الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023

مبادئ النشر العلمي

 

مبادئ النشر العلمي

يواجه الباحث في إطار البحوث العلمية العديد من الصعوبات التي يمكن أن تهدد مساره العلمي وحتى العملي، ومن بينها عوائق وصعوبات النشر، والذي يعد هذا الأخير بمثابة المنتوج العلمي لأي باحث يسعى ويطمح إلى إخراج قيمة علمية يستفاد من خلالها المجتمع،لهذا سنسلط الضوء في هذه الدراسة على أهمية النشر في البحوث العلمية، مع مناقشة المشاكل والتحديات التي تواجه الباحث في نشر أبحاثه للخروج بالحلول والسبل الكفيلة لتجاوزها.

أولا- مفهوم النشر العلمي:    

  النشر لغة: هو الإذاعة أو الإشاعة أو جعل الشيء معروفا بين الناس، والنشر اصطلاحا لا يبعد عن النشر لغة إذ يقصد به توصيل الرسالة الفكرية التي يبدعها المؤلف إلى جمهور المستقبلين، أي المستهلكين للرسالة.

    ويعرف النشر على أنه مجموع العمليات التي يمر بها المطبوع من أول كونه مخطوطا حتى يصل يد القارئ، كما يعرف على أنه: العملية التي تتضمن جميع الأعمال الوسيطة بين كتابة  النص الذي يقوم به المؤلف ووضع هذا النص بين أيدي القراء عن طريق المكتبات التجارية والموزعين.

ويعد الباحث العنصر الأساس في النشر العلمي، فهو منتج المعلومات الأصيلة والأفكار المبتكرة، إذ

من المعلوم أن النشر العملي يتطلب باحثين جادين أصلاء غزيري الإنتاج، وإلا فقد هذا النشر استمراريته وكينونته، وابتعد عن أهدافه الموضوعة، ويحتاج الباحث إلى إمكانيات متعددة، تتمثل في: التجهيزات العلمية، والتجهيزات المادية، والدعم المالي، والدعم الإداري من مؤسسته، إذ إن عدم توافر هذه الإمكانيات سينعكس سلبا على الباحث وإنتاجيته، وعلى مقدرته على نشر بحوثه.

بناء على ما سبق يمكن القول أن النشر العلمي هو المحصلة النهائية التي يقوم بها الباحث، لنشر ما أنجزه من أعمال وعلم ومعرفة، من أجل المساهمة في تنمية المجتمع من خلال تطوير أساليب العمل لدى المؤسسات والأفراد، أو من أجل تحقيق منافع مادية ومعنوية.

ثانيا- أشكال النشر العلمي: يمكن أن نحدد أشكال النشر من خلال تصنيفين هما:

- 1على أساس صناعة النشر: هذا التصنيف ينقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

أ- النشر التقليدي: يعرف بأنه مجموعة من العمليات التي يمر بها المطبوع ابتداء كونه مخطوطا حتى يصل للقارئ أو المستفيد، ويتحكم بهذه العملية مجموعة من الأطراف تبدأ بالكاتب والمطبعة والناشر الذي يقوم بإصدار وبيع وتوزيع المطبوعات عامة وقد يكون له دور في طبعها وليس من الضروري أن يكون الناشر هو نفسه الذي يقوم بالطبع أو التجليد وقد لا يقوم بعملية البيع والتوزيع حيث يتحمل الناشر مسألة التمويل إلى جانب تحمله لمخاطر النشر للمؤلفين .

ب- النشر المكتبي: هو استخدام التقنيات الحديثة في الصف الإلكتروني للكتب ومعالجتها تمهيدا لطباعتها ورقيا وهو يستخدم برمجيات خاصة مع حواسيب وطابعات ليزرية غير مكلفة تنتج صفحات منظمة ومعدة بصورة جذابة، يمكن من خلالها التنفيذ والحصول على خطوط بأنواع وأشكال مختلفة وحروف متنوعة، مع تزويقات فنية وهندسية تضفي مسحة جمالية على النص المكتوب، إضافة إلى إمكانية إدخال الصور والمخططات والرسوم من مصادر أخرى عن طريق الماسح الضوئي الذي يحلل إلى إشارات رقمية أو عن طلب هذه الصور من برامج أخرى.

ج- النشر الإلكتروني: والمقصود به أنه مرحلة يستطيع فيها كاتب المقال أن يسجل مقاله على إحدى وسائل تجهيز الكلمات، ثم يقوم ببثه إلى محرر المجلة الإلكترونية، الذي يقوم بالتالي بجعله متاحا في تلك الصورة الالكترونية للمشتركين في مجلته، كما أن النشر الإلكتروني يعني نشر المعلومات التقليدية عبر تقنيات جديدة تستخدم الحاسابات وبرامج النشر الإلكتروني في طباعة المعلومات وتوزيعها ونشرها.

2 -على أساس هدف النشر: وهذا التصنيف ينقسم إلى نوعيين رئيسين هما:

أ- النشر التجاري: يعرفه البعض على أنه تجارة، إذ أن الناشر يستثمر أمولا بغرض الحصول على الربح كمن يستثمر أموالا في تجارة ما، فيخضعهما لقانون العرض والطلب، وظيفته الأساسية التي قام من أجلها هي النشر وتكسب عيشه وحياته المهنية مرتبطة به سواء كان ناشرا نقيا أو أخلط النشر بتجارات أخرى وخسارته المتكررة في النشر تعني خروجه من السوق.

ب- النشر غير التجاري: وهو نوع تختص به الهيئات والمنظمات والمؤسسات مثل الجمعيات الدولية أو النوادي العلمية أو الجامعات ومراكز البحوث أو البنوك أو المكتبات الكبرى، فالجامعات مثلا وظيفتها الأساسية التعليم والبحث العلمي، ومن ثمة يكون نشر الكتب والدوريات وظيفة مساعدة للتعليم والبحث العلمي، وهناك جامعات لديها مطابع عظيمة وبرامج نشر قوية مثل جامعة أكسفورد، وجامعة كمبردج وأيضا المكتبات الوطنية تقوم بنشر البيلوغرافيات والفهارس وغيرها.

ثالثا-حقوق النشر:   قبل التطرق في مضمون حقوق النشر لابد من تحديد مضمون هذا المصطلح، فهو مفهوم قانوني يصف الحقوق الممنوحة للمبدعين لأعمالهم الأدبية والفنية والتي تشمل الكتب والموسيقى والأعمال الفنية مثل اللوحات والنحت، فضلا عن الأعمال المتعلقة بالتكنولوجيا مثل برامج الكمبيوتر وقواعد البيانات الإلكترونية، كما يعرف على أنه فرع في مجال القانون، والمعروف باسم الملكية الفكرية، وتمكن صاحبها، السيطرة على أفعال معينة (مثل النسخ وتحميلها على شبكة الإنترنت)، ومنع الآخرين من استخدام مواد حقوق الطبع والنشر دون إذن.

   ويسمح القانون المتعلق بحق المؤلف في أي دولة للباحثين، والطلاب بنسخ مقتطفات محدودة من أعمال المؤلف لغرض دراستهم البحثية، سواء كانت كتب أو مسرحيات، أو صور… طالما أنهم يقومون بأبحاث غير تجارية، كما يسمح لأمناء المكتبات لمساعدة الباحثين والطلاب بتوفير هذه النسخ المحدودة من أعمال المؤلف، ويمنح قانون حقوق النشر للمؤلف مجموعة متنوعة من الحقوق الحصرية حول عمله، هذه الحقوق تمكن صاحبها من السيطرة على عمله بعدد من الطرق التالية:

- إعادة نسخ عمله.

- عرض وتوزيع نسخ من أعماله للجمهور.

- إيجار وترجمة عمله.

- جعل عمله متاحا على الانترنت.

   والمشرع الجزائري يمنح للمؤلف على مؤلفه أو مصنفه نوعان من الحقوق وهي :

أ- الحقوق الأدبية: وتشمل ما يلي: حق المؤلف في تقرير نشر مصنفه، حق المؤلف في نسبة المصنف إليه، الحق في تعديل المصنف، حق المؤلف في سحب مصنفه، حق المؤلف في دفع الإعتداء.

ب- الحقوق المالية: الاستغلال المباشر، حق الاستغلال غير المباشر، حق التتبع.  

رابعا- أهمية النشر في ميدان البحوث العلمية:

أ- الأهمية المادية: تلعب الحوافز، دوراً هاماً في إثارة وإيقاظ دوافع الفرد, ويعتبر الحافز المادي من  أشكال هذه الحوافز وتختلف صورها من قطاع إلى آخر، وتتمثل هذه الحوافز في المكافآت المادية ويعتبر الحافز النقدي المادي من أهم طرق الحوافز في هذا الوقت، وذلك لأن النقود تشبع كل حاجات الإنسان تقريباً.

ب- الأهمية العلمية: تكمن أهمية النشر العلمي في مدى إيصاله إلى من يستفيد منه لأن كميته تكمن في وجود النشر الجيد حيث يتجلى ذلك من خلال الآتي:

- المساهمة الفاعلة في تطوير طرق وأساليب العمل لدى الأفراد والمؤسسات من خلال الإطلاع على كل ما هو جديد.

- تنشيط حركة البحث العلمي.

- معرفة رصانة البحث العلمي من خلال معرفة عدد الإشارات إلى البحوث المنشورة في الدراسات الأخرى.

- تنمية الوعي العلمي بضرورة البحث العلمي بين أفراد المجتمع على أوسع نطاق.

- ضمان حقوق المؤلفين في بحوثهم المنشورة لأنه عملية توثيق ذلك .

- المساعدة في تجنب تكرار أجراء البحوث نفسها.

- كذلك يعد النشر يشكل عنصرا أساسيا في رسالة الجامعة، فمكانة الجامعة بين الجامعات تتحدد بحسب ما تقوم به من نشر أبحاث جديدة ومفيدة، وهو ما يترتب عليه زيادة الإقبال على هذه الجامعة سواء من الطلاب أو أعضاء هيئة التدريس، أو العلماء.

 -كذلك يؤثر النشر على الباحثين، فهو يساهم في تمنين قدرات الباحثين العلمية، وتوثيق الصلات بين العلمية بين العلماء، والتعرف على نقاط القوة والضعف ببحوثه، لأن بحوث المؤتمرات تتضمن العرض المباشر والحوار مع الحاضرين حول البحث ونتائجه، الاتصال المباشر بالعلماء المشاركين، ونظرا لأن تقييم البحوث العلمية تتم أساسا عن طريق النشر العلمي، فإنه أصبح أمر ضروريا، وضع المعايير الخاصة التي تسمح بنشر البحوث القيمة الأصيلة وتكون على مستوى التبادل العلمي مع الدوريات المرموقة.

    فقد أصبح من المتعارف عليه في مختلف بقاع العالم سواء كان النامي أو المتقدم على حد سواء أن أي عمل أو نشاط بحثي لا يعتبر كاملا ما لم  يتم نشر نتائجه وإيصالها إلى المستفيدين من تلك النتائج وذلك في الوقت المناسب والمكان المناسب وعبر الوسيلة والقناة الاتصالية المناسبة ولكن ليس بدون الباحث أو بمنأى عنه، بل بمشاركته المدروسة والمنهجية الفاعلة، كونه المصدر الأهم  والقناة الأفضل لنشر بحوثه ونتائج دراساته خاصة عندما تستند على قواعد معرفية ومهارته الاتصالية.

خامسا- مشاكل النشر والحلول المقترحة:

أ- مشاكل وتحديات النشر في البحوث العلمية: هناك جملة من المشكلات والصعوبات التي تواجه الباحثين بصفة عامة، في نشر منتوجهم الفكري وأبرز هذه المشاكل:

1- صعوبات ناتجة عن التطبيقات التكنولوجية: حيث يعاني العديد من الباحثين صعوبات مهمة ذات علاقة بتطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي تعكس سلبا على إنجازهم لبحوثهم العلمية ونشرها.

- 2الرقابة على الإنتاج الفكري: يلاحظ على قوانين المطبوعات في بعض الدول، أنها تفرض قيودا على التداول والنشر لا تتناسب مع العصر الذي نعيشه الآن في ظل العولمة وتكنولوجيا الإعلام والاتصال وانتشار الفضائيات.

- 3الاعتماد على العلاقات الشخصية والجهود الفردية في نشر البحث العلمي: يتسابق الناشرين خاصة منهم العرب للوصول لمختلف الهيئات العربية الحكومية منها والخاصة، بغرض توزيع منشوراتهم البحثية، من خلال العلاقات الشخصية، وعلى الرغم أن هذه الطريقة تعود بمكاسب كبيرة على الناشرين، إلا أنها لا تحقق مبدأ تكافؤ الفرص بينهم، فسوف يتمخض عن هذه الطريقة خسارة بعض الناشرين الذي لم يتمكنوا من الوصول غلى هذه الأماكن.

- 4صعوبات لغوية: إن كثيرا مما ينشر في الوقت الحاضر في الحقول الموضوعية المتخصصة، وبخاصة العلمية منها هو باللغة الإنجليزية وبلغات أجنبية أخرى، لذا تقتصر الفائدة منها على الباحثين العرب الذين يتقنون هذه اللغات، مما ينعكس سلبا على هؤلاء الذين لا يتقنون سوى اللغة العربية في إنجاز بحوثهم واكتمال معلوماتها.

- 5عدم توافر معايير ثابتة ومعترف بها لكتابة البحوث العلمية: إذ لم يتم الاتفاق في البلدان العربية لحد الآن على أنماط الاستشهاد المرجعي، وكيفية اقتباس المعلومات وطرق توثيقها.

  وأيضا من الصعوبات والمشاكل التي يوجهها الباحث في نشر أبحاثه نذكر:

- طول المدة الزمنية لتقييم البحوث: إذ يستغرق تقييم كثير من البحوث ونشرها أحيانا أكثر من سنة واحدة أو سنتين.

- عدم موضوعية بعض المحكمين وضعف قوانين الرقابة والمحاسبة.

- تغطية المجلة العلمية الواحدة لعدة ميادين مع ضعف خبرة القائمين على بعض المجلات العلمية.

- وجود بعض الممارسات السياسية التي تؤثر على  المؤسسات الأكاديمية والنشر العلمي، منها تدخل السلطة في الأمور الأكاديمية مما يتناقض مع الحرية الأكاديمية  وإمكانية التعبير عن الاختلاف حتى مع ممثلي السلطة السياسية، فنجد تهميشا للكوادر البحثية التي لا تتفق وسياسية السلطة، ونشر أبحاث غير صالحة للنشر بدافع المحسوبيات، فضلا عن ضعف المخصصات المالية للبحث العلمي – وخاصة في العالم العربي  مما يؤثر سلبا على أنشطة البحث العلمي المختلفة وتطويرها، وكذلك على مؤسسات البحث العلمي.

- عدم وجود معايير موحدة بين الجامعات لإخراج الأعمال العلمية، فكل جامعة تنفرد بوضع بعض المعايير التي تختلف عن غيرها من الجامعات.

ب- الأطر المعالجة لمشاكل النشر في ميدان الأبحاث العلمية: رغم جملة المشاكل التي تواجه النشر العلمي  في ميدان البحوث العلمية، إلا أن هناك جملة من الحلول التي يمكن أن تساهم في دفع عجلة النشر رغم التحديات الموجودة ومن هذه الحلول نذكر ما يلي:

- العمل على زيادة موارد الجامعات من خلال البحث عن طرق أخرى لتمويل الجامعات وأجهزتها بما يساهم في البحث العلمي، منها: إتاحة الفرصة لمساهمة القطاع الخاص.

- دعم دور النشر الجامعية والنظر إلى عملية النشر الجامعي على أنه نشاط رئيسي من أنشطة الجامعات مما يضفي على الجامعة سمعة طيبة في الوسط الأكاديمي.

- العمل على الاستقلال المالي والإداري لمطابع الجامعات، وزيادة الموازنة المالية المعتمدة للجامعات والبحث العلمي.

- دعوة جهات النشر بالجامعات إلى الالتزام بالمواصفات القياسية بما يضمن ظهور هذه الأوعية في قالب متميز، و الدعوة إلى عقد دورات وبرامج تدريبية مستمرة لربط العاملين بها بأحدث المستجدات والتقنيات في مجال النشر.

- ضرورة قيام المطابع الجامعية باستثمار إمكانات التكنولوجيا الحديثة في مجال النشر الجامعي وخاصة النشر الالكتروني، ودعم كل أنواع النشر الورقي والالكتروني من خلال إتاحة أوعية المعلومات التي تصدرها في صورة ورقية والكترونية في الوقت نفسه.

- تحفيز أعضاء هيئة التدريس على استخدام النشر الالكتروني وتطوير قدرتهم على النشر عبر شبكة الإنترنت مما يسهم في تنمية أدائهم العلمي والأكاديمي، والتغلب على المشاكل التي تنجم عن الكتاب الجامعي المطبوع، وإثراء المحتوى الرقمي العربي على شبكة الإنترنت، مع تشجيعهم على نشر مؤلفاتهم بمطابع الجامعة عن طريق توفير المزايا المادية والمعنوية.

- استخدام الوسائل الحديثة في الإعلان عن إصدارات المطابع الجامعية، والاهتمام بقضية التوزيع، وفتح أسواق جديدة لتصريف هذه المطبوعات.

- وضع خطة إستراتيجية للبحث والاتصال العلمي، على أن تتعاون فيها كل الأجهزة الجامعية ذات العلاقة مثل المطابع الجامعية، والمكتبات الجامعية، ومراكز الحاسوب … الخ.

- إطلاق موقع إلكتروني يتضمن جميع المؤلفات (خاصة الكتب المترجمة) الصادرة في كافة الدول العربية، وذلك حفاظاً على الحقوق الأدبية والمادية للجهات المعنية، ومنعا للتضارب، وتكرار الترجمات في دول عربية مختلفة.

- تشجيع حركة التأليف والترجمة بإعفاء المؤلفين والمترجمين من جميع أنواع الضرائب، وإعداد حوافز لهم، وتخصيص جوائز سنوية مناسبة لها.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق