فيه ولو لم يظهر العيب إلا في وقت لاحق.

  • الدفوع الخارجية عن الحق: ترتبط هذه الدفوع بعنصر الزمن إذ تشترط أسبقيتها على الحلول، فإذا لم تسبقه، يسقط حق المدين في التمسك بها ، مثال ذلك: المقاصة: وتتمثل شروطها في:وجود دينان متقابلان،التماثل في المحل،خلو الدينين من النزاع،أن يكون كلا الدينين مستحق الأداء،صلاحية الدينين للمطالبة بهما  .

ب-علاقة الوسيط بالغير:

يجد الوسيط أحيانا نفسه أثناء تحصيل حقوقه يتزاحم مع آخرين دائنين لنفس الدين، وقد يكون هذا التزاحم على أساس أولوية إنتقال الحق، كما قد يكون مرتبطا بالحق ذاته.

-1 التزاحم على أساس أولوية انتقال الحق: هذا التزاحم مرتبط بعنصر الزمن ويتمثل في:

  • التزاحم بين الوسيط ومحال لهم آخرين :

- قد يكون مصدره المنتمي: ويتحقق ذلك إذا تنازل عن الحق الواحد إلى مؤسستين ماليتين مختلفتين  ، وهذا ما تؤكده المادة 268من القانون المدني الجزائري.

- قد يكون مصدره المدين: أثناء تنفيذ المدين لالتزامه بالوفاء، قد يقوم بدفع قيمة الحقوق إلى غير الدائن صاحب الحق، فينشأ التزاحم بين الوسيط المحال له وبين هذا الغير، ننوه هنا لأمر هام إذا كان المدين يعلم بوجود عقد تحويل الفاتورة بموجب الإخطار ورغم ذلك وفى للغير، ففي هذه الحالة يلزم بالوفاء  .

  • التزاحم بين الوسيط والدائن الحاجز: إذا قام دائني المنتمي بالحجز على حقوق مدينهم ضمانا لاستيفاء حقوقهم، فالدائن العادي قد يلجأ إلى حجز ما لمدينه لدى الغير، عندها يحصل تزاحم بين الوسيط والدائن الحاجز على نفس الحق.

  • التزاحم بين الوسيط ووكيل التفليسة: يحصل هذا إذا أفلس المنتمي، فحينما تغل يده عن إدارة أمواله، يجد الوسيط حينها صعوبة في تنفيذ عقد تحويل الفاتورة، لإنه سيحصل تنازع لامحالة بينه وبين وكيل التفليسة.

-2 التزاحم المرتبط بالحق ذاته: هذا التزاحم يتخذ حالتين وهما:

  • التنازع مع البائع مع شرط الاحتفاظ بالملكية: قد يجد الوسيط نفسه في حالة تنازع مع دائن للمنتمي )البائع تحت شرط الاحتفاظ بالملكية .

نجد البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية في البيع بالتقسيط، أي البيع المؤجل الثمن، هذا ما نصت عليه المادة   363/1من القانون المدني الجزائري .

  • تنازع الوسيط مع المقاول الفرعي: نصت المادة  564 من القانون المدني: "يجوز للمقاول أن يوكل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول فرعي إذا لم يمنعه من ذلك شرط في العقد أو لم تكن طبيعة العمل تفرض الإعتماد على كفاءته الشخصية".

التزاحم بين الوسيط والمقاول الفرعي يحدث إذا قامت مؤسسة تسمى مقاول أصلي من طرف رب عمل على صفقة ويقوم المقاول الأصلي بمنح تنفيذ العمل في جزء منه أو كله إلى مقاول فرعي، ومن جهة أخرى يقوم المقاول الأصلي بنقل حقوقه على رب عمله إلى الوسيط ، فإذا لم يتحصل المقاول الفرعي على حقه جراء تنفيذ جزء من العمل فإن القانون خول للمقاول الفرعي حق رفع دعوى مباشرة ضد رب العمل، وفي هذه الحالة يجد الوسيط "المحال له" نفسه في تزاحم مع المقاول الفرعي لتحصيل حقه من قبل رب العمل .

ثالثا- انتهاء عقد تحویل الفاتورة:

یمكن لعقد تحویل الفاتورة ونظرا للطابع الشخصي الذي یحكمه إذا كان غیر محدد المدة أن یفسخ من قبل طرفیه ، حیث یمكن للوسیط فسخ هذا العقد بإ ا ردته المنفردة بشرط أن لا یكون ذلك فجائیا و تعسفا في استعمال حقه ، بمعنى یجب على الوسیط أن یخطر المنتمي مسبقا بالفسخ و بحسن نیة، ویكون على الوسیط ضمان حسن التنفیذ أي أن یكون الفسخ مبني على أسباب جدیة وفعلیة ، كما ینتهي  نظرا للطابع الشخصي لهذا العقد بوفاة المنتمي أو بنقص أهلیته أو الحجز علیه .

و في حالة إفلاس المنتمي أو قبوله في تسویة قضائیة یمكن للوكیل المتصرف القضائي أن یطلب استمرار العقد مع تقدیمه الضمانات المقدر ضرورته.

و حتى في حال القول بأنه في حالة الإفلاس و التسویة القضائیة یمكن استمرار هذه العقود فإنه یبقى دائما من حق الوسیط طلب فسخ العقد بشرط الإخطار المسبق في حالة الإخلال بالالتزامات التعاقدیة مثلا.

وفي الأخیر نرى انه وفي غیاب شركات تحویل الفاتورة الخاصة لا یوجد ما یمنع البنوك والتي هي شركات مساهمة ، من ممارسة هذه العملیة خاصة وأنها تقوم بعملیات مماثلة كالخصم البنكي والذي له نفس هدف عقد تحویل الفاتورة ، حیث كلاهما یتم فیه الدفع المسبق للعمیل وتحمل البنوك مخاطر عدم التنفیذ مع ملاحظة اختلاف بینهما یتمثل أساسا في أن العمیل في عقد تحویل الفاتورة لیس ضامنا للوفاء بالدین المحول إلى الوسیط ذلك انه لا یضمن یسار المدین عند تنفیذ العقد محل الفاتورة المدفوعة القیمة مسبقا، على عكس ذلك یبقى حامل الورقة المخصومة ضامن للوفاء.


ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق