الأربعاء، 8 نوفمبر 2023

صحة التراضي

صحة التراضي

يرتبط الحديث عن صحة التراضي  بالحديث عن عنصرالأهلية و عن عيوب الإرادة:

×    الأهليــــــــــــــــــــة:

يقصد بالأهلية صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق و تحمل الإلتزامات (أهلية الوجوب) ،أو صلاحية الشخص في مباشرة التصرفات القانونية التي من شأنها أن تكسبه حقا أو أن تحمله إلتزاما على وجه يعتد به القانون( أهلية أداء)

يجب الملاحظة أن عدم الأهلية أو نقصها هو قرينة قانونية قاطعة على عيب الإرادة

و بعكس العيوب الأربعة الأخرى ، فإنه يجب إثباتها و ذلك بحسب المادة 78 ق.م المعدلة  التي تنص : " كل شخص أهل للتعاقد ما لم يطرأ على أهليته عارض يجعله ناقص الأهلية أو فاقدها بحكم القانون "

كما تنص المادة  45 من القانون المدني أن : " ليس لأحد التنازل عن أهليته و لا   لتغيير أحكامها."

عوارض الأهلية :

-العوارض التي تصيب العقل : الجنون و العته

- العوارض التي تصيب التدبير: السقه و الغفلة

- العوارض التي تُصعب التعبير عن الإراة : عاهات جسمانية 

×    عيــــــــوب الــــــــرضا:

و عيوب الرضا أربعة هي :الغلط - الغش أو التدليس الإكراه - الاستغلال أو الغبن

أولا : الغــــــــلط

تعريف : الغلط هو الاعتقاد بصحته ما ليس بصحيح  أو بعدم صحة ما هو صحيح  أو هو وهم أو

إعتقاد خاطئ يدور في ذهن أحد المتعاقدين و يدفعه إلى التعاقد  .و الغلط على هذا النحو قد يقع على واقعة و هو ما يسمى بـ " غلط في الوقائع" ، و قد يقع على قاعدة قانونية و يسمى "غلط في القانون"

و الغلط الذي يعتد به المشرع الجزائري  هو "الغلط الجوهري" ، ويعتبر الغلط جوهريا إذا وقع في صفة للشيء يراها المتعاقدين جوهرية ، أو يجب إعتبارها كذلك نظرا لشروط العقد و لحسن النية ، و إدا وقع في في ذات المتعاقد أو صفة من صفاته و كانت تلك الذات أو الصفة السبب الرئيسي في التعاقد.( م81و82 ق.م)

مثال : - شراء سيارة على أنها جديدة و يتضح على أنها مستعملة ( صفة الشيء)

- تأجير منزل لشخص على أنه رب أسرة و يتضح أنه أعزب.( صفة المتعاقد )

و لحل مشكلة التوفيق بين احترام مبدأ سلطان الإرادة و استقرار المعاملات و من أجل عدم وقوع انهيار العقود و لحماية  التعامل يجب :

1-على مدعي الغلط أن يقيم الدليل

2- أن يكون الغلط جوهري

- تنص المادة 83 من القانون المدني : " يكون العقد قابلا للإبطال لغلط في القانون إذا توفرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقا للمادتين 81 و 82 ما لم يقض القانون بغير ذلك".

 

ثانيا : الغش أو الخداع أو التدليس

تعريف : بعض الفقهاء يقولون أن : التدليس هو أن يستعمل أحد طرفي العقد،وسائل غايتها تضليل الطرف الآخر: و الحصول على رضاه في الموافقة على عقد أي عمل حقوقي آخر.

-بعض الآخرين من الفقهاء يقولون أن : التدليس هو نوع من الغش، يصاحب تكوين العقد، و هو إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد نتيجة استعمال الحيلة.

التدليس يؤدي حتما إلى الغلط ، بحيث يمكن القول بعدم جدوى نظرية التدليس ، _اكتفاء بنظرية الغلط .

-و التدليس يعيب الإرادة في جعل العقد قابلا للإبطال

-و التدليس نتيجة حيلة .

-و الحيلة خطأ عمدي يستوجب التعويض طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية.

شروط التدليس:

  الشرط 1 : استعمال الوسائل أو الطرق الإحتيالية .

  الشرط 2 : نية التضليل .

  الشرط 3 : اعتبار التدليس الدافع  إلى العقد .

  الشرط 4 : أن يكون التدليس صادر من المتعاقد الآخر،أو على الأقل أن يكون متصلا به

ثالثا : الإكــــــــــراه

تعريف : الإكراه هو الضغط المادي أو المعنوي الذي يوجه إلى شخص بغية حمله التعاقد.

تعريف ثاني : الإكراه هو الضغط بقصد الوصول إلى غرض مشروع يعترض له العاقد، فيولد في نفسه رهبة تدفعه إلى التعاقد.

المعيار الموضوعي للضغط : يأخذ بعين الاعتبار الضغط الذي يتأثر به الرجل الشجاع أو ذو التمييز.

و  بعض الفقهاء انتقدوا المعيار الموضوعي لجموده.

أما المعيار الذاتي للضغط : فيأخذ بعين الاعتبار

مثلا : سن العاقد.حالته الاجتماعية و الصحية.

و هذا المعيار الذاتي يتناسب مع حالة كل عاقد في ذاته ، و قد أخد المشرع الجزائري بهذا المعيار من خلال المادتين 88 و 89 من القانون المدني.

شروط الإكراه :

1- استعمال وسيلة من وسائل الإكراه لغرض غير مشروع أو أن يكون الخطر المهدد به جسميا و حالا .

2- أن تحمل هذه الوسيلة العاقد الآخر على إبرام العقد.

3- أن تصدر وسيلة الإكراه من العاقد الآخر ، أو تكون متصلة به.

- يمكن طرح السؤال التالي : هل يمكن اعتبار الضغط باستعمال النفوذ الأدبي ، يفسد الإرادة ؟

 مثلا : ـ نفود الأب على ابنه.

- هل يمكن إبطال العقد في حالة إكراه ناتج عن حالة ضرورة ؟

رابعا : الاستغلال - و الغـــبن

تعريف : يقصد بالغبن اختلال التوازن الاقتصادي في عقد المعاوضة، نتيجة عدم التعادل بين ما يأخذه كل عاقد فيه وما يعطيه، فهو الخسارة التي تلحق بأحد المتعاقدين في ذلك العقد، فهو بهذا يعتبرالمظهر المادي للاستغلال.وأما الاستغلال فهو أمر نفسي. وقد سلك المشرع الجزائري الطريق الذي سلكت فيه القوانين الحديثة فأخذ بفكرة الاستغلال، وذلك مع الإبقاء على بعض الحالات في الغبن المادي بمقتضى نصوص متفرقة.و نلاحظ أن الغبن:

1-لا يكون إلا في عقد معاوضة([1] )محدد التبرعات

2-يقدر بمعيار مادي

3-العبرة بتقدير وجوده هو وقت تكون العقد.

وقد جعل المشرع الجزائري من الاستغلال عيبا في الإرادة ينطبق على سائر التصرفات ويتبين من نص المادة 90 ق.م أن يشترط لقيام الاستغلال عنصرين وهما: العنصر المادي للاستغلال ويتحقق إذا كانت التزامات أحد الأطراف المتعاقدين متفاوتة كثيرا في الشيبة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب العقد ، ومعنى ذلك أن يكون هناك اختلالا فاحشا.
والعنصر النفسي وهو عنصر مزدوج يقوم في جانب كلا الطرفين فهو بالنسبة لأحد الطرفين ضعف نفسي وبالنسبة للطرف الآخر الاستفادة من هذا الضعف، وضعف أحد الطرفين لابد أن يكون واحد من أمرين: طيش بين ([2]) ، أو هوى جامح.
ومن هنا يتعين أن يكون العاقد المغبون قد تعاقد تحت تأثير الطيش البين أو الهوى الجامح.
حكم الاستغلال والغبن في التشريع الجزائري: ففي الاستغلال إذا توافرت عناصره كان للمغبون أن يطعن في العقد وله الخيار بين إبطال العقد أو انقاص الالتزامات إلى الحد الذي يكفي لرفع الغبن أما في حالة الغبن المادية فقد أكد المشرع على أن يراعي في تطبيق المادة:90 ق.م. عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بالغبن في بعض العقود وهذه التطبيقات واردة على سبيل الحصر في نصوص متفرقة ولا يجوز للقاضي التوسع فيها أو القياس عليها.
ملاحظة : فيما يخص الجزاء الذي يترتب على الاستغلال (المادة 90 ق م ) يجب أن نذكر أن :

1- جزاء الاستغلال هو أما إبطال العقد ، أو إنقاص التزامات العاقد،  و الاختيار يرجع هنا لتقرير المغبون.

2- ففي عقود المعاوظات يجوز للطرف الأخر أن يتوقى الإبطال إذا عرض ما يراه القاضي كافيا لرفع الغبن

3- دعوى الاستغلال تسقط بمضي سنة من تاريخ العقد و إلا كانت غير مقبولة

و لا تقبل الوقف أو الانقطاع فهي ميعاد سقوط ، و هذا حتى لا يبقى مصير العقد معلقا على دعوى مجال الإدعاء فيها متسع.

في النهاية نلاحظ أن الاستغلال عيبا من عيوب الإرادة يقترب جدا من الإكراه في حالة : الهوى الجامح ، كما يقترب من الغلط والتدليس  في حالة : الطيش البين.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقرهنا 



[1] - عقد المعاوضة والذي يأخذ فيه كل من المتعاقدين مقابلا لما أعطى ولما التزم ( م58 ق.م)

[2] - الطَّيْش : خفَّة العقل ، وفي الصحاح : النَّزَقُ والخفَّة ، وقد طاشَ يَطِيش طَيْشاً ، وطاش الرجلُ بعد رَزانتِهِ 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق