دعوى عدم نفاذ تصرفات المدين( الدعوى البولصية)
المواد : 191
إلى 197 ق م
رأينا أن هدف الدعوى
غير المباشرة هو المحافظة على الضمان العام للدائنين و ذلك عندما يتخذ المدين
موقفا سلبيا في المطالبة بحقوقه لدى الغير و لكن قد لا يتخذ المدين مثل هذا الموقف
السلبي و لكنه يتخذ موقفا إيجابيا ويسارع إلى التصرف
في أمواله ، و يكون القصد من وراء هذا التصرف هو إبعاد أمواله عن نطاق الضمان
العام لدائنيه ، كأن يبيع بعضا من أمواله بثمن بخس أو
أن يهب إلى الغير مالا من
أمواله ، فنحن هنا أمام مدين سيء النية لم يقصد من وراء تصرفاته سوى تفويت الفرصة
على دائنيه في استفاء حقوقهم ، بإضعاف ضمانهم،
لذا كان لزاما على المشرع أن يتدخل لحماية هؤلاء الدائنين من خطر هذه التصرفات
الضارة بتقرير ما يسمى بالدعوى البولصية أو دعوى عدم نفاذ تصرفات المدين و التي
وردت أحكامها في المادة 191 و ما
يليها من القانون المدني.
أولا - تعريف الدعوى البولصية:
الدعوى البولصية هي وسيلة قانونية أقرها المشرع للدائن للطعن في
التصرفات الضارة الصادرة من مدينه، يطالب بمقتضاها الحكم بعدم نفاذ هذه التصرفات
الضارة في حقه ،ذلك أن المدين إذا ساءت حالته المالية فقد يعمد إلى بيع
بعض أمواله أو كلها و إخفاء ثمنها عن دائنيه أو أن يحابي بعض
أقاربه بأن يبيعهم ماله بثمن بخس ، أو أن يلجأ إلى مجاملة
أحد دائنيه بأن يوفيه دينه كاملا
حتى يخرجه من قسمة الغرماء نكاية بالدائنين
الآخرين، لذلك كان لابد من أن يكفل القانون للدائنين حقهم بتشريع الدعوى البولصية "ليدفع بها الدائن عن
نفسه غش المدين إذا عمد هذا الأخير إلى الإضرار بدائنه فيطعن الدائن في هذا التصرف
ليجعله غير نافذ في حقه ، فيرجع بذلك المال المتصرف فيه إلى الضمان العام تمهيدا
للتنفيذ عليه. "
ثانيا- شروط الدعوى البولصية:
أ - الشروط الخاصة بالدائن:
لا تتقرر دعوى عدم نفاذ التصرف لأي دائن ، و إنما يشترط في الدائن
رافع هذه الدعوى أن يكون حقه مستحق الأداء و أن يكون هذا الحق سابقا على وجود
التصرف المطعون فيه و أن ترفع هذه الدعوى في ميعادها القانوني .
1- أن يكون حق الدائن مستحق الأداء :و هذا بخلاف
الدعوى غير المباشرة التي يكفي فيها أن يكون حق الدائن موجودا و خاليا من النزاع،
أما في الدعوى البولصية فيشترط إلى جانب
ذلك أن يكون حق الدائن مستحق الأداء وهذا ما قصده المشرع في المادة 191ق. م
بقوله " لكل دائن حل دينه ، و صدر من مدينه
تصرف ضار به أن يطلب عدم نفاذ هذا التصرف في حقه ..."
إذا توافرت الشروط السالفة الذكر ضُمن حق الدائن في استعمال الدعوى
البولصية و لا فرق بين دائن عادي و دائن ممتاز أو مرتهن فالكل سواسية في
استعمال الدعوى البولصية
.
2- أن يكون حق الدائن سابقا على التصرف
المطعون فيه: لم ينص
القانون على هذا الشرط، و لكن طبيعة الدعوى البولصية تقتضيه كما أن الفقه و القضاء
مجمع عليه ، فلا يستطيع الدائن مباشرة دعوى عدم النفاذ ، إلا إذا كان تصرف المدين
واردا على مال اعتمد عليه الدائن في
استفاء حقه ، و بالتالي
فمن المنطقي أن يكون حق الدائن سابقا على التصرف الذي أجراه مدينه.
3- وجوب رفع الدعوى في الميعاد القانوني:نص المشرع الجزائري في المادة 197ق م على مايلي :" تسقط
بالتقادم دعوى عدم نفاذ التصرف بانقضاءثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب
عدم نفاذ التصرف، وتسقط في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشر سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه ".
و يتضح من النص المتقدم أن المشرع الجزائري قد جعل لتقادم دعوى عدم
النفاذ مدة ثلاث سنوات لا
تبدأ من تاريخ التصرف الذي عقده المدين و لا من تاريخ علم الدائن بالتصرف ، بل من
تاريخ علم الدائن بسبب عدم النفاذ ،فقد
يعلم الدائن بتصرف المدين في أمواله و لا يعلم أن من شأن هذا التصرف أن يسبب إعسار
مدينه و ينقص من ضمانه العام أو أنه يجهل انطوائه على غش المدين و علم المتصرف
إليه إذا كان التصرف معاوضة .
غير أنه و تطبيقا لقاعدة الأثر الجماعي للدعوى البولصية ، إذا سقطت
الدعوى بالنسبة لأحد الدائنين بمرور ثلاث سنوات و تمسك بها بقية الدائنين الآخرين
جاز لهذا الدائن أن يشارك الباقية في التنفيذ على أموال المدين و لا يجوز لهؤلاء
الدائنين الذين صدرحكم عدم النفاذ لصالحهم أن يتمسكوا به في مواجهته لمنعه من
مشاركتهم في التنفيذ على أموال المدين.
ب - الشروط الخاصة بالتصرف محل الدعوى :
كل تصرف يبرمه المدين و يريد الدائن أن يطعن فيه بعدم النفاذ مرهون
بتوافر شروط معينة و نستطيع أن نجمل هذه الشروط في الآتي:
1- أن يكون التصرف المطعون فيه
قانونيا: فكل تصرف قانوني إذن يصدر من المدين بسوء نية و بقصد الإضرار بحقوق
دائنيه يكون عرضة للطعن بعدم النفاذ ، متى توافرت باقي الشروط.
2- أن يكون هذا التصرف ضارا :هناك إجماع
فقهي و قضائي على أن الضرر في الدعوى البولصية، يكمن في تصرف يكون في حد
ذاته مفقرا ،
أي ينقص من حقوقه أو يزيد في التزاماته غير
أن مدلول التصرف المفقر قد ، و يكون من نتائجه إعسار المدين أو الزيادة في عسره .
3- أن لا يكون التصرف محل الدعوى متعلقا بحق متصل بشخص المدين أو بأموال
غير قابلة الحجز عليها:
لا يجوز للدائن الطعن في تصرف يتعلق بحق من الحقوق المتصلة بشخص
المدين ، كما لو تنازل هذا الأخير عن حقه في التعويض عن ضرر أدبي لحقه أو أنه قام بالتصالح
عليه .
ج - الشروط الخاصة بالمدين:
تستند دعوى عدم نفاذ التصرف إلى فكرتين
أساسيتين هما إعسار المدين و نيته في الإضرار بحقوق دائنيه ، و بمعنى آخر أن هذه
الدعوى لم تتقرر إلا لمحاربة إعسار المدين و غشه في الإضرار بدائنيه و
على ذلك يشترط في المدين شرطان و هما:
1- الإعسار : يقصد بإعسار المدين
في دعوى عدم نفاذ التصرف الإعسار الفعلي ، لا الإعسار القانوني الذي
نظمه المشرع المصري وخصه بأحكام و إجراءات تتطلب شهره ، فالإعسار
الفعلي لا يتحقق إلا
إذا زادت ديون المدين عن حقوقه ، كما يشترط أن تكون هذه الديون مستحقة الأداء فلا
يكفي إذن مجرد نقص حقوق المدين عن ديونه لاعتباره معسرا ، بل يجب
إلى جانب ذلك أن تزيد هذه الديون عن الحقوق المستحقة الأداء
2- الغش أو قصد الإضرار: يقصد بالغش في
مجال الدعوى البولصية أن تتوافر لدى المدين نية الإضرار بدائنيه وقت صدور التصرف و
تتجسد نية الإضرار في أن
يقصد المدين من وراء تصرفاته التخلص من الوفاء بالتزاماته اتجاه
دائنيه لإنقاص ضمانه العام فتصبح أمواله غير كافية لسداد ديونه.
ثالثا - آثار الدعوى البولصية :
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق