المسؤولية التقصيرية عن فعل الشيء أو أشياء
تكتسب المسؤولية عن فعل الشيء أهمية
كبيرة نتيجة لكثرة الحوادث الناشئة عن فعل الشيء فأقر المشرع الجزائري نتيجة لذلك
أحكاما وشروطا خاصة حتى تقوم مسؤوليته والذي يكون حارسا متى أقرت له السلطات الثلاث من استعمال ،
تسيير ورقابة على هذا الشيء وقت الحادث وذلك حماية للمضرور من كل ضرر قد تسبب فيه
هذا الشيء إلا أنه يشترط لقيام هذه المسؤولية توافر علاقة السببية بين فعل الشيء
والضرر وبذلك يستطيع الحارس للشيء أن يتخلص من هذه المسؤولية بإثبات الدور السلبي للشيء
أو إثبات إحدى صور السبب الأجنبي فلا يقبل منه أن ينفي الخطأ عن نفسه بإثبات أنه
لم يرتكب الخطأ ،غير أن المشرع الجزائري قد استثنى من هذه المسؤولية كل من
مسؤولية حارس الحيوان ، المسؤولية الناشئة عن الحريق ، المسؤولية الناشئة عن تهدم
البناء إضافة إلى مسؤولية المنتج.
×
قاعدة مسؤولية حارس الشيء:
لقد حرص المشرع الجزائري على تعويض الغير عن كل ضرر يقع عليه
كلما كان ذلك ممكنا،لذلك قرر مسؤولية الشخص عما تسببه الأشياء التي تحت حراسته من
أضرار للغير،ووضع أسسا لذلك، فأصبحت اليوم هذه المسؤولية مستقلة تماما عن
المسؤولية عن الأفعال الشخصية.
لذلك فقد نص المشرع الجزائري على مسؤولية حارس الشيء غير الحي في المادة
138 ق.م :" كل من تولى كل من تولى حراسة شيء وله قدرة الاستعمال والتسيير والرقابة
يعتبر مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه ذلك الشيء.
ويعفى من هذه المسؤولية الحارس للشيء إذا أثبت أن ذلك الضرر حدث بسبب لم
يكن يتوقعه مثل عمل الضحية،أو عمل الغير،أو الحالة الطارئة، أو القوة
القاهرة"
ü
الشروط
الواجب توافرها لتتحقق مسؤولية حارس الشيء:
يتبين من خلال نص المادة 138 أنه يلزم شرطين يجب توافرهما
لتتحقق مسؤولية حارس الشيء و هما :
الشرط1: أن يكون هناك شيء في حراسة شخص
الشرط2: أن يقع الضرر بسبب هذا الشيء
مفهوم الشيء: تعرض المشرع للأشياء باعتبارها محلا للحقوق المالية في عدة مواد من القانون
المدني ،إلا أنه لم يعرفها صراحة ، ويقصد بالشيء في نص المادة 138 ق.م، ليس الحيوان (م 139 ق.م) و ليس البناء (م 140 ق.م)، و على هذا الأساس و فيما عدا هذين الشيئين يصدق مصطلح كلمة الشيء على كل الأشياء المادية غير الحية بغض النظر عن صفتها أو نوعها ، عقارا كان أو منقولا.مفهوم الحراسة: إن الحراسة
في معناها العادي المتداول في عرف الناس(الرقابة و المحافظة)، لا تصلح للتعبير عن
حقيقة الحراسة كما هي معنية في نطاق المسؤولية عن فعل الشيء و لغايتها، فالحراسة
بمعناها القانوني عرفها المشرع في الفقرة الأولى من المادة 138 ق.م على أنها
"قدرة الشخص على استعمال و تسيير و رقابة الشيء"
- سلطة الإستعمال : و المقصود
بها هو استخدام الشيء فيما أعد له بطبيعته من أجل تحقيق غرض معين
- سلطة التسيير: ولها معنيان ،
فقد يقصد بها التسيير المادي للشيء(كالعامل الذي يقوم بتشغيل الآلة)، وقد يقصد بها
التسيير المعنوي (تحديد طريقة استعمال الشيء )،إلا أن هناك من يستعمل لفظ التوجيه
أو الإرادة بدل التسيير.
- سلطة الرقابة :و تعني
الإشراف على الشيء و تعهده بالإصلاح و الصيانة بما يضمن سلامته الدائمة ليكون صالحا
لما أعد له.
وقوع الضرر
بسبب هذا الشيء: حتى تقوم المسؤولية عن فعل الشيء، يجب أن يكون
هذا الشيء قد سبب ضررا، أي أن يتدخل في إحداث الضرر للغير .
ü
أساس مسؤولية حارس الشيء:
يقصد بأساس مسؤولية حارس الشيء غير
الحي ، السبب الذي من أجله يضع القانون عبئ تعويض الضرر الحاصل على عاتق شخص معين،
غير أن أساس هذه المسؤولية مختلف عن مصدرها، فهناك أصحاب النظرية الشخصية الذين
يبنون المسؤولية على الأشياء غير الحية على أساس الخطأ و الذي يكون إما خطأ ثابثا
( خطأ في الحراسة) أو خطأ مفترضا ( خطأ من الحارس)،و بالتالي المضرور يستحق تعويضا
عما أصابه من ضرر،دون أن يلزم بإثباث الخطأ الحارس بل يكفيه إثبات الضرر، أما
أصحاب النظرية الموضوعية فهم يرتكزون على عامل مادي ناتج عن ارتباط الشيء بالخطر
الذي يحدث بسببه باعتبار أن صاحب الشيء أو حارسه كما له أن ينتفع به و يستغله
فعليه أن يتحمل تبعة مخاطره( نظرية التبعة) ،و أمام التقدم العمراني و الصناعي و
تضاعف الحوادث الضارة كان لابد من السعي وراء نظرية أوسع مدى لضمان حقوق المضرورين
(نظرية الضمان).
و الراجح أن الأساس الحقيقي للمسؤولية عن الأشياء غير في القانون الجزائري
كان نتيجة ما توصل إليه القضاء الفرنسي بأن المسؤولية عن الأشياء هي مسؤولية
مفترضة لا يجوز للحارس المسؤول إثبات أن لم يخطئ، بل لا بد عليه للتخلص من
المسؤولية إثبات وجود أحد أسباب الإعفاء المحددة في المادة 138/2 ق.م
×
الإستثناءات الواردة على قاعدة
مسؤولية حارس الشيء:
ü
مسؤولية حارس
الحيوان :
نص المادة
139 من ق.م على " إن حارس الحيوان ولو لم يكن مالكا له،
مسؤول عما يحدثه الحيوان من ضرر ولو ضل الحيوان أو تسرب، ما لم يثبت الحارس ان
وقوع الحادث كان بسبب لا ينسب إليه"، ويتبين من خلال هذا النص ، أن مسؤولية حارس الحيوان تتمثل في
تولي شخص لحراسة حيوان من أي نوع كان ، و أن يقوم هذا الحيوان بإحداث ضرر للغير، فيكون
حارس الحيوان مسؤول عن هذا الضرر و لو لم يكن مالكا لهذا الحيوان، ولا يمكن له أن
يتخلص من هذه المسؤولية إلا باثبات أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه ،
بالتالي يمكن استخلاص شرطين أساسيين لقيام هذه المسؤولية:
1- وجود
حيوان في حراسة شخص
2- حدوث ضرر
للغير بفعل الحيوان
ü
المسؤولية
الناشئة عن الحريق:
فيما يخص مسؤولية الحريق أيما حائز لعقار أو لمنقول مسؤول عن الضرر الّذي لحق بالغير بسبب اندلاع الحريق، و ذلك حسب نص المادة 140/1 من القانون المدني " من كان حائزا بأي وجه كان لعقار أو جزء
منه ، أو منقولات حدث فيها حريق لا يكون مسؤولا نحو الغير عن الأضرار التي سببها
هذا الحريق، إلا إذا ثبت أن الحريق ينسب إلى خطئه أو خطأ من هو مسؤول عنهم"،
من خلال نص هذه المادة نجد أنها تشترط إثبات خطأ حائز العقار أو المنقول عندما يتعلق الأمر بخطئه الشخصي، أو خطأ مفترض فيما يخص خطأ الغير حسب المادتين 134 و 136من القانون المدني، ويشترط كذلك وجود حريق يلحق ضررا بالغير. ،
و المادة 127 من القانون المدني تنص على أسباب الإعفاء من المسؤولية )السبب الأجنبي بمعناه الواسع(.
ü
المسؤولية
الناشئة عن تهدم البناء:
إنّ المشرع الجزائري حمل عبء المسؤولية عن تهدم البناء على عاتق المالك ولو لم يكن هذا البناء
تحت حراسته حسب
نص المادة 140/2 من القانون المدني " مالك البناء مسؤول عما يحدثه
انهدام البناء من ضرر ولو كان انهداما جزئيا، ما لم يثبت أن الحادث لا يرجع سببه
إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه.
ويجوز لمن كان مهددا بضرر يصيبه من البناء أن
يطالب المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية، للوقاية من الخطر فإن لم يقم
المالك بذلك، جاز الحصول على إذن من المحكمة في اتخاذ هذه التدابير على حسابه." ، لذلك يشترط القانون في نص هذه المادة توفر مجموعة من الشروط تتمثل في خطأ مالك البناء في عدم صيانة البناء، أو قدم في البناء أو عيب فيه، كذلك التهدم الجزئي أو الكلي، إضافة إلى ذلك ثبوت الضرر والعلاقة السببية بين الضرر وتهدّم البناء، مع العلم أنّ أساس هذه المسؤولية تقوم على الخطأ المفترض في جانب المالك.
ü
مسؤولية
المنتج عن فعل منتجاته:
تعد حماية
المستهلك من الأمور الضرورية التي تسعى الدولة إلى تحقيقها خاصة بعدما أصبح يعاني
من المنتجات المغشوشة أو غير المطابقة للموصفات القانونية وكذا الخدمات المقدمة من
طرف المنتج و المجردة من أدنى شروط الأمن و السلامة. ومن أجل الحد من التجاوزات فرضت
الدولة قيود ووضعت له حدود لا يمكن التعدي عليها وذلك بتقرير مسؤوليته المدنية
التي تقررت في المادة 140 مكرر من القانون المدني الجزائري والتي تجبره (المنتج)
على احترام النزاهة في المعاملات التجارية و الحفاظ على التوازن بين مصالح الأطراف
المتعاقدة و الغير متعاقدة،و أن مسؤولية المنتج هي مسؤولية موضوعية تقوم على
الضرر، و أن نص المادة 140 مكرر من القانون المدني، كانت بحق اللبنة الأولى التي
أرست نظام مسؤولية المنتج في التشريع الجزائري، و دعمت موقف المستهلك بنص جديد
يضاف إلى القانون رقم 89/02 المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك مما يعزز
موقف هذا الأخير، و يمنح له أكثر من خيار لاقتضاء التعويض في مواجهة المنتج، و ذلك
بموجب القواعد العامة للمسؤولية التي كرستها المادة 140/1 مكرر و التي تنص " يكون
المنتج مسؤول عن الضرر الناتج عن عيب في منتوجه حتى و لو لم تربطه بالمتضرر علاقة
تعاقدية."
من خلال نص هذه
الفقرة من المادة 140 مكرر ق.م يتضح أن مسؤولية المنتج تقوم على شروط ثلاثة ،وهي :
1- أن يكون العيب في المنتج
2- أن يكون هذا العيب سبب الضرر
3- أن يكون المسؤول منتجا
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق