الدساتيرالجزائرية
مفهوم الدستور
:
لغة: الأصل اللغوي لكلمة دستور هو فارسي الأصل حيث تفيد معنى الأساس أو القاعدة
إصطلاحا :
يمكن تعريف الدستور انطلاقا من معيارين أحدهما شكلي والآخر موضوعي
×
المعيار
الشكلي : هو مجموعة القواعد المدونة في وثيقة أو أكثر و التي تصدر بصفة رسمية عن السلطة التأسيسية والمتضمنة للقواعد الدستورية
.
× المعيار الموضوعي : مجموعة
القواعد القانونية المتعلقة بالسلطة السياسية في الدولة من حيث إنشائها وإسنادها
وتنظيمها وممارستها سواء كانت قواعد مكتوبة أو غير مكتوبة .
لقد عرفت الجزائر نصوصا دستورية بالمفهوم المادي أثناء الاحتلال من
خلال النص المنظم للمؤسسات المؤقتة للثورة الجزائرية الذي صادق عليه المجلس الوطني
للثورة الجزائرية وبعد استرجاع السيادة الوطنية مباشرة، كانت الألوية لوضع دستور
للبلاد، ثم تلاحقت بعده عدة نصوص دستورية استدعتها ظروف كل مرحلة، حتى قيل
أن النص الدستوري في الجزائر كان وسيلة لتجاوز الأزمات ، مما ترتب عنه
تضخم في الوثائق الدستورية
دستور 1963: دستور
08 سبتمبر 1963
كانت الرغبة في وضع دستور للبلاد، وعلى غرار بقية الدول التي خرجت من الاستعمار من أولويات بناء الدولة الوطنية بعد الاستقلال، غير أن هذا التسرع لم يحل دون تداعيات سلبية، إن على المؤسسات التي تم إنشاؤها أو الآليات المتبعة؛ ويتجلى ذلك بوضوح في إجراءات إعداد دستور 1963 ، لقد كان الأسلوب الذي تم اختياره لوضع أول دستور للبلاد يبدو ديمقراطيا، عندما اسندت تلك المهمة للمجلس الوطني التأسيسي المنبثق عن اقتراع 12 أوت 1962.لقد طرحت عدة مشاريع لدستور البلاد المرتقب؛ وفي الوقت الذي كانت فيه لجنة القوانين الدستورية بالمجلس الوطني التأسيسي، تتأهب للشروع في مداولاتها، أوقفت الحكومة أشغالها، معلنة تكفلها بإعداد مشروع الدستور، مطلقة لأجل ذلك حملة واسعة لشرح مضمونه؛ الأمر الذي دفع بالسيد فرحات عباس للاستقالة من رئاسة المجلس التأسيسي، معترضا على هذا التصرف، المخالف للإجراءات المقررة سلفا لإعداد الدستور، والذي تم بمقتضاه تحويل السلطة التأسيسية من المجلس التأسيسي، إلى ندوة الإطارات ، ليمرر مشروع الدستور في شكل اقتراح قانون قدمه خمسة نواب، وهو ما أكده رئيس الحكومة عند تقديمه لمشروع الدستور للمجلس التأسيسي.تبعا لذلك، عرض مشروع الدستور على استفتاء الشعب، الذي وافق عليه.
كان للإنفراد بالحكم، ودفن المؤسسات الوطنية والجهوية التابعة للحزب
والدولة، وما ترتب عنه من إضعاف لبقية المؤسسات الدستورية وعلى رأسها المجلس
الوطني، دافعا قويا لظهور حركة 19 جوان 1965، التي ترتب عنها عزل رئيس الجمهورية ؛
وما تبع ذلك
من وقف للعمل بالدستور
وتجميد المؤسسات الدستورية القائمة، مع الحفاظ على بعض مظاهر النظام السابق. فعلى الرغم من أن بيان
19 جوان 1965 أشار إلى الرغبة في
وضع دستور جديد للبلاد؛
مطابقا لمبادئ الثورة، وبعيدا عن شخصنة السلطة، إلا أن ذلك تطلب المرور بمرحلة انتقالية في
ظل فراغ دستوري، كان فيه مجلس الثورة مصدرا للسلطة المطلقة، مستندا على الشرعية
الثورية، لغاية وضع دستور جديد سنة 1976.
دستور 1976: دستور 22 نوفمبر 1976
في ظل الفراغ الدستوري وغياب الشرعية الدستورية عن النظام المنبثق عن حركة
19 جوان 1965، شرع في بناء الدولة من القاعدة، بصدور
قانوني البلدية والولاية، ليتوج هذا بوضع نصين"أحدهما ذو طابع سياسي
إيديولوجي هو الميثاق الوطني، والثاني تكريسا قانونيا للأول وهو الدستور"، هذا
الأخير الذي تم تحضير مشروعه من قبل لجنة حكومية، نوقش في مجلس الثورة ومجلس الوزراء وصادقت عليه ندوة إطارات
الأمة، فعرض على استفتاء الشعب الذي وافق عليه؛ وفي إطاره تم انتخاب
المؤسسات الدستورية المركزية للبلاد ،
سنتي 1976 و 1977.
لقد كان دستور 1976 عرضة لتعديلين
متتاليين في ظرف ستة أشهر "القانون
رقم 79-06 المؤرخ في 7 يوليو ســنة 1979 يتـــضــمـن الــتعديل الدستوري؛ و
القانون رقم 80-01 المؤرخ في 12 ينايـــر سنة 1980 ".؛
وقد لوحظ على هذه التعديلات أنها كانت تستهدف امرين:
الأول يندرج ضمن توجه"لتقوية
الجهاز التنفيذي..، لضرورة مواجهة التحديات الاقتصادية والإجتماعية التي بدأت
تواجه البلاد آنذاك، سواء بسبب عوامل داخلية أو نتيجة تأثيرات الوضع الدولي"[41]، على الرغم من إلزام رئيس الجمهورية بتعيين
وزير أول يساعده في تنسيق النشاط الحكومي وفي تطبيق القرارات المتخذة في
مجلس الوزراء ]؛
والثاني كان يبدو أن الغرض
منه"تسوية أزمة سياسية نتيجة صراع بين جناحين داخل الحزب الحاكم حول التوجهات
المستقبلية للبلاد"؛ عبر تأسيس مجلس محاسبة"مكلف بمراقبة مـالـية الدولة
والحزب والمجموعات المحلية والمؤسسات الاشتراكية بجميع أنواعها".
غير أن هذه الترميمات التي خضع لها
النص الدستوري، لم تحل دون مواجهة للبلاد لاضطرابات اجتماعية في خريف 1988،حيث كان للصعوبات الاقتصادية التي واجهتها
الجزائر نهاية الثمانينات، دورا بارزا في تفجير أحداث أكتوبر 1988،بعد مرور شهر على تلك الأحداث، عرض رئيس الجمهورية على
استفتاء الشعب مشروع تعديل دستوري دون تمريره على المجلس الشعبي الوطني
للموافقة عليه، خلافا للإجراءات المنصوص عليها دستوريا "المرسوم
رقم 88-22 المؤرخ في 5-11-88 المتضمن نشر التعديل الدستوري الذي وافق عليه الشعب
في استفتاء 3-11-1988"،لقد كان أبرز تجديد تضمنه
التعديل الدستوري لسنة 1988، إنشاء
منصب لرئيس الحكومة مسؤول سياسيا أمام المجلس الشعبي الوطني ، مع الحفاظ على
المكانة المرموقة لرئيس الجمهورية.
دستور
1989: دستور
23 فيفري 1989
في فبراير 1989، وافق الشعب على مشروع دستور جديد "المرسوم الرئاسي رقم 89-18 المؤرخ في 28 فبراير 1989،
يتعلق بنشر تعديل الدستور الموافق عليه في استفتاء 23 فبراير سنة 1989، الج ر ج ج،
رقم 9 المؤرخة في 01-03-1989"؛ ويبدو أن اللجوء إلى تعديل الدستور مرتين في ظرف أربعة أشهر دون
المرور على البرلمان ،كان تعبيرا عن القطيعة، مع"قبول فكرة
إصلاح مرن تقوم على البناء ثم التهديم وليس على التهديم ثم البناء"؛ بإدراج
أحكام جديدة، أحدثت
تغييرا جذريا على بنية النظام السياسي الجزائري]، الأمر الذي دفع إلى القول بميلاد جمهورية ثانية]؛ بتجاوز
مبادئ كثيرة، كالخيار الاشتراكي ونظام الحزب الواحد].
إضافة إلى التأكيد على ازدواجية السلطة التنفيذية؛ كان توسيع الدور الرقابي للبرلمان، يستهدف
ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات؛ فإذا كان رئيس الجمهورية أكبر المستفيدين من التعديلات
الدستورية التي أعقبت احداث أكتوبر 1988، باحتفاظه بأهم اختصاصاته مع انعدام مسئوليته
السياسية، فالمجلس الشعبي الوطني هو ثاني المستفيدين، بتخلصه من وصاية الحزب
الواحد، وأصبح مراقبا للحكومة ورئيسها[]؛
أما مجال الحقوق والحريات، فقد وسع الدستور الجديد مجالها[]، مستلهما كثيرا من المبادئ من رصيد الحركة الوطنية ومن
التحولات التي عرفها العالم نهاية الثمانينات[]؛ الأمر الذي دفع إلى القول بعودة النظام الدستوري الكلاسيكي للبلاد، ليساهم
في تكسير نظام سياسي مغلق، مع تجسيد مبادئ دولة الحق والقانون، وتحرير الدولة في
مواجهة الحزب[].
بإفراغه من الجوانب الإيديولوجية،
وتكريسه للجوانب القانونية فقط، يكون الدستور الجديد، أقرب ما يكون إلى
دستور قانون[]، بتكريسه للحقوق والحريات، مع توفير الضمانات
الكافية لحمايتها، وتنظيمه للسلطات وتحديد العلاقة بينها[].
دستور 1996: دستور 28 فيفري 1996
بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في 16 نوفمبر
1995[]، طرحت رئاسة الجمهورية مذكرة للحوار الوطني[]، ضمنتها خارطة طريق للخروج من الأزمة التي
واجهتها البلاد منذ 1992 عقب تعليق تشريعيات ديسمبر 1991، بعد استقالة رئيس
الجمهورية في 11 جانفي 1992، وكشفه عن حله للمجلس الشعبي الوطني في 4 جانفي 1992،؛
تنطلق بتعديل دستور 1989.
انصبت التعديلات التي جاء بها دستور 1996
على تنظيم السلطات[]
على مستوى
السلطة التنفيذية، وضمانا للتداول السلمي على السلطة، تم تحديد تجديد العهدة
الرئاسية بمرة واحدة فقط[]،
مع استرجاع رئيس الجمهورية لسلطة التشريع بأوامر[]،
على مستوى السلطة التشريعية[]؛ التي أصبحت ثنائية باستحداث غرفة ثانية ممثلة في مجلس الأمة، في المجال التشريعي، أصبح
البرلمان مختصا بالتشريع بقوانين عضوية في المجالات المكملة للدستور، تخضع لرقابة
المطابقة قبل صدورها.
امتدت آثار التعديل الدستوري، لتشمل قانوني الانتخابات والأحزاب
السياسية، حيث تبنى قانون الانتخابات لسنة 1997[]، نظام التمثيل النسبي لتحديد نتائج
الانتخابات التشريعية والمحلية[]،
أما على المستوى الحزبي الذي عرف تكاثرا
للجمعيات السياسية بعد إقرار التعددية، نظرا لمرونة إجراءات التأسيس[]،
كان دستور 1996، على موعد مع تعديلات جزئية في سنتي 2002 و2008[]،
، حيث اقتصر التعديل الأول على ترقية تمازيغت لغة وطنية، في حين انصب الثاني على
تنظيم السلطة التنفيذية من الداخل، إضافة إلى ترقية حقوق المرأة ودسترة رموز
الثورة.
وآخر تعديل لدستور 1996 كان في مارس 2016.
أهم التجديدات التي جاء بها التعديل الدستوري لسنة 2016
-
التأكيد على تبني النظام الديمقراطي القائم على علوية الدستور والتداول السلمي على
السلطة وكفالة الحقوق والحريات؛
- توسيع قاعدة الحقوق والحريات، بإدخال حقوق جديدة: الحق في البيئة،
المناصفة بين النساء والرجال، وحماية حقوق الأجيال القادمة؛
- الاعتراف بحقوق الأحزاب السياسية والمعارضة البرلمانية؛
- تمكين أعضاء البرلمان والمتقاضين من إخطار المجلس الدستوري.
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق