العلم الكافي بالمبيع
حتى
يكون الرضا منتجاً لآثاره القانونية في عقد البيع يجب أن يكون صحيحاً طبقاً للقواعد العامة،و قد أضاف المشرع الجزائري إلى القواعد العامة حكماً خاصاً بعيب الغلط الذي يشوب الإرادة يقضي بضرورة
علم المشتري بالمبيع ليصح عقد البيع ،و هو ما نصت عليه المادة 352 من القانون المدني التي استمدها
المشرع من أحكام خيار الرؤية في الشريعة الإسلامية،و المقصود بها
هو أن يكون للمتعاقد الحق
في فسخ العقد أو في إمضائه عند رؤية محله إذا لم يكن قد رآه عند إنشاء العقد أو قبله في وقت لا
يتغير فيه.
أولا – العلم بالمبيع:
ليس في تطبيق القواعد
العامة على عقد البيع ما يحتاج إلى دراسة خاصة إلا ما يتعلق بالغلط حيث اشترط المشرع
علم المشترى بالمبيع توفيقا بين خيار الرؤية في الشريعة الإسلامية وبين أحكام
الغلط و أحكام تعيين المبيع
في القانون الحديث، كذلك فإن للغبن في عقد البيع أحكام خاصة مكان دراستها عند دراسة
الثمن باعتباره المحل الأساسي لالتزام المشتري.
ونقتصر هنا على دراسة الحكم الخاص بالعلم بالشيء المبيع. وقد نصت المادة 352 مدني
على "يجب أن يكون المشتري عالما بالمبيع علما كافيا، ويعتبر العلم كافيا إذا
اشتمل العقد على بيان المبيع أو أوصافه الأساسية بحيث يمكن التعرف عليه.
وإذا ذكر في عقد البيع أن المشترى عالم بالمبيع ، سقط حق هذا الأخير في طلب إبطال البيع بدعوى عدم العلم به إلا إذا أثبت غش البائع."
ثانيا –
تمييز العلم الكافي بالمبيع و التصرفات المشابهة:
1- العلم الكافي بالمبيع و الغلط:
وقد أخد المشرع في
هذا النص من المادة السالفة الذكر بأكثر مما هو مقرر في أحكام الغلط في القانون
المدنى، فبحسب أحكام الغلط لا يجوز للمشترى أن يطلب إبطال البيع لا إذا إدعى
بوقوعه في غلط جوهرى في الشيء المبيع، وعليه هو أن يثبت ذلك، ولا يكفى لإثبات ذلك
ألا يكون المشتري قد سبق أن رأى الشيء المبيع طالما أنه كان معينا في العقد تعيينا
كافيا ونافيا للجهالة.
2- العلم الكافي بالمبيع و تعيين المحل:
وقد أخد المشرع في
هذا النص بأكثر مما هو مقرر في أحكام تعيين المحل في القواعد العامة، حيث يكفى
لانعقاد العقد أن يكون المحل معينا أو قابل للتعيين ٠ ولو لم يكن المشترى قد شاهده
بعينه.
3- العلم الكافي بالمبيع و خيار الرؤية :
وقد أخد المشرع
في هذا النص ببعض الأحكام المقررة في الشريعة عن خيار الرؤية ووفق بينها وبين
الأحكام المقررة في القانون المدني عن الغلط أو عن تعيىن المحل.
ومن المقرر في المذهب
الحنفي في الشريعة الإسلامية أن للمشتري خيار الرؤية إذا كان المبيع شيئا بالذات و
لم يره وقت الشراء، و يثبت هذا الحق للمشتري وحده دون البائع، و هو يعني حق
المشتري في الرجوع عن الشراء عندما يرى الشيء المبيع و لو كان قد اشتراه على أساس
صفات معينة و تطابقت الصفات على الموصوف .
و خيار الرؤية يعني
أن عقد البيع غير لازم للمشتري فيجوز له الرجوع فيه عند الرؤية أو قبلها، ولا يصح
تنازل المشتري عن خيار الرؤية قبل حدوثها فعلا ، ويسقط خيار الرؤية إذا شاهد
المشتري العين المبيعة و رضى بها صراحة أو دلالة،أو إذا مات المشتري قبل أن يختار
أو إذا هلك بعض المبيع أو تلف، أو إذا تصرف المشتري في الشيء بعد رؤيته ، أو تصرف
فيه قبل رؤيته إذا كان تصرفه لازما لا رجوع فيه.
أما المذاهب الثلاثة
الأخرى (المالكي و الشافعي و الحنبلي) في تعتبر وصف المبيع وصفا دقيقا مسقطا لخيار
الرؤية، أو أنها تعتبر الشراء على الوصف بمثابة الرؤية بحيث لا يجوز للمشتري بعد
ذلك أن يطعن في البيع إلا على أساس مخالفة المبيع للوصف المتفق عليه و هو خيار
الخلف في الوصف.
وقد أحد المشرع
الجزائري برأي المذاهب الثلاثة و أضاف إليها إقرار المشتري بأنه يعلم الشيء المبيع
يغني عن الرؤية و يقوم مقام الوصف الدقيق للشيء المبيع.
ثالثا –
شروط العلم الكافي بالمبيع:
وطبقا لنص المادة 352 مدني السابق
ذكرها يشترط لصحة البيع أن يكون المشتري عالما بالشيء المبيع، و يتحقق هذا العلم
بواحد من أمور ثلاثة :
الأمر الأول - أن يكون المشتري قد شاهد الشيء بعينيه:و هو الأصل ، و في هذا تطبيق محض للمذهب
الحنفي.
الأمر الثاني - أن يشتمل العقد
على بيان المبيع و أوصافه الأساسية: بيانا يمكن من تعرفه و في هذا تطبيق
للمذاهب الثلاثة التي يغني فيها الوصف الدقيق عن الرؤية ، و يلاحظ أن وصف الشيء
وصفا دقيقا هو أكثر من مجرد تعيين المحل ، لأن التعيين قد دون وصف الشيء ،كما
لو بيعت الذار التي يملكها شخص معين في
بلدة بعينها، فإن ذكر ذلك يكفي لتعيين المحل إذا كانت هذه الدار معروفة للناس، و
لكنه لا يعتبر وصفا دقيقا لهذه الدار يقوم مقام رؤية المشتري لها.
الأمر الثالث – إقرار المشتري: و قد أضافه المشرع إلى رأي المذاب
الثلاثة ، فالمشتري إذا أقر بعلمه كان كمن شاهد الشيء المبيع و لا يجوز له أن
يتنصل من إقراره هذا إلا إذا تمسك بالغش.
رابعا –
أحكام العلم الكافي بالمبيع:
إن
الأحكام التي أوردها المشرع في العلم بالمبيع تتخطى أحكام الغلط في انه إذا لم يكن
المشتري قد أقر بعلمه به ، جاز له أن يطلب إبطال العقد، دون أن يطلب منه إثبات
وقوعه في غلط جوهري في الشيء محل العقد، و الواقع أن طلب الإبطال طبقا لنص المادة
352 مدني هو أيضا طلب على أساس الغلط و لكنه غلط مفترض لا يطالب المشتري بإثباته ،
فيكون كل ما أحدثه المادة من تجديد أو تعديل في قواعد الغلط ، هو أنها جعلت الغلط
مفترضا في الحالات التي يكون فيها المحل معينا تعيينا نافيا للجهالة دون أن يصل
إلى حد تحديد الصفات الأساسية للشيء المبيع و دون أن يكون المشتري قد رأى الشيء أو
أقر بأنه يعلمه.
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق