مدخل لأنواع الشركات و شركات الأموال
ارتبطت الشركة لوقت طويل بفكرة العقد و نظرية الالتزامات بوجه عام كما هو مقرر في القانون المدني ومن ثم أخضعت الشركة لمبدأ سلطان الإرادة كسائر العقود . فالشركة عقد كما جرى تعريفها بموجب المادة 416 من القانون المدني بنصها بأنها عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر على المساهمة في نشاط مشترك بتقديم حصة من عمل أو مال أو نقد ، بهدف اقتسام الربح الذي قد ينتج أو تحقق اقتصاد أو بلوغ هدفا اقتصادي ذي منفعة مشتركة ، كما يتحملون الخسائر التي قد تنجر عن ذلك."
إلا أن الآمر لم يبقى على حاله حيث ترتب عن قيام القانون التجاري كفرع مستقل عن القانون المدني في دائرة القانون الخاص ، وجود شركات تجارية تخضع لأحكام القانون التجاري الذي يعتبر هذه الأخيرة مشروع تخضع لتنظيم قانوني خاص ،و التي بدورها تنقسم لنوعين ، شركات الأشخاص و شركات الأموال.
أولا- شركات الأشخاص :
هي الشركة التي تقوم على الاعتبار الشخصي ، حيث تقوم العلاقة بين الشركاء على فكرة الثقة و المعرفة السائدة بين الشركاء و من تطبيقاته ما قررته المادة 560 قانون تجاري التالي نصها:" لا يجوز أن تكون حصص الشركاء ممثلة في سندات قابلة للتداول و لا يمكن إحالتها إلا برضا جميع الشركاء. و يعتبر كل شرط مخالف لذلك كأنه لم يكن " كما يؤدي وفاة احد الشركاء إلى انقضاء الشركة ما لم يكن هناك اتفاق على خلاف ذلك. و يشمل هذا النوع من الشركات شركة التضامن، شركة التوصية البسيطة، شركة المحاصة.
1- شركة التضامن :يمثل هذا النوع من الشركات النموذج الأمثل لشركات الأشخاص ذلك لانفرادها بكافة الخصائص المميزة لهذا النوع من الشركات ، فهي تقوم على الاعتبار الشخصي ، حيث يكون فيها كل شريك مسؤولا مسؤولية تضامنية مطلقة عن ديون الشركة ، وفي جميع أمواله ، كما يكتسب فيها كل شريك صفة التاجر ،ويكون عنوانها مكونا في الآصل من جميع الشركاء حيث يسميها البعض " شركة الاسم الجماعي" بالإضافة إلى الأحكام العامة للشركات المنصوص عليها في التقنين المدني كما سبق البيان ،نجد أن المشرع نظم شركة التضامن في المواد من 551 الى 563 من التقنين التجاري .و خصوصية شركة التضامن تتمثل في: عنوان الشركة حيث يتألف اسم شركة التضامن من أسماء الشركاء ، المسؤولية عن ديون الشركة فيعتبر جميع الشركاء مسؤولين عن ديون الشركة مسؤولية شخصية و على وجه التضامن، اكتساب الشركاء صفة التاجر.
2- شركة التوصية البسيطة: لا تختلف شركة التوصية البسيطة عن شركة التضامن فهي تسري عليها نفس الأحكام المتعلقة بشركة التضامن من حيث التكوين والانقضاء ، لكن ما يميز هذا النوع من الشركة عن شركة التضامن الطابع الازدواجي لمركز الشركاء على خلاف شركة التضامن من شركاء متضامنين يخضعون لنفس الأحكام التي يخضع لها الشركاء في شركة التضامن ،و شركاء موصون يخضعون لأحكام التي يخضع لها الشركاء في شركة الأموال من جهة ، وانفرادها بقواعد خاصة من حيث تحديد مسؤولية الشريك الموصي و تسييرها من حيث تقديم الحصص ،و كذا من حيث إدارة الشركة و رقابتها ، ومسؤولية الشريك الموص ي و اكتسابه للصفة التجارية.
3- شركة المحاصة: لم يكن المشرع يعترف بالوجود القانوني لشركة غير متمتعة بالشخصية القانونية ، حيث أصبحت شركة المحاصة نظام غريب على نظام الشخصية المعنوية و قفزة نوعية على أحكام نص المادة 416 قانون مدني، التي كانت تستوعب جميع الشركات باعتبارها تعتمد على الأساس التعاقدي ، انطلاقا من تعريفها لشركة بأنها عقد. ورغم سكوت المشرع عن تعريفها، إلا أن الفقه الراجح اتفق على أنها: شركة مستترة تنعقد بين شخصين أو أكثر لاقتسام الأرباح و الخسائر الناشئة عن عمل تجاري واحد أو أكثر يقوم به أحد الشركاء باسمه الخاص. يمارس أعمالها شريك ظاهر يتعامل مع الغير، بحيث تكون الشركة مقتصرة على العلاقة الخاصة بين الشركاء على أنه يجوز إثبات وجود الشركة بين الشركاء بكافة الطرق .
إلا أن ما يميزها عن غيرها من الشركات التجارية أنها لا تعتب ر شركة تجارية بحسب شكلها ، فهي شركة بحسب الموضوع ،فإن كان مدنيا اعتبرت مدنية و إن كان تجارية اعتبرت تجارية تطبق عليه أحكام شركة التضامن ، و لا يشترط لقيامها توافر الأركان الشكلية. و لما كانت شركة المحاصة لا تتمتع بالشخصية المعنوية ، فبحكم طبيعتها لا يعين من يمثلها أمام الغير ، مما يعنى أنه لا يتولى إدارتها مدير باسمها و ولحسابها فيتم إدارتها وفقا لما تم الاتفاق عليه. فالعلاقة القائمة بين الشركاء هي التي تحدد الآحكام الخاصة بالتسيير.
ثانيا - شركات الأموال :
ما يميز شركة الأموال أنها تقوم على الاعتبار المالي و لا يكون فيها اثر لشخصية الشريك، فالعبرة هو فيما يقدمه كل شريك من مال ، لذا لا تتأثر الشركة بما قد يحصل للشريك من وفاة و إفلاس أو غيرها ، ومن أشكالها شركات المساهمة التي تعتبر أهم نموذج لشركات الأموال ،
1- شركة المساهمة: نقصد بشركة المساهمة تلك التي ينقسم رأس المال فيها إلى أسهم متساوية القيمة و قابلة لتداول بالطرق التجارية، و تعد من الشركات التجارية الأكثر تطورا و انتشارا في العصر الحديث حيث اتسع نطاقها في انجاز المشروعات التجارية والصناعية ،لقدرتها على تجميع رؤوس الأموال و استقلالها عن المساهمين.
ما يميز شركة المساهمة عن غيرها خضوعها لبعض الأحكام الخاصة تتمثل أساسا في :
*الازدواجية بين سلطة التسيير و المراقبة
*عدم تمتع الشركاء بالصفة التجارية
*مسؤولية الشركاء عن الديون تكون مسؤولية غير تضامنية ، فلا يسألون إلا في حدود قيمة الأسهم التي يشاركون فيها
*إقرار حماية خاصة لأموال الشركة و الغير
*التنازل عن الأوراق التجارية.
2- شركة التوصية بالأسهم: هي أحد أشكال الشركات الستة التي يعرفها القانون التي عرفها على أساس أنها شركة يتكون رأس مالها من حصة أو أكثر يملكها شريك متضامن أو أكثر ،وأسهم متساوية القيمة يكتتب فيها مساهم أو أكثر يمكن تداولها. فهي تقوم على الاعتبار المالي حيث يتكون رأسمالها من أسهم متساوية القيمة و الطابع الشخص ي حيث تضم شركاء متضامنين ، وعلى هذا الأساس تم تصنيفها ضمن الشركات
المختلطة .التي تتميز بطابع مزدوج ، الذي يبرز من حيث أنها تضم نوعين من الشركاء:
شركاء متضامنين لهم نفس مركز الشركاء المتضامنين في شركة التضامن ،وشركاء موصون يتوافق مركزهم من بعض الجوانب مع مركز الشريك الموص ي في شركة التوصية البسيطة ،و من جوانب أخرى مع مركز الشريك في شركة المساهمة من حيث تقسيم رأس مالها إلى أسهم قابلة للتداول. ،كما ترك بصماته على النظام القانوني الذي يحكمها، حيث تجد تنظيمها القانوني في القواعد العامة المتعلقة بشركة التوصية البسيطة الواردة في القانون التجاري السابقة الدراسة ، و كذا القواعد الخاصة بشركة المساهمة فيما عدا تلك الخاصة بالإدارة.
لتتبلور هذه القواعد في تلك التي وضعها المشرع على وجه الخصوص لتنظيم هذا النوع من الشركات دون غيره ، ما يجعلها تخضع للقواعد الخاصة بشركة المساهمة في تأسيسها ،مع انفراد قواعد شركة التوصية عن شركة المساهمة من حيث إدارتها و رقابتها.
3- الشركة ذات المسؤولية المحدودة: تجدر الإشارة أن شركة ذات المسؤولية المحدودة التي يعود تاريخ وجدوها إلى عام 1892 حينما نظمها القانون الألماني ليليه القانون الفرنسي، تم تواترت التشريعات للأخذ بها، كيفت في وقت ما على أساس أنها شركة أموال . لكن الفقه الحديث قد أضفى عليها الطابع المختلط ،إذ ذهب بعض الفقه إلى اعتبارها وسط بين النوعين بين شركات الأشخاص و الأموال، على أساس أنها تجمع في ثناياها بين خصائص شركات الأشخاص ومزايا شركات الأموال .فهي ذات طبيعة خاصة إذ تعتبر شركة أشخاص بين الشركاء و شركة أموال بين الدائنين، تتكون كأصل من شريكين أو أكثر ،و لا يزيد عدد الشركاء فيها عن خمسين شريك، لكن استثناء أجاز المشرع إنشاء شركة ذات المسؤولية المحدودة بشخص واحد.
وما يميزها أن حماية الغير وفقا لأحكام هذه الشركة تنبثق من قواعد المسؤولية المقررة في نطاقها لوحدها فقط ، و أيضا من رأس مالها ، زيادة على قواعد التسيير، وحتى تحقق الشركة الغاية التي أنشأت من أجلها ، أولى لها المشرع أهمية خاصة ،بحيث نظمها بقواعد إلزامية تدعيما لحماية حقوق و مصالح الغير ،سواء من حيث تسيرها ،أو من حيث آليات حماية الغير .
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق