الخميس، 16 نوفمبر 2023

التعريف بالقانون البنكي

 التعريف بالقانون البنكي


يعتمد فهم المعنى العام للقانون البنكي، على تعريفه و  تبيان خصائصه و علاقته بالأنظمة المشابهة و فروع القانون الأخرى.

أولا- تعريف القانون البنكي:

يعرف الأستاذان  GAVALDA و STOUFLET القانون البنكي بأنه : " القانون الذي يتضمن القواعد التي تحدد نظام المؤسسات التي تمارس تجارة النقود و النصوص المطبقة على نشاطها ".

يلاحظ على هذا التعريف أنه بإيراده لعبارة " المؤسسات التي تمارس تجارة النقود "، فإنه جاء بفكرة مطاطة ، كما أن هناك مؤسسات تمارس تجارة النقود ولا تخضع للقانون البنكي ، كما أن ليس كل أنشطة هذه المؤسسات تخضع للقانون البنكي ، فقد تقوم بأنشطة لا تخضع للقانون البنكي .يعرف الفقيه  Bonneau القانون البنكي بأنه " القانون الذي يهدف إلى تنظيم النشاطات الممارسة بصفتها مهنة معتادة ، من طرف مؤسسات الائتمان".على خلاف التعريف السابق الذي ركز على الفاعلين في القانون البنكي فإن هذا التعريف ركز على موضوع النشاطات الممارسة من طرف هؤلاء الفاعلين .

على خلاف التعريف السابق الذي ركز على الفاعلين في القانون البنكي فإن هذا التعريف ركز على موضوع النشاطات الممارسة من طرف هؤلاء الفاعلين .

كما عرفه الأستاذ فادي النمور بقوله " القانون البنكي يتكون من القواعد التي تحدد النظام البنكي "ويلاحظ على هذا التعريف بأنه  ركز على فكرة النظام البنكي و هي فكرة اقتصادية تحتاج إلى ضبط قانوني .و يعرف الأستاذ لعشب محفوظ القانون البنكي بأنه  : " مجموعة القواعد القانونية المتعلقة بالعمليات المصرفية و القائمين بها على سبيل الاحتراف".يؤخذ على هذا التعريف أنه ركز على جانب

النشاط و هو العمليات المصرفية و جعله كمحور للتعريف و أهمل جانب الفاعلين و اعتبرهم تابعين للنشاط في حين نجد أن هناك فاعلين لا يقومون بعمليات مصرفية مثل البنك المركزي أو هيئات الرقابة الأخرى.

من خلال ما سبق يمكن وجدت تعريفا جامعا قال به الأستاذ بلعزام مبروك ، بقوله أن القانون البنكي هو "مجموعة القواعد القانونية التي تحدد الإطار القانوني لمؤسسات الائتمان ، فتبين طريقة إنشائها و نشاطها و تحدد طرق الرقابة عليها ، كما تحدد النظام القانوني لعمليات البنوك".

ثانيا-علاقة القانون البنكي ببقية الأنظمة المجاورة و فروع القانون الأخرى:

علاقة القانون البنكي بعلم الاقتصاد: للقانون البنكي علاقة جد وثيقة بالاقتصاد ، فمثلا أي تدهور في الحالة الصحية للبنوك يؤدي مباشرة و يعد سببا مهما في الأزمات الاقتصادية ، على غرار ما حدث مؤخرا في الأزمة الاقتصادية العالمية أو ما عرف بأزمة السوق العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية.

اقتصاديا ، تتمثل المهمة الأساسية للبنوك في كونها وسيط مالي ، فهي تتلقى الأموال من الجمهور و تمنح القروض ، كما أن لها سلطة إنشاء النقود ، لأنها في الغالب لا تمنح القروض على أساس المصادر الموجودة لديها مسبقا . فعلى المستوى الاقتصادي الكمي فهي لا تستعمل المبالغ التي تجمعها مسبقا ، بل هي تقترض مبالغ سيتم إيداعها لاحقا في حساباته.

علاقة القانون البنكي بالقانون المدني:باعتبار أن هذا الأخير يعد الشريعة العامة ، و منه يتم الرجوع إليه في أي مسالة ليس فيها نص خاص ، و يلتقي القانون البنكي مع القانون المدني في أن كلاهما ينظم بعض المسائل المتعلقة بالتأمينات ( الضمانات)، الأهلية في التعاقد ، المواريث ، النظام المالي للزوجين ، كما أن النشاط البنكي يقوم على إبرام عقود من طرف مؤسسات الائتمان ، والتي تخضع بلا شك أساسا للقواعد العامة للالتزام و نظرية العقود الخاصة.

علاقة القانون البنكي بالقانون التجاري: ظهر القانون البنكي في البداية كفرع من فروع القانون التجاري ، فقد اعتبرت المادة 02/13 من القانون التجاري الجزائري ،عمليات البنوك من الأعمال التجارية، كما أن الشخص الذي يمارس هذه الأعمال بصفة معتادة يكتسب صفة التاجر . و مع ذلك فإنه ليس كل البنوك لها صفة التاجر ، و المثال الحي على ذلك البنوك التي تنشا في شكل تعاضديات طبقا للمادة 83 من الأمر03/11 المتعلق بالنقد و القرض ، فالارتباط بالقانون البنكي تم بشكل مو ضوعي ، أي عن طريق طبيعة النشاط .

لا يعد الطابع التجاري هو النتيجة الوحيدة لنص المادة 02/13 ق ت ج ،فهناك أيضا الاختصاص القضائي ، فالمحاكم التجارية تختص بنظر المنازعات بين التجار و مؤسسات.

الائتمان و فيما بين هذه الأخيرة، و منه نخلص إلى أن القانون البنكي قد أصبح منفصلا و مستقلا عن القانون التجاري و يتمتع بذاتيته الخاصة به  .

إن تطور القانون البنكي و تعقد موضوعاته فرض قواعد خاصة به ، تختلف عن تلك المعروفة في القانون التجاري و قد بدا تبلور هذه القواعد الخاصة بإصدار المدونة النقدية و المالية في فرنسا. 

علاقة القانون البنكي بالقانون الاقتصادي :القانون الاقتصادي هو فرع من فروع القانون يهتم و يسلط الضوء على تدخل الدولة في العلاقات الاقتصادية ، أو بعبارة أخرى ، القانون الاقتصادي ، يجمع القواعد المصممة من أجل إعطاء الإدارة سلطة التدخل في اقتصاد ليبرالي ، يهيمن عليه القطاع الخاص،و يعتبر البعض ، أن القانون البنكي يعد فرعا من فروع القانون الاقتصادي لأنه يسمح بتدخل الدولة في القطاع البنكي  بناءا على الدور الذي تلعبه مؤسسات الائتمان ، هذا التدخل لا يكون دائما بطريقة مباشرة فقد يمر عبر الوسائط العضوية المتمثلة في الهيئات المكلفة بمراقبة مؤسسات الائتمان و نشاطها. 

علاقة القانون البنكي بقانون الاستهلاك:توجد علاقة جد وثيقة و جد ضيقة بين القانون البنكي و قانون الاستهلاك ، بل يذهب البعض إلى القول أن جزء كبير تابع لقانون الاستهلاك و السبب في ذلك هو محاولة إعادة التوازن لفائدة الطرف الضعيف ، و هو ما أدى إلى ظهور نوع من الانفصال في العلاقات في هذا المجال ، فهناك العلاقات العقدية بين البنكي و المستهلكين و التي تختلف و لو جزئيا عن العلاقات بين البنكي و المهني .قانون المستهلك أصبح مصدرا غير مباشر للقانون البنكي. فكثير من القواعد العامة في قانون المستهلك تطبق في المجال البنكي ، مثل : الشروط التعسفية المنصوص عليه في  المادة 29من القانون رقم 04-02 المؤرخ في 23جوان 2004، المحدد للقواعد المطبق على الممارسات التجارية ، لان مؤسسات الائتمان تعد مقدم خدمات.

ثالثا- خصائص القانون البنكي 

إذا عرفنا أن القانون البنكي هو قانون مهني غير مستقل ، يجد مصدره في قواعد تنظيم مهنة الصيارفة ، و هي قواعد ذات خصوصية ، بحيث أنها حافظت على بعض السمات و المظاهر التي لا يزال يتميز بها القانون البنكي و يتمثل في المظهر التقني و صفته الدولية.

 القانون البنكي قانون مهني :يعتبر القانون البنكي قانون مهني ، فهو يطبق على طائفة معينة من الأشخاص و إلى وقت طويل هؤلاء المهنيين ينقسمون إلى طائفتين كبيرتين ، هما البنوك و المؤسسات المالية ، و الفرق بما فيما أن الأولى تقوم بكل عمليات البنوك بما فيها تلقي الأموال من الجمهور ، في حين أن الثانية توظف فقط أموالها الخاصة . 

القانون البنكي قانون تقني: ينظم القانون البنكي عددا من العمليات التي تتكرر و بشكل متماثل في العديد من المرات ، فالطريقة التي يتعامل بها البنك أو مؤسسة الائتمان عموما ، لها أهمية بالغة في كون العمليات تتكرر بنفس الطريقة و بنفس التقنية ، لأنه من التقنية الثابتة يأتي الاستقرار و الأمان القانوني و يسهل العمل البنكي و يجعله سريعا.

هذا التواتر في العمليات البنكية بنفس الأسلوب و الطريقة يجعل التقنية المشار إليها تتحول إلى آليات قانونية تنتج آثارها بتلقائية ، فالأسلوب الذي تتبعه مؤسسات الائتمان في عملياتها يصطحب دائما بشكلية صارمة يجعل هذه العمليات تأخذ وصف عقود الإذعان، هذا ما يبرر مظهره الآلي.

إن هذه الآلية التي يتصف بها القانون البنكي ، تنتج آثارا قانونية ، تبنى على النية المشتركة للمتعاقدين ، ذلك لأنها ليست نتاج نية مشتركة لطرفي العقد ، صاحب احتكار فعمي أو قانوني يحرر بمفرده شروط العقد.

القانون البنكي ينظم عمليات تنطوي على مخاطر كبيرة: من أهم الخصائص الأساسية للعمليات البنكية و العمليات التابعة لها ، أنها تنطوي على مخاطر بالنسبة لمؤسسات الائتمان . و ترتبط هذه المخاطر خصوصا بعمليات القرض ، و لا أدل على ذلك من القواعد الحمائية و قواعد الإفلاس و التسوية القضائية للمؤسسات التي تضحي بجزء كبير من حقوق الدائنين.

كما توجد كذلك مخاطر أخرى منها تلك الناتجة عن الصرف بالنسبة للعمليات الدولية و منها الناتجة عن المنافسة بين البنوك .و يمكن القول  بصفة عامة ، أن توازن النظام البنكي ليس مستقرا ، و لا أدل على ذلك من الأزمات التي ما فتئت تضرب الأنظمة المالية لكثير من الدول الرأسمالية و منها أزمتي1990و 2008

الصفة الدولية للقانون البنكي: إن ما يميز الاقتصاد المعاصر هو تدويل النظام البنكي و كذا النشاطات البنكية و هذا التدويل قد يكون بتدويل العمليات البنكية( الاعتماد المستندي ، قروض دعم الصادرات...)  أو تدويل الهياكل الذي يتم في اتجاهين. الاتجاه الأول : البنوك الوطنية تقوم بإنشاء شبكة في شكل فروع في الخارج و هذا تتميز به البنوك التابعة للدول المتطورة اقتصاديا ، أما الاتجاه الثاني : و الذي تتميز به دول العالم الثالث (مثل الجزائر) ، و هو فتح البنوك الأجنبية فروع لها في هذه الدول.

رابعا- مصادر القانون البنكي 

لا تختلف مصادر القانون البنكي كثيرا عن مصادر القانون التجاري ، ويمكن تقسيمها إلى مصادر داخلية و مصادر دولية .

 المصادر الداخلية :تتمثل المصادر الداخلية في القانون و القضاء و العادات البنكية 

القانون: و يتمثل في التشريع و التنظيم ،التشريع يمكن تقسيمه إلى نصوص تشريعية خاصة و نصوص تشريعية عامة.  

النصوص التشريعية الخاصة : يعد قانون النقد و القرض الصادر بموجب الأمر 03/11المؤرخ في 26أوت 2003،المعدل و المتمم بالأمر 10-04المؤرخ في 26أوت 20103و المتمم بالقانون 13-08المؤرخ في 30ديسمبر2013  النص التشريعي الأساسي. 

إلى جانب قانون النقد و القرض هناك قوانين أخرى:

- القانون المتعلق بقمع مخالفة التشريع و التنظيم الخاصين بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج، الصادر بموجب الأمر رقم 96/22 المؤرخ في 09 جويلية 1996. 

-القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال و تمويل الإرهاب و مكافحتهما ، الصادر بموجب القانون 05-01المؤرخ في 06فيفري 2005 المعدل و المتمم بموجب الأمر رقم 12-02المؤرخ في 13فيفري2005.   

-القانون المتعلق بالاعتماد الايجاري الصادر بموجب الأمر 96-09 المؤرخ في 10جانفي 1996.

- القانون المتعلق بتوريق القروض الرهنية الصادر بموجب القانون 06-05 المؤرخ في 20فيفري 2006. 

- القانون المتعلق بتعاونيات الادخار وهو القانون 07-01المؤرخ في 27فيفري2006.

النصوص التشريعية العامة :و تتمثل فيما يلي: 

-القانون التجاري: و يتضمن مجموعة من القواعد ذات العلاقة بالنشاط البنكي ، مثل النصوص المتعلقة بالأوراق التجارية و الشركات التجارية و الإفلاس و التسوية القضائية و تنظيم وسائل الدفع.

- القانون المدني:بالإضافة إلى انه يعد الشريعة العامة و يلجا إليه لسد أي فراغ تشريعي يخص تنظيم العمليات البنكية ، فإن القانون المدني يتضمن بعض القواعد المتعلقة مباشرة بالمجال البنكي مثل القرض الاستهلاكي. 

النصوص التنظيمية: و تتمثل أساسا الأنظمة التي يصدرها مجلس النقد و القرض في إطار صلاحياته بصفته سلطة نقدية و ذلك في المجالات المحددة حصرا في المادة 62من الأمر 03/11، و التي يتم نشرها في الجريدة الرسمية لتصبح واجبة النفاذ. 

القضاء:يلعب القضاء في الغالب دورا مهما في خلق قواعد القانون البنكي ، فبعض الأنظمة تم تطويرها دون وجود أي سند تشريعي ، أي يتم صياغتيا عن طريق الممارسة ، فعلى سبيل المثال هناك عملية قديمة و شائعة الاستعمال في الواقع و هي الحساب الجاري ، لم تكن محل تنظيم تشريعي شامل ، ماعدا بعض النصوص المتناثرة و كذلك تقنية الضمان عند أول طلب ، التي تم إنشاؤها بالممارسة و احتضنها القضاء.

العادات :مثلما هو عليه الحال في القانون التجاري ، تكتسي العادات في القانون البنكي أهمية بالغة ، فهذه القواعد أنشأتها الحاجة إليها في التطبيق ، و هي تلعب دورا أساسيا في العلاقات بين الهيئات البنكية و بحدة اقل في العلاقات بين البنكي و زبائنه. تستمد العادات وجودها من إحالة القانون إليها أو من اتفاق الأطراف و العادة قد تتعارض مع نص قانوني ، مثلما هو عليه الحال في نص المادة 1154من القانون المدني الفرنسي ، التي تنص على انه : "لا يجوز تقاضي الفوائد على متجمع الفوائد ، ما عدا الفوائد المتجمعة من السنة الأخيرة " و لكن الأمر يختلف بالنسبة للحساب الجاري ، حيث أن الفوائد تضم إلى رأس المال كل ثلاثة أشهر. من الأمثلة المشهورة للعادات البنكية : الفوائد يتم حسابها سنويا

المصادر الدولية :

تتعدد المصادر الدولية للقانون البنكي ، فمنها ما يتعلق بالتنظيم البنكي و منها ما يتعلق بالعمليات البنكية .

القواعد المتعلقة بالتنظيم البنكي :القانون الدولي المتعلق بمؤسسات الائتمان لو هدفين ، الهدف الأول هو تدويل النظام البنكي و هو يتطلب تحقيق الهدف الثاني و المتمثل في تدعيم الرقابة الوقائية،من أجل استبعاد الأزمات الدولية و مكافحة تبييض الأموال.

و في هذا الإطار تم إنشاء لجنة بازل() ، حول الرقابة الوقائية البنكية سنة 1974، من طرف محافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرةG10، و في سنة 2009 تم توسيعها لتضم مجموعة العشرين G20. المصادر الدولية للعمليات البنكية: و تتمثل في الاتفاقيات الدولية و العادات التجارية الدولية .

 الاتفاقيات الدولية: توجد منذ مدة طويلة اتفاقيات دولية ، سمحت بتوحيد و لو جزئي لبعض القواعد البنكية ،منها اتفاقيات جنيف حول السفتجة و السند لأمر، و حول الشيك ،و حديثا هناك اتفاقية أوتاوا حول الاعتماد الايجاري الدولي و عقد تحويل الفاتورة الدولي. 

العادات الدولية: تلعب العادات التجارية الدولية دورا مهما ، لان المهنيين يبحثون عن قواعد مادية موحدة تطبق على مختلف عملياتها فالوضعية الحالية للبنوك تشبه وضعيتها في القرون الوسطى ، حيث أن الحدود لم يعد لها أهمية كثيرة ، في العلاقات المالية بين البنوك ، وكان للتجارة الإلكترونية دور كبير في تكريس هذه الوضعية . كما أن غرفة التجارة الدولية أصدرت قواعد موحدة في العديد من المجالات و الأكثر انتشارا و تطبيقا هي تلك المتعلقة بالاعتماد المستندي و الضمان عند أول طلب.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق