الاثنين، 13 نوفمبر 2023

إلتزامات المشتري

 

إلتزامات المشتري

تترتب على عقد البيع الصحيح التزامات متبادلة ومتقابلة في ذمة كل من البائع والمشتري، وتتمثل التزامات البائع في الالتزام بنقل الملكية ، الالتزام بتسليم الشيء المبيع ، الالتزام بضمان التعرض والاستحقاق والالتزام بضمان العيوب الخفية،أما التزامات المشتري فتتمثل في الالتزام بدفع الثمن، والالتزام بدفع نفقات البيع وتكاليف المبيع ،والالتزام بتسلم المبيع.

وقد نظم المشرع الجزائري أحكام التزامات المشتري في نص المواد 387 إلى 396 من القانون المدني.

 

أولا - الالتزام بدفع الثمن :

وهو الالتزام الأساسي للمشتري المقابل لالتزام البائع بنقل الملكية، ويلتزم المشتري بدفع الثمن المتفق عليه في العقد وفقا لشروط الدفع الواردة فيه.

مكان دفع الثمن: ويكون مكان دفع الثمن حسب الاتفاق بين طرفي العقد، فإذا لم يوجد اتفاق بينهما ولم يوجد عرف يقضي بتحديد مكان دفع الثمن، فإن مكان الدفع يكون في مكان تسليم المبيع حسب ما تقضي بذلك المادة 387 مدني "يدفع ثمن البيع في مكان تسليم المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك.

فإذا لم يكن ثمن المبيع مستحقا وقت تسلم المبيع وجب الوفاء به في المكان الذي يوجد فيه موطن للمشتري وقت استحقاقه الثمن ".

لكن یرى بعض الفقهاء أنّ هذا الحكم یعتبر خروجا عن القواعد العامة، فالأصل أنه إذا لم یُتّفق على

تأجیل الوفاء بالثّمن فإنه یكون مستحقّ الأداء فور نشوئه، حتّى و لو كان هذا الالتزام ناشئ عن عقد تبادلي.

زمان دفع الثمن: أما وقت استحقاق ثمن المبيع فهو الوقت الذي يقع فيه تسليم المبيع إذا لم يتفق طرفي العقد على غير ذلك أو لم يوجد عرف يقضي بخلاف ذلك حسب ما نصت عليه المادة 388 مدني جزائري" :يكون ثمن المبيع مستحقا في الوقت الذي يقع فيه تسليم المبيع ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بخلاف ذلك... ".

نفقات الوفاء بالثمن: تنصّ المادة 389 من القانون المدني على أ نه:" یستحقّ المشتري انتفاع و إيراد الشّيء المبیع، كما یتحمّل تكالیفه من یوم انعقاد البیع، هذا ما لم یوجد اتّفاق أو عرف یقضیان بخلاف ذلك"

یتبیّن لنا من خلال نص هذه المادة أنّ المشتري نتیجة لتملّكه المبیع، فإنه یتملّك ثماره ونماءه،على أن یتحمّل تكالیف ذلك من وقت انتقال ملكیة المبیع إلیه ، فالمشتري باعتباره المدین ، فهو الذي یتحمّل نفقات الوفاء بالثّمن وفقا للقواعد العامة ، و مثالها نفقات إرسال الثّمن بالبرید أو بإیداعه في البنك لحساب البائع.

تقادم میعاد الوفاء بالثمن: یتقادم الثمن مبدئیا طبقا للقواعد العامة، بمضي 15 سنة من یوم استحقاقه، لكن ینطبق على بیوع  السّلع التي یقوم بها "التجار و الصناع" لأشخاص لا يتجرون فيها،  التّقادم المقدّر بسنة ، و هذا ما جاء في الفقرة الأولى من المادة  312مدني، و یجب على المشتري الذي یتمسّك بالتّقادم المقدّر بسنة أن یحلف الیمین بأنه قد دفع للبائع الثمن فعليّا ، و یوجّه له القاضي تلك الیمین تلقائیا.

و في حالة ما إذا توفّي المشتري فإنّ الیمین توجّه إلى ورثته، أو إلى أوصیائهم إن كانوا قاصرین ،ولهم أن یصرّحوا بأنه لا علم لهم بوجود دین، أو یعلمون بحصول الوفاء.

جزاء الإخلال بدفع الثّمن: إذا لم یقم المشتري بدفع الثمن على النحو السّابق بیانه، فإنه یكون للبائع الحقّ في المطالبة،بالتّنفیذ العیني أو فسخ العقد، و في كلتا الحالتین یحقّ له طلب التّعویض.

ضمانات البائع لاستیفاء الثّمن: للبائع في سبیل إجبار المشتري على الوفاء بالتزامه بدفع الثّمن، الحقّ في حبس المبیع بالإضافة إلى دعوى التّنفیذ و حقّ الامتیاز، و التي تعتبر من بین وسائل الضّمان التي أقرّها المشرّع له لتمكینه من استیفاء الثّمن.، و تنصّ المادة 390 من القانون المدني على أنه: "إذا كان تعجیل الثمن كلّه أو بعضه مستحقّ الدّفع في الحال جاز للبائع أن یمسك المبیع إلى أن یقبض الثمن المستحق و لو قدّم له المشتري رهنا و كفالة، هذا ما لم یمنحه البائع أجلا بعد انعقاد البیع.

یجوز كذلك للبائع أن یمسك المبیع و لو لم یحل الأجل الم تّفق علیه لدفع الثمن، إذا سقط حقّ المشتري في الأجل طبقا لمقتضیات المادة 212".

لقد أشرنا فیما سبق بأنه یحقّ للبائع حبس المبیع عن المشتري، لكن متى یجوز له ذلك؟

ینشأ حق البائع في حبس المبیع عن المشتري في الحالتین الآتیتین:

الحالة الأولى: تتمثّل في حالة ما إذا كان الثمن مستحق قبل تسلیم المبیع إلى المشتري، فیكون للبائع أن یحبس المبیع عن المشتري إذا تخلّف هذا الأخیر عن دفع الثمن حتّى یوفي المشتري بالتزامه. وٕاذا كان وقت دفع الثمن هو وقت تسلیم المبیع،فیكون وقت دفع الثمن هو وقت التّسلیم. و هذا ما تضمّنته المادة 388 ق م.

الحالة الثّانیة: فهي حالة ما إذا كان الثمن مؤجّلا إلى وقت لاحق لمیعاد ال تّسلیم، ثم سقط الأجل الممنوح للمشتري لقیام سبب من الأسباب التي تسقط الأجل، فیصبح الثمن مستحق الدفع ،و سقوط الأجل الممنوح للمشتري یقع بأحد الأسباب التي تضمّنتها المادة 211 من القانون المدني.

حقّ المشتري في حبس الّثمن:

انطلاقا من فكرة حق المشتري في حبس الثمن نلاحظ أنّ المشرّع قد سوّى بین البائع والمشتري، فكما منح للبائع الحقّ في حبس المبیع في حالة ما إذا لم یستوف الثمن من المشتري، أعطى لهذا الأخیر الحقّ في حبس الثمن و ذلك في حالات محدّدة،

بحيث یجوز للمشتري حبس الثمن في حالة حصول تعرض من الغیر، و في حالة ظهور عیب في المبیع، و كذا في حالة ما إذا خیف عن المبیع نزعه من ید المشتري، و هذا ما تضمّنته الفقرة 2من المادة  388من القانون المدني .

 

ثانيا - الالتزام بدفع نفقات البيع وتكاليف المبيع :

×    الالتزام بدفع نفقات البيع:

یلتزم المشتري بالإضافة إلى التزامه بدفع الثمن بتحمّل جمیع النفقات التي تمّ انفاقها لإتمام عقد البیع و ترتیب جمیع آثاره ، كما یلتزم بتحمّل كل ما تستلزمه صیانة المبیع و المحافظة علیه و استغلاله.

إنّ المرجع في من یتحمّل مصروفات البیع هو إرادة المتعاقدین، فقد یتّفق على أن تكون على البائع، كما قد یتّفق أن تكون على المشتري، فإذا غاب الاتّفاق نرجع إلى العرف، و أمّا في حالة غیاب الاتّفاق و العرف معا فتكون المصروفات على المشتري.

المقصود بنفقات البيع: المصاريف اللازمة لإتمام عملية البيع مثل نفقات التسجيل والطابع ورسوم الإعلان العقاري والتوثيق إذا كان العقد رسميا،إذ تنصّ المادة 393 من القانون المدني على أنه: "إن نفقات التّسجیل و الطابع و رسوم الإعلان العقاري و التوثیق و غیرها تكون على المشتري ما لم تكن هناك نصوص قانونیة تقضي بغیر ذلك."، و الملاحظ بأنّ هذه المادة أوردت مشتملات مصاریف المبیع على سبیل المثال، لذا یمكن أن نجد مشتملات أخرى لمصاریف المبیع.

جزاء الإخلال بدفع مصاریف المبیع:في حالة ما إذا قام البائع بدفع النفقات الواجبة على المشتري - كلّها أو بعضها- وجب على هذاالأخیر أن یرجعها إلیه، و إلّا جاز للبائع استصدار حكم بإلزام المشتري بها، كما أنه لا یوجد قانونا ما یمنع البائع من حبس المبیع لغایة وفاء المشتري بتلك النفقات،كما أنه باستطاعة البائع أن یطلب توقیع حجز تحفّظي أو تنفیذي على أموال المشتري قصد استیفاء تلك النفقات.

 

×    الالتزام بدفع تكاليف البيع:

یلتزم المشتري بالإضافة إلى مصروفات العقد بنوع آخر من المصروفات و المتمثّلة في تكالیف المبیع، أي الالتزام بكلّ ما یتطلّبه صیانة المبیع و المحافظة علیه من نفقات.

المقصود بتكاليف المبيع:هي التكاليف المتعلقة بالمبيع كالضرائب المفروضة عليه ونفقات صيانته وكل ما ينفق عليه لاستغلاله، وتكون نفقات البيع وتكاليف المبيع على عاتق المشتري إذا لم يتفق أطراف العقد على غير ذلك أو لم يجر عرف بغير ذلك ،وهذا ما نصت عليه المادة 389 مدني: "يستحق المشتري انتفاع وإيراد الشيء المبيع، كما يتحمل تكاليفه من يوم انعقاد البيع، هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضيان بخلاف ذلك ".

جزاء الإخلال بدفع تكالیف المبیع:ما قیل في حالة عدم دفع المشتري لمصاریف المبیع یطبق على حالة عدم دفعه لتكالیفه، فإذا قام البائع بأدائها جاز له الرجوع بها على المشتري، و في حالة ما إذا رفض جاز للبائع استصدار حكم بإلزام المشتري بالوفاء بها، كما له حبس المبیع لغایة وفاء المشتري بتلك التّكالیف، و بالإضافة إلى إمكانیة البائع توقیع حجز تحفظي أو تنفیذي على أموال المشتري قصد استیفاء تلك التكالیف.

 

ثالثا- الالتزام بتسلم المبيع:

هذا الالتزام هو مقابل لالتزام البائع بالتسليم ، ويقصد به أن يضع المشتري يده فعلا على الشيء المبيع ، ويحوز عليه حيازة حقيقية ، فقیام المشتري بتسلّم المبیع یعدّ عملا قانونیّا من شأنه إبراء ذمّة البائع من التزامه بالتّسلیم.

یسلّم المبیع بالكیفیّة التي تتّفق مع طبیعته، بحسب ما إذا كان عقارا أو منقولا، ففي حالة العقار یتم استلام المبیع متى تخلّى عنه البائع و صار تحت تصرف المشتري، حیث یتسنّى له الانتفاع به دون عائق.

و في المنقول یتمّ التسلّم بالاستیلاء الفعلي، كتسلّم مفاتیح المباني أو الصنادیق المحتویة على المنقول، هذا في حالة المنقول المادي، أما في حالة المنقول غیر المادي فیتم تسلّمه باستلام السندات التي تثبت وجود الحق، أو باستعمال المبیع بعد إجازة البائع لذلك.

مكان و زمان التسلم:نصت المادة 394 من القانون المدني على زمان ومكان تسلم المبيع : "إذا لم يعين الاتفاق أو العرف مكانا أو زمانا لتسلم المبيع وجب على المشتري أن يتسلمه في المكان الذي يوجد فيه المبيع وقت البيع وأن يتسلمه دون تأخير باستثناء الوقت الذي تتطلبه عملية التسلم ".

نفقات التسلم:أما بالنسبة لنفقات التسلم مثل انتقال المشتري إلى مكان التسليم ، ونفقات نقل المبيع إلى مقر المشتري إذا كان من المنقولات فهي تقع على عاتق المشتري ما لم يوجد عرف أو اتفاق بين طرفي العقد بخلاف ذلك كما نصت على ذلك المادة 395 من القانون المدني الجزائري : " إن نفقات تسلم المبيع تكون على المشتري ما لم يوجد عرف أو اتفاق يقضي بغير ذلك ".

جزاء الإخلال بالتزام بتسلم المبیع:

إذا لم یقم المشتري بتنفیذ التزامه بتسلّم المبیع جاز للبائع أن یطلب تنفیذ الالتزام عینا، كما له أن یطلب فسخ البیع مع ال تّعویض في الحالتین.

فإذا أخلّ المشتري بالتزامه بتسلّم المبیع كان للبائع إجبار المشتري على تنفیذ التزامه بالتسلّم، أي مطالبته بالتّنفیذ العیني. فإذا كان المبیع عقّارا أجاز للبائع أن یتخلّص من عبء المحافظة علیه بأن یطلب تعیین حارس یتولّى حفظه لحساب المشتري و على نفقته، أمّا إذا كان المبیع منقولا جاز للبائع أن یطلب من القضاء الترخیص له في إیداعه على ذمّة المشتري و نفقته في مكان آخر، و إذا كان المبیع من الأشیاء التي یسرع إلیها التلف أو التي تكلّف نفقات باهضة في إیداعها أو حراستها، فللبائع بعد استئذان القضاء أن یبیعه بالمزاد، و إذا كان للمبیع سعر معروف في الأسواق أو كان التعامل فیه متداولا في البورصات فلا یجوز بیعه بالمزاد إلّا إذا تعذّر البیع الممارسة بالسعر المعروف و یجب أن یسبق كل ذلك إعذار البائع للمشتري أن ینفذ التزامه بتسلّم المبیع. هو ما تضمنته المادة 272 من القانون المدني. و إذا رفض المشتري التسلم بالرغم من إعذاره، فإنه من حق البائع إیداع المبیع على نفقة المشتري حتى یتخلص من واجب المحافظة على المبیع، و هو ما نصّت علیه المادة 270 من القانون المدني.

 

ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة النظر في القوانين المحينة و المعدلة...

لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى النقر هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق