دعوى الصورية
المواد :
198و 199 ق م
إكتفى المشرع الجزائري بالنص
على دعوى الصورية في المادتين 198 و199 من القانون المدني ، و لذلك فلا مناص من تتبع اجتهاد الفقه في تعريفه للصورية بأنها" اتفاق بين
طرفي التصرف القانوني على اصطناع وضع
ظاهري يخفي وراءه حقيقة العلاقة القانونية القائمة بينهما و هي على هذا النحو
تفترض قيام تصرف ظاهر و اتفاق مستتر
يكون من شأنه إما محو كل أثر للتصرف الظاهر و إما تعديل بعض أحكامه و يتعين لتحقيق
الصورية أن تتوافر على الأقل معاصرة ذهنية بين التصرف الظاهر و الاتفاق المستتر
، و إلا كنا بصدد اتفاق جدي
تعدلت أحكامه باتفاق لاحق.
و بمعنى
آخر: هي
إخفاء حقيقة معينة وراء مظهر كاذب بحيث يكون طرفي التصرف في مركزين قانونيين
متعارضين أحدهما ظاهر و لكنه كاذب و يعتقد الغير أنه حقيقي و الآخر
حقيقي ، و لكنه خفي عن الغير أي أن هناك تصرفين :
-الأول
ظاهر و هو التصرف الصوري
-و الثاني خفي و
هو التصرف المستتر و هو الحقيقي و هو ما يعرف بورقة الضد
و دعوى الصورية يدفع
بها الدائن عن نفسه أيضا
نتائج غش المدين إذا عمد المدين إلى
التظاهر بالتصرف في أمواله لإخراجها من الضمان العام بتصرف صوري مخالف للحقيقة في
جميع نواحيها أو بعضها ، فيطعن الدائن في هذا التصرف بطريق الصورية حتى يكشف عن
حقيقته ليستبقي ما كاد أن يخرج إلا ظاهرا من أموال المدين تمهيدا للتنفيذ عليها
مستقبلا واستيفاء حقه من ثمنها .
أولا - أنواع الصورية:
أ- الصورية المطلقة :
هي الصورية التي تصور في الظاهر تصرفا يخالف الواقع في جميع نواحيه ،
و بمعنى آخر الصورية المطلقة هي تلك الصورية التي تتناول العلاقة القانونية ذاتها
بحيث يكون التصرف الظاهر الذي اتفق
عليه الطرفين منعدم الوجود في الواقع ، كما يكون الاتفاق المستتر أو
الخفي غير متضمن لتصرف آخر يختلف عن التصرف الظاهر و بذلك يقتصر الاتفاق المستتر
أو ما يسمى بورقة الضد على
إثبات عدم وقوع أو وجود التصرف الظاهر، كما لو اتفق المدين
مع شخص آخر على أن يبيعه عينا مملوكة له حتى يتوقى تنفيذ دائنيه
عليها فيكتبان عقدا ظاهريا هو البيع و يكتبان في نفس الوقت سندا مستترا (ورقة
الضد) يذكران فيه أن البيع لا وجود له في الحقيقة و بذلك يسهل على المدين إخراج
العين المملوكة له من الضمان العام المقرر لدائنيه و يجعل من العسيرعلى دائنيه
إرجاع العين المبيعة ظاهريا إلى ضمانهم
العام إلا إذا أثبتوا صورية عقد البيع المبرم من قبل مدينهم بطريق دعوى الصورية.
ب - الصورية
النسبية :
تحقق الصورية النسبية عندما يوجد تصرف قانوني حقيقي بين طرفي التصرف
فتستخدم الصورية لإخفاء جانب من جوانب هذا التصرف فتختلف
تسميتها تبعا لاختلاف الجانب الخفي،
فقد يتفق الطرفين على إخفاء طبيعة العلاقة القانونية القائمة بينهما فنكون
عندئذ أمام صورية بطريق التستر كما قد يتفق الطرفين على إخفاء ركن من
أركان التصرف أو شرطا من شروطه الأساسية فنكون أمام صورية بطريق المضادة
، و قد يقصد المتعاقدين بالصورية إخفاء أحد أطراف التصرف و
هذه هي الصورية بطريق التسخير .
ثانيا : شروط قيام الصورية :
يتبين مما تقدم أنه يلزم لقيام الصورية من الناحية القانونية أن
تتوافر الشروط التالية ذكرها:
- أن يكون هناك عقدان، عقد حقيقي مستتر اتجهت إليه إرادة العاقدين
لإحداث أثر قانوني معين و عقد ظاهر صوري لا وجود له في الحقيقة، و هذان العقدان
اتحد فيهما الطرفان والموضوع.
- اتجاه إرادة طرفي التصرف إلى إخفاء حقيقة العلاقة القانونية، و ذلك
بإبقاء التصرف الحقيقي خفيا و ستره وراء تصرف آخر ظاهر مغاير للواقع في جميع
نواحيه أو بعضها على الأقل.
- اختلاف أحد العقدين أو التصرفين عن الآخر سواء
من حيث الطبيعة أو الأركان أو الشروط أو في شخصية طرفيه .
- يجب أن يصدر العقدان في وقت واحد أي أن تكون
هناك معاصرة ذهنية بين العقدين أو التصرفين و لا تشترط المعاصرة المادية ، و تتحقق
المعاصرة الذهنية إذا اتفق طرفي التصرف على الصورية وقت إبرام العقد الأول،حتى و
لو حررت ورقة الضد في
وقت لاحق ، و للقاضي السلطة التقديرية في استخلاص أية علاقة قانونية ملابسة بظروف
تدل على إخفاءها و سترها وراء تصرف أو عقد ظاهر .
- لا يشترط أن يكون حق الطاعن سابقا في وجود التصرف الصوري المطعون
فيه ، و لا أن يكون حقه مستحق الأداء،فيجوز لمن كان دينه مؤجلا أو معلقا على شرط
أن يطعن بطريق دعوى الصورية في تصرف مدينه إذا تصرف هذا الأخير صوريا في أمواله ،
و كذلك لا يشترط في الدائن رافع الدعوى إثبات أن التصرف الصوري قد أدى إلى إعسار
مدينه أو زاد في إعسار هو من باب أولى لا يشترط في الدائن إثبات قصد المدين في
الإضرار به ،و لكن إعمالا لقاعدة "لا مصلحة لا دعوى" إذا كان للمدين
أمولا كافية لسداد ديونه،فلا يكون للمدين مصلحة في الطعن تصرف مدينه بطريق دعوى
الصورية إذا تصرف هذا الأخير ظاهريا صوريا في بعض أمواله .
ثالثا - مجال الصورية:
يمكن القول بصفة عامة أن أكثر ما تكون الصورية في العقود ،أي في
التصرفات القانونية الصادرة من الجانبين، و
لكن هذا لا يمنع من ورود
الصورية على التصرفات القانونية الصادرة من جانب واحد شريطة أن تكون هذه التصرفات
موجهة إلى شخص معين
بالذات،ذلك أن الصورية لا تتحقق إلا بوجود اتفاق مسبق
بين طرفيه ،ومن ثم فمن البديهي أنه لا اتفاق في
تصرف صادر بالإرادة المنفردة للمتصرف ، فالاتفاق لا
يتصور إلا من شخصين تعاملا معا.
ومع ذلك فقد تحقق الصورية حتى في التصرفات الصادرة من جانب واحد إذا
كانت هذه التصرفات موجهة
إلى شخص معين.
رابعا- أحكام الصورية :
يتضح مما تقدم أن هناك ثلاثة مبادئ تهيمن على
أحكام الصورية يجب التنسيق بينها:
المبدأ الأول : و
هو مبدأ سلطان الإرادة و الذي يفترض أن الإرادة الحرة و المشتركة للمتعاقدين هي
أساس القوة الملزمة للعقد ،فهي
التي تنشئه و هي التي تحدد التزاماته و ما
يترتب عليها من آثار قانونية.
المبدأ الثاني:
مبدأ الأوضاع الظاهرة و يرمي أساسا إلى المحافظة
على استقرار المعاملات و توليد الثقة في
نفوس المتعاقدين ، و على ذلك فإن هذا المبدأ يسمح للغير حسن النية
بالإعتداد بالعقد الظاهر
أو العقد الصوري .
المبدأ الثالث:
مبدأ محاربة الغش و التحايل على أحكام القانون و هذا المبدأ قد يقتضي إبطال العقد
الظاهر
الصوري و العقد المستتر الحقيقي أو ما يسمى بورقة الضد
، إذا كان الغرض من الصورية هو استبعاد
تطبيق قاعدة قانونية آمرة و
،على ذلك فإن التعارض بين هذه المبادئ الثلاثة
سيؤدي حتما إلى اختلاف
أحكام الصورية بالنسبة للمتعاقدين و خلفهما العام من جهة ، و بالنسبة
للغير من جهة أخرى .
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق