الجانب الموضوعي للسرقة العلمية
تُعدُّ
السرقة العلمية أو plagiarism،جريمة
أخلاقية قبل أن تكون جريمة علمية، إذ يتجرَّد الطالب أو الباحث أو الأستاذ من
أخلاقه و يسطو على مجهودات غيرهِ دون شعورٍ بالخجل أو تأنيب الضمير، و هو ما يُؤدي
في النهاية إلى انتهاك مبدأ الأمانة العلمية والنزاهة الأكاديمية، التي يجب أن
يتحلَّى بها كل طالب أو أستاذ في بحوثه العلمية،إن السرقة العلمية باعتبارها جريمة
علمية، تتنافى مع مبدأ الأصالة و الأمانة العلمية الذي يجب أن تتسم به البحوث
العلمية و الرسائل و الأطروحات الأكاديمية، ذلك أن الأصالة و الأمانة العلمية هما
أساس جودة التعليم العالي و البحث العلمي،و الحقيقة أن تطور و سائل الإتصال و
ابتكار الكثير من البرامج المعلوماتية أدى إلى تسهيل و تسريع الوصول إلى محتوى
مختلف المؤلفات و المنشورات و الرسائل لاستغلالها في الدراسات و البحوث العلمية، و
بالمقابل أصبح الأمر أكثر سهولة في اكتشاف أساليب الإنتحال الأكاديمي و السرقة
العلمية عن طريق الإستعانة بتلك البرامج و محركات البحث الإلكترونية.
إن
استغلال هذه البرمجيات و محركات البحث بصورة غير صحيحة يُوقِعنا حتمًا في فخ
السرقة العلمية التي تُعدُّ واحدة من أخطر الجرائم التي تضرب في الصميم التعليم
العالي و البحث العلمي في الجامعات، و تؤثر سلبا على جودته و أصالته، كما أن
ارتكاب هذه الجريمة خرق واضحٌ لمبدأ حماية حقوق الملكية الفكرية،لقد تفاقمت ظاهرة
السرقة العلمية في الجامعات الجزائرية بشكلٍ ملحوظٍ في السنوات الأخيرة، لاسيما في
ما يخص مذكرات التخرج لطلبة السنوات النهائية لمختلف الأطوار الجامعية، حيث أن
الكثير من الطلبة أصبح يلجأ إلى آلية “نسخ- لصق” دون مراعاةٍ لطرق و مناهج البحث
العلمي الصحيحة.
أولا- تعريف السرقة العلمية:
السرقة
العلمية هي كل شكل من أشكال النقل غير القانوني في المنشورات و البحوث العلمية و
الرسائل والمذكرات الجامعية. كما يُمكن تعريفها أيضًا بأنها” إعادة عمل الآخرين
دون إشارة للمنشأ، أي إعادة مصطلحات أو أفكار الآخرين و السطو على مجهوداتهم و
استغلال إنتاجهم الفكري دون إشارة إلى صاحبها الأصلي، و ذلك باستخدام أساليب
متنوعة منها آلية ” نسخ- لصق”، حيث أن هذه الآلية هي ” شكلٌ صريحٌ من أشكال السرقة
العلمية أو الإنتحال الأكاديمي، خاصة في مجال العلوم الإنسانية ….
و
قد عرفها القرار الوزاري رقم 933 الصادر
عن وزارة التعليم العالي الجزائرية، في المادة الثالثة منه، بقوله " تُعتبرُ
سرقة علمية بمفهوم هذا القرار كل عمل يقوم به الطالب أو الأستاذ الباحث أو الأستاذ
الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو كل من يُشارك في عمل ثابت للإنتحال
و تزوير النتائج أو غش في الأعمال العلمية المطالب بها أو في أية منشورات علمية أو
بيداغوجية أخرى".
ثانيا- أسباب السرقة
العلمية:
إن
السرقة العلمية هي واحدة من المشاكل و الجرائم التي تعرفها الجامعات العالمية
عموما و الجامعات الجزائرية على وجه الخصوص، حيث يؤدي ارتكابها إلى انتهاك حقوق
الملكية الفكرية و التأثير على جودة البحث العلمي. و لعل لجوء الطالب أو الأستاذ
أو الباحث إلى السرقة العلمية مردُّه مجموعة من الأسباب يُمكن ذكر البعض منها
بإيجاز على النحو التالي:
أولا:
غياب الوازع الأخلاقي: أي أن مرتكب جريمة السرقة العلمية
طالبا كان أو باحثا أو أستاذاً لا أخلاق له، لأن الأخلاق ببساطة تتنافى مع
الجريمة، فمن لا يملك ملكة البحث العلمي و لا يبذل مجهودًا في مجال النشر
الأكاديمي ليس له أن يسطو على الإنتاج العلمي لغيره. و لهذا فالسرقة العلمية هي
جريمة أخلاقية قبل أن تكون جريمة علمية.
ثانيًّا:
قِصر الوقت و صعوبة البحث: من الأسباب المؤدية إلى السرقة
العلمية هو الضغط الذي يعيشه الطالب أو الباحث أو الأستاذ لاستكمال بحثه مع ضيق و
عدم كفاية الوقت، و كذا التسهيلات التي يوفرها العصر الرقمي…إلخ . كما أن لصعوبة البحث دافعٌ أساسي
في اتجاه ” المنتحِل ” إلى السطو على أبحاث غيره و مجهوداتهم الفكرية، لتجاوز تلك
الصعوبات و التقدم السريع في إنجاز بحثه أو رسالته.
ثالثا:
عدم إلمام الطالب أو الباحث بالأساليب الصحيحة للبحث العلمي: أي
عدم معرفة الطالب بالطرق والمناهج الصحيحة لإنجاز البحوث العلمية وفقا لقواعد
النزاهة الأكاديمية و الأمانة العلمية، و نتيجة جهله بتلك الطرق و المناهج يقع عن
غير قصد في فخِّ السرقة العلمية.
رابعًا:
السعي نحو الحصول على الترقيات و الدرجات العلمية الأعلى:
إن غياب الإرادة في البحث العلمي يُشكِّلُ دافعًا قويًّا نحو ارتكاب جريمة السرقة
العلمية، حيث يسعى بعض الطلبة و الباحثين و الأساتذة إلى القيام بإنجاز المذكرات و
البحوث العلمية و المقالات ليس حبًّا في التأليف و القيام بالبحث العلمي، و إنما
لكسب المال و الحصول على الترقية في الرتبة بالنسبة للأساتذة، أو الحصول على مستوى
علمي و شهادة علمية أعلى بالنسبة للطلبة.
خامسًا:
غياب ثقافة
العقاب و بروز ثقافة التسامح: من الأسباب الرئيسية للسرقة العلمية في الجامعات
هو التسامح مع مرتكبي هذه الجريمة، و في بعض الأحيان يكون هذا التسامح منظَّمًا،
حيث يتمتع به بعض المُنتحلين من قِبل سُلطات الجامعة و إدارتها (رئاسة الجامعة، المجالس
العلمية، لجان البحث على مستوى الجامعة … إلخ) من خلال توفير حماية قوية لهم من أي محاولات متابعة إدارية أو
قانونية.
ثالثا- حالات السرقة العلمية:
نص
القرار الوزاري 933 (2016) الصادر عن وزارة التعليم العالي و البحث العلمي على
الحالات التي يُمكن إدراجها ضمن نطاق السرقة العلمية، حيث جاء في المادة الثالثة
منه تِعدادٌ لهذه الحالات و هي:
-
اقتباس
كلي أو جزئي لأفكار أو معلومات أو نص أو فقرة أو مقطع من مقال منشور أو من كتب أو
مجلات أو دراسات أو تقارير أو من مواقع إلكترونية أو إعادة صياغتها دون ذكر مصدرها
و أصحابها الأصليين.
-
اقتباس
مقاطع من وثيقة دون وضعها بين شولتين و دون ذكر مصدرها و أصحابها الأصليين.
-
استعمال
معطيات خاصة دون تحديد مصدرها و أصحابها الأصليين.
-
استعمال
برهان أو استدلال معين دون ذكر مصدره و أصحابه الأصليين.
-
نشر
نص أو مقال أو مطبوعة أو تقرير أُنجِزَ من قِبل هيئة أو مؤسسة و اعتباره عملاً
شخصيًّا.
-
استعمال
إنتاج فني معيَّن أو إدراج خرائط أو صور أو منحنيات بيانية أو جداول إحصائية أو
مخططات في نص أو مقال دون الإشارة إلى مصدرها و أصحابها الأصليين.
-
الترجمة
من إحدى اللغات إلى اللغة التي يستعملها الطالب أو الأستاذ الباحث أو الأستاذ
الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم بصفة كلية أو جزئية دون ذكر المترجم و
المصدر.
-
قيام
الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص
آخر بإدراج إسمه في بحث أو أي عمل علمي دون المشاركة في إعداده.
-
قيام
الباحث الرئيسي بإدراج إسم باحث آخر لم يُشارك في إنجاز العمل بإذنه أو دون إذنه
بغرض المساعدة على نشر العمل استنادًا لسمعته العلمية.
-
قيام
الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص
آخر بتكليف الطلبة أو أطراف أخرى بإنجاز أعمال علمية من أجل تبنيها في مشروع بحث
أو إنجاز كتاب علمي أو مطبوعة بيداغوجية أو تقرير علمي.
-
استعمال
الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص
آخر أعمال الطلبة و مذكراتهم كمداخلات في الملتقيات الوطنية و الدولية أو لنشر
مقالات علمية بالمجلات و الدوريات.
-
إدراج
أسماء خبراء و محكمين كأعضاء في اللجان العلمية للملتقيات الوطنية أو الدولية أو
في المجلات و الدوريات من أجل كسب المصداقية دون علم و موافقة و تعهد كتابي من قِبل
أصحابها أو دون مشاركتهم الفعلية في أعمالها.
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق