مفهوم عقد الفرنشيز
الفرنشيز، هو مصطلح حديث في كتابات الفقه العربي ولكنه متكرر كثيرًا في الفقه الأجنبي، وهو يتمثل في نقل أحد الأشخاص ما يملكه من حقوق ملكية فكرية حققت له شهرة في الأنشطة والاستثمارات الخاصة به، إلى شخص آخر لاستخدامها في نشاط مماثل للاستفادة مما حققه المشروع الأول من شهرة.
مصدر التسمية :
ظهر عقد الفرنشيز "franchise" باعتباره عقد ترخيص استغلال المعرفة الفنية وغيرها من عناصر الملكية الفكرية الأخرى، في الولايات المتحدة الأمريكية تحت اسم "Franchising" وكان ذلك إعادة لصياغة الكلمة الفرنسية "Affranchir" أو "Franc"التي تعني الانعتاق من العبودية ،لكن بمرور الزمان اختفى في فرنسا ، ليظهر مرة أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية ولكن هذه المرة بمدلول جديد .
ورغم الاحتفاظ بنفس المصطلح ، فإن بعض المؤسسات الأمريكية فكرت في استعمال الفرنشيز لإنشاء ولتطوير شبكات البيع ، وللهيمنة أكثر على التجارة ، و ذلك عن طريق التنازل لبعض الأشخاص ، بعد أن يتم اختيارهم بطريقة علمية ، على الإنتاج أو الاستعمال و الاستغلال للعلامة التجارية...إلخ ، ويمنح لهم ما يسمى بـ " Franchise agreement "، وكان صاحب العلامة ، يطور بهذه الكيفية طريقته ، وإستراتجيته في بيع منتجاته على أن يتحمل المتنازل له ، عبء الاستثمار وخطر التجارة ، بينما مالك العلامة يستفيد من سوق جديد ، وفي بعض الأحيان ، من أتاوى تدفع له بطريقة متفق عليها مسبقًا ، مقابل إستعمال المستغل للعلامة.
اولاً : تعريف عقد الفرنشيز :
عقد الفرنشيزLE CONTRAT DE FRANCHISE هو عبارة عن عقد يلتزم بمقتضاه شخص يسمى الفرنشيزور أو مانح الفرنشيز بالسماح لشخص آخر يسمى الفرنشيزي أو الممنوح له باستخدام العلامة التجارية وجميع الإشارت والرموز التجارية التابعة له مع نقل المعرفة الفنية وتقديم المساعدات الفنية والتجارية له. في المقابل يلتزم الفرنشيزي بدفع رسوم دخول شبكة الفرنشيز والأقساط الشهرية المتفق عليها في العقد، والالتزام بتطبيق المعرفة الفنية بحسب تعليمات المانح، و بألا يفش أسرار المعفرة الفنية للغير وبعدم المنافسة أثناء سريان العقد.
ثانياً : عقد الفرنشيز وعقود التوزيع الأخرى
من خلال تعريفنا السابق لعقد الفرنشيز، نجد أنه يستلزم وجود ثلاثة عناصر رئيسية. أولا استخدام علامة تجارية لشبكة الفرنشيز، ثانياً نقل معرفة فنية، ثالثاً و أخيرا تقديم مساعدات فنية وتجارية من قبل مانح الفرنشيز. وجود هذه العناصر الثلاثة هي التي تسمح لنا أن نميز عقد الفرنشيز عن غيره من عقود التوزيع المشابه له.
عقد الفرنشيز وعقد الوكالة بالعمولة : يتميز عقد الفرنشيز عن عقد الوكالة بالعمولة في أن الممنوح له أو الفرنشيزي يعمل بإسمه ولحسابه الخاص، بخلاف الوكيل بالعمولة، الذي وان كان يعمل باسمه الخاص ،إلا أنه يعمل لحساب الموكل.
عقد الفرنشيز عن عقد وكالة العقود: يختلف عقد الفرنشيز عن عقد وكالة العقود، والذي يقتصر فيه دور الوكيل على الترويج للمنتجات أو للخدمات التي يقدمها موكله مع حض العملاء على التعاقد معه. فبعكس الممنوح له، فإن وكيل العقود - رغم انه يعتبر تاجر متى ما وجد أنه يباشر نشاطه على وجة الاستقلال- يقوم بالتعاقد مع الغير بإسم ولحساب الموكل دون أن يكون طرفاً في العقد وذلك مقابل أجر عادة ما يكون نسبة معينة مقارنة بالصفقة يتقاضاها من الموكل.
عقد الفرنشيز وعقد الترخيص باستعمال العلامة التجارية: قد يتفق عقد الفرنشيز مع عقد الترخيص باستعمال العلامة التجارية في أن كل من الفرنشيزي والمرخص له يتمتعان بالاستقلال القانوني لان كل منهما يعمل لحسابه الخاص. مع ذلك، هناك فرق واضح بين عقد الفرنشيز وعقد الترخيص باستعمال العلامة التجارية. بينما يلتزم الفرنشيزور أو مانح الفرنشيز بالسماح للمنوح له باستخدام العلامة التجارية التابعة له مع نقل المعرفة الفنية وتقديم المساعدات الفنية والتجارية له، يقتصر التزام المرخص في عقد الترخيص على السماح للمرخص له باستعمال العلامة التجارية المملوكة له دون أي التزام بنقل معرفة فنية.
عقد الفرنشيز وعقد الامتياز التجاري: عقد الامتياز التجاري هو عبارة عن عقد يلتزم بموجبه مانح الامتياز بالسماح للمنوح له باستعمال علامتة التجارية مع توريد السلع والمنتوجات له بشكل حصري وتقديم المساعدة الفنية. في المقابل يلتزم الممنوح له بدفع مقابل نقدي يتم تحديده غالباً وفقا لحجم المبيعات.فمن خلال هذا التعريف، نلاحظ أن هناك ثمة تشابه بين عقد الفرنشيز وعقد الامتياز. ففي كلا العقدين، نجد أن مانح الفرنشيز ومانح الامتياز ملتزم بوضع العلامة التجارية المملوكة له تحت تصرف الممنوح له. كما أنه ملتزم أيضا تجاه الممنوح له بتقديم المساعدة الفنية والتجارية وتوريد المنتجات والسلع بشكل حصري في بعض الحالات. هذا فيما يتعلق بمانح الفرنشيز ومانح الامتياز. أما فيما يتعلق بالممنوح له، فنجد أن كل من المستفيد من نظام الفرنشيز ونظام الامتياز يتمتعان بالاستقلال القانونى والمالي تجاه المانح. ورغم وجود هذا الشبه بين عقد الفرنشيز وعقد الامتياز وخاصة فيما يتعلق بالإلتزامات التي يرتبها العقد في ذمة الأطراف، الإ أن هناك فروقا واضحة بين العقدين. هذا الفرق يكمن في أن عقد الامتياز التجاري لا يتضمن نقل معرفة فنية من قبل صاحب الامتياز بخلاف ما عليه الأمر في عقد الفرنشيز. فصاحب الامتياز يلتزم فقط بالسماح للممنوح له باستخدام العلامة التجارية المملوكة له مع توريد منتجاته بصفة مستمرة وبشكل حصري وتقديم المساعدة الفنية والتجارية، دون أن يكون هناك التزاما على عاتقه بنقل معرفته الفنية إلى الممنوح له. وخلاصة القول أن معيار التفرقة بين عقد الفرنشيز وعقد الامتياز يتمثل في ان هذا الأخير لا يتضمن وجود معرفة فنية يلتزم المانح بنقلها إلى الممنوح له، بخلاف عقد الفرنشيز والذي تمثل فيه المعرفة الفنية ركيزة أساسية بحيث إذا تغيبت يفقد العقد ركنا جوهريا في تكييفه القانوني.
إضافة إلى ذلك، فإن هناك معيار آخر يمكن الاستناد عليه لمعرفة ما إذا كنا بصدد عقد فرنشيز أو عقد امتياز. هذا المعيار هو دفع رسوم دخول شبكة التوزيع. في عقود الامتياز لا يلتزم في الغالب الممنوح له أو المستفيد من نظام الا متياز بدفع رسوم للدخول في شبكة الامتياز، بينما الأمر مختلف تماماً في عقود الفرنشيز والذي يعتبر فيها دفع رسوم من قبل الممنوح له أو الفرنشيزي للدخول في شبكة الفرنشيز عنصرا أساسيا في العقد.
ثالثاً: مجالات عقود الفرنشيز:
هناك عدة مجالات يمكن أن ترد عليها عقود الفرنشيز. نذكر منها الآتي:
فرنشايز التصنيع: يشمل هذا النوع من الفرنشيز نقل الفرنشيزور أو مانح الفرنشيز المعرفة الفنية اللازمة لتصنيع المنتجات أو تجميعها إلى الممنوح له بحيث تشمل جميع المعلومات اللازمة للإنتاج. وفرنشايز التصنيع نجدها منتشرة غالباً في صناعة تعبئة المياه الغازية كـ كوكاكولا.
فرنشايز التوزيع: يهدف هذا النوع من الفرنشيز إلى تمكين الممنوح له من تسويق المنتجات من خلال نظام معين يتم تحديده من قبل المانح.
فرنشايز تقديم الخدمات السريعة: يستخدم هذا النوع من الفرنشيز في أنشطة كثيرة. نذكر منها على سبيل المثال: تقديم خدمات صيانة السيارات، وتشغيل الفنادق، ومحلات الوجبات السريعة (مكدونالدز)، ومكاتب تأجير السيارات.
رابعاً: خصائص عقد الفرنشيز :
رضائي: عقد الفرنشيز من العقود الرضائية التي تنعقد بمجرد تبادل الإيجاب والقبول بين الأطراف.
من العقود المستمرة: عقد الفرنشيز - كغيره من عقود التوزيع الأخرى مثل الوكالة التجارية وعقد الامتياز- هو من العقود المستمرة، أي ان الزمن يعتبر عنصراً هاماً من عناصر العقد.
العقود غير المسماة: عقد الفرنشيز من العقود التجارية الغير مسماة أي التي لم يقم القانون بتنظيمها بصورة خاصة أو وضع نظام قانوني لها. وبالتالي فهي تخضع للأحكام العامة المتعلقة بالعقود.
يقوم على الاعتبار الشخصي: يقوم عقد الفرنشيز على الاعتبار الشخصي والثقة المتبادلة بين طرفيه، نظراً لانه يتضمن على نقل معرفة فنية تتسم بطابع السرية.
خامساً: آثار عقد الفرنشيز:
عقد الفرنشيز من العقود التبادلية الملزمة للطرفين. فهو يرتب عدة التزامات على عاتق كل من مانح الفرنشيز والمنوح له. من هذه الالتزامات نذكر منها ما يلي:
التزامات مانح الفرنشيز
- السماح للمنوح له باستعمال العلامة لتجارية وجميع الأشارات والرموز التجارية الدالة على انضمامه لشبكة الفرنشيز.
- نقل المعرفة الفنية للممنوح له
- تقديم المساعدات الفنية والتجارية اللازمة لتنفيذ عقد الفرنشيز
- التوريد الحصري للممنوح له متى ما تضمن العقد شرط قصر.
هذه من أهم الالتزامات التي يرتبها العقد على عاتق الفرنشيزور أو المانح والتي يترتب على عدم تنفيذها الحق في فسخ العقد.
التزامات الممنوح له:
- دفع رسوم الدخول في شبكة التوزيع التابعة للمانح
- دفع الاقساط المتفق عليها في العقد
- الالتزام بتطبيق المعرفة الفنية وفق تعليمات المانح
- الالتزام بالمحافظة على سرية المعرفة الفنية
- الالتزام بالتعاون الفعال في تطبيق نظام الفرنشيز
- الالتزام بعدم المنافسة اثناء تنفيذ العقد
عدم تنفيذ هذه الالتزامات من قبل الممنوح له يخول المانح الحق في فسخ العقد والمطالبة بالتعويض متى ما كان هناك ضرر نتج من عدم تنفيذ العقد.
سادسا: مزايا عقد الفرنشيز للمانح (الفرنشيزور) وللممنوح له ( الفرنشيزي)
للمانح
- انتشار الاسم التجاري دون تكاليف كبيرة (مزايا تشغيلية)
- معرفة البيئة القانونية والتجارية بشكل أفضل من قبل الممنوح له ومن ثم امكانية النجاح أكبر
- تقليل المخاطر القانونية المترتبة على بعض المنتجات المنطوية على المخاطر، تصنيع الأدوية مثلا
- الدخول لأسواق تجارية جديدة واغتنام فرص تجارية ممكنة بالإضافة إلى تعزيز التواجد الدولي
- تجنب تكاليف الإدارة المركزية للفروع وخاصة في حالة كبر حجم شبكة الفرنشيز لمنتج معين
للممنوح له
- الاستفادة من الخبرة الفنية والتقنية والتدريب التي يقدمها المانح
- سهولة الوصول للمستهلكين من خلال الانتشار المسبق للاسم التجاري للمانح
- سهولة بداية المشروع التجاري، من خلال عدم الحاجة لتحديد المنتجات المقدمة، أو الاسم التجاري، أو الخبرة، أو التكاليف الكبيرة للإعلان لكسب ثقة الناس
- حرية الإدارة لوجود لا مركزية في التعامل بين المانح والممنوح له
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق