هيئات الضبط الإداري
تبين لنا أن الضبط الإداري إجراء وان كان القصد منه
المحافظة على النظام العام إلا أنه يحمل خطورة معينة بالنظر لصلته بالحريات العامة
وتأثيره عليها. لذا وجب تحديد هيئات الضبط والتقليص منها حتى لايصبح التقييد هو
الأصل والتمتع بالحريات العامة هو الاستثناء.
ثم أن تحديد هيئات الضبط ينتج عنه القضاء على ظاهرة تداخل
الاختصاص فلو تعددت الهيئات لأدى ذلك إلى تنازع في مجال ممارسة هذا الاختصاص.
وعلى العموم يمكن تقسيم هيئات الضبط إلى قسمين، هيئات
تمارس اختصاص الضبط على المستوى الوطني وهيئات تمارس اختصاص الضبط في حدود جغرافية
وإقليمية محددة.
أولا: هيئات
الضبط على المستوى الوطني.
إن هيئات الضبط على المستوى الوطني تكمن في رئيس
الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء.
أ-رئيس الجمهورية: اعترفت مختلف
الدساتير لرئيس الجمهورية بممارسة مهام
الضبط فهو المكلف بالمحافظة على كيان
الدولة وامنها وسلامتها من أجل ذلك خول له الدستور اقرار حالة الطوارئ والحصار
واقرار الحالة الإستثنائية. والهدف الأساس من إقرار هذه التدابير هو حماية الأرواح
والممتلكات، فقد تقتضي الظروف من رئيس الجمهورية أن يعمد إلى إتباع إجراء معين
بغرض الحد من المخاطر التي تهدد الأفراد ومحاولة التقليل قدر الإمكان من الأضرار
المترتبة عليها. ورئيس الحكومة والوزراء.
ب- رئيس الحكومة(الوزراء): لم تشر القواعد الدستورية صراحة إلى سلطات رئيس الحكومة في
مجال الضبط، واكتفت بالاعتراف لريس الجمهورية بإقرار حالة الطوارئ والحصار والحالة الاستثنائية.غير
أن رئيس الحكومة كما سبقت الإشارة يستشار من قبل رئيس الجمهورية عندما يريد هذا
الأخير اتخاذ أي اجراء يترتب عليه تقييد مجال الحريات العامة في مواضع محددة أو
أماكن محددة. ثم أن رئيس الحكومة قد يكون مصدرا مباشرا للإجراءات الضبطبة فهو
من يشرف على سير الإدارة العامة. وتخول
هذه الصلاحية له ممارسة نظام الضبط بموجب مراسيم تنفيذية أو تعليمات يصدرها ويلزم
تنفيذها الأجهزة المختصة.
ج- الوزراء: الأصل أنه ليس للوزراء حق ممارسة مهام الضبط الإداري
العام، لأنها صلاحية معقودة لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، غير أن القانون قد
يجيز لبعض الوزراء ممارسة بعض أنواع الضبط بحكم مركزهم وطبيعة القطاع الذين يشرفون
عليه وهذا ما يمكن تسميته بالضبط الخاص. فوزير الداخلية مثلا هو أكثر الوزراء
احتكاكا وممارسة لإجراءات الضبط على المستوى الوطني سواء في الحالات العادية أو
الحالات الاستثنائية وهو ما دلت عليه النصوص الكثيرة المنظمة لصلاحيات وزير
الداخلية منها أحكام المرسوم التنفيذي رقم 91- 01 وتحديدا نص المادة الثامنة منه
حيث جاء فيها:
يمارس وزير الداخلية الصلاحيات التالية: المحا فظة على
النظام العام والأمن العموميين.،المحا فظة على الحريات العامة.،حالة الأشخاص
والأملاك وحريات تنقلهم.، حركة الجمعيات باختلاف أنواعها.،الانتخابات. ،التظاهرات و الاجتماعات
العامة..."
وفصلت
مواد أخرى من ذات المرسوم بعض الصلاحيات فأناطت بوزير الداخلية السهر على احترام
القانون وحماية الأشخاص والممتلكات وحماية المؤسسات ومراقبة المرور عبر الحدود
وغيرها.
وتبعا
لذلك يجوز لوزير الداخلية أن يصدر تعليماته للمدير العام للأمن و للولاة وغيرهم
تمس جانبا من جوانب الضبطية بغرض السهر على تنفيذها كل فيما يتعلق باختصاصه.
وليس
وزير الداخلية فقط هو من يباشر إجراءات الضبط بل وزراء آخرون كوزير الثقافة مثلا
عندما يصدر قرارات لحماية الآثار والمتاحف ويترتب على تطبيقها تنظيم حريات الأفراد
في مجال معين. ويباشر وزير الفلاحة أيضا إجراءات الضبط عندما يصدر إجراءات تمنع
صيد نوع معين من الحوت أو تنظيم مواقيت الصيد ومكانه أيضا. كما يباشر وزير النقل
إجراءات الضبط عندما يصدر قراراته بتنظيم حركة المرور ليلا. ويباشر وزير التجارة
بعض الإجراءات الضبطية عندما يحظر بموجب قرار منه ممارسة التجارة على الأرصفة
والشوارع العامة. وكذلك الحال بالنسبة لوزير السكن إذا بإمكانه أن يصدر من
القرارات ما ينظم أشغال البناء والعمران.
والحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن المفهوم الجديد لفكرة
النظام العام وشموليته وإطلاقه نجم عنه التوسع في هيئات الضبط فيتولى كل وزير
ممارسة إجراءات الضبط على مستوى قطاعه بما يحقق المقصد العام وهو المحافظة على
النظام العام بالرؤية الجديدة والمفهوم الجديد الذي لا تقتصر عناصره على الأمن
العام والسكينة العامة والصحة العامة إنما مجالات كثيرة أخرى كما سبق القول.
ثانيا: على المستوى المحلي.
يمارس مهام الضبط كل من والي الولاية ورئيس المجلس
الشعبي.
أ- الوالي: نصت المادة 96 من قانون الولاية على أن " الوالي مسئول عن
المحافظة على النظام والأمن والسلامة والسكينة العامة " وبغرض مساعدته على
القيام بمهامه في مجال الضبط وضع القانون
مصالح الأمن تحت تصرفه وهذا ما نصت عليه المادة 97 من قانون الولاية.
وتزداد صلاحية الوالي سعة في الحالات الاستثنائية إذ بإمكانه تسخير تشكيلات الشرطة
والدرك لضمان سلامة الأشخاص والممتلكات.
ولقد أناط قانون الولاية بالوالي توفير كل تدابير الحماية
خدمة للنظام العام بمختلف عناصره. واعترف قانون البلدية بموجب المادة 81 منه
للوالي بممارسة سلطة الحلول بالنسبة لجميع بلديات الولاية أو جزء منها عندما لا
تقوم السلطات البلدية بذلك. وتزداد ذات الصلاحية سعة إذ تعلق الأمر بالحالات
الإستعجالية.ومن أحكام الحلول الواردة في قانون البلدية نستنتج أن المشرع خرج عن
مبدأ الاختصاص في أداء العمل الإداري بغرض خدمة النظام العام. فلو طبقنا القواعد
العامة لتعين على رئيس المجلس الشعبي وحده القيام بما يلزم من أجل المحافظة على
الأمن العام داخل حدود البلدية. غير أنه إذا لم يبادر إلى ذلك واتبعت الإجراءات
المحددة قانونا، تعين على الوالي أن يحل محله فيتخذ كل الإجراءات لضمان حماية الأشخاص
والممتلكات.
ب- رئيس المجلس الشعبي البلدي: طبقا لقانون
البلدية يمارس رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثلا للدولة جملة من الصلاحيات
ذات العلاقة بنظام العام ورد تعدادها في المادة 75 منه إذ جاء فيها " يتولى
رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار أحكام المادة السابقة واحتراما لحقوق المواطنين
وحرياتهم على الخصوص ما يأتي:
-
المحافظة على النظام العام و سلامة الأشخاص والأملاك.
-
المحافظة على حسن النظام في جميع الأماكن العمومية التي يجري فيها تجمع الأشخاص.
-
المعاقبة على كل مساس بالراحة العمومية
وكل الأعمال المخلة بها.
-
السهر على نظافة العمارات وسهولة السير في الشوارع والساحات والطرق العمومية.
-
اتخاذ الاحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة الأمراض المعدية والوقاية منها.
-
القضاء على الحيوانات المؤذية والمضرة.
-
السهر على النظافة للمواد الاستهلاكية المعروضة للبيع.
-
السهر على احترام المقاييس والتعليمات في مجال التعمير.
ويقوم
رئيس المجلس الشعبي البلدي بهذه الصلاحيات تحت سلطة الوالي وهذا مانصت عليه المادة
69 من قانون البلدية. ولقد مكن قانون البلدية رئيس المجلس الشعبي البلدي من
الاستعانة بالشرطة البلدية بغرض أداء مهامه. ويمكنه طلب تدخل قوات الشرطة أو الدرك
المختصة إقليميا للتحكم خاصة في المسائل الأمنية.
ملاحظة هامة : يرجى من الطلبة
النظر في القوانين المحينة و المعدلة...
لتحميل الورقة البحثية الجاهزة للطباعة يرجى
النقر هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق