الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023

جهات الحكم المختلفة و الإجراءات المتبعة أمامها

  جهات الحكم المختلفة و الإجراءات المتبعة أمامها

         يراد بتحريك الدعوى العمومية أول خطوة تتخذها النيابة العامة فيها، إذ يعد تحريك للدعوى العمومية  تكليف المتهم بواسطة النيابة العامة بالحضور أمام المحكمة في الجنح والمخالفات بناء على محضر جمع الاستدلالات، كذلك إحالة الدعوى لقاضي التحقيق بطلب افتتاحي، أيضا قيام النيابـــــة ذاتها بالتحقيق.
أما مباشرة الدعوى العمومية فهي تشمل كافة الإجراءات التالية لتحريكها قصد الوصول للحكم بإدانة المتهم، كإبداء النيابة طلباتها أمام المحكمة أو قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام والطعن بالاستئــــــناف أو النقض إلخ ...

و على هذا الأساس سأتطرق في هذه البطاقة التقنية إلى جهات الحكم المختصة في القضاء الجزائي، بالإضافة إلى الإجراءات المتبعة أمام هذه الجهات.

أولا – جهات الحكم في القضاء الجزائي:
تتوزع جهات الحكم في التنظيم القضائي الجزائري على درجتين نوضحهما فيما يلي :

أ- محكمة الجنايات:

1- تعريفها :هي هيئة قضائية توجد على مستوى المجلس تختص بالفصل في القضايا ذات الطابع الجنائي، كما تعتبر دائرة من دوائر المجلس القضائي و هي تصدر أحكاما نهائية ، ولقد أطلق اسم

محكمة الجنايات على هذه الجهة تمييزا لها لتفادي أي تعبير قد يولد الخلط بينها و بين غرف المجلس الأخرى.

2- تشكيلتها: ( م 258 ق إ ج) .

تشكل من قاض برتبة رئيس غرفة على الأقل ومساعدين برتبة مستشار بالمجلس القضائي ( قضاة محترفين)،ومحلفين إثنين (قضاة شعبيين) يتم اختيارهما بالطريقة التي يحددها القانون و يكون لهما دورا أساسيا في توقيع العقاب باسم المجتمع الذي يمثلانه و هذه إحدى الميزات التي تنفرد بها محكمة الجنايات.

3- إنعقاد دوراتها: ( م253 و 254 ق إ ج) .

تنعقد دورات محكمة الجنايات كل 03 أشهر ، و مع ذلك يجوز لرئيس المجلس بناء على اقتراح النائب العام تقرير انعقاد دورة إضافية أو أكثر إذا تطلب عدد أو أهمية القضايا المعروضة.

كما نصت المادة 254 من ق إ ج ، أن تحديد تاريخ افتتاح  هذه دورات يكون بأمر من رئيس المجلس بناء على طلب النائب العام، ويقوم أيضا رئيس المجلس بضبط جدول قضايا كل دورة بناء على اقتراح النيابة العامة، فمن كل ما سبق يتضح أن عملية انعقاد محكمة الجنايات تتطلب شكليات و إجراءات تنظيمية يتعين احترامها واستيفاؤها، دون أن يترتب على مخالفتها البطلان ما لم يتعلق الأمر بحقوق الدفاع.

4- إختصاصاتها:

تعتبر محكمة الجنايات جهة قضائية ذات اختصاص عام تنظر و تفصل في جميع القضايا المرفوعة إليها دون تمييز حيث لا يجوز لها أن تقرر عدم اختصاصها أو التخلي عن القضايا بسبب وقائعها أو الأشخاص المحالين عليها حتى و لو كانت القضية في الأصل هي من اختصاص جهات أخرى و هذا ما يعبر عنه بالولاية الكاملة لمحكمة الجنايات و سنتحدث فيما يلي في اختصاصها النوعي و الشخصي و المحلي :

الاختصاص النوعي لمحكمة الجنايات : تختص المحكمة بنظر الأفعال الموصوفة جنايات وكذا الجنح والمخالفات المرتبطة بها و الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية المحالة إليها بقرار نهائي من غرفة الإتهام( م 248 ق إ ج).

الاختصاص الشخصي لمحكمة الجنايات: تختص محكمة الجنايات بالحكم على جميع الأشخاص البالغين المحالين عليها بمقتضى قرار الإحالة تطبيقا للمادة 249 من ق.ا.ج، كما تختص بالحكم على القصر البالغين من العمر 16 سنة كاملة الذين ارتكبوا أفعالا إرهابية أو تخريبية المحالين عليها بقرار نهائي من غرفة الاتهام .

 الاختصاص المحلي لمحكمة الجنايات : يتحدد الاختصاص الإقليمي لمحكمة الجنايات بمقتضى المادة 252 من ق.ا.ج بالدائرة القضائية للمجلس القضائي التي تعقد جلساتها بمقره ، غير أنه يجوز لها عند الاقتضاء أن تعقد جلساتها في أي مكان آخر خارج دائرة الاختصاص، و هذه حالة استثنائية يتعين إحداثها بمقتضى قرار خاص من وزير العدل حافظ الأختام .

ب- محكمة الجنح و المخالفات:

تختلف تشكيلة محكمة الجنح و المخالفات أمام الدرجة الأولى عن تشكيلة الغرفة الجزائية التي تختص بنظر الجنح و المخالفات على مستوى الدرجة الثانية ( المجالس القضائية).

1-1- تشكيلتها على مستوى المحكمة:

تشكل من قاض فرد، يساعده كاتب ضبط، ويقوم بوظيفة النيابة العامة وكيل الجمهورية أو أحد مساعديه.

1-2- تشكيلتها على مستوى المجلس القضائي (الغرفة الجزائية):

تعتبر الغرفة الجزائية هي جهة الاستئناف للأحكام الصادرة في مواد الجنح و المخالفات و هي تتشكل من ثلاثة على الأقل من رجال القضاء، و يقوم النائب العام أو أحد مساعديه بمباشرة مهام النيابة العامة و أعمال قلم الكتاب يؤديها كاتب الجلسة.

2- إختصاصاتها:

الاختصاص النوعي : حيث نصت المادة 328 ق إ ج بأن المحكمة تختص بنظر الجنح و المخالفات.ومن هذه المادة نخلص إلى أن قسم الجنح على مستوى المحكمة يختص بنظر الجنح و المخالفات التابعة لها ، أما قسم المخالفات فينظر في المخالفات فقط دون الجنح.

الاختصاص المحلي: و هو محدد بنص المادة 329 ق إ ج و يقوم على الأسس التالية:

- الاختصاص على أساس محل وقوع الجريمة حيث تكون المحكمة مختصة بنظر جميع الجرائم المرتكبة بدائرتها.

- الاختصاص على أساس محل إقامة المتهم حيث تعتبر إقامة أحد المتهمين أساس لاختصاص المحكمة بالنسبة لجميع المساهمين في الجريمة بصفتهم فاعلين أصليين أو شركاء.

- الاختصاص على أساس محل القبض حيث يعتبر مكان القبض على المتهم أساس لاختصاص المحكمة، و يكون في الجنح دون المخالفات.

- الاختصاص على أساس محل حبس المتهم و يكون في الجنح دون المخالفات، ويعتمد على أساس محل الحبس إذ أن المحبوس قد تلحقة قضايا أخرى متهما فيها بصفته فاعلا أصليا أو شريكا ، فينعقد الإختصاص في المحكمة التي يكون الحبس كائنا بدائرتها حتى و لم ارتكبت الجرائم في دوائر أخرى.

الاختصاص الشخصي: تختص محكمة الجنح بالحكم على جميع الأشخاص البالغين المحالين عليها، بينما تختص محكمة المخالفات فضلا عن محاكمة الأشخاص البالغين المحالين عليها بمحاكمة الأحداث،  تطبيقا للمادة 446 من ق.ا.ج.

3- طرق رفع الدعوى:

هناك 4 طرق لرفع الدعوى إلى محكمة الجنح أو المخالفات بموجب المادة 333 ق إ ج ، و حصرت المادة 394 طرق رفع الدعوى في المخالفات إلى إثنين، و منه نخلص إلى طرق رفع الدعوى إلى محكمتي الجنح و المخالفات و تتمثل في ما يلي:

الإستدعاء المباشر: و يتم رفع الدعوى بموجبه من قبل النيابة العامة مباشرة إلى محكمة الجنح أو المخالفات و يتم بأسلوبين ، إما بموجب تكليف بالحضور أو الحضور الإرادي الذي يتبع عادة بإخطار المتهم المسلم له.

الإحالة عن طريق جهة التحقيق: سواء كانت بموجب أمر إحالة صادر عن قاضي التحقيق أو من غرفة الإتهام ، سواء أمام محكمة الجنح و المخالفات.

المثول الفوري: وهو الإجراء المستحدث بموجب الأمر رقم : 15-02 المؤرخ في : 23 جويلية 2015 و الذي تم بموجبه استبدال إجراء التلبس كطريق من طرق إخطار المحكمة الجنحية بالدعوى ،وهو إجراء من إجراءات المتابعة التي تتخذها النيابة وفق ملائمتها الإجرائية في إخطار المحكمة بالقضية ، وقد ورد التنصيص عليه بالمادتين 333 و 339 مكرر من ق إ ج ، ويهدف إلى تبسيط إجراءات المحاكمة فيما يخص الجنح المتلبس بها والتي لا تحتاج إلى إجراءات تحقيق خاصة ، فهي تتعلق بجرائم تكون فيها أدلة الاتهام واضحة و تتسم في الوقت نفسه وقائعها بخطورة نسبية سواء لمساسها بالأفراد أو الممتلكات أو النظام العام.

عن طريق التكليف المباشر: يمكن للمدعي المدني في الحالات الخمس المذكورة في المادة 337 مكرر ق إ ج ، و بدون ترخيص من النيابة العامة، تكليف المتهم مباشرة بالحضور أمام المحكمة، و لا يمكنه القيام بذلك غير المذكورة في المادة إلا بترخيص من النيابة العامة.

 

ثانيا – الإجراءات المتبعة أمام جهات الحكم في القضاء الجزائي:

1- الإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنايات:

تتبع أمام محكمة الجنايات جملة من الإجراءات تبتدئ بما يعرف بالإجراءات التحضيرية لانعقادها، تليها إجراءات المرافعة، ثم المداولة وصولا إلى الحكم، و سنتولى بيانها تفصيلا في النقاط التالية :

×    في الإجراءات التحضيرية لانعقاد محكمة الجنايات:

يقصد بتحضير الإجراءات أمام محكمة الجنايات تلك الشكليات الواجب اتخاذها قبل بدء الدورة الجنائية في مواجهة المتهم و ما يتصل بحقوقه في الدفاع، لذا فهي لا تعد من النظام العام و لا يترتب على تخلفها حكم البطلان ما لم يتمسك بها صاحبها الذي تقررت لصالحه و تتمل على الخصوص فيما يلي :

·     تبليغ قرار الإحالة إلى المتهم : إن القرار الصادر عن غرفة الاتهام القاضي بإحالة المتهم على محكمة الجنايات ينبغي تبليغه إلى المتهم و ذلك بمجرد صدوره حيث يحصل هذا التبليغ من طرف كاتب الضبط بمعرفة النيابة العامة بالطرق المنصوص عليها في المادتين 439 و 441 من ق.ا.ج، أما بالنسبة للمتهم المحبوس فيبلغ بواسطة الرئيس المشرف على السجن الذي يسلمه نسخة من القرار، و هذا يدخل في حقوق الدفاع التي تمكن المتهم من تحضير دفاعه بخصوص التهمة المنسوبة إليه بصفة نهائية الواردة في قرار الإحالة، يتولى بعد ذلك النائب العام إرسال ملف القضية إلى كتابة الضبط مع أدلة الإثبات المتوفرة في القضية .

كما يتولى في نفس الوقت إعطاء الأوامر اللازمة بنقل المتهم المحبوس إلى السجن مقر محكمة الجنايات التي سيحاكم فيها، فإذا كان غير محبوس وجب تبليغه بتقديم نفسه إلى السجن و ذلك في موعد لا يتعدى اليوم السابق للجلسة عملا بأحكام المادة 173 من ق.ا.ج.تحت طائلة أمر القبض . فإذا لم يتقدم المتهم و لم يتم القبض عليه تتخذ عندئذ في حقه إجراءات التخلف عن الحضور .

·     استجواب المتهم من قبل الرئيس قبل المحاكمة:نصت المادة 271 من ق.ا.ج على أن يستجوب الرئيس المتهم عن هويته ثم يخبره بالتهمة المنسوبة إليه و يتحقق مما إذا كان قد تلقى تبليغا بقرار الإحالة، فان لم يكن قد بلغ به تولى تسليمه نسخة منه حيث يكون هذا التسليم أثار التبليغ، كما يطلب الرئيس من المتهم اختيار محام للدفاع عنه فان لم يكن قد اختار محاميا عين له الرئيس محاميا تلقائيا كما يجوز له عند الاقتضاء الترخيص له بأن يعهد بدفاعه لأحد أقاربه أو أصدقائه .

·     استدعاء الشهود : نصت المادتان 273 و 247 من ق إ ج على أن تبلغ النيابة العامة و المدعي المدني إلى المتهم قبل افتتاح المرافعات بثلاثة أيام على الأقل قبل الجلسة قائمة الأشخاص المرغوب سماعهم بصفتهم شهودا، كما يتولى المتهم من جهته تبليغ النيابة العامة و المدعي المدني في نفس الأجل كشفا بأسماء شهوده و تكون مصاريف استدعائهم في هذه الحالة و سداد نفقتهم على عاتقه .

و على العموم فان استدعاء الشهود يتم وفق طرق ثلاثة تتحدد بحسب نوعية الشهود المطلوب سماعهم فيما إذا كانوا شهود الإثبات، أو شهود الخصوم أو شهود الاستدلال .

·     تبليغ قائمة المحلفين للمتهم : بمقتضى أحكام المادة 275 من ق.ا.ج فانه يتعين على النيابة العامة تبليغ المتهم بقائمة المحلفين المعينين للدورة الجنائية المستدعون و ذلك في موعد لا يتجاوز اليومين السابقين  على افتتاح الدورة الجنائية، كما يعتبر هذا التبليغ صحيحا إذا حصل يوم الجلسة دون اعتراض من المتهم، و في هذه الحالة فان المناداة على أسمائهم في حضوره عند بداية المرافعات يعد بمثابة تبليغ له .

×    في المرافعات:

يقصد بالمرافعات إجراءات سير الدعوى أمام المحكمة و ما يصحبها من مناقشات بداية من إعلان افتتاح الجلسة إلى نهايتها بإقفال باب المرافعات و وضع القضية في المداولة، و هي تبتدئ كما يلي :

تبتدئ المرافعات بمراجعة قائمة المحلفين و يتم ذلك بالمناداة على أسمائهم للتحقق من حضورهم عن طريق كاتب الضبط و ذلك بأمر من الرئيس الذي يفصل في وضعية المحلفين الغائبين بعد مشاورة القضاة أعضاء المحكمة (التي تنعقد ابتداء مشكلة من القضاة المحترفين فقط ) و أخذ رأي النيابة العامة تطبيقا لمقتضيات المادة 280 من ق.ا.ج .

يلي ذلك اختيار المحلفين الذين يجلسون للحكم إلى جانب القضاة المحترفين و ذلك عن طريق القرعة بمعرفة الرئيس الذي ينبه المتهم إلى حقه في رد ثلاثة محلفين بنفسه أو عن طريق محاميه، كما يجوز للنيابة العامة رد اثنين منهم و يكون الرد في هذه الحالة دون إبداء الأسباب، فإذا تعدد المتهمون جاز لهم مجتمعين مباشرة حق الرد في حدود ثلاثة محلفين، فان لم يتفقوا على ذلك أمكنهم مباشرة حق الرد منفردين حسب الترتيب المعين في القائمة، و في جميع الأحوال لا يجوز لهم الرد أكثر من رد واحد دفعة واحدة بحيث لا يتعدى عدد المردودين من المحلفين ما هو مقرر للمتهم الواحد .

يحلف بعد ذلك المحلفين ( الاثنين ) المختارين في إطار القرعة اليمين القانونية بمعرفة الرئيس الذي يدعوهم للوقوف من أجل أداء اليمين مع رفع اليد اليمنى حيث يتلو عليهم نص اليمين الوارد في المادة 284 من ق.ا.ج، التي يدان عليها بصيغة أقسم على ذلك، ثم يدعوهم للجلوس، و بذلك تشهد المحكمة على لسان رئيسها بصحة أداء اليمين المؤدى من قبل المحلفين ثم يعلن بأن محكمة الجنايات قد شكلت تشكيلا قانونيا و به تبدأ مناقشة الدعوى المعبر عنها بمعرض المرافعات، التي قبل أن نتطرق إليها يجدر بنا التوقف عند مبادئ المرافعات و السلطة التي يتمتع بها الرئيس في ضبط الجلسة .

في مبادئ المرافعات : تقوم المرافعات على ستة مبادئ أساسية هي العلانية، الاستمرارية، الشفهية، حقوق الدفاع، تقدير الأدلة و مبدأ حياد القاضي .

فى معرض المرافعات : يقصد بمعرض المرافعات مسرح المحاكمة و تبدأ مثول المتهم في الجلسة التي يحضرها و هو طليق من غير قيد تعبيرا عن مبدأ براءته من جهة و عدم التأثير على دفاعه من جهة أخرى و ذلك عملا بأحكام المادة 293 من ق.ا.ج، و مع ذلك فقد يجوز لدواعي الأمن تقييد المتهم أثناء المرافعات ما عدا حالة الاستجواب أو عند النطق بالحكم حيث يتعين فيهما أن يكون المتهم طليقا تحت طائلة البطلان حيث يستجوبه الرئيس عن هويته الكاملة .

ثم يأمر الرئيس كاتب الضبط بمناداة الشهود و باقي أطراف الدعوى، حيث يتقدمون أمامه ليتحقق من حضورهم ثم يأمر بانسحاب الشهود إلى القاعة المخصصة لهم و عدم الخروج منها إلا للإدلاء بالشهادة. يأمر الرئيس بعدها كاتب الجلسة بتلاوة قرار الإحالة و يشرع في إجراء التحقيق النهائي بالجلسة بدءا باستجواب المتهم ثم سماع الطرف المدني ثم الشهود كما يمكن أيضا سماع الخبراء إذا رأت المحكمة ضرورة لذلك، كما يجوز لمحامي الأطراف توجبيه الأسئلة عند استجواب المتهم أو سماع المدعي المدني و الشهود لكن بعد أن تفرغ المحكمة من أسئلتها وفقا للترتيب التالي أسئلة دفاع الطرف المدني ثم أسئلة النيابة العامة و أخيرا أسئلة دفاع المتهم .

فى نظام المرافعات : جاء في المادة 304 من ق.ا.ج على أنه متى انتهى التحقيق في الجلسة وسمعت أقوال المدعي المدني أو محاميه ، وتبدي النيابة العامة طلباتها و يعرض محامي المتهم أوجه دفاعه و يسمح للمدعي المدني و النيابة العامة بالدفع لكن الكلمة الأخيرة للمتهم أو محاميه دائما .

و عليه يستخلص بأن نظام المرافعات يقوم على ثلاثة أطراف تتحدد أدوارهم حسب الترتيب التالي :

مرافعة دفاع المدعي المدني أولا، ثم مرافعة النيابة العامة ثانيا وبعدها مرافعة دفاع المتهم أخيرا.

 و يمكن للرئيس أن يعطي للمدعي المدني و النيابة العامة والكلمة بعد مرافعة دفاع المتهم لكن يتحتم عليه في هذه الحال إعطاء حق الرد للمتهم أو محاميه لأن لهما دائما الكلمة الأخيرة .

في إقفال باب المرافعات : يقصد بإقفال باب المرافعات انتهاء مناقشة الدعوى و غلق باب الكلام فيها و يتم ذلك بالإعلان الرسمي و العلني من طرف رئيس المحكمة في القضايا الجنائية، أما في قضايا الجنح و المخالفات فان إقفال باب المرافعات يتم تلقائيا بوضع القضية في المداولة دون حاجة إلى إعلان رسمي صريح . و على العموم فان إقفال باب المرافعات هو إجراء قانوني يأتي بعد المناقشة و تقديم كل طرف ما لديه من دفوع و دفاع و طلبات حيث تكون الكلمة الأخيرة دائما للمتهم .و معه تتوقف سلطة الرئيس التقديرية ليفسح المجال بعد ذلك للمحكمة التي تتخذ قراراتها كهيئة قضائية بعد المشاورات قانونا .

و يعقب إقفال باب المرافعات تلاوة الأسئلة التي يكون قد أعدها الرئيس مسبقا طبقا لمقتضيات المادة 305 من ق.ا.ج حيث بوضح سؤال عن كل واقعة أو ظرف مشدد جاء في منطوق قرار الإحالة، و عند الاقتضاء كل ظرف أو عذر تقدم به الأطراف ليطرح كسؤال مستقل، و تعرض جميع الأسئلة في الجلسة العلنية ما عدا السؤال الخاص بالظروف المخففة الذي يطرح من قبل الرئيس في قاعة المداولات .

كما أنه إذا خلصت المحكمة من خلال معرض المرافعات أن الوقائع موضوع الاتهام تحتمل وصفا جديدا مخالفا للوصف الذي تضمنه قرار الإحالة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الدفاع أو النيابة العامة جاز لها وضع سؤال أو عدة أسئلة احتياطية للإجابة عنها من طرف المحكمة مع ضرورة الإعلان عنها مسبقا قبل إقفال باب المرافعات حتى يتسنى مناقشتها من قبل الأطراف .

كما يتعين طرح السؤال المتعلق بالإدانة حسب الصيغة التي أوردها القانون في المادة 305 من ق.ا.ج في لفظه و معناه على الشكل التالي : هل المتهم مذنب بارتكابه الواقعة ( محل السؤال ) ؟ لتكون الإجابة عنه بنعم أو لا بالأغلبية بعدها يعلن الرئيس قراءة التعليمة الواردة في المادة 307 من ق.ا.ج الموجهة للقضاة و يتعين أن تكون أيضا بارزة و معلقة في قاعة المداولات و التي يدعوهم فيها للحكم باقتناعهم  الشخصي .

بعد تلاوة هذا النص يأمر الرئيس بإخراج المتهم من قاعة الجلسة و دعوة رئيس الحرس المشرف على حفظ النظام بحراسة المنافذ المؤدية إلى غرفة المداولات حتى لا يتسنى لأحد الدخول إليها لأي سبب دون إذن منه، ثم يعلن عن انسحاب المحكمة لغرفة المداولة و نقل كل أوراق القضية للتداول بشأنها تطبيقا لأحكام المادة 308 من ق.ا.ج.

×    في المداولات:

و يقصد بها المشاورات بين أعضاء المحكمة في طريقة الحكم، و تتم عن طريق التصويت بواسطة أوراق سرية حيث يجيب كل عضو من أعضاء المحكمة عن السؤال الذي يطرحه الرئيس بنعم أو لا كتابة، و هذا بالنسبة لجميع الأسئلة المطروحة في القضية، و تعد في صالح المتهم أوراق التصويت البيضاء أو التي تقرر أغلبية الأعضاء بطلانها .و في حال الحكم بالإدانة تتشاور المحكمة في العقوبة .

×    في الحكم :

1 -في الحكم في الدعوى العمومية : بعد المداولة تعود المحكمة إلى قاعة الجلسة و يأمر الرئيس بإحضار المتهم و يتلو الأجوبة التي أعطيت عن الأسئلة و المواد المطبقة و ينطق بالحكم، مع التنويه على أن الحكم قد صرح به في جلسة علنية طبقا للشكليات المنصوص عليها في المادة 310 من ق.ا.ج .

2 -في الحكم الذي يصدر في الدعوى العمومية :يكون الفصل فيها من طرف القضاة المحترفين دون تدخل للمحلفين ، فبعد الفصل في الدعوى العمومية يعلن الرئيس البدء في الفصل في الدعوى المدنية، حيث تعطى الكلمة الأولى فيها للمدعي المدني من أجل تقديم طلباته ثم النيابة العامة لإبداء رأيها القانوني ، و أخيرا يأتي دور المتهم أو دفاعه  بإعتبارة المسؤول عن التعويض و في كل الأحوال تعطى الكلمة الأخيرة دائما للمتهم أو دفاعه، لتنسحب بعدها هيئة المحكمة للمداولة في الدعوى المدنية ، لتعود مجددا لقاعة الجلسات و تنطق بالحكم في جلسة علنية.

 

2- الإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنح و المخالفات:

تراع في المحاكمة أمام محكمتي الجنح و المخالفات مبادئ المرافعات التي سبق ذكرها و بيانها أمام محكمة الجنايات سيما العلانية، الشفهية، حقوق الدفاع، تقدير الأدلة و مبدأ حياد القاضي.

×      الإجراءات الشكلية الأولية: وهي إعلان الرئيس عن القضية وعن الأطراف والشهود والخبراء، يتحقق الرئيس من حضور المتهم وهويته ويعرف بالإجراء الذي رفعت به الدعوى أمامه كما يتحقق عند الاقتضاء من حضور المسؤول المدني والمدعي المدني والشهود أو غيابهم ( المادة 343 من ق إ ج).
إذا كان المتهم محبوسا مؤقتا فإن يساق بواسطة القوة العمومية لحضور الجلسة في التاريخ المحدد للمتهم الحق في الاستعانة بمدافع فإذا حضر الجلسة ولم يقم باختيار مدافع فعلى الرئيس ندب مدافع عنه تلقائيا إذا ما طلب منه ذلك المتخم ( المادة 351 من ق إ ج).
وإذا تم تكليف المتهم بالحضور شخصيا ولكنه تغيب ولم يقدم عذرا مقبولا اعتبرت المحاكمة حضورية ( المادة 345 من ق إ ج).
أما في حالة عدم تبليغ التكليف بالحضور للمتهم شخصيا وتخلف، تصدر المحكمة حكما غيابيا.

×      عرض ومناقشة الطلبات والدفوع والأدلة: يقوم الرئيس باستجواب المتهم ويتلقى أقواله كما يجوز للنيابة العامة والمدعي المدني توجيه الأسئلة إلى المتهم. ثم يدلي الشهود بعد ذلك بشهادتهم متفرقين سواء تعلقت بالوقائع المنسوبة إلى المتهم أو بشخصيته أو أخلاقه، ويجيب كل شاهد عن الأسئلة التي وجهت إليه من الرئيس أو من النيابة العامة أو من أطراف الدعوى الآخرين ثم يدلي الخبراء بتصريحاتهم وآرائهم حول المسائل الفنية موضوع الخبرة ويقرأ كاتب الضبط المحاضر والتقارير ويعرض الأدلة.
ويجوز للمتهم والأطراف الآخرين إيداع مذكرات ختامية، حيث يؤشر عليها الرئيس والكاتب وينوه هذا الأخير عن هذا الإيداع بمذكرات الجلسة، حيث تلزم المحكمة بالإجابة عن هذه المذكرات كما يتعين عليها ضم المسائل الفرعية والدفوع  المبداة أمامها والفصل فيها بحكم واحد ( المادة 352 من ق إ ج).
وفي نهاية التحقيق بالجلسة، يتناول أطراف الدعوى الكلمة حيث يقدم المدعي المدني طلباته ثم تسمع طلبات النيابة العامة ودفاع المتهم ثم أقوال المسؤول المدني .
ويجوز دائما للمدعي المدني والنيابة العامة الرد على دفاع باقي الخصوم.والكلمة الأخيرة تكون دائما للمتهم ومحاميه ( المادة 353 من ق إ ج).
وفي حالة عدم إنهاء المرافعات أثناء الجلسة نفسها، يحدد الرئيس بحكم تاريخ اليوم الذي تستمر فيه الجلسة ويتعين أن يحضرها أطراف الدعوى والشهود الذين لم يستمعوا إليهم ومن أمرت المحكمة بإبقائهم تحت تصرفها لحين إتمام المرافعة بدون تكليف أخر بالحضور ( المادة 354 من ق إ ج).

×      إجراءات التلبس بالجنحة:
- طبقا المادة 333 من ق إ ج، يقدم إلى المحكمة المشتبه فيه الذي تم القبض عليه بجنحة متلبس بها بسبب عدم تقديم ضمانات كافية لمثوله من جديد، والمحال على وكيل الجمهورية من طرف الضبطية القضائية والذي تقرر حبسه لمدة 08 أيام.
- يقوم ضابط الشرطة القضائية أو أحد أعوان القوة العمومية باستدعاء شهود الجنحة المتلبس بها لسماع شهادتهم وإلا وقعوا تحت طائلة العقاب.
- يقوم الرئيس بتنبيه المتهم بان له الحق في طلب مهلة لتحضير دفاعه ويشير في الحكم إلى هذا التنبيه وإلى إجابة المتهم ( المادة 338 من ق إ ج).
- أما إذا كانت الدعوى غير مهيأة للفصل فيها أمر الرئيس بتأجيلها إلى أقرب جلسة ويفرج على المتهم بكفالة أو غيرها ( المادة 339 من ق إ ج).

×      حكم المحكمة: تصدر المحكمة حكمها في جلسة علنية إما في نفس الجلسة التي أجريت فيها المرافعات وإما في جلسة لاحقة وفي هذه الحالة يخطر الرئيس أطراف الدعوى الحاضرين باليوم الذي سينطق فيه الحكم،وقبل به يتحقق الرئيس من جديد من حضور الخصوم أو غيابهم ( المادة 355 من ق إ ج). وإذا كان المتهم حاضرا في الجلسة جاز له استئناف الحكم الحضوري في مهلة 10 أيام من تاريخ النطق بالحكم، أما إذا كان غائبا جاز له معارضة الحكم الغيابي أمام نفس المحكمة التي أصدرته في مهلة 10 أيام من تاريخ التبليغ.
إذا كانت الواقعة تكون جنحة قضت المحكمة بالعقوبة وفي حلة ما إذا كانت العقوبة هي الحبس الذي لا يقل عن سنة أمرت المحكمة بقرار مسبب إيداع المتهم في السجن أو القبض عليه إذا كان هاربا.
ويبقى أمر القبض منتجا أثره حتى ولو قضت المحكمة في المعارضة أو قضى المجلس القضائي في الاستئناف بتخفيض عقوبة الحبس إلى أقل من سنة إلا أنه يكون للمحكمة في المعارضة أو المجلس في الاستئناف سلطة إلغاء هذا الأمر بقرار خاص مسبب ( المادة 358 من ق إ ج).
أما إذا كانت الواقعة مخالفة مرتبطة بواقعة الجنحة أصدرت المحكمة فيها حكما واحدا قابلا للاستئناف (المادة 360 من ق إ ج).


 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق