الوعد بجائزة – الإرادة المنفردة
لكي ينشأ الالتزام لا بد من سبب يؤدي
إلى ذلك ، و يسمى هذا السبب مصدر الالتزام، وقد أقر القانون عدة مصادر، منها تلك
التي تلعب فيها الإرادة دورا جوهريا في إنشاء الالتزام المنفردة و هي التصرفات
القانونية المتمثلة في العقد و الإرادة المنفردة، والتي أفردها المشرع بتطبيق واحد
فقط يتمثل في الوعد بجائزة.
أولا: مفهوم الإرادة
المنفردة( م 123مكرر ق.م)
الإرادة المنفردة هي تصرف قانوني يقوم
به شخص معين بإرادته وحده دون حاجة إلى إرادة شخص آخر.
× يرتب التصرف بالإرادة المنفردة عدة آثار قانونية، غير إنشاء الالتزام، فقد يكون تأكيد وجود عقد، كإجازة عقد قابل للإبطال، وقد يكون إنهاء عقد في حالات معينة، كعزل الوكيل، وقد يكون نفاذ عقد في حق شخص معين، كالإقرار، وقد يكون تثبيت حق شخصي وتأكيده، كرغبة المستفيد في الانتفاع من الاشتراط لمصلحته، وقد يكون انقضاء حق كالإبراء، وقد يكون هذا الأثر إنشاء حق عيني، كالوصية مثلا، أو يكون سببا لإنهائه، كالنزول عن حق الرهن مثلا.
× لقد
ثار خلاف فقهي حاد حول قدرة الإرادة المنفردة على إنشاء الإلتزامات، وذلك بين
اتجاهين، اتجاه أول يمثلة فقهاء النظرية التقليدية الذين يرفضون بأن يكون للإرادة
المنفردة القدرة على إنشاء الإلتزام ، و اتجاه ثاني يمثله فقهاء النظرية الحديثة
الذين يرون بقدرة الإرادة المنفردة على إنشاء الإلتزام.
× موقف المشرع الجزائري :قبل تعديل 2005 للقانون المدني كان المشرع قد نص على تطبيق من
تطبيقات الإرادة المنفردة و هو الوعد بجائزة ، وذلك في المادة 115 منه ضمن آثار العقد ، بالإضافة إلى تطبيقات أخرى في نصوص متفرقة([1]) ، مما أظهر أن المشرع قد اعتبرها حين ذاك مصدرا استثنائيا للالتزام في حالات محددة ، و نتيجة لذلك لا تستطيع أن تنشئ التزاما إلا حيث أجيز لها بنصوص خاصة وهي لا تلزم صاحبها إلا في أحوال خاصة، و بعد تعديل 2005 للقانون المدني تغير موقف المشرع حيث أقر للإرادة المنفردة أن تكون مصدرا عاما للإلتزام إلى جانب العقد ، وذلك في الفقرة الأولى من المادة 123 مكرر التي نصت على أنه " يجوز أن يتم التصرف بالإرادة المنفردة للمتصرف ما لم يلزم الغير"، و بين أحكامها في الفقرة الثانية من نفس المادة حيث تنص :" و يسري على التصرف بالإرادة المنفردة ما يسري على العقد من الأحكام باستثناء أحكام القبول".ثانيا: مفهوم الوعد بجائزة(
م 123 مكرر1 ق.م)
الوعد بجائزة هو تصرف قانوني بإرادة
منفردة، أو هو تعبير عن الإرادة يوجه إلى الجمهور، فيلتزم صاحبه بمقتضاه أن يقدم
أداءً معينا لأي شخص يقوم بعمل معين ، ولقد نصت المادة 123مكرر1 ق . م على انه :
أ- شروط الوعد بجائزة : يتبين من نص المادة 123 ق.م أنه يجب
لقيام الوعد أن تتوافر الشروط الآتية حتى يقال أننا بصدد وعد بجائزة :
أ - أن توجد إرادة جدية و باتة تتجه إلى الإلتزام بإعطاء الجائزة.
ب- أن يوجه الوعد إلى الجمهور.
ج- أن يتضمن الوعد إعطاء جائزة معينة.
د -
لا يشترط للموعود له العلم بالجائزة .
هـ - يلزم الواعد بإعطاء الجائزة لمن
قام بالعمل و لو قام به دون نظر للوعد بالجائزة.
ب- أركان الوعد بجائزة
:
كما قلنا سابقا أن الوعد بجائزة هو
تصرف بالإرادة المنفردة و هذه الأخيرة تقوم على أركان مثل العقد تماما ، و التي
تتمثل في الرضا ،المحل و السبب ، فركن الرضا يتمثل فقط في رضا المتصرف دون
رضا المتصرف إليه ويجب أن يكون موجودا(وجود الإرادة) و صحيحا ( غير مشوب بعيب من
عيوب الإرادة مع أهلية التعاقد). أما عن المحل فيتطلب لقيامه ثلاثة
شروط هي أن يكون شيئا موجودا أو قابلا
للوجود أو أمرا ممكنا، و أن يكون معينا أو قابلا للتعيين،و أن يكون أمرا مشروعا ، ومثل
العقد يجب أن يكون السبب الدافع للتعاقد في الإرادة المنفردة مشروعا.
ج – أحكام الوعد بجائزة
:
تقييد الوعد بمدة زمنية :
إذا حددت
للوعد مدة معينة كأن يشترط الواعد مدة معينة يتم العمل خلالها، فإن الواعد يلتزم
نهائيا بإرادة منفردة، بحيث لا يجوز له الرجوع في وعده قبل فوات هذه المدة كما أن
الواعد يلتزم قبل مستحق الجائزة إذا أتم هذا الأخير العمل المطلوب قبل انقضاء هذه
المدة .
عدم تقييد
الوعد بمدة زمنية :
إذا حدد
للوعد مدة معينة ، فإن الواعد يلتزم كذلك بالوعد الصادر منه ، فإنه يلتزم بإعطاء
الجائزة لمن قام بالعمل المطلوب و يجوز للواعد ما دام لم يحدد مدة معينة لوعده أن
يرجع فيه ، على أن يكون رجوعه بذات العلانية التي توفرت في الوعد حتى يصل نبأ
العدول إلى الجمهور.
وفي هذا
تنص الفقرة 02 المادة 123مكرر1 ق. م على أنه " إذا لم يعين الواعد أجلا لإنجاز العمل
، جاز له الرجوع في وعده بإعلان الجمهور على ألا يؤثر ذلك في حق من أتم العمل قبل
الرجوع في وعده"، وهذا النص يتفق مع طبيعة تكوين
الالتزام بإرادة منفردة ، إذ يقوم هذا الالتزام على إرادة واحدة ، فهو يستمد منها
وجوده ، ومن ثم لا يبقى هذا الوعد إلا إذا بقيت تلك الارادة.
× هذا
و يتعين على من قام بالعمل أن يطالب الواعد بالجائزة خلال ستة أشهر من تاريخ إعلان
الرجوع للجمهور(الفقرة 03 المادة123 مكرر1 ق.م )، وقد أراد المشرع الجزائري قطع
السبيل على كل محاولة مصطنعة يراد بها استغلال الوعد بجائزة بعد إعلان العدول ،
ومدة الستة أشهر هي مدة سقوط وليست مدة تقادم ، ولذلك فلا يرد عليها الوقف أو
الانقطاع .
وفي غير
حالة العدول عن الوعد فإن حق من قام بالعمل لا يتقادم إلا بخمس عشرة سنة فهو حق
ناشئ عن التزام إرادي ، ولم تحدد مدة خاصة للتقادم فتسري عليه القاعدة العامة في
التقادم الواردة في المادة 308 في القانون المدني .
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
[1]
- مثل الإيجاب المقترن بأجل في المادة 63 من ق.م، والوعد بالتعاقد من جانب واحد في المادة 71 من ق.م
والإقرار في المواد
(114 بالنسبة للتعهد عن الغير و 152 بالنسبة للفضالة و
398/1بالنسبة لبيع ملك
الغير).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق