الأحد، 5 نوفمبر 2023

الخصائص القانونية للدولة

الخصائص القانونية للدولة

تتمتع الدولة بثلاث خصائص أساسية هي الشخصية المعنوية والسيادة والخضوع للقانون.

أولا : الشخصية المعنوية

الأصل أن الشخص الطبيعي هو الذي يتمتع بالشخصية القانونية والتي هي القدرة على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، غير أن هذه الشخصية القانونية انصرفت إلى هيئات أخرى متمثلة في تجمع أشخاص وأموال يطلق عليها الأشخاص المعنوية أو الاعتبارية سواء كانت عامة أو خاصة،و تعتبر الدولة هي أهم وأبرز الأشخاص المعنوية العامة.

خصائص الشخصية المعنوية للدولة:

1-     أنها شخصية آنية وحالة : توجد بمجرد وجود الدولة دون حاجة الى نص قانوني سابق أو الاعتراف بها من الغير .

2-     أنها غير مقيدة بهدف أو غرض معين

3-     أنها شخصية قانونية تمتع بامتيازات السلطة العامة

النتائج المترتبة عن الشخصية المعنوية :

1-     التمتع بالشخصية القانونية : أي تحمل الالتزامات مثل الأفراد العاديين وتتصرف بإسم كل الأفراد ولها ذمة مالية خاصة بها ويتم التصرف فيها بإسم الدولة ولحسابها وأن سلطانها منفصل عن الحكام .

2-     استمرارية وديمومة الدولة : أي أن الدولة تدوم دون أن يكون لتغير الحكام أو طبيعة الحكم أي دخل في ذلك .

3-     وحدة الدولة : أي أن الدولة تبقى واحدة على مر العصور وأن جميع قراراتها تصدر بصفة عامة وموجهة لجميع أفراد الدولة. 

ثانيا : السيادة

المعنى السياسي لمفهوم السيادة : هي الحق أو السند الذي يستمد منه الحكام شرعية توليهم السلطة وحكمهم للآخرين ، أي مصدر السلطة السياسية في الدولة وأساسها.

المعنى القانوني للسيادة : السيادة خاصية تنفرد بها الدولة عن باقي الأشخاص القانونية، وهي تأخذ مظهرين، سيادة داخلية وسيادة خارجية.

ü     السيادة الداخلية هي قدرة الدولة على بسط سلطتها على كل المتواجدين داخل إقليمها من أفراد ومؤسسات، ويتجلى ذلك من خلال وضع القواعد القانونية والسهر على تنفيذها باستعمال وسائل الإكراه المشروعة التي تحوزها متى تطلب الأمر ذلك.

ü     السيادة الخارجية فهي تعامل الدولة مع باقي الدول على أساس المساواة وعدم خضوعها لأية سلطة خارجية، الأمر الذي جعل من فكرة السيادة هي العنصر الأساسي الذي يقوم عليه القانون الدولي ولو من الناحية الشكلية على الأقل، لأن الدول غير متساوية من الناحية الواقعية، كما أن سيادة الدولة ليست مطلقة بل نسبية مقيدة باحترام قواعد القانون الدولي الملزمة كالسلم الدولي وحقوق الإنسان مثلا.

 

مظاهر السيادة :

1- احتكار الاختصاص : أي أن سلطة الدولة هي وحدها التي تمارس على اقليمها وعلى شعبها دون منافسة ويتضح ذلك من خلال :

v     احتكار ممارسة الاكراه المادي وحدها دون منافسة .

v     احتكار ممارسة القضاء في اقليمها بمنع أي قضاء آخر سواء للخواص أو لدولة أخرى .

v     تنظيم المرافق العامة من تعليم وصحة وبريد ودفاع وأمن ......

2- استقلال الاختصاص : أي أن الدولة مستقلة تماما في ممارسة سلطتها وبطريقة تقديرية ، أي لها حرية اتخاذ القرار والتحرك والعمل حسبما تراه ملائما ودون الخضوع إلى توجيهات أجنبية .

3-شمول الاختصاص : أي أن الدولة تنشط في جميع الميادين دون استثناء واعتراض بعكس المجموعات الأخرى التابعة لها .

 

صفات السيادة :

·         أنها سلطة عليا :أي أنها لا تخضع لسلطة تعلوها .

·         أنها سلطة أصيلة : أي أنها غير مستمدة من غيرها بل تجد نفسها من ذاتها ولا تتفرع عن سلطة تعلوها .

·         أنها سلطة قانونية : أي أنها مبنية على القانون والدولة مقيدة بالقوانين والمبادئ التي تضعها وتهمل على احترامها وتمارس سيادتها في إطار سياسي منظم .

 

ثالثا : خضوع الدولة للقانون

عندما يكون كل من الحكام والمحكومين ومؤسسات الدولة  خاضعين لقوانين الدولة، يمكن القول أن هذه الدولة هي دولة قانون، على  الرغم من أنه قد يصعب التوفيق بين فكرة  دولة ذات سيادة وفي نفس الوقت مطالبة بالامتثال للقانون، الأمر الذي دفع بجانب من الفقه إلى القول بأن الدولة تلزم نفسها بإرادتها دون الانصياع إلى سلطة أعلى منها؛ كما أن خضوع الدولة للقانون قد لا يعبر بحق عن المعنى الحقيقي لدولة القانون، فالدولة البوليسية أو المستبدة قد تضفي على نفسها هذه الصفة بحجة أنها تسهر على تطبيق القوانين رغم أن هذه القوانين تكون مجسدة للاستبداد والتعسف، لذلك يطرح مصطلح أكثر دقة وهو دولة الحق والقانون، وهي التي تكون قوانينها عادلة ومنصفة تطبق على الجميع على قدم المساواة.

النظريات المقرة لمبدأ مضمون خضوع الدولة للقانون :

نجد منها نظرية القانون الطبيعي و نظرية الحقوق الفردية، نظرية التقيد الذاتي وأخيرا نظرية التضامن الإجتماعي، لكننا أخذ النظريتين (القانون الطبيعي ونظرية التقيد الذاتي) وذلك لتأثير البارز أكثر من النظريات الباقية .

×   نظرية القانون الطبيعي: ترى أن سلطة الدولة مقيدة بقواعد القانون الطبيعي وهي قواعد سابقة عن وجود الدولة وأن العدالة وقواعد القانون الطبيعي قيد على الحكام يجب الالتزام بها، ومن أصحاب هذه النظرية أرسطو ، تشرون ، وبول ، وأخلص مدافع عن هذه النظرية ليفور، والذين يقولون بأن إرادة الدولة ليست مطلقة في القيام بأي تصرف تريده يل هي خاضعة لقوة خارجية عنها وتسمو عليها وهي قواعد القانون الطبيعي وبرزت أكثر هذه النظرية في القرنيين 17 و18 على يد الفقيه " جروسيوس"

لم تسلم هذه النظرية من النقد حيث وجهت لها إنتقاد خاصة من طرف الفقيه الفرنسي" كاري دي مالبرغ "الذي يعتبر قواعد القانون الطبيعي لا تشكل قيدا قانونيا على إرادة الدولة فهي مجرد قيد أدبي أو سياسي لأن القواعد لا تصبح قانونية إلا إذا تقرر لها جزاء مادي معين والدولة هي من تضع الجزاء وتلزم الأفراد به فكيف توضع الجزاء على نفسها .

×   نظرية التقييد الذاتي: والتي تعد من أهم النظريات وهي تقوم على أساس فكرة جوهرية تتمثل في أن الدولة لا يمكن أن تخضع لأي قيد من القيود إلا إذا كان نابعا من ارادتها الخاصة وهذا الأمر يتماشى مع خاصية السيادة التي تتمتع بها،فقواعد القانون التي تقيدها هي من يصنعها وبالتالي يتحقق التقييد الذاتي ونشأة هذه النظرية في ألمانيا من روادها "حنيليك" وتبناها في فرنسا الفقيه "كاردي مالبرغ ". رغم اقتراب هذه النظرية من الواقع إلا أنها لم تسلم من الانتقاد، ويعبر الفقيه الفرنسي ليون ديجي من أعنف المنتقدين لها حيث انتهى به القول إلى أنه لا خضوع إذا كان الخضوع من إرادة الخاضع وأنه ليس من المنطقي أن يقيد شخص نفسه بإرادته، فهذا القيد كاذب وأن هذه النظرية تحمل في طياتها الاستبداد .

ضمانات خضوع الدولة للقانون :

حتى تكون الدولة دولة قانون يجب أن تتوفر فيها على الأقل ثلاثة عناصر أساسية:

أ. وجود دستور 

الدستور هو القانون الأساسي والأسمى في الدولة، يبين شكلها إن كانت موحدة أو مركبة، ونظام الحكم  السائد فيها، واختصاص السلطات العامة وعلاقاتها في ما بينها، ويحدد حقوق الأفراد وواجباتهم مما يشكل ضمانا لحمايتها. ومع التطور الذي عرفته الحركة الدستورية منذ القرن التاسع عشر أصبح الحديث أكثر عن مفهوم جديد وهو الدولة الدستورية والتي يتاح فيها للمواطن حق التقاضي أمام القضاء الدستوري لحماية حقوقه وحرياته وتقيد فيها السلطة بممارسة وظائفها في الحدود التي يرسمها الدستور.

ب. تدرج القواعد القانونية

قيام الدولة على دستور مكتوب وإضفاء مبدأ السمو على قواعده باعتبارها قواعد أساسية يجعله في قمة هرم النظام القانوني في الدولة، ومن ثم تكون القواعد القانونية العادية ومن بعدها القواعد القانونية الفرعية أدنى منه درجة، فهذا التدرج يكون كفيلا بحماية حقوق الأفراد وحرياتهم التي أقرها الدستور أو التشريعات العادية، لأن القاعدة القانونية لا تعدل أو تلغى إلا بقاعدة مساوية لها أو أعلى منها درجة. ولعل أبرز وسيلة تضمن هذا التدرج هي ضرورة نص الدستور على إقامة رقابة على دستورية القوانين سواء بواسطة القضاء أو بإنشاء هيئة سياسية على شاكلة المجلس الدستوري في فرنسا والجزائر.

ج. الفصل بين السلطات

إن وظائف الدولة الأساسية المتمثلة في سن القواعد القانونية وتنفيذها وفض المنازعات، إذا ما وضعت لدى جهة واحدة كان مآلها التعسف والاستبداد، لذلك تقوم الدول الديمقراطية على مبدأ الفصل بين هذه الوظائف بوضعها لدى ثلاث سلطات منفصلة عضويا ووظيفيا عن بعضها البعض، ممثلة في كل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهو ما يعرف بمبدأ الفصل بين السلطات. هذا الفصل متى أقيم على مبدأ التخصص والمساواة والرقابة المتبادلة، فإنه سيفضي إلى صيانة الحرية ويمنع التعسف والاستبداد، ويكفل احترام حقوق الأفراد وحرياتهم.

كما توجد عناصر أخرى نذكر منها :

1/ الرقابة القضائية : رقابة تشريعية وإدارية وقضائية فكلهم وسيلة لحماية الفرد من اسنداد السلطة وتعسفها فالرقابة التشريعية الأغلبية البرلمانية "سياسة " والإدارية تجعل الفرد تحت رحمة الإدارة فهي حلم وطرف أحيانا غير حيادية وتبقى الرقابة القضائية مواجهة لمن يخالف القانون فيجب ان يكون مستقل وحيادي عن كل السلطات في الدولة فقد تتعسف السلطة التشريعية أو التنفيذية بإصدار قوانين لا يقبلها الشعب فتبقى الرقابة القضائية لنرى وتحكم بالعدل حتى وأن كان القضاء مزدوج .

2/ الاعتراف بالحقوق والحريات العامة : يجب أن يكون هناك اعتراف صريح بحريات وحقوق الأفراد وتقديسها لكن الدولة الحديثة أضافة تدخلها بشكل إيجابي، متمثل في حمايتها لهذه الحقوق والعمل على تحقيق تنمية للأفراد حقوق اقتصادية اجتماعية وثقافية .

3/ الرقابة الشعبية : وليس بمعناها الضيق أي عن طريق المنتخبين على مستوى البرلمان ولكن يقصد بها المعنى الواسع فالشعب له دور حاسم وأساسي في اجبار الدولة للخضوع للقانون واحترامه في طريق الجمعيات أو الأحزاب ….إلخ

4/المعارضة السياسية :

على أساس التعددية الحزبية تسمح بوجود معارضة منظمة للسلطة الحاكمة وتعمل على انتقاد السلطة الحاكمة وكشف عيوبها وبالتالي محاولة اخذ السلطة بموجب القانون وعن طريق الانتخابات.

ثالثا :الشخصية المعنوية : هي الاعتراف لمجموعة من الأموال أو من الأفراد بأهلية أداء أو وجوب وبأن تدخل ميدان النشاط القانوني بإسمها الخاص مستقلة عن الأفراد الذين أنشأوها أو يستفيدون منها أو يكونونها .


ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر  هنا

 

 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق