موانع المسؤولية الجزائية
لا سبيل لمحاكمة الجاني الذي ارتكب جريمة إلا إذا كان متمتعا بحرية الاختيار و العقل و الإدراك و عليه فلا يتحمل المسؤولية المكره و المضطر و الصغير و المجنون، فهذه الأوصاف كلها تجعل الجاني عديم المسؤولية ،
و قد تعرض المشرع الجزائري لعوارض المسؤولية الجزائية في المادة
47 و 48 ق ع و تتمثل في :الإكراه و حالة الضرورة ، الجنون و صغر السن والسكر .
أولا : امتناع المسؤولية بسبب انعدام الأهلية
وتكون الأهلية منعدمة في حالتين هما الجنون و صغر السن
.
أ- الجنون: و يقصد بالجنون اضطراب في القوى العقلية يفقد المرء القدرة على التمييز أو على السيطرة على أعماله . و في معناه الطبي هو خلل يصيب القوى الذهنية بعد اكتمال نموها فيؤدي إلى انحراف نشاطها عن النحو الطبيعي المألوف .
و الجنون ليس اسما لمرض واحد بل يتعدد، فمنه ما هو عام و يشمل كل نقص في الملكات الذهنية كالعته و البله سواء كان وراثيا أم مكتسبا إثر مرض ،
و قد يكون الجنون مستمرا أو متقطعا يأتي في فترات مختلفة تعقبها فترات إفاقة ، كما يدخل ضمن الجنون صور أخرى من الأمراض العصبية و النفسية التي قد تجرد الإنسان من الإدراك و أهمها الصرع أين تأتي للمريض نوبات يفقد فيها رشده وهو عكس الهستيريا التي لا تعدم الشعور كلية و هي الصور التي يتعقد فيها الأمر .
ولم يعرف المشرع الجزائري الجنون ،
لكن نص عليه كمانع من موانع المسؤولية الجزائية في المادة47 من ق ع " لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة ، وذلك دون الإخلال بنص المادة
21 فقرة" 02 و المتعلقة الحجز القضائي في مؤسسة نفسية أو طبية قصد العلاج .
شروط الجنون المانع من المسؤولية :لا ترفع المسؤولية عن المجنون إلا إذا ثبت فقدان وعيه أو فقدان
الاختيار كلية ومعاصرة الجنون وقت ارتكاب الجريمة و هي مسألة يرجع تقديرها إلى قضاة الموضوع إثر خبرة طبية .فيترتب على الجنون انعدام المسؤولية فيعفى المجنون من العقوبة ، ولا تتخذ بشأنه إلا تدابير علاجية تتمثل في وضعه في مؤسسة نفسية متخصصة
.
ب- صغر السن: لقد تناول القانون الجزائري مسؤولية الأحداث في المواد من 49 إلى
51 ق ع في الفصل الثاني
المتعلق بالمسؤولية الجزائية ، حيث ورد في المادة 49 ق ع
" أن لا يكون محلا للمتابعة الجزائية القاصر الذي لم يكمل
10 سنوات "
الملاحظ هنا أن المشرع الجزائري قد حدد حد أقصى لانعدام المسؤولية الجزائية للقاصر و هو سن10 سنوات، أي أنه لا يمكن متابعة شخص أقل من 10 سنوات إذا ارتكب جريمة ما .
- لكن الحدث الذي يبلغ سنه من 10 إلى
13 سنة فتوقع عليه إما تدابير الحماية أو التهذيب و في مواد المخالفات فلا يكون إلا محلا للتوبيخ
. و المقصود هنا أيضا امتناع المسؤولية الجزائية لأنه يوقع على القاصر مجرد تدابير الحماية و التربية و التوبيخ في المخالفات خشية عليه من التعود على الإجرام
.
- لكن القاصر الذي يبلغ من العمر مابين 13 إلى
18 سنة فيعتبر مسؤول و لكن مسؤولية ناقصة لأن رشده لم يكتمل، فإذا ارتكب الحدث في هذه المرحلة جريمة فإن القانون يسمح بإخضاعه لتدابير الحماية أو التهذيب أو لعقوبات مخففة كما يلي
:
- إذا ارتكب الحدث جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم عليه بعقوبة الحبس من 10إلى
20 سنة .
- إذا ارتكب حدث جريمة عقوبتها هي السجن أو الحبس المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا
.
ثانيا : امتناع المسؤولية بسبب انعدام الإرادة
يتفق الفقه و القانون على عدم العقاب في حالة وجود إكراه أو حالة ضرورة لأنهما يؤثران في حرية الاختيار
أ-الإكراه:
يقصد بالإكراه تلك القوة التي يستحيل على الشخص مقاومتها فتدفعه إلى ارتكاب الجريمة و قد تكون هذه القوة مادية كما قد تكون معنوية ،
و قد تعرض المشرع الجزائري إلى الإكراه كمانع من موانع المسؤولية في المادة
48 ق ع كما يلي : " لا عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة لا قبل له بدفعها " .
1- الإكراه المادي : وفيه أن تقع قوة مادية على إنسان لا يقدر على مقاومتها فيأتي بفعل يمنعه القانون
2-الإكراه المعنوي : وهو ضغط على الإرادة يدفعها إلى ارتكاب الجريمة ويتحقق بتهديد الفاعل بخطر جسيم لا سبيل إلى دفعه بوسيلة أخرى فيقدم على ارتكاب جريمته ليدفع عن نفسه خطر هذا التهديد ،
و الإكراه المعنوي بخلاف الإكراه المادي لا يعدم إرادة المكره ،
بل يجردها من حريتها في الاختيار
.
ب- حالة الضرورة:
حالة الضرورة هي ذلك الخطر الذي يتهدد شخص أو يتهدد غيره ، فيضطر من أجل الخلاص من هذا الخطر إلى ارتكاب جريمة تصيب شخصا آخر .و الغالب في حالة الضرورة أن يكون الخطر ليس ثمرة عمل إنسان و إنما وليد قوى طبيعية ، كما أن إرادة الشخص هنا لا تمحى بل تتجرد من حرية الاختيار.
كأن يتعلق شخصان أثناء غرق سفينة بقطعة خشب طافية ثم تبين أنها لا تقوى على حملهما معا ، فيبعد أحدهما الآخر فينجو لنفسه و يهلك زميله.
1- شروط حالة الضرورة :
- أن يكون الخطر جسيما بأن يكون غير قابل للإصلاح .
- أن يكون الخطر حالا ،
أي أن تكون هناك ضرورة فعلية لوجود خطر حال فالخطر المستقبل لا يعتد به .
-
أن لا يكون لإرادة الفاعل دخل في حدوث الخطر . إذ يقترض القانون للاحتجاج بحالة الضرورة أن يكون المتهم قد فوجئ بحلول الخطر، لأن عنصر المفاجئة هو الذي يجعل المضطر يقوم بفعله دون تدبر و تروي
.
- لا بد أن يكون رد فعل المضطر هو الوسيلة الوحيدة للتخلص من الخطر .
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق