الخميس، 16 نوفمبر 2023

بحث حول : جرائم البورصة

بحث حول : جرائم البورصة

 خطة البحث

مقدمة 

المبحث الأول: صور التجريم المقررة في سوق البورصة. 

المطلب الأول: جريمة العالم بأسرار الشركة.

الفرع الأول: صفة الجاني في جريمة العالم بأسرار الشركة

الفرع الثاني: خصائص المعلومات الامتيازية
الفرع الثالث: الركن المادي لجريمة العالم بأسرار الشركة

الفرع الرابع: الركن المعنوي لجريمة العالم بأسرار الشركة

المطلب الثاني: جريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة .
الفرع الأول: تعريف جريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة

الفرع الثاني: الركن المادي لجريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة

الفرع الثالث: الركن المعنوي لجريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة

المطلب الثاني: جريمة القيام بأعمال غير شرعية في سوق البورصة.

الفرع الأول: الركن المادي لجريمة القيام بأعمال غير شرعية في سوق البورصة.

الفرع الثاني: الركن المعنوي لجريمة القيام بأعمال غير شرعية في سوق البورصة.


المبحث الثاني: العقوبات المقررة لقمع جرائم البورصة. 

المطلب الأول: العقوبات الجزائية.
الفرع الأول:  العقوبات الجزائية لجريمة العالم بأسرار الشركة.

الفرع الثاني:  العقوبات الجزائية لجريمة نشر معلومات خاطئة أو مضللة.

الفرع الثالث: العقوبات الجزائية لجريمة القيام بأعمال غير مشروعة في البورصة.

المطلب الثاني: العقوبات التأدیبیة (الإدارية )
الفرع الأول:  العقوبات التأديبية لجريمة العالم بأسرار الشركة.

الفرع الثاني:  العقوبات التأديبية لجريمة نشر معلومات خاطئة أو مضللة.

الفرع الثالث: العقوبات التأديبية لجريمة القيام بأعمال غير مشروعة في البورصة.


الخاتمة

مقدمة :

لقد شهدت السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا بأسواق الأوراق المالية في الدول  النامية و الدول المتقدمة على حد سواء، نظرا  للدور الهام الذي تؤديه في ميدان الحياة الاقتصادية، فالجزء الأكبر من موارد البلاد تتجه إلى هذه الموارد نحو الأنشطة الاقتصادية، وهذا يستلزم التأكد من أن أعمال سوق الأوراق المالية وأنشطتها تلتزم بالمعايير والضوابط الشرعية، فإن لم تكن كذلك فإنها تتحول إلى مسرح للعبث بثروة البلاد ومجالا للكسب غير المشروع.

ونظرا  لما بات يمثله تداول  الأوراق المالية من أهمية اقتصادية اتجهت أغلب التشريعات إلى توفير حماية لبورصة الأوراق المالية وذلك بالوسائل التشريعية لتضمن لهذه الأوراق هيبتها وثقة المتعاملين بها، و منها المشرع الجزائري تناول جرائم البورصة في المادة 60 من المرسوم التشريعي رقم93 -10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة ، وإلى غاية تعديلها بموجب القانون رقم 03-04، كانت المادة 60 المذكورة آنفا  تنص على صورة واحدة وهي العالم بأسرار الشركة ثم أضاف إليها القانون المذكور صورتي نشر معلومات خاطئة والقيام بأعمال غير مشروعة في سوق البورصة.

ففيما تتمثل صور جرائم البورصة في التشريع الجزائري، وما هي العقوبات التي قررها المشرع في سبيل مكافحتها؟ 

 

و انطلاقا من هذه الإشكالية قمت بتقسيم هذه الدراسة لمبحثين، حيث تناولت في المبحث الأول صور التجريم المقررة في سوق البورصة، أما المبحث الثاني فخصصته لدراسة العقوبات المقررة لقمع جرائم البورصة.

المبحث الأول: صور التجريم المقررة في البورصة. 

تناول المشرع الجزائري جرائم البورصة في المادة 60 من المرسوم التشريعي رقم93 -10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة () ،المعدل و المتمم بالأمر96-10 ()و القانون رقم 03-04 () ، وإلى غاية تعديلها بموجب القانون رقم 03-04، كانت المادة 60 المذكورة آنفا  تنص على صورة واحدة وهي العالم بأسرار الشركة ( مطلب أول) ثم أضاف إليها القانون المذكور صورتي نشر معلومات خاطئة  أو مغالطة ( مطلب ثاني) والقيام بأعمال غير مشروعة في سوق البورصة ( مطلب ثالث).


المطلب الأول: جريمة العالم بأسرار الشركة. 

وهي الصورة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 60من المرسوم التشريعي 93-10 وهذا نصها": يعاقب بـ... كل شخص تتوفر له بمناسبة ممارسته مهنته أو وظيفته، معلومات امتيازيه عن منظور مصدر سندات أو وضعيته أو منظور تطور قيمة منقولة ما، فينجز بذلك عملية أو عدة عمليات في السوق أو يتعمد السماح بإنجازها، إما مباشرة أو عن طريق شخص مسخر لذلك، قبل أن يطلع الجمهور على تلك المعلومات".

و لهذه الجريمة ركنان ،ركن مادي يتكون من النشاط الإجرامي ووقت ومكان ارتكاب الجريمة وركن معنوي.

الفرع الأول: صفة الجاني في جريمة العالم بأسرار الشركة

 لم يحدد المشرع الجزائري الأشخاص الذين يقعون تحت طائلة العقاب، واكتفى باستخدام لفظ "كل" في المادة 60 من المرسوم التشريعي 93-10 دون تحديد سوى بعبارة " بمناسبة ممارسة  مهنته أو وظيفته"، وهو ما يحتاج إلى تحديد دقيق لصفة الجاني.

أما المشرع الفرنسي فقد حدد في التعديل الأخير الصادر بقانون 2 يوليو 1996طائفتين من الأشخاص يطلق عليهم مصطلح " Les initiés " أي " المطلعون على الأسرار" ، وفضلا عن العالم بأسرار الشركة أضافت لجنة عمليات البورصة في فرنسا الغير المستفيد من المعلومات الامتيازية، والإخفاء.

أولا- المطلعون على أسرار الشركة: وينقسمون إلى طائفتين:

الطائفة الأولى- المطلعون الأولين على الأسرار: وتشمل تشمل هذه الطائفة مديري الشركة وتشمل : رئيس الشركة، والمديرون العموميون، وأعضاء الإدارة العامة في الشركة، والأشخاص الطبيعيون

الذين يزاولون وظيفة عضو منتدب أو أعضاء في مجلس الرقابة، وكذلك الممثلون الدائمون عن الأشخاص المعنوية الذين يزاولون الوظائف المذكورة. 

الطائفة الثانية: المطلعون الثانويين على الأسرار: تشمل هذه الطائفة كل الأشخاص الطبيعيين الذين يحوزون معلومات سرية مميزة بمناسبة أدائهم لوظائفهم أو مهنهم،و تنقسم بدورها إلى:

- المطلعون على الأسرار من داخل الشركة من غير طائفة المديرين تشمل هذه الفئة كل موظفي الشركة المتداولة أوراقها المالية من غير طائفة المديرين.

- المطلعون على الأسرار من خارج الشركة وهؤلاء لا يعدون من موظفي الشركة، ولكنهم يرتبطون بها بعلاقة عمل خارجة عن الهيكل الوظيفي للشركة، وهؤلاء قد يحوزون معلومات سرية مميزة بمناسبة ممارستهم لمهنهم أو أعمالهم. 

ثانيا- المستفيد: لا يجرم القانون ولا يعاقب من يقوم بعمليات غير شرعية بناء على المعلومات التي تلقاها خارج أي نشاط مهني )باستثناء زوجة العالم بالسر، في فرنسا(، وإنما يعاقب العالم بالسر الذي سمح لغيره القيام بعمليات غير شرعية.

وهذا ما أدى إلى مأزق ذلك أنه إذا كان من السهل إقامة البرهان على من قام بعملية فإنه من الصعب إثبات مصدر المعلومات.

ثالثا- الإخفاء: تجدر الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي وسع من نطاق تطبيق الجريمة إذ أجاز تطبيق حكم الإخفاء في جنحة العالم بأسرار الشركة على من استغل، وهو يعلم بذلك، معلومات تلقاها من عالم بأسرار الشركة، وهذا يقتضي بالضرورة أن يكون المخفي عالما بالمصدر التدليسي للمعلومات التي استغلها.  

الفرع الثاني: خصائص المعلومات الامتيازية

لم يحدد المشرع الفرنسي في المادة10/01 من مرسوم 28/09/1967 خصائص المعلومات المميزة، مكتفيا ببيان مفهومها، وذلك خلافا للائحة لجنة عمليات البورصة رقم 7 لسنة 1990 التي حددت هذه الخصائص في المادة الأولى والتي تنص على أن المعلومة المميزة هي معلومة غير معلنة، ومحددة، تتعلق بواحد أو أكثر من مصدري الأوراق المالية، أو بورقة مالية أو أكثر، والتي لو تم تعميمها لكانت ذات أثر على سعر الورقة المالية أو المنتج المالي الذي تتصل به". وقد استخلص الفقه والقضاء تلك الخصائص، التي إذا توافرت في معلومة، أمكن وصفها بأنها معلومة مميزة، وهذه الخصائص هي: أن تكون المعلومة سرية - أن تكون المعلومة محددة - أن يكون من شأن المعلومات التأثير على سعر الأوراق المالية المتعلقة بها. ()

الفرع الثالث: الركن المادي لجريمة العالم بأسرار الشركة

أولا- النشاط الإجرامي: تنص المادة 60 من المرسوم التشريعي 93-10على "... فينجز عملية أو عدة عمليات في السوق أو يتعمد السماح بإنجازها إما مباشرة أو عن طريق شخص مسخر لذلك قبل أن يطلع الجمهور على تلك المعلومات " ومن هذه المادة يتبين أن هناك ثلاث صور للنشاط الإجرامي وهي:

أ- قيام الجاني بنفسه بإجراء صفقة أو أكثر مستغلا معلومات إمتيازية : في هذه الصورة يقوم الجاني باستغلال معلومة إمتيازية لإجراء صفقة أو أكثر سواء بيعا أو شراء، المهم هو إنجاز عملية أو عدة عمليات في البورصة بنفسه ولحسابه  .

ب- قيام الجاني عن طريق وسيط بإجراء صفقة أو أكثر مستغلا معلومات إمتيازية : في هذه الصورة يقوم الجاني باستغلال المعلومة السرية المميزة المتاحة في عقد صفقة أو أكثر عن بطريقة غير مباشرة عن طريق شخص آخر، بمعنى أن الجاني سخر شخص وسيط للقيام بالعملية  () .

ج- قيام الجاني بإفشاء المعلومات السرية المميزة لشخص آخر يستغلها في إجراء صفقة : في هذه الصورة يقوم الجاني بإطلاع الغير على المعلومة السرية المميزة ليقوم هذا الغير بإجراء صفقة ، وقد نص المشرع الجزائري في المادة 42 من قانون العقوبات " يعتبر شريكا في الجريمة من لم يساهم مساهمة مباشرة ، ولكنه ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك " فتقديم المعلومة يدخل في نطاق تقديم المساعدة. ()

ثانيا- النطاق الزماني للنشاط الإجرامي: هو الفترة المحصورة بين حيازة المعلومة السرية المميزة

من جانب المطلع عليها وبين إذاعتها للجمهور .

ويبدأ سريان هذه الفترة من تلك اللحظة التي تصبح فيها المعلومة الإمتيازية دقيقة ومؤكدة وتسري فترة الإمتناع كذلك مادامت المعلومة لم تتح بعد للجمهور، فإذا أذيعت المعلومة المميزة للجمهور زال المنع عن من يعلم بها ذلك أن علة المنع هي تحقيق المساواة بين المتعاملين ،ويخضع تحديد الطابع الدقيق و المؤكد للمعلومة الإمتيازية للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع  .

ثالثا- النطاق المكاني للنشاط الإجرامي: يقصد بالنطاق المكاني المكان الذي تجري المعاملات على المعلومة السرية المميزة، حيث تتحدد ممارسات العالمين بالمعلومات السرية المميزة بالمكان الذي تقع فيه.

والمشرع الجزائري استعمل عبارة " السوق" وكلمة سوق تشمل سوق البورصة أو أي مكان آخر تجري فيه المفاوضات، و السوق قد تكون وطنية أو سوق خارجية و المشرع الجزائري لم يتكلم عما إذا كانت السوق وطنية أم خارجية. 

الفرع الرابع: الركن المعنوي لجريمة العالم بأسرار الشركة

باستقرائنا للمادة 60 من المرسوم التشريعي 93-10 فإن المشرع الجزائري لم يشترط توافر النية السيئة للعالم بأسرار الشركة ولم يهتم بالباعث إنما اشترط  وراء العملية أن يكون الجاني واعيا

بأنه يحوز معلومة سرية مميزة غير معروفة للجمهور.

و هذا خلافا  للمشرع الفرنسي الذي اشترط عنصر القصد في حالة قيام الجاني بإفشاء معلومة لآخر يستغلها في إجراء عملية بيع أو شراء على الأوراق المالية التي تتعلق بها تلك المعلومة فقد إشترط المشرع توافر القصد الجنائي لدى المتهم إذ إستعمل لفظ عمدا () .


المطلب الثاني: جريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة .

تلعب المعلومة دورا هاما في توفیر حمایة كافیة للمستثمر من خلال ضمان الشفافیة والسیر الحسن للبورصة، حیث یقوم المستثمرون باتخاذ قراراتهم في استثمار أموالهم على أساس المعلومة التي تنشر.

لذلك عمدت مختلف التشریعات على تجریم شتى الممارسات الغیر مشروعة و التي تعرقل السیر الحسن لسوق الأوراق المالیة، فنجد المشرع الجزائري قد أضاف جریمة نشر معلومات خاطئة أو مضللة بمناسبة تعدیله المرسوم التشریعي 93-10،و التي سوف نقوم بتعریفها(فرع أول)، ثم نتطرق إلى أركانها(فرع ثاني و ثالث).

الفرع الأول: تعريف جريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة 

تعرف جریمة نشر معلومات خاطئة أو مضللة بأنها: "ترویج للشائعات الكاذبة بشأن الأوراق المالیة وتداول معلومات مزیفة عنها و التلاعب بها للتأثیر على الأسعار بطریقة غیر مشروعة"

فیقصد بالمعلومة الخاطئة: المعلومة الكاذبة أو غیر الصحیحة كقیام شخص بنشر زیادة غیر صحیحة في رقم الأعمال للشركة المسعرة، أو معلومة خادعة یهدف من خلال نشرها تحقیق أسعار مرتفعة.

أما المقصود بالمعلومات المضللة: هي كل معلومة تدلیسیة حتى و إن لم تكن كاذبة لكنها قدمت بطریقة

سیئة من أجل تغریر الغیر و إیقاعه في الغلط.

و من ثم فإن نشر معلومات خاطئة أو مضللة تعد صورة من صور الإخلال بالإلتزام بالشفافیة و الإفصاح،  و بالتالي الإخلال بواجب قانوني مقترن بإدراك المخل لذلك الواجب. ()

الفرع الثاني: الركن المادي لجريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة

بإستقراء نص المادة 60 من المرسوم التشریعي رقم 93-10 ، نجد انه يتجسد الركن المادي للجريمة توافر ثلاث عناصر هي: 

- 1مناورات بهدف عرقلة السير المنتظم لسوق القيم المنقولة: هاته المناورات التي تهدف لعرقلة السير المنتظم لسوق القيم المنقولة، تتجلى في أربعة صور أو عمليات هي:

أ- العمليات التي تتمثل في إحداث عن طريق بيع على المكشوف حركات خفض معتبر في سعر أسهم شركة لا يبرره وضع الشركة تكون متبوعة بإعادة شراء كمية أكبر من السندات بسعر منخفض جدا، ويتحقق الربح في هذه الصورة عندما ترتفع الأسعاررإلى أن تصل إلى مستواها العادي.

ب- العمليات التي تتمثل في القيام بنفس العملية عن طريق إذاعة أخبار أو شائعات، أو عن طريق عروض بيع يكون مستواها قريبا جدا من مستوى الصفقات التي تعرف انخفاضا، وذلك من أجل التعجيل في الانخفاض.

ج- العمليات التي تتمثل في انجاز نفس النوع من العمليات بطريقة تسمح بالاستفادة من المواقع التي سبق شغلها في السوق مفتوحة على عدة اختيارات.

د- العمليات التي تتمثل في دفع أسعار سند نحو الارتفاع وذلك قبل إصدار سندات رأس المال عن طريق إعادة الشراء أو بأية طريقة مقابلة، منها المثالان السابقان، بكيفية يرفع سعر العرض بالنسبة للسعر الذي يتطلبه السوق العادي.

2- المناورات التي تضلل الغير: هذا الشرط يسمح بإبعاد من مجال الجريمة الممارسات الضرورية لتثبيت الأسعار، فعند التحضير لعملية مهمة كالتنازل عن أسهم جملة، أي في عملية واحدة، يجب تثبيت الأسعار خلال الأيام أو الأسابيع التي تسبق العملية لتمكين المدخرين الصغار من الاستفادة من نفس الشروط التي استفاد منها المتعامل الرئيسي، بل كثيرا ما تلجأ لجنة البورصة ذاتها إلى اشتراط الابتعاد على مستوى الأسعار أو اقتراح تسعير مؤقت، لذا يتعين تحديد ما إذا كان العمل المؤثر على قانون العرض والطلب عاديا أو غير عاد.

- 3السوق: تتم الصفقات المتعلقة بالقيم المنقولة من سوق خاص بها وهي البورصة، وعلى ذلك خص المشرع الجزائري بالذكر سوق القيم المنقولة. ()

الفرع الثالث: الركن المعنوي لجريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة

إن جنحة نشر معلومات خاطئة أو مضللة تستوجب توافر الركن المعنوي لقیام المسؤولیة الجنائیة للجاني أثناء قیامه بعملیات في سوق البورصة.

تعد جریمة نشر معلومات كاذبة أو مضللة من الجرائم العمدیة التي تستوجب لقیامها توافر القصد الجنائي العام القائم على عنصر العلم و الإرادة المنصرفین إلى عناصر الجریمة.

أما إذا كان الشخص لا یعلم بالصفة الخاطئة للمعلومة فإن القضاء الفرنسي أقر بعدم مساءلته على أساس جریمة عمدیة و إن كان یمكن أن یحاسب على أساس الخطأ غیر العمدي القائم على عدم كما أن لفظ و مصطلح "تعمد نشر"الذي استعمله المشرع یبین لنا أنه لیس من الاحتياط الضرورة اتجاه إرادة الشخص للتأثیر على الأسعار، فیمكن اعتبار النص القانوني یعاقب عدم حیطة الشخص الذي یقوم بكل حریة بمثل هذا الفعل الذي یحمل في طیاته كل معاني الخطر. 

و بالتالي فإذا إنتفى علم الجاني بأن المعلومات و البیانات التي قام بنشرها غیر صحیحة أو إذا لم تنصرف إ رادته إلى نشرها فلا یعد ذلك القصد متوفرا، لذلك یتعین لتوفر القصد العام أن یكون الجاني على علم بأن المعلومات أو البیانات أو التصریحات التي ینشرها على الأوراق المالیة أو سمعة الجهة المصدرة لها هي غیر صحیحة أو مضللة و أن تتجه إرادته إلى نشر تلك المعلومات الكاذبة.

هذا ما أقره المشرع الجزائري من خلال تحدید النموذج القانوني للجریمة بالنص على الركن المعنوي حیث نص في الفقرة 02 من المادة 60 على:" یعاقب .....كل شخص تعمد... "، فیتضح ذلك من خلال إستعماله عبارة "تعمد نشر معلومات خاطئة".

و نخلص إلى أن العمد لا یقوم دون علم إذ أنه لا یمكن للوسیط ألا أن یكون متعمدا بث المعلومات الكاذبة ذلك أنه إذا علم بعدم صحة المعلومة التي روج لها، فلا یمكن له إلا معرفة أثر ذلك على صدق المعلومات في سوق البورصة. ()

المطلب الثاني: جريمة القيام بأعمال غير شرعية في سوق البورصة. 

من بين أخلاقيات التعامل في البورصة عدم القيام بأعمال غير شرعية التي تقتضي بضرورة البعد عن ممارسات تتصف بالغش أو التدليس أو المعاملات الصورية أو الوهمية بغرض التأثير على الأسعار و تشكل هذه المناورات جريمة ممارسة أعمال غير مشروعة و تعد هذه الجريمة من اعقد جرائم البورصة لما يكتنف ركنها المادي من غموض و عدم تحديد بالإضافة إلى عدم وجود حد فاصل بين الحيل الربحية المشروعة و الحيل غير المشروعة.

وقد استحدث المشرع الجزائري هذه الجريمة في الفقرة الثالثة من المادة 60 من الرسوم التشريعي 93-10المعدل بموجب القانون 03-04 المؤرخ في 17 فيفري 2003 حيث جاء نصها الأتي " كل شخص يكون قد مارس أو حاول أن يمارس مناورة ما، مباشرة أو عن طريق شخص آخر مناورة بهدف عرقلة السير المنتظم لسوق القيم المنقولة، من خلال تضليل الغير".

تقتضي جريمة قيام بأعمال غير مشروعة توفر الركن المادي و المعنوي وهذا ما سنوضحه من خلال تحليل نص المادة و بالاستعانة ببعض النماذج الفقهية لتوضيح الصور التي يمكن أن تأتي من خلاها هذه الجريمة. ()

الفرع الأول: الركن المادي لجريمة القيام بأعمال غير شرعية في سوق البورصة.

إن الفارق بين المضاربة المشروعة و المضاربة الغير مشروعة هو الاختلاف في الوسيلة المتبعة للوصول للأسعار المتوقعة وان كان الهدف واحد و هو الوصول لفارق السعر. 

وبقراءتنا للفقرة الثانية من المادة 60 نجد بداية أن جريمة القيام بأعمال غير مشروعة ليست من جرائم الصفة، و بتحليلنا لنص المادة السابقة نجدها تتكون من عنصرين أساسين ؛ يتمثل العنصر الأول السلوك المجرم وهو القيام بمناورة بهدف عرقلة السير المنتظم للسوق القيم المنقولة, أما العنصر الثاني فيتمثل في مؤدى السلوك الغير مشروع وهو تضليل الغير.وكنقطة أخيرة سنتطرق لنطاق أو مجال قيام جريمة القيام بأعمال غير مشروعة.

أولا- السلوك المجرم:و يتمثل في المناورة التي تهدف إلى عرقلة السير المنتظم لسوق القيم المنقولة، ويمكن أن نستخرج صور هذه الجريمة، بالرجوع إلى النص الفرنسي الذي هو مصدر القانون الجزائري في هذا المجال، كما أضاف الفقه مجموعة من النتائج العملية التي يمكن أن تنطوي و رائها جريمة المناورة الغير مشروعة في سوق القيم المنقولة.

ثانيا- تظليل الغير:لا يكفي لقيام جريمة المضاربة الغير مشروعة مجرد صعود سعر الأوراق المالية أو نزولها بشكل مفتعل و غير طبيعي بل يجب أن يكون من شان الفعل أن يعطي صورة غير حقيقية لسعر القيم المنقولة، الأمر الذي يؤدي إلى تضليل الغير. 

وتجدر الإشارة أن العبارة الواردة في التشريع الجزائري " مناورة ما " لا تقضي بالضرورة إقامة الرابطة السببية بين العمل المجرم و نتائجه في السوق و يختلف الأمر لو استعمل المشرع عبارة " مناورة من شانها " وعليه تقوم الجريمة إذا كانت المناورة تحمل غرضا مشبوها، و لا يهم إذا بلغت هذه المناورة هدفها أم لا.

و هذا الشرط يسمح بإبعاد من مجال التجريم الممارسات الضرورية لتثبيت الأسعار، فعند التحضير لعملية مهمة كالتنازل أو إي عملية واسعة، يجب تثبيت الأسعار خلال أيام أو أسابيع التي تسبق العملية لتمكين المدخرين الصغار من الاستفادة من نفس الشروط التي يستفيد منها المتعامل الرئيسي، بل في كثير من الأحيان تلجا لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها ذاتها إلى اشتراط الابتعاد على مستوى الأسعار أو اقتراح تسعير مؤقت, ويتعين على اللجنة اتخاذ الإجراءات اللازمة بعد تحديد إذا كانت العملية لها انعكاس عادي أو غير عادي على قانون العرض و الطلب. 

ثالثا- الإطار المكاني لجريمة المضاربة الغير مشروعة: تستفيد الصفقات المتعلقة بالقيم المنقولة من سوق خاص بها و هي البورصة، و استعمل المشرع الجزائري عبارة سوق القيم المنقولة، محتذيا في ذلك بنص المادة10/ 03من الأمر الفرنسي بعد تعديله بموجب القانون 1988 ، حيث كان سوق البورصة دون سواها، غير انه ما لبث أن تخلى على عبارة البورصة مكتفيا بعبارة السوق، موسعا بذلك مجال تطبيق الجريمة، وما دفع المشرع إلى توسيع مجال قيام الجريمة، هو أن كثير من الصفقات تنجز خارج البورصة، و إنما يدخلونها عن طريق صندوق مشترك للاستثمار. 

الفرع الثاني: الركن المعنوي لجريمة القيام بأعمال غير شرعية في سوق البورصة.

لم يشترط المشرع الجزائري في جريمة القيام بإعمال غير مشروعة التعمد ولا حتى سوء نية الجاني. ومع ذلك فان الجريمة يشترط لقيامها أن تكون المناورة " بهدف عرقلة السير المنتظم لسوق " و هذا الهدف الذي لا يمكن تصوره أو بلوغه بدون توافر عنصر العلم لدى الجاني، و كل ما في الأمر أن على النيابة تأكيده. ()

المبحث الثاني: العقوبات المقررة لقمع جرائم البورصة. 

انطلاقا من كون الجريمة لا تكون إلا بنص وفقا لما نصت عليه المادة الأولى من قانون العقوبات، فقد جاء المرسوم التشريعي رقم93-10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة على عدة جرائم تندرج ضمن مخالفة أحكام البورصة، وتتمثل هاته الجرائم في جريمة القيام بأعمال غير مشروعة في سوق البورصة، جريمة العالم بأسرار الشركة، جريمة نشر معلومات خاطئة أو مضللة، نصت على هاته الجرائم المادة 60 من المرسوم التشريعي رقم93-10 المعدل والمتمم.

المطلب الأول: العقوبات الجزائية.
الفرع الأول:  العقوبات الجزائية لجريمة العالم بأسرار الشركة.

تعبر جريمة العالم بأسرار الشركة من أخطر الجرائم التي ترتكب في مجال البورصة، لذلك أقر لها المشرع الجزائري عقوبات  جزائية، تتخذ لكل مخالفي أو مرتكبي مثل هذه الجرائم بصفتهم على طليعة بالمعلومات المحصلة عندهم والتي يتم استغلالها ،مما يكون لها انعكاس يقلب سوق البورصة أي معناه استغلال المعلومات المحفوظة () .  

وقبل أن نتطرق إلى الجزاءات المترتبة عن جنحة العالم بالأسرار يمكن التنويه أن اغلب التشريعات المقارنة كالتشريع الفرنسي، و المصري، و التونسي، لا تعاقب الشخص باعتباره فاعلا في الجريمة إلا إذا توافرت في حقه الصفة المتطلبة قانونا وهو أن يكون مطلعا على المعلومات الداخلية، وهو ما يطرح التساؤل عن مصير الشخص الذي استفاد من المعلومات الداخلية التي حصل عليها ولا تتوفر فيه الصفة المحددة قانونا وهي أن يكون الشخص مطلعا إذا لا يمكن معاقبته في الجريمة لانتفاء الصفة. ()

و قد أقر المشرع الجزائري عقوبات جزائية لمرتكب هذه الجريمة، في نص المادة 60 من المرسوم التشريعي 93-10() ، بالحبس من ستة (06) أشهر إلى خمس (05) سنوات و بغرامة مالية قدرها 30.000 أو بإحدى هاتي العقوبتين فقط.ويمكن رفع مبلغ الغرامة إلى أكثر من المبلغ المذكور حتى يصل إلى أربعة أضعاف مبلغ الربح المحتمل تحقيقه دون إن تقل هذه الغرامة على مبلغ الربح نفسه.


الفرع الثاني:  العقوبات الجزائية لجريمة نشر معلومات خاطئة أو مضللة.

أولا : تعاقب المادة 60 من المرسوم التشريعي رقم93-10 المعدل والمتمم، على جريمة نشر معلومات خاطئة ومضللة بنفس العقوبة المقررة لجريمة العالم بأسرار الشركة ، وهي العقوبة بالحبس من ستة (06) أشهر إلى خمس (05) سنوات، وبغرامة مالية قدرها 30.000 دج أو بإحدى العقوبتين فقط.

كما أن مبلغ الغرامة يمكن أن يصل إلى أربع أضعاف المبلغ المتوقع ربحه، دون أن تقل الغرامة عن مبلغ الربح نفسه، وتعاقب المادة 60 الفقرة الثالثة بنفس العقوبات من مارس المناورة ومن حاول أن يمارسها  .

ثانيا: حالة تعدد الأوصاف: من الجائز أن تشكل جريمة نشر معلومات خاطئة ومضللة صورة من صور المضاربة غير المشروعة، والمنصوص عليها في المادة 172 الفقرة الأولى من قانون العقوبات والتي تنص على مايلي": ...كل من أحدث بطريق مباشر أو عن طريق وسيط رفعا أو خفضا مصطنعا في أسعار- ...بترويج أخبار أو أنباء كاذبة أو مغرضة عمدا بين الجمهور"....

والعقوبة المقررة لهذا الفعل هو الحبس من 6 أشهر إلى 5 سنوات وغرامة مالية 5.00 دج إلى 100.000 دج، ويتعين على القاضي الأمر بنشر الحكم وتعليقه في الأماكن التي يبينها المادة 174 من قانون العقوبات.

كما يجوز للمحكمة أن تقضي على الجاني بالمنع من الإقامة من سنتين إلى 5 سنوات وبالمنع من ممارسة حق أو أكثر من الحقوق الوطنية، بالإضافة للمنع من مزاولة مهنة أو نشاط له صلة بالجريمة المرتكبة، فضلا عن إمكانية مصادرة القيم المنقولة محل الجريمة. فعند تحقق تعدد الأوصاف، فإن النص الواجب التطبيق رجوعا للمادة 32 من قانون العقوبات، هو المادة 172 من قانون العقوبات باعتباره الوصف الأشد. ()

الفرع الثالث: العقوبات الجزائية لجريمة القيام بأعمال غير مشروعة في البورصة.

أولا : تعاقب المادة 60 من المرسوم التشريعي رقم 93-10المعدل والمتمم، فانه يعاقب على جريمة القيام بأعمال غير شرعية في سوق البورصة بالحبس من 6 أشهر إلى 5 سنوات وبغرامة مالية قدرها 30.000 دج أو بإحدى العقوبتين فقط، ويمكن رفع مبلغ الغرامة إلى أكثر من المبلغ المذكور حتى تصل إلى أربعة أضعاف مبلغ الربح المحتمل تحقيقه، دون أن تقل الغرامة عن مبلغ الربح نفسه.

و تعاقب المادة 60 الفقرة الثالثة من المرسوم التشريعي رقم93-10 المعدل والمتمم، بنفس العقوبات من مارس المناورة ومن حاول أن يمارسها.

ثانيا: حالة تعدد الأوصاف: تعد جريمة القيام بأعمال غير مشروعة في سوق البورصة، صورة من صور جريمة المضاربة غير المشروعة والتي أقرها المشرع الجزائري ونص عليها في قانون العقوبات في المادة 172 الفقرة الرابعة التي تنص على:  "كل من أحدث بطريق مباشر أو عن طريق وسيط رفعا أو خفضا مصطنعا في أسعار السلع أو البضائع أو الأوراق المالية العمومية أو الخاصة شرع في ذلك: القيام بصفة فردية أو بناء على اجتماع أو ترابط بأعمال في السوق أو الشروع في ذلك بغرض الحصول على ربح غير ناتج عن التطبيق الطبيعي للعرض والطلب". () 


المطلب الثاني: العقوبات التأدیبیة (الإدارية )

أعطى المشرع للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها سلطة توقيع عقوبات تأديبية لمرتكبي جرائم البورصة السابق ذكرها في المبحث الأول من هذه الورقة البحثية ، حيث تنشأ ضمن اللجنة غرفة تأديبية و تحكيمية تتألف زيادة على رئيسها من :

- عضوين منتخبين من بين أعضاء اللجنة طوال مدة إنتدابها .

- قاضيين يعينهما وزير العدل ويختاران لكفاءتهما في المجالين الاقتصادي والمالي.

ويتولى رئيس اللجنة رئاسة الغرفة )المادة 51  من المرسوم التشريعي 93-10)

وتكون الغرفة مختصة في المجال التأديبي لدراسة أي إخلال بالواجبات المهنية وأخلاقيات المهنة من جانب الوسطاء في عمليات البورصة وكل مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة عليهم )المادة 53).

وتعد قرارات الغرفة الفاصلة في المجال التأديبي قابلة للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة خلال أجل شهر (01) واحد من تاريخ تبليغ القرار موضوع الاحتجاج، ويحقق ويبث في الطعن خلال ستة (06) أشهر من تسجيله. ()


الفرع الأول:  العقوبات التأديبية لجريمة العالم بأسرار الشركة.

يتعرض مرتكب جريمة العالم بأسرار الشركة إلى جزاءات إدارية تصدرها الغرفة التأديبية التابعة للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها المنصوص عليها في المادة 51 من المرسوم التشريعي93-10 سالف الذكر، وتتمثل هذه الجزاءات في ما يلي:

- الإنذار

- التوبيخ

- حظر النشاط كله أو جزئه مؤقتا أو نهائيا

- سحب الاعتماد

- و/أو فرض غرامات يحدد مبلغها بعشرة ملايين دينار أو بمبلغ يساوي الربح المحتمل تحقيقه بفعل الخطأ المرتكب، وتدفع المبالغ لصندوق الضمان. ()


الفرع الثاني:  العقوبات التأديبية لجريمة نشر معلومات خاطئة أو مضللة.

رتب المشرع الجزائري في حالة ارتكاب جريمة نشر معلومات امتيازية أو تفضيلية أو الخاطئة التي تعرقل السير المنتظم لسوق القيم المنقولة عقوبات إدارية تخص مرتكبيها .

و أقر المشرع هذه العقوبات الإدارية  في نص المادة 51 من المرسوم التشريعي 93- 10و تشمل كل من: الإنذار، التوبيخ، حظر النشاط كله أو جزئه مؤقتا أو نهائيا، سحب الاعتماد، و/أو فرض غرامات يحدد مبلغها بعشرة(10) ملايين دينار أو بمبلغ يساوي الربح المحتمل تحقيقه بفعل الخطأ المرتكب، وتدفع المبالغ لصندوق الضمان.

و هذه الجزاءات الإدارية تصدرها الغرفة التأديبية التابعة للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها. ()


الفرع الثالث: العقوبات التأديبية لجريمة القيام بأعمال غير مشروعة في البورصة.

علاوة على العقوبات القضائية ، سالفة الذكر، يتعرض مرتكب جريمة القيام بأعمال غير مشروعة في البورصة إلى جزاءات إدارية تصدرها الغرفة التأديبية التابعة للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها المنصوص عليها في نص المادة 51 من المرسوم التشريعي 93-10 سالف الذكر، وتيمكن تقسيم هذه الجزاءات كما يلي:

- عقوبات تمس سمعة مرتكب الجريمة: وتشمل كل من الإنذار، التوبيخ.

- عقوبات سالبة للحرية: تتمثل في  حظر النشاط كله أو جزئه مؤقتا أو نهائيا، سحب الاعتماد.

- عقوبات تمس الذمة المالية لمرتكب الجريمة: و/أو فرض غرامات يحدد مبلغها بعشرة ملايين دينار أو بمبلغ يساوي الربح المحتمل تحقيقه بفعل الخطأ المرتكب، وتدفع المبالغ لصندوق الضمان. ()

الخاتمة:

من خلال استقراء نص المادة 60 من المرسوم التشريعي رقم93 -10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة  ،المعدل و المتمم بالأمر96-10 و القانون رقم 03-04 ، نص المشرع  الجزائري على ثلاث صور للجرائم يمكن أن تحدث على مستوى البورصة وهي: جريمة العالم بأسرار الشركة، جريمة نشر معلومات خاطئة أو مغالطة، وجريمة القيام بأعمال غير مشروعة في البورصة.

وقد عاقب المشرع على هذه الجرائم بعقوبات جزائية نصت عليها المادة 60 من المرسوم التشريعي رقم93 -10 المعدل و المتمم وهي: الحبس من 06 أشهر إلى 05 سنوات ،وبغرامة مالية قدرها 30000 دج أو بإحدى العقوبتين فقط. ويمكن رفع مبلغ الغرامة إلى أكثر من المبلغ المذكور حتى يصل إلى أربعة أضعاف مبلغ الربح المحتمل تحقيقه، دون أن تقل هذه الغرامة عن مبلغ الربح نفسه.

علاوة على العقوبات القضائية، سالفة الذكر، يتعرض مرتكب الجريمة إلى جزاءات إدارية تصدرها الغرفة التأديبية التابعة للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها المنصوص عليها في المادة 51من المرسوم التشريعي93-10 سالف الذكر، وتتمثل هذه الجزاءات في ما يلي:

الإنذار، التوبيخ، حظر النشاط كله أو جزئه مؤقتا أو نهائيا، سحب الاعتماد، و/أو فرض غرامات يحدد مبلغها بعشرة ملايين دينار أو بمبلغ يساوي الربح المحتمل حتقيقه بفعل الخطأ المرتكب، وتدفع المبالغ لصندوق الضمان.

وقد لاحظنا أن هذه الجرائم تشكل أيضا ما يعرف بجريمة المضاربة غير المشروعة، المنصوص عليها في نص المادة 172من قانون العقوبات، والتي عاقب المشرع عليها بالحبس من 06 أشهر إلى 05 سنوات وغرامة من 5000 إلى 100000دج. 

 كما يجوز للمحكمة أن تقضي على الجاني بالمنع من الإقامة من سنتين إلى 05 سنوات ،وبالمنع من ممارسة حق أو أكثر من الحقوق الوطنية، فضلا عن المنع من مزاولة مهنة أونشاط له صلة بالجريمة المرتكبة )المادة 1741 ق .ع(كما يجوز لجهة الحكم أن تأمر بمصادرة القيم المنقولة محل الجريمة.

وفي ظل هذه الازدواجية، يثار التساؤل حول النص الواجب التطبيق عند تحقق تعدد الأوصاف، فهل نطبق أحكام المادة 60 من المرسوم التشريعي 93-10المعدل والمتمم ،أم ما نظمته المادة 172 قانون عقوبات، مما يضع القاضي في حيرة من أمره حول أي النصين اصح للتطبيق؟.

من الناحية التطبيقية و  حسب رأي الأستاذة "وردة شرف الدين"، لم يشهد تطبيق نص المادة 172من  قانون العقوبات على الجرائم البورصية، ولو لمرة واحدة على ساحة القضاء الجزائري، وهذا وعملا بمبدأ الخاص يقيد العام، فإن نص المادة 60 من المرسوم التشريعي93-10 المعدل والمتمم، المتعلق ببورصة القيم المنقولة سابق الذكر، هو الأجدر بالتطبيق، لأنها وردت ضمن قانون خاص، خص المشرع الجزائري نصوصه وأحكامه للتطبيق على كل ما يخص بورصة القيم المنقولة، ومنها الجرائم الواقعة في سوق البورصة، لذا نرى ضرورة استثناء هذه الجرائم من دائرة تطبيق نص المادة  قانون عقوبات جزائري والخاصة بجريمة المضاربة غير المشروعة.

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق